منذ أيام أي في 31 /أيلول كان اليوم العالمي للقانون، فيتساءل المرء أي قانون يقصدون هل القانون الدولي العام الذي ينظم العلاقة بين الدول، أم القانون داخل كل دولة الذي ينظم العلاقة بين المواطن ودولته وبينه وبين باقي المواطنين، أم الاثنين معاً وهذا هو الصحيح.
عندما تحدد البشرية يوماً لأمر ما يكون ذلك نتيجة معاناتها القاسية من امر من الأمور، وتوصلت بعد هذه المعانات إلى وضع قواعد وضوابط للتعامل و اجراءات ومراجع للعقوبات في حال المخالفات، فتطمئن النفوس في الداخل والخارج، علماً أن ما نشاهده اليوم عودة واضحة وصريحة إلى شريعة الغاب بدل شريعة العدل والعدالة.
وبالتالي ليس للقانون يوم واحد فهو صناعة تطبقها على مدى الساعة، ومن اجل ذلك يقتضي أن يكون في صياغته بعيداً عن التمييز العنصري المعتمد على أساس الدين أو الجنس أو العرق.
واكبر مثال على شريعة الغاب إقدام الولايات المتحدة الأميركية على ضرب المواثيق والمعاهدات والقانون العام لتنفيذ غاياتها ضد كل الشعوب، فهو يوقع على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية وتنسحب منه كي لا يحاكم جنودها ومسؤوليها عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في كل أصقاع الأرض في فيتنام وأفغانستان والعراق... وفي فلسطين تنفيذاً للمخططات الصهيونية مع الدعم المالي والعسكري والسياسي للكيان الصهيوني الذي تصرف مثله خوفاً لمحاكمة جنوده وسلطاته امام المحاكم الجنائية الدولية للجرائم التي يرتكبونها، كما انها تستعمل حق الفيتو ليس لإرساء السلام العالمي، بل للإمعان بالانتهاكات والجرائم بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع ربيبتها إسرائيل في قتل البشر وهدم الحجر، تأكيداً لتمسكهما بالتمييز العنصري الذي هو الركن الأساس في وجودهما ونشأتهما وتصرفاتهما بحيث يصبح الاستعباد والاستبداد ووضع اليد على ثروات الشعوب هي السائدة على هذه الأرض، بدل تطوير المجتمعات والدول والحفاظ على الأمان والاستقرار.
إن وقف المساعدات عن وكالة (الأونروا) هي شكل من أشكال العنصرية لقتل الشعب الفلسطيني ومنعه من المعالجة الصحية والتعليم والغذاء، وذلك خلافاً لشرعة حقوق الإنسان، وإن قرار نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية إلى القدس هو قرار ضد أربعمائة مليون عربي وضد المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وانحيازاً إلى جانب الكيان الصهيوني لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً وزمانياً وهذا ايضاً عنصرية بامتياز، و(القانون القومي) الصهيوني مخالف أيضاً لشرعة حقوق الإنسان، وتسانده الولايات المتحدة والتي همها الوحيد وضع العقوبات على الدول بدون أي سبب وبدون أي مبرر لها، وتعتبر العقوبات غير الأممية أي الانفرادية أضعف الأسلحة كونها تفرض ليست لغايات الأمان والسلم والعدالة، بل لغايات الاستعباد ليس إلا.
ومئات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ضد الكيان الصهيوني وكلها متوفر فيها تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فلم يتحرك مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لفرض هذه العقوبات مما يشكل تعطيلاً فاضحاً للمواثيق والمعاهدات الدولية والقانون الدولي.
هذا وإن السمة العامة للسياسة الأميركية برئاسة ترامب هي غياب الأخلاق وتعطيل القانون ونقول ما قاله إيمانويل كانت:
"فاعلية القانون الأخلاقي غير مرئية لعيون البشر ولكنها تولد في الجنس البشري قوة الانتصار على الشر وتحقق للعالم السلام الأبدي"
ونقول نحن ايضاً كي يكون هناك يوم للقانون، على البشرية احترام القانون على مدار الساعة كي لا يبقى هذا العالم مسلوب الحقوق الإنسانية وحتى لا يتحول القانون مجرد مناسبة بدون مضمون.