هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تخلف العرب وضعفهم بعد قوة والتي منها:
- عدم امتلاكهم لرؤية مستقبلية ترسم مستقبلهم في مجالات الزراعة والصناعة والبحث العلمي واقتصاد المعرفة، وفي حالة وجود رؤية يتم اقتباسها من الغير، ويكون الهدف منها الشو الإعلامي لأنها بتكون غير مرتبطة بآليات وخطط وبرامج للتنفيذ ومعايير ومؤشرات يتم قياسها بمعرفة جهات رقابية محايدة.
- قيام أعداء الوطن العربي في الخارج بالمشاركة مع عملائه في داخل هذه الدول في تنفيذ منهجية لتهميش العلم والعلماء وخاصة علماء المراكز البحثية ووضعهم في وضع مادي ضعيف لكي يكونوا أمام ثلاث خيارات إما الهجرة، أو تغيير مسارهم المهني من خلال الاشتغال بالتجارة والاستثمار، أو اليأس وعدم الانتماء.
- قيام بعض هذه الدول من خلال ضغوط مارستها الدول الكبرى بخصخصة المشاريع الانتاجية والصناعية الهامة لكي يتم دفعها للاعتماد على الاستيراد، مع الإبقاء على الشركات الخاسرة دون تطويرها وإعادة هيكلتها لكي تستنزف موارد الدولة وتتعالى الأصوات في نهاية المطاف لبيعها.
- السماح لبعض رجال الأعمال في هذه الدول بالسيطرة على الاقتصاد والاحتكار ونهب أراضي الدولة وتشجيعهم على التوسع في المشاريع ذات العائد السريع مثل الاستثمار في مجال الاتصالات والمحمول والعقارات وتسقيع الأراضي المنهوبة والبعد عن المشروعات الصناعية والزراعية.
- وجود شبكات مصالح ومراكز قوى مدفوعة من الخارج داخل مراكز اتخاذ القرار والدوائر والمصالح الحكومية ومراكز البحوث في بعض هذه الدول هدفها محاربة أهل العلم والكفاءة والقيادات المتميزة لإجهاض خطط التطوير والتنمية.
- وجود كم هائل من القوانين واللوائح المتضاربة والتي بها ثغرات تسمح لأصحاب النفوس الضعيفة باستغلال هذه الثغرات في تحقيق المصلحة الخاصة.
أغلب هذه الدول لا تحسن استغلال الأصول المملوكة لها والموارد الطبيعة مما يسهل للبعض على الاستيلاء عليها فضلا عن قيام هذه الدول بتصدير المواد الخام دون تصنيعها.
- تولي الوظائف القيادية في بعض هذه الدول يخضع للمحاباة والعلاقات الشخصية دون أي اعتبارات للكفاءة والعلم، مما يتسبب في صراع البعض والتسابق في دفع الرشاوي بجميع صورها للحصول على هذه الوظائف.
- انتشار الفساد في عمليات الشراء الحكومي والمناقصات والشراء في بعض الأحيان بيكون بهدف التخزين والحصول على عمولات ودون الالتزام بالمواصفات الفنية والجودة للمنتجات المشتراه.
- إبراز نجوم الفن والرياضة وتسليط الضوء على المواهب الفنية والكروية ووضعهم في ثراء فاحش لكي تنتهي الرغبة في العلم والبحث العلمي.
- إختلاق أحداث تؤدي إلى صرف الأنظار عن التنمية وتطوير المجتمع؛ مثل ظهور الفنانات بشكل غير لائق، أو قيام البعض بتخزين السلع الضرورية للتشجيع على قيام الاحتجاجات ضد الدولة وارتفاع الأسعار وبذلك ينشغل المجتمع بالحديث عن الأسعار والفنانات وزواج القاصرات ويترك التنمية والتصنيع.
- وجود جهاز إداري في هذه الدول يتسم بالترهل والتضخم وخاصة في الشق الخدمي على حساب الشق الإنتاجي، فتجد العديد من المؤسسات العامة والمصالح والهيئات والأجهزة متضاربة في الاختصاصات أو نجد مؤسسات انتفى الغرض من وجودها مما يكبل موازنتها بمبالغ كبيرة ويضعها دائما في حالة عجز مالي.
- السياسة العامة التي يضعها الوزير أو المحافظ في أغلب البلدان العربية تعتمد على فكره الشخصي وخبراته الفردية واتجاهات مقربيه وبطانته، لذا لديه حرص على هدم جهود من سبقوه وعدم استكمالها لكي يضع سياسات وخطط تنسب له.
- اختلال هيكل العمالة في هذه الدول، ففي الجهاز الحكومي نجد إن 75% من العاملين يعملون في الوظائف المساندة (علاقات عامة، أمن، تفتيش ورقابة، إدارات الموارد البشرية، الإدارة المالية، الشئون الإدارية…الخ) بينما يعمل 25% في الوظائف الفنية التخصصية وهذه تعتبر كارثة بكل المقاييس العلمية.
- قيام رجال الأعمال الصينيين بتشجيع رجال الأعمال في هذه الدول في غلق مصانعهم وبيعها واستثمار أموالها في البنوك، وحثهم على استيراد ما كان يقوموا بإنتاجه منهم وبذلك يتحول رجل الأعمال من منتج لتاجر شنطة “مستورد”.
- اعتماد الزراعة في هذه أغلب هذه الدول على تقاوي زراعية مستوردة من الخارج وخاصة من اليابان وفرنسا دون إفصاح هذه الدول المصدرة عن تركيبة هذه التقاوي مما يعرض قطاع الزراعة في هذه الدول للخطر.
- سيطرة رجال الأعمال في هذه الدول على المؤسسات التشريعية والحزبية لجعل جميع التشريعات في صالح مشروعاتهم واستثماراتهم الشخصية وترهيب المحافظين وتهديدهم بتصعيد مشاكل محافظتهم للقيادة السياسية لابتزازهم.
لذا كيف ننهي التخلف في الوطن العربي؟
هناك العديد من الوسائل والطرق لكي ننهي حالة التخلف في المجتمعات العربية ومنها:
- قيام هذه الدول برفع شعار الزراعة والصناعة والتكنولوجيا أو الموت، حيث يجب أن تقوم حكومات هذه الدول بالشراكة مع المجتمع المدني والاحزاب السياسية والغرف التجارية والمراكز البحثية بوضع رؤية مستقبلية تحتوي على خطط وبرامج زمنية لتقدم هذه الدول في مجال الزراعة والصناعة والتكنولوجيا وتكلف هيئة رقابية لقياس التقدم في تنفيذ هذه الخطط والبرامج، على أن تكلف هذه الهيئة بعرض نتائج التنفيذ على القيادة السياسية والاحزاب والإعلام، على أن تكون نتائج هذا التنفيذ مرتبطة بمدى احتفاظ القيادات الإدارية والوزراء والمحافظين ومدراء المراكز البحثية بمناصبهم.
- تبني هذه الدول مشروع قومي يشارك فيه جميع علماء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكليات الهندسة ونظم المعلومات والتكنولوجيا وجميع مراكز المعلومات في جميع الأجهزة الحكومية، يعمل هذا المشروع على ميكنة جميع الخدمات وإنشاء قاعدة بيانات قومية محدثة يتم ربطها بجميع الهيئات والمصالح والأجهزة الحكومية بحيث تعمل على دعم اتخاذ القرار في هذه الهيئات والمصالح ويمكن الاستفادة منها في تقديم الدعم والرعاية الاجتماعية وحصر أملاك الدولة وفي مشروعات التنمية والتخطيط.
- قيام حكومات هذه الدول بإعادة هيكلة الجهاز الإداري، من خلال دمج جميع الدوائر والهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية التابعة لكل وزارة في الهيكل التنظيمي للوزارة بعد إلغاء الهيئات التي انتفى الغرض منها ودمج الهيئات والمصالح المتشابهة في الاختصاصات.
- قيام هذه الدول بالتحول إلى اللامركزية الإدارية والمالية بحيث تكون جميع مديريات الخدمات وفروع الهيئات في المحافظات تابعة للمحافظ، ويكون للمحافظة ميزانية مالية مستقلة، وبذلك يمكن للمحافظ بالاشتراك مع الجهات المعنية وضع استراتيجية زراعية وتصنيعية، يتم مراقبة تنفيذها بمعرفة الجهات الرقابية المحايدة.
قيام هذه الدول بوضع استراتيجيات لتخفيض العجز في الموازنة والاقتراض من الخارج من خلال وضع خطط للتقشف وترشيد الإنفاق الحكومي على أن يتم نشر نتائجها على الرأي العام دورياً.
- يجب أن يتم في هذه الدول تجريم تصدير المواد الخام إلى الخارج بدون تصنيع وخاصة في مجال البترول والثروة المعدنية على أن يتم إقامة مشروعات عملاقة للتكرير ويتم الاستفادة من العمالة العربية لإداراتها.
- أخيرا يجب أن تتبنى حكومات هذه الدول برامج لقياس الأداء المؤسسي في جميع الوزارات والهيئات والمصالح والمحافظات والبلديات ويتم نشر نتائج هذا القياس على الأحزاب ومجالس النواب.
مع تحياتي لجميع الدول العربية قيادة وشعبا، والله أسال أن يوفق حكامنا العربية للخير والصلاح.