بقلم: الدكتور محمد رقية
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 21-10-2022 - 2165 إن الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ومسيره بكل أبعاده ومضامينه وهو القوة المطلقة الوحيدة القادرة على ذلك, إلا أن الكون بحد ذاته يعتمد في وجوده واستمراريته على التوازن بين مكوناته وأجزائه وعناصره من أصغر ذرة المتوازنة بالألكترونات السالبة والبروتونات الموجبة , إلى أكبر جرم سماوي المتوازن بالقوى الجاذبة والقوى النابذة , وأي خلل في هذا التوازن يقود إلى كوارث رهيبة يمكن أن تنهي وجوده . والكرة الأرضية التي نعيش عليها والتي تشكل ذرة غبارية في هذا الكون المتنامي في الإتساع . فإن التوازن فيها لاينطبق على الطبيعة فقط بل على الحياة البشرية أيضا" . الهواء مثلا" الذي يشكل إحدى مكونات حياتنا البشرية , متوازن بتركيبه المؤلف من حوالي 21% من الاكسجين و78 % من النتروجين مع بعض الغازات الأخرى كثاني أكسيد الكربون والأوزون والأرغون وغيرها , وأي خلل في هذا التوازن قد يؤدي إلى نهاية الحياة على الأرض . ومن هنا جاءت المؤتمرات و النداءات العديدة لدراسة الزيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو ومحاولة التخفيف منها , التي تؤدي إلى هذا الخلل ويؤدي ذلك بالتالي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب التي تقود إلى التصحر و القضاء على العديد من المزروعات والمحاصيل الزراعية وكذلك ذوبان جليد القطبين مع مايرافق ذلك من كوارث عديدة في المدن الساحلية . ينطبق هذا الأمر أيضا" على الماء وكل عناصر ومكونات كوكبنا الأرضي المتوازنة بشكل دائم في الزمان والمكان . يتعدى هذا التوازن الطبيعة ليصل إلى الحياة البشرية فلو استعرضنا تاريخ حياة البشر على هذا الكوكب نلاحظ أن فترات الهدوء والراحة والطمأنينة تعتمد على وجود قوى متوازنة فيما بينها , وأن الخلل والحروب والكوارث تقع عندما تحاول إحدى أو بعض هذه القوى المتوازنة خرق هذا التوازن بمحاولة السيطرة الأحادية على بقية القوى و التي ينتج عنها حروب كارثية على المجتمع البشري .كانت آخر مرحلة من التوازن بين القوى الكبرى هي التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 , عندما برز على الساحة القوتين العظيمتين , الإتحاد السوفياتي ومنظومته الإشتراكية من جهة والولايات المتحدة الأمريكية ومنظومتها الرأسمالية الغربية من جهة أخرى , التي عرفت بمرحلة الحرب الباردة والتي انتصرت خلالها العديد من حركات التحرر في العالم واستقلت العديد من دول العالم الثالث بما فيها دولنا العربية , ولا ننسى زرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية عام 1948. وما الحروب المتفرقة التي حصلت خلال تلك الفترة إلا لتثبيت هذا التوازن سواء في فيتنام أو كوريا والهند الصينية أو غيرها وحتى حروبنا مع العدو الصهيوني لتحرير واستعادة أراضينا كانت تتم ضمن إطار هذا التوازن . وعندما نجحت الولايات المتحدة ومنظومتها في كسر هذا التوازن بالسيطرة على القوة الموازية من خلال تفكيك المنظومة الاشتراكية ومن ثم تفكيك الإتحاد السوفياتي نفسه عام 1991 فقد اختل هذا التوازن وأصبحت الولايات المتحدة القطب الأوحد في العالم دون منازع , وأخذت تخبط بدول العالم كالثور الهائج دون أخلاق أووازع من ضمير, وبدأت كوارث جديدة تعم البشرية من خلال انصياع الدول أوتفكيكها اوتقسيمها وغزوها وتدميرها على مدى عشرين عاما" واستمر هذا الأمر حتى عام 2011 مع حرب الربيع العربي ( أي الربيع الصهيوني ) الذي أطاح بأغلب الجمهوريات العربية من تونس إلى مصر إلى ليبيا واليمن إلى السودان وتقسيمه وقبله العراق وعندما وصل هذا الربيع المزيف إلى سورية اصطدم بالصمود السوري الإسطوري الذي لم يتوقعه أحد في العالم سوى قيادتنا وشعبنا ، والذي ساهم في بروز التوازن العالمي من جديد من خلال دخول روسيا على خط المواجهة والصين ودول البريكس الأخرى وقوى الحرية.
لا يوجد صور مرفقة
|