في كل محفل سياسي أو فكري أو اعلامي نرى الكثيرين يتحدثون عن ثلاث مشاريع إقليمية كبرى، ويتساءلون اين المشروع العربي من هذه المشاريع الإيرانية والتركية والإسرائيلية ، ناهيك عن مشاريع في دول افريقية تقع جنوب الوطن العربي.
لكن معظم المتساءلين يتجاهلون، وهم يسألون اين المشروع العربي، معادلة بسيطة انه لا وجود لمشروع عربي في غياب وحدة عربية بمعناها الواسع أي تضامن وتعاون وتنسيق وتشبيك وصولاً الى التكامل.
وهل يمكن ان يقوم مشروع عربي وحال الاحتراب قائمة بين بعض الاقطار وداخل بعضها الآخر .. وهل يمكن قيام مشروع عربي فيما حكومات عربية تهرول نحو التطبيع مع عدو الأمة وهي تؤجج صراعات داخل أقطار الأمة وبين هذه الأقطار...
إن على الراغبين في ان يروا للعرب مشروعاً متكاملاً مع دول الجوار الحضاري و مشروعاً مقاوماً للاحتلال الصهيوني والهيمنة الاستعمارية، ان يسعوا لإعادة الاعتبار لهدف الوحدة العربية كاحد أبرز اهداف المشروع النهضوي العربي، وأن يدركوا ان الطريق الى الوحدة العربية يبدأ بتحصين الوحدة الوطنية لاقطار الأمة في مواجهة عصبيات التفتيت والتحريض الطائفي والمذهبي والعرقي والقبلي والجهوي والفئوي، ويتعزّز هذا التحصين بالتعاون بين الاشقاء وبالتنسيق بينهم والتشبيك وصولاً الى التكامل، وحينها يصبح للعرب وزن تعترف به دول الجوار الحضاري ، ويرضخ له أعداء الأمة والعالم، بل يصبح للعرب شأن على مستوى العالم برمته...
لقد غاب المشروع العربي حين تراجعت حركة العمل القومي الوحدوي، وحين ساد الصراع والاحتراب والاقصاء والالغاء العلاقات بينها، وحين وصلت التجزئة تفتيتاً للاقطار وللقوى الشعبية تحت هذا الشعار او تلك...
ولا يمكن ان يعود للعرب مشروع يطلّون من خلاله على دول الجوار يتكامل مع مشاريعهم من موقع التكافؤ والنديّة إلاّ اذا اتجهت الحركة الشعبية العربية بكل أجنحتها الى التعاون والتكامل ونبذ الصراعات الجانبية لصالح التناقض الرئيسي مع أعداء الأمة الراغبين في الهيمنة على قرارها واحتلال أرضها وتشريد شعوبها والسيطرة على مواردها...
المشروع العربي هو الابن الطبيعي لحركة الوحدة العربية، ومن لم يكن وحدوياً في خطابه وادائه وممارساته لا يمكن له ان يقيم مشروعاً عربياً يتطلع الى قيامه كل عربي.