لا شك أن الوعود التي جاءت بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة للمنطقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ومبادئ الليبرالية والعلمانية والانفتاح على العالم، وغيرها من المصطلحات والتوجهات، افتضح أمرها بعد أن ظهرت النوايا الحقيقية للأمريكان في المنطقة بتفتيت الدول الكبرى وإضعاف الجيوش القوية، لإخضاع المنطقة كلها لأوامر الأمريكان، وضمان أمن الكيان الصهيوني القائم على احتلال الأرض العربية، والذي ينعم بالاستقرار عندما نغط نحن في سبات عميق أو ننشغل في خلافاتنا الداخلية.هكذا يريد لنا الأمريكان، فلا هم يريدون لنا ديمقراطية، ولا يريدون ضمان حقوقنا كإنسان له حق الحياة والعيش الكريم، ولا يريدون لنا ضمان الانتقال السلمي والديمقراطي للسلطة، فهم يريدون إيصال عملائهم في المنطقة للحكم، ثم تثبيت دعائم ذلك الحكم، وقد اتضح ذلك من خلال دعم الأمريكان لتيار الإسلام السياسي في المنطقة، خاصة جماعة الإخوان “الإرهابية”، ليساعدهم الأمريكان على الوصول إلى الحكم في مصر وتونس ويدعمونهم في ليبيا وتونس واليمن، في محاولة لإيصالهم أيضا للحكم.وقد تبين من خلال المتابعة الدقيقة للموقف الذي تكشفت فيه الحقائق مؤخرا بأن الإدارةالأمريكية برئاسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عملت على دعم جماعة الإخوان لتصل للحكم في مصر، لكي تضمن أن في حكم صر قوة موالية لها يمكنا أن تضمن لها مصالحها في المنطقة، وتضمن لها أيضا أمن إسرائيل، وهذا الأمر من أهم الشروط التي تضعها واشنطن قبل العامل مع أي من التيارات الإسلامية، وبهذا تحقق أمريكا غايتها بأقل الخسائر.وفي بعض الأحيان تدفع واشنطن الكثير لدعم أصدقائهم في البلدان العربية، فإن لم يصلوا إلى الحكم يساهمون في نشر العنف والفوضى، لإضعاف قوة الدول وجعلها تنشغل في أمورها الداخلية، فلا ترى ما يجري في فلسطين، ولا تهتم بما تفعله إسرائيل، ويكون كل ما يشغلها هو الوصول إلى الهدوء والاستقرار، وفي كل الأحوال يتحقق المخطط الأمريكي، فإن لم يتم تقطيع الدول العربية لدويلات صغيرة متصارعة، وإن لم يتم تمكين رجالاتهم من الحكم، يتم الزج بالدول الصامدة في وجههم، في صراعات لا هدف منها سوى نشر الفوضى والعنف، بما يضمن انشغالها في البحث عن حلول لأزماتها الداخلية.والإدارة الأمريكية تدرك تماما أنها في كل الأحوال ستصل إلى هدفها مما يجري، فإما أن يتحقق الهدف بالتقسيم والتفتيت والإضعاف، أو الانشغال الذي يدفع للجوء لواشنطن لطلب المساعدة، وهنا تفرض شروطها لتقديم العون لطالبه، فهي بكل بجاحة تغذي الإرهاب في بلداننا ثم توهمنا بأنها تقف بجانبنا لتحاربه، تعتمد على المتناقضات للسيطرة علينا، وإخضاعنا تحت إمرتها . فإما أن نكون خاضعين خانعين، أو مقسمين لدويلات صغيرة مثل قطر، وساعتها سنكون مجبرين على السير في ركاب الدولة الكبيرة أمريكا، أو يذج بنا في صراعات كما يجري في سوريا، أو يتم تدمير الجيش القوي كما حدث في العراق، أو مساعدة عملائهم على الوصول للحكم كما جرى في مصر وتونس بمساعدة الإخوان على الوصول للحكم.ولكن القوى الوطنية لم ولن تسمح لتلك المخططات بأن تتحقق، فها هي المؤسسة العسكرية في مصر تقف بكل قوة في وجه المخطط الأمريكي، وتلقن الإدارة الأمريكية درسًا قويًا، وتصد المخطط الأشبه بالعدوان المغولي على المنطقة، لكن مصر لن تستطيع وحدها الصمود في وجه ذلك المخطط، ولابد من وقوف الدول العربية كلها مع مصر، وتشكيل الجيش العربي الموحد كخطوة أولى لتوحيد الجهود للوقوف في وجه المارد الأمريكي، وإفساد مخططاته الرامية لتدمير المنطقة وتحويلها إلى أحواش قطعان لا حول لها ولا قوة.