جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

خرائط الغاز والتاريخ: بؤرة توتّر في شرق المتوسط | بقلم: د. وليد شرارة
خرائط الغاز والتاريخ: بؤرة توتّر في شرق المتوسط



بقلم: د. وليد شرارة  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
02-09-2020 - 1149

استعراض القوة يلي التصعيد الكلامي. وفي مقابل التدريبات البحرية والجوية في شرق المتوسط، التي أعلنت عنها وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، والتي تشارك فيها بلادها إلى جانب اليونان وقبرص وإيطاليا، تقوم سفن حربية تركية بمشاركة مدمرة أميركية بتدريبات عسكرية في المنطقة نفسها

لم يعد بإمكان القوى البحرية الأوروبية، فرنسا وبريطانيا أساساً، أن تعتبر المتوسط «بحرها»، Mare Nostrum، أي «بحرنا» كما سمّي باللاتينية أيام الإمبراطورية الرومانية، أو بحيرة غربية، كما أصبح بالفعل بعد معركة «ليبانت» في 1571 بين الأسطول العثماني وذلك الخاص بـ»الرابطة المقدسة»، وهي تحالف جمع بين قوى أوروبية، بينها إسبانيا وعدة مدن إيطالية، وانتهت إلى هزيمة الأوّل.

حجج تاريخية وأخرى قانونية تستحضر بقوة في المواجهة الجيوسياسية والجيواقتصادية الدائرة في شرق المتوسط. لم يخف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رفضه لمفاعيل معاهدة لوزان التي وقّعتها تركيا عام 1923، وتنازلت بموجبها عن «جزر قريبة منا إلى حد أننا لو نادينا على سكانها من أراضينا لسمعونا»، حسب تعبيره. وهو أضاف، في خلال تحدثه أمام اجتماع للمخاتير سنة 2016، إن بلاده «ما زالت تناضل من أجل الاتفاق على حدودنا البحرية وحتى مجالنا الجوي وأراضينا. ذلك لأن من مثّلوا تركيا في لوزان ظلمونا، ونحن نحصد مافعلوه الآن».

يستند منطق الجبهة المقابلة لتركيا، والتي تضم اليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا ومصر، إلى مرجعيات كالقانون الدولي وقانون البحار والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومنها طبعاً معاهدة لوزان، باعتبارها القاعدة التي يجب أن تحكم سلوك الدول. ما يتجاهله هذا المنطق هو أن موازين القوى الدولية التي أنتجت هذه المرجعيات جميعها في سياقها دخلت في مرحلة تغيّر متسارع، في العقدين الماضيين خاصة. فالهيمنة الغربية الأورو - أميركية، التي ترسخت بعد الحربين العالميتين، آخذة بالتراجع المستمر أمام صعود قوة ونفوذ القوى غير الغربية الكبيرة والمتوسطة كالصين وروسيا وإيران وتركيا والهند وجنوب أفريقيا، على سبيل المثال لا الحصر. لم تخطئ تقارير البنتاغون عندما وصفت الصين وروسيا بالقوى الساعية إلى إعادة النظر بأسس وقواعد النظام الدولي الذي شيّده الغرب، أي نظام الهيمنة الغربية. يصح هذا الوصف أيضاً على القوى غير الغربية التي ذكرنا، والتي تعتبر أن هذا النظام راعى مصالح أطرافه الغربية المسيطرة على حساب مصالح وسيادة «الآخرين»، بلدان وشعوب جنوب العالم بالأخص.

ستتيح حقول غاز شرق المتوسط لبلدان القارة العجوز فرصة لتنويع مصادرها

موقف تركيا من حدودها البحرية يشبه في جوهره موقف الصين من هونغ كونغ وتايوان، وموقف روسيا من جزيرة القرم، وكذلك موقف الشعوب العربية من الحدود المصطنعة في ما بينها أو من الكيان الصهيوني الغاصب الذي حظي باعتراف «الشرعية الدولية»! لا يعني هذا الأمر أن الاعتبارات القومية وحدها هي التي تفسر موقف إردوغان. لا شك أن للاعتبارات الاقتصادية، أي تعظيم حصة تركيا من حقول الغاز البحري، وزناً حاسماً بين دوافع هذا الموقف، وكذلك للحسابات السياسية الداخلية المتصلة بسعيه في كسب المزيد من الشعبية، بعدما أظهرت انتخابات 2019 البلدية تراجعاً ملحوظاً في معدلاتها. المؤكد اليوم هو أن غالبية واضحة في أوساط النخب والرأي العام التركي، بما فيها تلك المعارضة لتوجهات حزب «العدالة والتنمية» العقائدية والسياسية، تدعم حكومته في المواجهة الدائرة في شرق المتوسط.

إذا كانت خلفيات الموقفين القبرصي واليوناني مفهومة لأنها ترتبط بالدفاع عن مصالحهما المباشرة وحصتهما من حقول الغاز، بمعزل عن النقاش التاريخي حول الحدود البحرية بينهما وبين تركيا، فإن ما يستحق التفكير والتحليل هو خلفيات الموقفين الفرنسي والإيطالي. فمساهمة شركات البلدين في مشاريع التنقيب عن الغاز واستخراجه في قبرص واليونان ومصر، وحقيقة أن حقول غاز شرق المتوسط ستتيح لبلدان القارة العجوز فرصة لتنويع مصادرها والحد من اعتمادها على الغاز الروسي وحده لا يكفيان لسبر غور هذه الخلفيات. فالغاز الذي سيستخرج من حقول خاضعة للسيادة التركية سيباع قسم كبير منه لأوروبا أيضاً.

الواقع هو أن تجرؤ تركيا على إعادة النظر بحدود بحرية رسمتها موازين القوى المختلّة لمصلحة فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، وفرضت احترامها الأساطيل الأوروبية، وخاصة الفرنسية والبريطانيه الأكثر وجوداً في المتوسط إلى جانب الأميركية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، هو العامل الأشد استفزازاً للأطراف الأوروبية المعنية. السيطرة الاستراتيجية على المتوسط بحجة ضمان احترام القانون الدولي وقانون البحار وحرية الملاحة والحدود البحرية للدول المشاطئة كان من مرتكزات الهيمنة الغربية على بلدان ضفتيه الجنوبية والشرقية. محاولة قوة إقليمية صاعدة كتركيا تعديل هذا الواقع، ولو جزئياً، يقع في صلب المجابهة الراهنة. من المفيد مراجعة مدى التوتر الأوروبي حيال الوجود البحري الروسي في سوريا وإصرار الخبراء الغربيين على النظر لحزب الله باعتباره قاعدة متقدمة لإيران على ضفة المتوسط الشرقي، لإدراك الثوابت الاستراتيجية التي ما زالت تحكم الرؤية الغربية لهذا البحر.

صحيح أن الولايات المتحدة تتخذ موقفاً محايداً تجاه المجابهة الحالية وأنها تحرص على مراعاة تركيا لأسباب تتعلق برغبتها الحدّ من تقاربها المتزايد مع روسيا في السنوات الأخيرة، لكن الموقف الروسي بدوره حيال المجابهة المذكورة يراعيها أيضاً، وهناك معلومات متواترة عن احتمال مشاركة الأخيرة في عمليات التنقيب عن الغاز واستخراجه مع هذا البلد. إذا أشار هذا الأمر لشيء فهو يشير إلى وزن تركيا المتزايد وسعي الأطراف الدولية للتأقلم مع هذا التطور. على ضوء هذه المعطيات، تكتسب الاندفاعة الفرنسية تجاه لبنان والإصرار على إنجاح تشكيل حكومة والمضيّ بإصلاحات بعداً جديداً لا علاقة له بالتضامن الإنساني والعلاقات التاريخية بينه وبين فرنسا.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


مشروع الشام الجديد بدون الشام!!! 》
بقلم: د. عبد الحي زلوم

ناموس الحياة
بقلم:



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د. وليد شرارة |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//