بقلم: د. عبد الحي زلوم
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 02-09-2020 - 1378 المشروع امريكي القلب والقالب لتحقيق امبراطورية " اسرائيل " الكبرى وحرفيا من الفرات الى النيل ، لضم المطبعين القدامى مع المطبعين الجدد في الجزيرة العربية
من الصعب علي ان اصدق ان من اتى على ظهر دبابة اميركية مع غزاة بلاده لاحتلالها ثم تقسيمها الى ثلاث “عراقات” ان يبادر من نفسه بمشروع يكون نواة لأي وحدة حميدة لثلاث كيانات لتصبح كياناً واحداً ، خصوصا أن الوحي جاء لصاحب المبادرة وهو في واشنطن و قدّمها فورا بعد رجوعه منها ! انا لا أؤمن بأي “جديد “ يأتي من امريكا…لا العراق الجديد ولا سوريا الجديدة ولا لبنان الجديد ولا الشرق الأوسط الجديد بل ولا مشروع الشام الجديد حتى قبل ان أعرف تفاصيله ، ذلك لان اي مشروع امريكي هو بالضرورة مشروع اسرائيلي ، فاسرائيل والولايات المتحدة هما وجهان لعملة واحدة تُصدِرها وتُديرها الصهيونية العالمية. اذا قبلنا بهذه الحقيقة فعلينا ان نقبل بحقيقة اخرى هي انه لا يمكن ان تكون حليفا لامريكا دون ان تكون حليفا لاسرائيل . اذا لم تكن مطبعاً علانية فأنت مطبع بالسر . منذ عشرات السنين كتب الرئيس الأمريكي الاسبق جيمي كارتر في كتابه (فلسطين ، لا دولة الفصل العنصري ) قال فيه إن من أكثر ما أثار انتباهه هو ان الزعماء العرب يقولون خلف الأبواب المغلقة عن علاقتهم بإسرائيل بالعكس تماما لما يقولونه لشعوبهم، وان ما يشغلهم هو خطر المعارضة وخصوصا الاسلامية منها على انظمتهم. ويبدوا أن الرئيس كارتر كان يقرأ الحاضر ولو قرأ التاريخ لعرف ان منظومة الدول الوظيفية التي انشأها الاستعمار بعد الحرب العالمية الأولى بما فيها دول النظام الرسمي العربي والكيان الإسرائيلي كانت ضمن المشروع الواحد ، لكل دولة وظيفتها ، و تتكامل الوظائف مع بعضها للوصول إلى الأهداف التي وضعها المستعمر لمصلحته لا لمصلحة تلك الشعوب . وكان من ضمن هذه الأهداف زرع كيان صهيوني محتل في فلسطين وشاركت كل دول المنظومة العربية في إنشائه ورعرعته وصيانته كلٌ حسب وظيفته. إذا كان البعض يظن أن التلاحم بين الولايات المتحدة وإسرائيل هو أمر ظرفي في عهد الرئيس ترامب فقد جانبهم الصواب .فالحقيقة إن الكيانين يتشاركان في كيفية نشأة كيانيهما على اغتصاب اراضي الغير والابادة الجماعية لاصحاب تلك الاراضي . كما تشارك الكيانان في قيامهما على دعاوى تاريخية دينية كاذبة فكانت أول جملة نطق بها وليام برافورد قائد أول سفينة حملت المهاجرين البيض من البيوريتان ” فليبارك لنا الله بأرض صهيون الجديدة ” .وقالوا ان التوراة أي العهد القديم هو اساس العهد الجديد ودعوا الى دمج الاثنين معاً مع تغليب التوراة فسموا مدنهم بأسماء مستوحاة من التوراة وفلسطين فهناك عدة مدن باسم Jerusalemأي القدس وبيت لحم والناصرة إلى آخره. ثم تطورت الحركة وتم تسميتهم (بالاعاديين) أي أنهم يريدون عودة اليهود إلى فلسطين لإنشاء دولة يهودية . وكانت عائلة الرؤساء بوش من بين هذه العائلات بل كان أكثر الرؤساء الأمريكيين منهم حيث يعرفون اليوم باسم الصهاينة المسيحيين ومنهم اشكال ترامب ونائبه بنس وبومبيو الخ . ونشأت ما يسمى بالحضارة الياهوالمسيحية البروتستانتية في أساسها والتي هي عقيدة الاستعمار الانجلوساكسوني البريطاني والأمريكي . قامت الولايات المتحدة بداية من 13 ولاية في شرق البلاد إلا أنها بقيت تتمدد عن طريق الحروب ضد الآخرين إلى أن تم احتلال البلاد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي وأصبحت 50 ولاية. كان ادعاء الرؤساء الأمريكيين بأسبأب توسعهم و حروبهم بأنها قدر الهي فوضه للولايات المتحدة لخلاص العالم وهذا المبدأ اسموه بManifest Destiny . كذلك تدّعي الدولة المحتلة في فلسطين أنها جاءت تحقيقا لنبوءة الهية و أنها دولة ديمقراطية وهي نفس الاكذوبة التي تكررها الولايات المتحدة، وتماماً كما تمددت الولايات المتحدة من شرق القارة إلى غربها ثم إلى شن الحروب على إسبانيا وسرقة ممتلكاتها ثم محاولة الهيمنة على العالم كله ، كذلك قام الكيان الإسرائيلي على الحروب والتمدد بدلا من 50% من فلسطين حسب قرار التقسيم إلى 78% منها في حرب 1948 وفي إحتلال كل فلسطين سنة 1967 وبدء ضم اراضي بعض الدول العربية كالجولان السورية . واليوم هي على أبواب تحقيق هدفها من دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. لاحظوا ان مشروع الشام الجديد هو من الفرات الى النيل. حركات التطبيع في الخليج الجديدة هي التي من المخطط لها ان تتوحد مع المطبعين القدامى لمساعدة ( أحبة) امريكا في العراق لخروجه من محور المقاومة ولتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى ! والخلاصة : نحن نعيش في عالم وتيرة التغيير فيه غير مسبوقة في التاريخ وهناك تغييرات عميقة في العالم هذه الأيام ، فهو عالم يتغيّر في كل مكان بوتيرة تتسارع يوما بعد يوم . وتعاني الدولة الصهيواميركية (الولايات المتحدة) من مشاكل غير مسبوقة تهددها وتشبه التحديات التي اوصلت الاتحاد السوفييتي الى مصيره مع انه كان قوة عسكرية كبرى ، لكنه انهار بسبب سوء ادارته للاقتصاد ، وكذلك الولايات المتحدةاليوم فهي أعتى قوة عسكرية في التاريخ ولكنها تعاني من كل اعراض انهيار الامبراطوريات . كان انخفاض الناتج القومي الاجمالي الأمريكي ايام الكساد الكبير الذي بدأ سنة 1929 20% ، وبقيت تلك الأزمة الاقتصادية لمدة 10 سنوات لم تخرج منها الولايات المتحدة الا بتشغيل مصانعها للانتاج الحربي اثناء الحرب العالمية الثانية . اما اليوم فقد هبط الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من سنة 2020 بثلاثين % عن الربع الأول ومثل هذا الهبوط أمر غير مسبوق في التاريخ الأمريكي . استعدادا لمواجهة الأزمة غير المسبوقة بسيل من دولارات مطابعها بدون غطاء ولا ضوابط قامت الولايات المتحدة بطباعة 3 تريليون دولار واكرر تريليون في شهر تموز/يوليو المنصرم وهو أيضا اعلى رقم يطبع في شهر واحد و اي انه غير مسبوق في تاريخ المطابع الأمريكية للدولارات . في أزمة 2008 اجلت الولايات المتحدة انهيار اقتصادها بضخ تريليونات الدولارات المزيفة من دون غطاء مما زاد مديونية الولايات المتحدة بخمسين % عما كانت عليه قبل الأزمة. اما الكيان المحتل فيواجه أزمات وجودية اقتصادية واجتماعية خطيرة ستزداد مع الأيام سوءاً وذلك نتيجة ان مجتمعها خليط غير متجانس يقوم على أوهام لا حقائق ، كما أنه يواجه تحديات عسكرية بأساليب لا تفيده قوة ماكنته العسكرية التكنولوجية والنوعية والكمية . اغلب الظن ان المطبعين الجدد الذين أرادوا طلب ود الولايات المتحدة وحمايتها عن طريق راس جسرها في فلسطين المحتلة انهم ( راحوا للحج والناس راجعين ) لأن الكيان نفسه اليوم بحاجة إلى حماية وان حامي الكيان مشغول بنفسه وتقهقر قوته وسياسة هيمنته في كل مكان . وبذلك أعتقد ان كل مشاريع التآمر على شعوب منطقتنا ووطننا العربي مآلها الفشل علما بأن هذا التآمر سيسبب بعض الالام لأن النتيجة ستكون ولادة عصر جديد وأن العالم ومنطقتنا يشهدان تغييرات عميقة ينتج عنها انهيار انظمة ودول ونشوء اخرى وستصبح مشاريع التآمر اضغاث أحلام .
لا يوجد صور مرفقة
|