ظل العرب مخدوعون ومفتونون خلال السنوات الماضية، بسحر الديمقراطية الأمريكية ومزاياها على المواطنين في حال تطبيقها، ووقع البعض تحت أسر ذلك السحر، منبهرين بالحياة التي روجتها السينما الهوليودية عن رجل الكاوبوي، الذي تحول من الحياة البدائية، إلى المدنية والتحضر والحياة الراقية، وعاش في ديمقراطية تبادل فيها الحكم مع أقرانه بسلاسة وسلام وأمان، فتمنى كل عربي أن يتحول إلى كاوبوي جديد في بلاد العرب إلى أن سقط القناع الأمريكي.لقد سقط القناع الأمريكي خلال السنوات القليلة الماضية، بعد غزوها لأفغانستان ثم العراق وقتلها لآلاف الأبرياء في حروب لم يكن لها أسباب حقيقية، بالإضافة إلى دخولها في كل تفصيلة من تفاصيل وشئون الدول العربية، لا لشيء سوى لفرض كلمتها على الأمة كلها وتأمين مصالحها في المنطقة، وحماية ربيبها المحتل الصهيوني، وضمان عيشه في أمن واستقرار على أرضنا العربية المغتصبة.لقد وصلت الأصابع الأمريكية إلى كل منطقة من جسد الأمة، واستطاع الأمريكان تكون شبكة علاقات كبيرة بين الشباب والتيارات والائتلافات، وكان تيار الإسلام السياسي أحد الأهداف الأمريكية في المنطقة، فاستطاعت الإدارة الأمريكية أن تبني جسرا من الثقة مع ذلك التيار الذي كان معارضًا لكافة الأنظمة العربية، مستغلًا الصراع العربي الإسرائيلي، ليلعب من خلاله على عواطف الشعوب العربية، بالإضافة لاستغلاله لعاطفة الدين لاستمالة الكثير من المؤيدين من بسطاء وعوام وأيضا مثقفي الوطن، وهو ما نجحوا فيه باستغلال الدعم الأمريكي المتواصل واستطاع تيار الإسلام السياسي ممثلًا في جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية"، أن يصل إلى هدفه الذي تلاقى مع الإرادة الأمريكية الراغبة في دعم ذلك التيار لإيصاله للحكم في بعض البلدان، شريطة أن يكون أمينا على المصالح الأمريكية في المنطقة، وأن يضمن أمن واستقرار الكيان الصهيوني، وهو ما حدث بالفعل من اتفاق بين الإدارة الأمريكية والإخوان، والذين وصلوا لحكم مصر وتونس بعد اندلاع ثورتي الياسمين ويناير في البلدين.وبدأ المخطط الأمريكي في إخضاع المنطقة يسير في طريقه بكل قوة، وبدأت خيوط اللعبة تتشابك، إلى أن اكتشف عدد من القوى الوطنية في المنطقة، ذلك المخطط الخبيث، وبدئوا يقاومونه بكل قوة، إلى أن نجح الشعبين المصري والتونسي في إقصاء الجماعة عن الحكم، والقضاء تماما على مستقبل تلك الجماعة بل وتيار الإسلام السياسي كله في المنطقة لكن الأمريكان لا يعتمدوh في سبيل تحقيق أهدافهم على خطة واحدة، فهناك الكثير والكثير من الخطط البديلة، لأنهم لا يتركون شيئا للأيام أو الظروف، وليست لديهم فكرة الاعتماد على القدر كما نفعل نحن، فكانت الخطط البديلة لإخضاع المنطقة في دعم الجماعات الإرهابية لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في المنطقة، ما يضمن عدم تفرغ الدول العربية للنظر في القضية الفلسطينية، أو التفكير حتى في التقدم والنهضة المثير للاشمئزاز في الأمر أن هؤلاء الأمريكان يدعمون بكل بجاحة الإرهاب في المنطقة، حتى يلجأ العرب إليهم طلبا للمساعدة في القضاء على الإرهاب، والذي هو في الأساس من صناعتهم ودعمهم المباشر وغير المباشر، من خلال وسائط من عملائهم في المنطقة، وهو ما حدث بالفعل فاستغاث بهم العرب وطلبوا المساعدة لضرب تنظيم داعش، والذي تؤكد كل الأحداث أنهم من أسسوه لخلق الفوضى في المنطقة.إلا أن معرفة الشعوب والحكام العرب لحقيقة ما يجري، تؤكد أن الاستفاقة قادمة، وأننا لن نظل مخدوعين بقناع الكاوبوي كثيرًا، وأن الأمة بدأت تنتفض لتتخلص من قيود الأمريكان، الذين يتلاعبون بنا كيفما يحلو لهم، من أجل حماية الصهاينة، وحماية مصالحهم في المنطقة.