بقلم: قاسم حدرج ✅
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 21-01-2018 - 1669 لم يكن المرشد الأخواني أردوغان يدرك بأن الصاروخ الذي أطلقه على طائرة السوخوي سيكون بمثابة رصاصة الرحمة لمشروع الأخوان المجرمين في المنطقة، هذا المشروع الذي ظل يخدم المشروع الصهيوني منذ نشأته على أمل أن يأتي اليوم الذي ينال فيه جائزته الكبرى من خلال اعتلاء هذا التنظيم عروش الحكم في المنطقة، وبما أن تركيا هي الدولة الأخوانية الوحيدة فقد تزعمت سياسياً ولوجستياً التمهيد لهذا المشروع الصهيوني -في الوقت الذي تكفلت فيه قطر بالجانب التمويلي- وقد لعبت الدولتان دوراً تمويهياً ارتدت خلالهما قناع التصدي للقضايا العربية، وبشكل خاص القضية الفلسطينية، من خلال التبرعات القطرية السخية للفلسطينيين، وإعادة اعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي في لبنان وغزة، من خلال المسرحية التركية (السفينة مرمرة) لفك الحصار عن غزة، والتي جعلت صور أردوغان ترتفع في كل العواصم العربية. وبعد أن ظن الأخوان أن مشروعهم قد بدأ يبصر النور، بدؤوا بتنفيذ الخطة التي حققت نجاحاً مذهلاً بتوليهم الحكم سريعاً في تونس ومصر، وجاء الدور على سوريا التي كان الأخوان قد وعدوا الحلفاء بأنهم سيحققون فيها نتيجة مشابهة، وبزمن قياسي، لكن وازاء الصمود السوري بوجه هذه الهجمة الشيطانية والانكشاف السريع للوجه الأخواني المتصهين عبر رسائل الحب، والتأييد للكيان الصهيوني، والعهود الموقعة سلفاً بتوقيع اتفاقيات سلام معه، انتفضت الشعوب مجدداً مدعومة من عدو الأخوان الأزلي (الوهابية)، فتمكنت من إسقاط الأخوان في مصر وتونس، ولم يبقَ في الميدان سوى أردوغان وداعمه المالي قطر، أضيف اليهما عنصراً لم يكن في الحسبان، وهو تولي الملك سلمان للسلطة، الذي عمل على ردم هوة الخلاف مع الأخوان، وتحالف معهما، للوقوف بوجه ما أسماه (المد الأيراني)، فقويت شوكة الأخوان، وأصبح عدو الأمس حليف اليوم، فعادت الأحلام السلطانية لتراود المرشد، فأعلنها حرباً مفتوحة على سوريا. ولكن هذه الأحلام سرعان ما تحولت إلى كوابيس مرعبة، تمثلت في قيادة الرئيس السوري لدفة الأزمة بمنتهى الصلابة والحكمة والشجاعة، يؤازره جيشه وشعبه، الأمر الذي دفع الحلفاء للوقوف الى جانبه بكل امكانياتهم السياسية والعسكرية والمالية، وبدلاً من أن يتفكك هذا الحلف بإسقاط واسطة العقد سوريا، حدث العكس، وأصبحت القيادة السورية عنصر جذبٍ التفت حوله كل القوى المعادية للمشروع الاستعماري، مكونة بذلك حلفاً متيناً مركزيته وعاصمته دمشق، وعماده الرئيس بشار الأسد. ولكن وبالرغم من هذا الواقع الصادم للمشروع الأخواني ظل مرشدهم اردوغان يواري سوأته الإرهابية بورقة توت شفافة، اسمها المعارضة السورية المعتدلة، التي أمَّن لها كل أشكال الدعم، وفتح حدوده لها، بل وكان يتدخل عسكرياً لحمايتها، يدعمه في هذه التوجهات كل من قطر والسعودية، وتاجر المواقف الأوروبي، مدعوماً بإدارةٍ أميركية مربكة، وأمم متحدة مؤجرة للصهاينة. لكن حصل ما لم يكن بالحسبان، فقد انتقلت موسكو من مرحلة الدعم السياسي، إلى التدخل العسكري المباشر، فارضة القيود على كل أعداء سوريا، وجرتهم إلى الإعتراف بدور القيادة والجيش السوري في مكافحة الإرهاب، والجلوس إلى طاولة فيينا بحثاً عن الحل السياسي، على قاعدة مكافحة الإرهاب اولاً، ومصير الحكم في سوريا يحدده الشعب السوري، فابتلع الأخواني السم مرغماً، وسار وفقاً للتوجهات الروسية الأيرانية (السورية)، إلا أنه وإزاء التطورات العسكرية التي أحدثها هذا الحلف، واقترابه من السيطرة على آخر معاقل التركي في إدلب، والقضاء نهائياً على الحلم الأخواني، ناهيك عن مراقبته للحليف الأوروبي وهو يبتعد عنه بأتجاه روسيا وإيران، والحليف السعودي الغارق في مستنقعات اليمن، فلم يكن أمام اردوغان سوى الخوض في لعبة الموت، وإعادة التحرش مجدداً بالدب الروسي من خلال تدبير اعتدائين على القواعد الروسية، عله يسترضي عنه الأميركي الذي يلاعبه بالورقة الكردية،أو يجر الروسي إلى اشتباك أمني قد يتطور إلى عسكري مع واشنطن، يتيح له الفرصة بإعادة التموضع على الخارطة الجغرافية والسياسية، ولكن كالعادة فإن الروسي الذي قابل حادث إسقاط الطائرة، ومن بعدها اغتيال السفير الروسي في انقرة، بالكثير من الحنكة الدبلوماسية، يستطيع الآن أن يذبح اردوغان بالثلج البارد، من خلال جره مجدداً إلى ساحة النزال مع أولاده الإرهابيين، كما فعلها مع داعش من قبل، وسيكون التركي الذي حلم بأن يكون أكبر الرابحين هو أكبر الخاسرين، ولا عزاء لأردوغان ولا لأخوانه المجرمين.
لا يوجد صور مرفقة
|