بقلم: الدكتور محمد رقية
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 04-01-2022 - 882 إذا كان التاريخ لا يشمل كل الحقيقة فإن أكثر ما يسيء إلى التاريخ هو محاولة توظيفه في خدمة أهداف غير تاريخية. ونحن نعلم أن مجال التاريخ هو فعل الإنسان في شروط جغرافية وبشرية وزمنية التي تتداخل جميعها لتنشئ ما يسمى بالحدث التاريخي دون تدخل أي قوى غيبية أو غير بشرية وهذا ما يؤكده توماس ل. طومسون ص(1995،82) في قوله: ( التاريخ يقوم على الأبحاث وهو يتعلق بالطبيعة وليس بما وراء الطبيعة). أما المنطلق الصهيوني التاريخي فهو تدخل الإله(يهوه) كقوة فوق التاريخ تسيره، وعندما يغدو تاريخ البشرية صراع بين يهوه اله اليهود وبين شعوب المنطقة، أو بكلام آخر مسرح للصراع بين اليهود الذي يدعمهم يهوه بوعده الإلهي وبين العرب الذين يعاندون أراء الإله الذي لا ينفك يطلق التهديدات والوعود و إعلان الحرب عند ذلك تغدو إرادة اليهود تحقيقاً لإرادة يهوه الأسطورية. إذا كان الخلاف في التاريخ في الفهم والتفسير فأنه لدى الصهاينة الخلاف بين الوعي الأسطوري الصهيوني والوعي التاريخي العلمي. وان بدا علم التاريخ أكثر العلوم تأثراً بالمواقف الأيديولوجية المشبعة بالأهواء والرغبات فهو على الأقل محكوم بجملة من الوقائع التي يختلفون على فهمها وتفسيرها. أما في حال اختراع وقائع وأحداث فهذا يبعدنا عن مجال علم التاريخ ويضعنا أمام عالم من الأساطير التي لا تعتبر وعياً لمرحلتنا التي نعيش فيها، لأن الأساطير ترافق الفكر الجنيني من مراحل نشأة الإنسان ولا تتوافق مع تفكير إنسان القرن التاسع عشر والقرن العشرين, أو الواحد والعشرين. لكن هذا هو الإطار الذي يفهم به التوراتيون ومن ورائهم الصهاينة التاريخ وهم مستميتين بسعيهم لإيجاد سند تاريخي يرتكز على الواقع والأرض العربية ومع ذلك لا يكتبون تاريخ بل يعيدون إنتاج و صياغة أساطير جديدة غير قابلة للنقاش والنقد. لقد أدى التطور الكبير لعلم التاريخ وعلومه المساعدة وبشكل خاص علم الآثار الذي ساهم فيه الصهاينة أيضاً لغايات تخص أيديولوجيتهم إلى مكتشفات مذهلة وأعداد هائلة من الوثائق الكتابية التاريخية في أماكن عديدة ببلاد الرافدين وسورية ومصر وفلسطين وقد دقت وثائق أغاريت وابلا و تل العمارنة وغيرها و تفسير الكتابات المسمارية والهيروغليفية والمصرية والكنعانية والآرامية والآشورية الداحضة للادعاءات الصهيونية التوراتية أول مسمار في نعش الأيديولوجية الصهيونية التي تسعى لإيجاد جغرافيا للتوراة وتحقيق أحلامها الأسطورية في بناء وطن قومي في فلسطين على أساس الوعود الإلهية. إذا كانت معرفة أي شيء تبدأ بمعرفة أصوله فإن العودة إلى أصول اليهود القديمة ضرورية لفهم شخصيتهم والتعرف على طباعهم المكتسبة لأن الفكر اليهودي الديني متأصل في نفوسهم ويوجه أعمالهم وأفكارهم ، والوجود اليهودي الصهيوني في فلسطين يرتبط فكرياً وسياسياً وحضارياً بما يسمى بالتراث اليهودي المعبر عنه بالكتاب المقدس أي التوراة ومعرفة الكتاب هو سبيلنا إلى فهم العنصرية اليهودية ومن ثم الأيديولوجية الصهيونية التي تحاول احتلال أرضنا استناداً إلى فكرها التراثي في التوراة (العهد القديم) و عصر التنوير الأوربي الذي كان المناخ المناسب لظهور الصهيونية في مطلع القرن السابع عشر. من بحثنا
لا يوجد صور مرفقة
|