ضغوط شعبية كبيرة تشهدها اسرائيل بوجه نتنياهو تطالبه بتنفيذ تعهداته بالإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى حماس .
مظاهرات ضخمة تحمله المسؤولية عن استمرار احتجاز ابناءهم ، لا سيما ان التسوية التي اسفرت عن هدنة وتبادل للأسرى لا تلبي رغباتهم ، هي ستفرج عن خمسين من الاسرى من أصل حولي المائتين ، لا سيما ان الأفضلية ستكون للإفراج عن الأجانب او مزدوجي الجنسية من اميركيين وفرنسيين وبريطانيين وهولنديين ، ما جعلهم الإسرائيليين يشعرون بالتمييز بين الأسرى بين اجنبي ومواطن ، وقد ظهر ذلك على صفحات الصحف الإسرائيلية .
يزداد الضغط بشكل يومي على نتنياهو ، يتم تحميله المسؤولية عن استمرار ابناءهم في الأسر نتيجة رفضه لصفقة تبادل منذ الأيام الاولى للحرب . وبلغت الامور بهؤلاء حد مطالبته بالرحيل، او اجرائه صفقة تبادل كبرى تخرج عموم الفلسطينيين الأسرى من السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الإسرائيليين الأسرى لدى حماس وبقية الفصائل .
الهدنة تترنح ، يتم خرقها في غزة كما في الجنوب اللبناني ، العودة للحرب سيمثل ضغطا على المجتمع الصهيوني نتيجة المخاطر على الأسرى ، وسيشعرهم ان الإفراج عن ابناءهم ما زال بعيدا ، ليس هذا فحسب ، وانما يشكل خطرا على الأسرى انفسهم من ان يقتلوا بالقصف الإسرائيلي، سيما ان حوالي ستون اسيرا كان قد قتل بهذا القصف .
بنيامين نتنياهو في موقف لا يحسد عليه ، فهو اذا عقد صفقة اخراج جميع الأسرى الفلسطينيين ، فإن ذلك سيكرس هزيمته وخضوعه لإرادة حماس .
واذا ما استأنف القتال فمن غير المرجح ان يحقق منجزا على ضوء تجربة ال ٤٨ يوما السابقة من المعارك التي عجز فيها الجيش الصهيوني عن تحقيق منجز ميداني او سياسي سوى المجازر التي قلبت الرأي العام العالمي. ضده .
يتفاقم مأزق نتنياهو كل يوم يمر على هذه المعركة ، هو لن يستطيع تجاوز نتائج طوفان الاقصى وتردداتها المعنوية والنفسية والميدانية ، وهو عاجز عن استعادة الهيبة التي فقدها وترميم الصورة، كما لن يستطيع استعادة قدرة الردع التي فقدها .
قد يدفع ذلك نتنياهو لمزيد من الإندفاع الى الامام وركوب المغامرة ، ربما على قاعدة شمشونية ( علي وعلى اعدائي ) طالما الحتميات متشابهة ، سواء ان هو غامر ، او سكت وتراجع ، فليس امامه سوى السقوط ، ربما يحاول توسيع مدى المعركة لتوريط الاميركي في حرب اقليمية ، هو يريد ان يموت الجندي الاميركي بديلا عن الجندي الصهيوني المكسور معنويا بعد هزيمة فرقة غزة ، ربما ينظر الى الحرب الآقليمية على انها مدخلا لتسوية عامة في المنطقة قد تبقيه في السلطة وتجنبه السقوط والمحاكمة وربما دخول السجن وانتهاء مستقبله السياسي كما حصل مع اولمرت .
الخروقات الحاصلة على الجبهة اللبنانية تؤشر الى ان لبنان قد يكون المدخل لتوسيع المواجهة ، ودفع محور المقاومة للإنخراط بالمعركة ، ما يجبر الاميركي على الإنخراط بالمعركة .
الشرق الاوسط الجديد سيكون على إثر هذه المعركة شرقا اوسطيا مختلفا ، سبق ان كتبت ان معركة غزة ستجعل من هذه الاخيرة طرفا هاما في صناعة المعادلات العالمية الجديدة والتوازن الدولي الذي سيتشكل ، وسيكون تعبيرا عن نظام عالمي جديد يكريس التعددية القطبية .