أثر النكبة الفلسطينية عام 1948، سادت في الوعي العربي فكرة ان الوحدة العربية هي الطريق لتحرير فلسطين، لكن نكسة الانفصال عام 1961، ضربت هذه الفكرة، وساد شعور لدى الفلسطينيين بضرورة الاعتماد على النفس واعتبار فلسطين طريق الوحدة، وكان ذلك الشعار الذي انطلقت في ظلّه الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965.
وبعد سنوات طويلة اتضح حاجة النضال من اجل التحرير الى عمق عربي متمثل بالوحدة، فارتفع شعار جمع بين الشعارين السابقين، الوحدة طريق فلسطين وفلسطين طريق الوحدة ، وأخذ الفكر القومي العربي يدرك أنه لم تكن من قبيل الصدف ان تعقد اتفاقية سايكس – بيكو لتجزئة الولايات العربية أبّان الحكم العثماني في 6 أيار/ مايو 1916، قبل سنة ونيّف على اعلان بلفور في 2/11/1917 وكلاهما جرى في أجواء الحرب العالمية الثانية، حيث حرصت الامبراطوريتان الكبيرتان يومها على وراثة الدولة العثمانية التي كانت تسمى بالرجل المريض.
لقد أكدّ تزامن عقد الاتفاقية المشؤومة مع اعلان الوعد المشؤوم العلاقة بين التجزئة وبين اغتصاب فلسطين، تماماً كما أكد التلازم بين النضال من أجل الوحدة والمقاومة من أجل تحرير فلسطين.
وبات واضحاً ان كل خطوة تخطوها الامة على طريق الوحدة انما تقترب من تحرير فلسطين وهزيمة العدو، وأن كل خطوة تخطوها على طريق التحرير هي خطوة نحو الوحدة، كما بات واضحاً ان وحدة قوى المقاومة في الأمة هي أنجح الأساليب وأسلم السبل واسرع الطرق الى مقاومة القوى والمشاريع التي تقف عائقاً في وجه الوحدة.
لذلك لا تكتمل وحدوية أي عربي إذا لم تقترن بنضاله من اجل التحرير، ولا تنتصر مقاومة أي مقاوم اذا لم تقترن بالعمل لتوحيد الأمة على طريق التحرير.
فالوحدوي الحقيقي هو بالضرورة مقاوم حقيقي، والمقاوم الحقيقي لا تتأكّد قدرته على المقاومة إلاّ اذا كان وحدوياً على مستوى الامة.
ومثلما أقيم الكيان الصهيوني حاجزاً لمنع وحدة المشرق العربي مع المغرب العربي، فإن قيام الوحدة على مستوى الامة بمعناها الواسع ، أي وحدة الموقف والهدف والتعاون والتنسيق والتكامل والتشبيك هو الاجهاز الحقيقي على الكيان الذي باتت ركائزه جميعاً تهتز داخلياً و خارجياً.