لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعيش أزمة فشل مشروعها وعجزها عن تحقيق أيٍ من أهدافها الرئيسية التي دفعتها لشن الحرب على سوريا, ولا زالت تعوّل على الحل العسكري – الإرهابي, الذي تتقاسم أدواره مع أدواتها الأوروبية والتركية وأنظمة الخليج التكفيرية الظلامية الحاقدة, بالإضافة إلى كافة أذرعها الإرهابية على إختلاف مسمياتها والإيدولوجيات المتطرفة التي تحملها.
ولاتزال تحاول منع ووضع العراقيل أمام تقدم الحل السياسي, وإنهاء التواجد الإرهابي على الأراضي السورية, في إطالةٍ متعمدة لأمد الحرب على الدولة والشعب السوري, إذ تدرك أن استعادة الدولة السورية لمدينة إدلب وتطهيرها من الإرهاب سيجعل اليد السورية هي العليا وستكون لها كلمة الفصل في أي مسارٍ تفاوضي سياسي, بما سيفضي بالنتيجة إلى إنهاء الحرب تماما ً, دون أن يتمكن الأمريكيون من جني أيا ًمن “محاصيل” الحرب وستكون الهزيمة أكبر من أن يُخفيها ترامب بإعلانه القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا..
وسينعكس “جوعا ً” فرنسيا ًوبريطانيا ًبإنتظار فتات المائدة الأمريكية أو السورية على حدٍ سواء, وعليه أتى رفضهم لطلب الرئيس دونالد ترامب في إستعادة إرهابييهم الموقوفين والمعتقلين لدى سجون “قسد” والسجون الأمريكية في منطقة الجزيرة السورية… وسط مخاوفهم من تحمل عواقب صناعة الإرهابيين في أقبية أجهزة إستخباراتهم, وإرسالهم لممارسة القتل والتدمير والخراب في سوريا, ناهيك رفض مجتمعاتهم عودة هؤلاء القتلة للسير والسكن بينهم مع إحتمالية تنفيذهم أعمالاً إرهابية في دولهم.
وعليه يتمسك العدو التركي وفريق العدوان الكوني على سوريا بالقيادة الأمريكية, بالنقاط العالقة التي تحول دون تنفيذ قرارات وبيانات ومخرجات لقاءات أستانا وسوتشي والقرارات الدولية خصوصا ً القرار 2254, وإتفاق خفض مناطق التصعيد في إدلب, وربطها بما يسمى معضلة “الإرهابيين الأجانب” المتواجدين في إدلب وما حولها, عبر ممارسة كافة طقوس النفاق الدولي, وبتنفيذٍ معاكس لكل ما يتم التفاهم عليه في المحافل واللقاءات الدولية, وهذا جوهر ما تحدث عنه مندوب سوريا الدائم في مجلس الأمن الدكتور بشار الجعفري, وبتسليطه الضوء على القرارات التي يوقعها ويتوافق عليها كافة الأطراف, والتي تؤكد على وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها, لكن ما يجري على الأرض يكون معاكسا ً لها تماما ً…
إن العالم يتابع ويراقب الأفعال الأمريكية تجاه المدنيين السوريين في مخيم الركبان ومنعهم من العودة إلى مناطقهم الاّمنة, والإحتفاظ بهم كدروع بشرية, وتلك الممارسات التي تقوم بها ميليشيات “قسد” الإرهابية من تهجير وتغيير ديموغرافي على أساس النظام الفيدرالي غير الشرعي, ناهيك عما يفعله العدو التركي من عمليات تتريك وتغيير جغرافي وديموغرافي ممنهج, ورفضه الإنسحاب من الأراضي السورية.
وبات من الواضح غياب الرغبة والتوافق الأمريكي الأوروبي التركي والعربي الخليجي, على إنهاء الحالة الإرهابية في مدينة إدلب وما حولها, على الرغم من التذمر ونفاذ الصبر الروسي والسوري, والثمن الباهظ الذي يدفعه السوريون بالأرواح والبنى التحية نتيجة استمرار استهداف المجاميع الإرهابية لمدنهم وقراهم بالقذائف الصاروخية بإقتلاع أشجار الزيتون ,وبإحراق محاصيلهم الزراعية.
ومع التقدم الكبير والإنجازات العسكرية التي حققتها الدولة السورية وحلفائها -عبر المراحل السابقة – في مكافحة الإرهاب على غالبية الأراضي السورية وتطهيرها من الإرهاب, أجبرت الإدارة الأمريكية على مواجهة الخيارات الصعبة المحدودة والمرهونة بالتواجد الإرهابي والأمريكي والأوروبي والتركي اللاشرعي على الأراضي السورية, وتحديدا ً في محافظة إدلب, وصولا ً إلى الجزيرة السورية في شمال وشرق البلاد.
ومنذ أيار العام الماضي ومع إنتهاء مدة الستة أشهر التي نصت عليها مخرجات مؤتمر سوتشي, تذرع الرئيس التركي بحاجته للوقت والمهل كي ينجز ما تم الإتفاق عليه, ولفرز الإرهابيين وتحويل إدلب إلى منطقة منزوعة السلاح, بما يتيح للدولة السورية إنهاء الوضع الإرهابي في ادلب, لكنه استمر بالمماطلة والخداع وبتجاوز كافة إلتزاماته كدولة ضامنة واستمر بدوره الإرهابي كدولة إحتلال وعدوان, وسخرّ كل إمكاناته واستخباراته لحشد وصبغ اّلاف الإرهابيين تحت لواء “جبهة النصرة” الإرهابي.
تلك المجاميع الإرهابية التي لم تتوقف عن خرق إتفاق منطقة خفض التصعيد, ولم تتوان عن قصف مواقع تمركز الجيش العربي السوري في أرياف حماة واللاذقية وحلب, وتمادت في قصف المدنيين في عديد القرى والبلدات والمدن السورية, وفي استهداف قاعدة حميميم ومطارها العسكري, فكان لا بد إطلاق الدولة السورية والحليف الروسي عملية ً عسكرية, لتطهير تلك الأرياف من الإرهاب, وتوسيع رقعة الأمان لحماية المواطنين السوريين في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي وحلب الجنوبي والشرقي.