29-05-2016 / 13:33:39 -
2362
القسم الثاني : القدس في اطار القضايا الجوهرية -1: القدس في القرارات و المشاريع الدولية و الإسرائيلية القدس في القرارات الدولية : منذ عام 1947 ، وحتى الآن لا تزال القضية الفلسطينية بشكل عام ، و القدس كقضية ناجمة عنها ، تتبوأ أهمية خاصة في الأمم المتحدة التي أصدرت عدداً كبيراً من القرارات المتعلقة بها ، و إننا إذ نورد أبرز القرارات الخاصة بالقدس فإننا نذكرها على سبيل العرض دون البحث في مشروعيتها أو اختصاص هذه الهيئات أو حتى فشلها في تنفيذ أي من هذه القرارات و قد اخترنا أهم القرارات ذات الصلة بالقدس ، الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، أو من مجلس الأمن الدولي ، و المنظمات الدولية الأخرى ، كاليونيسكو ، و مجلس الوصـاية ، وسنذكر القـرارات حسـب تواريخ صدورها (22) 1-قرار الجمعية العامة رقم 181 الصادر بتاريخ 29 / 11 / 1947 ، و هو قرار التقسيم لفلسطين الذي احتوى توصية بأن يتضمن النظام الأساسي ، الذي سيضعه مجلس الوصاية ، الذي يقوم بمهام إدارة القدس ، عدة أحكام ، منها أن تقوم السلطة الإدارية بحماية المصالح الروحية لجميع الأديـان ، و حفظ الأمن و تعزيز التعاون ، و احترام العادات و التقاليد لجميع فئات السكان . 2- قرار الجمعية العامة رقم 186 بتاريخ 14 / 4 / 1948 ، و تتحول الجمعية العامة في هذا القرار و سيطاً تابعا للأمم المتحدة في فلسطين ، تختاره لجنة من الجمعية العامة ، سلطة للقيام بعدد من المهمات من بينها : تأمين حماية الأماكن المقدسة و المباني و المواقع الدينية في فلسطين ، وقد تم في القرار المذكور تعيين وسيط دولي . 3- قرار مجلس الأمن رقم 46 بتاريخ 17 / 4 / 1948 ، و يدعو القرار إلى الامتناع عن أي عمل يعرض للخطر سلامة الأماكن المقدسة في فلسطين ، و عن أي عمل قد يعترض الوصول إلى جميع المزارات و المعابد لغرض العبادة من قبل أولئك الذين لهم حق مثبت في زيارتها و العبادة فيها . 4- قرار الجمعية العامة رقم 185 ( الدورة الاستثنائية – 2 ) بتاريخ 26 / 4 / 1948 ، و يرى القرار أن حفظ النظام و الأمن في القدس مسألة ملحة تعني الأمم المتحدة ككل ، و تقرر أن تطلب من مجلس الوصاية أن يدرس مع سلطة الانتداب و الأطراف المعنية ، الإجراءات الملائمة لحماية المدينة و سكانها،و أن يرفع إلى الجمعية العامة في أقرب وقت ممكن اقتراحات بهذا الشأن . 5-مشروع برنادوت في 11 / 6 / 1948 ، بعد أن قرر مجلس الأمن الدولي قبول اقتراح الكويت برنادوت ، الوسيط الدولي ، بوقف القتال بموجب هدنة مدتها أربعة أسابيع ابتداء من 11/6/1948 وقف القتال فعلاً . قام الكونت برنادوت بإجراء اتصالات مع الأطراف المعنية ، و قدم اقتراحات لمجلس الأمن الدولي تضمنت في ملحق التقرير تبدا يقترح ضم مدينة القدس إلى الأراضي العربية ، و منح الطائفة اليهودية استقلالاً ذاتياً لادارة شؤونها ، و اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأماكن المقدسة فيها . إلا أن جامعة الدول العربية رفضت المقترحات كما رفضتها إسرائيل ، فعدل الوسـيط الدولي ( الكونت برنادوت ) تقريره ،و قدم تقرير اً نهائياً إلى هيئة الأمم المتحدة و مجلسها الأمن الدولي . نشر في باريس في 20 / 9 / 1948 ، تضمن اقتراحاً نهائياً حول القدس ، يقضي بوجوب وضعها إشراف الأمم المتحدة على أن يعطى العرب و اليهود فيها أكبر مدى من الإدارة المحلية ، و على أن تضمن حرية العبادة و زيارة الأماكن المقدسة لمن يرغب في زيارتها . 6-قرار الجمعية العامة رقم ( 194 ) ( الدورة – 3 ) بتاريخ 11 / 12 / 1948 ، و تضمن القرار إشارة إلى وجوب حماية الأماكن المقدسة – بما فيها الناصرة و المواقع و الأبنية الدينية في فلســطين و تأمين حرية الوصول إليها وفقاً للحقوق القائمة و الممارسة التاريخية ، ويتوجب على لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة لدى تقديمها إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس . 7- و جاء قرار مجلس الوصاية رقم (114 ) ( الدورة الاستثنائية – 2 ) بتاريخ 20 / 12 / 1949 و يتضمن القرار دعوة إسرائيل إلى إبطال نقل بعض الدوائر و الوزارات إلى القدس . و بعد عام 1949 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة و مجلس الأمن و مجلس الوصاية و غيرها من المنظمات المنبثقة عم الأمم المتحدة ، أصدرت عدة قرارات تؤكد فيها على ضرورة تطبيق القرارات الدولية الصادرة سابقاً ، فأصدر مجلس الوصاية قراراً تحت رقم 117 بتاريخ 10 / 12 / 1950 ، و يؤكد فيه على المضي في إنهاء إعداد نظام مدينة القدس ، الذي تألف من ( 43 ) مادة حددت بالتفصيل كل ما يلزم لإنشاء نظام دولي خاص بمدينة القدس يقوم على كيان منفصل تحت إدارة الأمم المتحدة ، و اعتمد النظام حدود منطقة القدس حسبما وردت في قرار الجمعية العامة 181 ( 23 ) . و شهدت سنوات الخمسينيات و الستينيات انحساراً في اهتمام مجلس الأمن بقضية القدس ، باستثناء قرارين أحدهما حمل الرقم 127 ( 22 / 1 / 1958 ) و تضمن الإشارة إلى النظر في الشكوى الأردنية بشأن النشاطات التي تقوم بها إسرائيل في منطقة دار الحكومة في القدس بين خطوط الهدنة ، و لاحظ أنه ليس لإسرائيل و الأردن الحق في السيادة على أي جزء من المنطقة و عدم السماح لكل من الطرفين باستعمال أملاك الطرف الآخر ، و طلب تعليق النشاطات الإسرائيلية في المنطقة ، و أشار قرار 162 ( 11 / 4 / 1961 ) الصادر عن مجلس الأمن إلى الشكوى الأردنية حول تعديات إسرائيل على مناطق الهدنة ، و حث إسرائيل على الامتثال لقرار لجنة الهدنـة المشـتركة (24) . • و الملاحظ لدى المتتبع للقرارات في الشرق الأوسط ، و خاصة الصراع العربي الإسرائيلي ، ومن بينها قضية القدس و ما واكب ذلك من قرارات دولية ، أن كافة تلك القرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية و القدس ، راكمت القرارات الصادرة على رفوف الأمم المتحدة ، إذ ضربتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حتى عام 1967 بعرض الحائط ، هذا فضلاً عن التطورات التي تجاوزتها ، فكان احتلال إسرائيل لباقي الأراضي الفلسطينية في الضفة و القطاع بالغ الأثر في ذلك، و قد صدرت عدة قرارات دولية بشأن القدس منذ عام 1967 ، و سنحاول الإشارة إلى عدد منها (25) : • القرار رقم 2253 ( 4 / 7 / 1967 ) و أعربت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تسديد القلق للحالة السائدة في القدس نتيجة التدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير مركز المدينة ، و اعتبرت تلك التدابير غير صحيحة و طلب إلى إسرائيل إلغاءها و الامتناع عن أي عمل من شأنه تغيير مركز القدس . • القرار رقم 35 / 169 أ ، ب ، جـ ، د ، هـ ( 15 / 12 / 1980 ) حول قضية فلسـطين ، الذي طالبت فيه الجمعية العامة إسرائيل بأن تمتثل امتثالاً تاماً لجميع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالطابع التاريخي لمدينة القدس الشريف . و الذي رفضت فيه الجمعية العامة إعلان إسرائيل أن القدس عاصمتها ، و جاء القرار رقم 35 / 207 ( 16 / 12 / 1980 ) ليؤكد رفض الجمعية المذكورة بشدة لقرار السلطة الإسرائيلية بضم القدس و إعلانها عاصمة لها و تغيير طابعها المادي و تكوينها الديموغرافي و هيكلها المؤسس و مركزها ، و اعتبر كل التدابير و الآثار المترتبة عليها باطلة أصلاً و طلب إلغاءها فوراً ، و تطلب إلى جميع الدول الأعضاء ، و الوكالات المتخصصة و سائر المنظمات الدولية الامتثال لهذا القرار و سائر القرارات المتصلة بالموضوع . • و دأبت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إصدار قرارات بالمضامين ذاتها في أوقات لاحقة . كما دأبت على إبراز اسم القدس في الغالبية العظمى من القرارات التي أصدرتها بشأن الأوضاع العامة في المناطق العربية المحتلة منذ عام 1967 ( مع عبارة بما فيها القدس ) و أبرزها : القرار رقم 2851 بتاريخ 20 / 12 / 1971 ، و القرار رقم 9249 بتاريخ 8 / 12 / 1972 و القرار رقم 2963 بتاريخ 13 / 12 / 1972 ، و القرار 3005 بتاريخ 15 / 12 / 1972 ، و القرار 32 / 5 بتاريخ 28 / 10 / 1977 ، و آخرها القرار 44 / 40 بتاريخ 4 / 12 / 1989 ، و جميع القرارات المذكورة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تضمنت إشارة ببطلان و رفض أية متغيرات في وضع القدس و اعتبار القدس الشرقية جزء من الأراضي المحتلة عام 1967 . • و قد أصدر مجلس الأمن أيضاً عدة قرارات بشأن القدس منذ عام 1967 ، منها : القرار 250 بتاريخ 27 / 4 / 1968 و القرار 251 بتاريخ 2 / 5 / 1968 ، و القرار 252 بتاريخ 21 / 5 / 1968 ، و القرار 271 بتاريخ 15 / 9 / 1969 ، و القرار 298 بتاريخ 25 / 9 / 1971 ، و القرار 476 بتاريخ 30 / 6 / 1980 ، و القرار 478 بتاريخ 20 / 8 / 1980 ، و القرار 672 بتاريخ 12 / 10 / 1990 ، و هناك مجموعة من القرارات الصادرة حتى بداية التسعينيات ، وجميع تلك القرارات تشجب الانتهاكات الإسرائيلية في القدس ، و تدعي إسرائيل لوقف إجراءاتها التهويدية في القدس ، وبطلان تلك الإجراءات لتغيير هوية المدينة ، كما تشجب القرارات : القرار 271 المذكور ، عملية حريق الأقصى الحاصل يوم 21 / 8 / 1969 ، و القرار رقم 672 المذكور سابقاً ، و الذي أدان أعمال العنف التي ارتكبتها قوات الأمن الإسرائيلية يوم 8 / 10 / 1990 في الحرم القدسي الشريف ، و الطلب إلى إسرائيل ، السلطة القائمة بالاحتلال ، الوفاء ببقية التزاماتها و مسؤولياتها القانونية المقررة ، بموجب اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدينة و قت الحرب التي تنطبق على جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967 . • وصدرت قرارات مختلفة إزاء قضية القدس من مؤسسات أخرى مثل المؤتمر العام لليونسـكو ، و لجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي في الأمم المتحدة ، كما صدرت عدة قرارات عن منظمات منبثقة عن الأمم المتحدة ، وتمحورت جميع القرارات حول ضرورة عدم تغيير أوضاع مدينة القدس باعتبارها من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 ، ورفض وبطلان كافة الإجراءات الإسرائيلية في المدينة المقدسة ، ويبرز القرار رقم ( 478 ) الصادر عن مجلس الأمن عام 1980 ، و القاضي بإبطال الضم الإسرائيلي للقدس الشرقية ، يبرز على أنه أهم القرارات الدولية الصادرة بشأن القدس منذ عام 1967 . القدس بين حتمية الاستناد للقانون الدولي و اعتداء إسرائيل على الشرعية الدولية: أثارت الإجراءات الإسرائيلية في القدس خلال الاعوام الاخيرة ، و الهادفة إلى تهويد القدس ، وتشديد أطواق الاستيطان حولها ، أثارت عدة تساؤلات ، إزاء قضية القدس من جانب قواعد القانون الدولي و قرارات المنظمات الدولية و الإقليمية ذات الصلة ، ولا سيما أنه يسود العالم العربي اليوم تياران أساسيان هما (27) : التيار الأول : يعتبر أن التعامل مع القضية المطروحة على أسس قانونية يمثل نوعاً من عدم الواقعية استناداً إلى أن أحكام القانون الدولي لا تلقى احتراماً من جانب إسرائيل ، كما أن قرارات بعض المنظمات الدولية كالأمم المتحدة تتأثر بالتوجيهات السياسية و موازين القوى الدولية . التيار الثاني : يؤمن هذا التيار بحتمية الاستناد إلى المنهج القانوني كدعامة رئيسية للتعامل علمياً و عملياً مع قضية القدس ، فالعرب أصحاب حق على هذا المستوى و لا يطالبون إلا باحترام هذا القانون . من هذا الواقع يتناول الدكتور مفيد شهاب ، رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون العربية بمجلس الشورى المصري ، البعد القانوني الدولي لقضية القدس من خلال ثلاثة محاور رئيسية : 1. إسرائيل و إجراءات الاستيلاء و المصادرة العربية في القدس . 2. عدم شرعية تغيير الوضع القانوني للقدس . 3. موقف الأمم المتحدة من قضية و مبدأ عدم الاعتراف بالأوضاع الإقليمية غير المشروعة . أولاً : إسرائيل و إجراءات الاستيلاء و المصادرة العربية في القدس : وقد أدت سياسات إسرائيل الاستيطانية و مصادرة الأراضي خلال أكثر من أربعين عاماً من الاحتلال ، إلى تحويل ملكية أراضي القدس الشرقية الى هيئة ارض اسرائيل باتباع قانون الغائبين القديم المستحدث . ثانياً : عدم شرعية تغيير الوضع القانوني في القدس : و قد أكدت الأمم المتحدة و الدول المختلفة في العالم ، وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة الأمريكية بطلان كافة الإجراءات الإسرائيلية لتغيير وجه معالم المدينة ، و اعتبرت القدس جزء من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 ، و هناك سلسلة طويلة من القرارات الدولية أكدت ذلك و قد أشرنا إلى بعضها في مفاصل أخرى من الدراسة . ثالثاً : موقف الأمم المتحدة منقضية القدس : يقر ميثاق الأمم المتحدة حق الشعوب في تقرير مصيرهـا ، و احترام حقوق الإنسان ، وعدم التفرقة العنصرية ، و من ناحية أخرى تؤكد المادة 2 / 4 / من الميثاق ، على أن يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستغلال السياسي ، و قد أصدرت الأمم المتحدة و منظماتها المنبثقة قرارات عديدة ترى بطلان أية إجراءات إسرائيلية لتغيير معالم مدينة القدس ، و كان آخر هذه القرارات قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 / 12 / 1996 تحت رقم 82 / 51 ، أكدت فيه بأغلبية ( 159 ) صوتاً ، حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ، و عبرت عن أملها في أن يستطيع الفلسطينيون في إنجاز ذلك في أقرب فرصة ممكنة في عملية المفاوضات الراهنة ، كما أصدرت الجمعية العمة للأمم المتحدة قراراً بتاريخ 13 / 3 / 1997 بنسبة تصويت 130 حيث عارض القرار إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية ، و أكد القرار بأن إسرائيل تخالف الأحكام الدولية و اتفاقية جنيف في سياستها الاستيطانية ، و أن القدس الشرقية جزء من الأراضي المحتلة الخاضعة للقانون الدولي و أحكامه الملزمة ، كما دعت إلى وقف عمليات الاستيطان الإسرائيلية في جبل أبو غنيم . ويبقى القول أن أية إجراءات مخلفة للأسس القانونية المتصلة بالقدس لا تدفع إلا في اتجاه تدهور العملية السلمية ، فلن يتحقق سلام في المنطقة ، إلا إذا احترمت إسرائيل قواعد القانون الدولي ، والاتفاقات الموقعة بينهما و بين أطراف عملية السلام ، خاصة و أن القدس تشكل إحدى القضايا الجوهرية المؤجلة إلى مفاوضات الوضع الدائم ، بين السلطة الوطنية الفلسطينية و إسرائيل ، و هي ، أي القدس تمس الشخصية و العقيدة ، شأنها في ذلك شأن كافة الأراضي الفلسـطينية ، و إن الالتزام و الإشارة دائماً إلى القانون الدولي و التمسك بها و الدفاع عنها ، أمور تساعدنا كثيراً على استرجاع الحقوق طالما أننا لا نكتفي ، بالقانون فقط ، و لا بالحديث فقط ، و لا الندوات ، و إنما يجب أن نتسلح بالحق و الإرادة و القوة ، نستعد لمواجهة التحديات سواء كانت تحديات حرب أو تحديات سلام – عسكرياً و سياسياً و اقتصادياً و تكنولوجيا و علمياً . القدس في مشاريع التسوية الاسرائيلية لقد عبر ابن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي في 24 حزيران 1948 ، عبر بوضوح عن النوايا الإسرائيلية في القدس ، و في نقاش دار في مجلس الشعب المؤقت ( الكنيست لاحقاً ) ، مؤكداً بأنه لم تكن المسألة إلحاق القدس بإسرائيل ، بل كيفية تحقيق هذا الهدف في ضوء العقبات و الظروف العسكرية و الاقتصادية التي تواجه تحقيقه (27) .و منذ عام 1948 ، اتسم موقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه قضية القدس بالتصلب شأنها في ذلك شأن قضية اللاجئين و حق عودتهم حسب القرار 194 لعام 1948 ، و مع احتلال إسرائيل للضفة بما فيها الجزء الشرقي من مدينة القدس و قطاع غزة عام 1967 ، بدأت تظهر عدة مشاريع وأفكار حول الأراضي المحتلة ، في حين تركز على إبقاء القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة ، باعتبارها حسب الخطاب السياسي الإسرائيلي العاصمة الأبدية للدولة العبرية . و من أهم المشاريع المطروحة التي تضمنت إبقاء السيطرة الكاملة على القدس : أولاً : مشروع بن غوريون ( 1967 ) : و قد كان أول من طرح أفكاراً حول منح السكان الفلسطيني في الأراضي المحتلة حكماً ذاتياً يديرون شؤون حياتهم في إطاره ، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ، دافيد بن غوريون ، ذلك بمجرد أن وضعت حرب حزيران أوزارها ، بأسبوعين تقريباً . فقد وزع بن غوريون على الصحف مشروعاً يتضمن بعض الأفكار " ميّز فيها بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة و الفلسطينيين في الخارج ، وفي الوقت نفسه ، ميّز أيضاً ، بين السكان في قطاع غزة و إخوانهم في الضفة الفلسطينية " ، بالإضافة إلى إخراجه القدس من المشروع ، مقترحاً ضمها إلى حدود " دولة إسرائيل " (28) . ثانياً : مشروع ألون في تموز 1967 ، أي بعد شهر من عدوان حزيران ، طرح وزير الخارجية آنذاك ، ييغال ألون على حكومته مشروعاً يتعلق بسيناء والجولان ، استند فيه إلى أفكار بن غوريون ، غير أن مشروع ألون كان أكثر تفصيلاً و تحديداً و وضوحاً . و قد حظي المشروع بشهرة كبيرة ، رغم أنه لم يناقش في إطار حكومي أو حزبي . وكان ألون أحد أبرز شخصيات حزب العمل ، وزعيم كتلة " أحروت همغو " في الحزب ، و أحد قادة البالماخ البارزين سـابقاً ، و قد صمم مشروعه على أساس التخلص من المناطق الكثيفة بالسكان الفلسطينيين ، و ضم المناطق الأخرى التي تتسم بقلة و محدودية السكان ، أي التخلص من المدن و المراكز الحضرية – السـكانية ، و إعادتها إلى الأردن و التمسك ، و مواصلة السيطرة على الأراضي الواسعة الخصبة في الأغوار ، و شمال الضفة الفلسطينية ، و مناطق واسعة من ريف المدن الفلسطينية ، تمهيداً لضمها إلى إسرائيل ، و تطرق ألون في مشروعه إلى القدس من جانب الاحتواء الكامل و القسري لهذه المدينة ، وهذا ما نلمسه في البند الوارد في المشروع و المتعلق بالمدينة : " العمل على إقامة ضواحي بلدية ، مأهولة بالسكان اليهودي شرق القدس ، علاوة على إعادة تعمير و إسكان سريعين للحي اليهودي بالبلدة القديمة من القدس (29) " و هذا الأمر ترجم عملياً في السنوات الماضية ، حيث أصبحت المستوطنات اليهودية تحيط بمدينة القدس من كافة الاتجاهات . ثالثاً : مشروع أبا إييان ( 1968 ) : طرح المشروع في 9 / 10 / 1968 ، و قد تضمن البند الخاص بالقدس : " إن إسرائيل مستعدة لمناقشة التوصل إلى اتفاقيات مناسبة مع هؤلاء الذين يعنيهم الأمر بشأن القدس (30) " و قد عارض أبا إييان فكرة إيجاد حل تعرضه الدول الكبرى ، و وصفها بأنها أبعد الأفكار عن الواقعية على الإطلاق . رابعاً : مشروع غولدا مائير ( 1971 ) : جاء في 9 / 2 / 1971 ، جاء في المشروع ، و في بند خاص بالقدس " تبقى القدس موحدة ، و جزءاً من إسرائيل (31) " . خامساً : مشروع مابام * للسلام ( 1972 ) ، وتضمن مشروع حزب مابام في 27 كانون الأول 1972 ، بنداً خاصاً عالج فيه وضع القدس على النحو التالي : " إن القدس الموحدة عاصمة دولة إسرائيل و تضمن في تسوية السلام الخاصة بالإدارة الذاتية ،للأماكن المقدسة للمســلمين و المسيحيين ، و يعترف في كل مفاوضات حول السلام مع الدول العربية المجاورة بحقوق السكان العرب كأقلية قومية ، و يتم ضمان أوضاع بلدية خاصة بالسكان العرب في القدس ، في إطار المدينة الموحدة . عندما يتحقق السلام ما أن تعارض إسرائيل أن يوكل العرب في القدس الشرقية حق الاختيار بين الجنسية الإسرائيلية و جنسية الدول المجاورة ، و تحفظ حقوق الذين يختارون الجنسية المجاورة كمواطن القدس (32) " . سادساً : مشروع بن غوريون ( 1972 ) : ذكر بن غوريون في 8 / 9 / 1972 ، أن هناك احتمالاً نظرياً لتوقيع معاهدة سلام بين إسرائيل و الدول العربية في غضون الخمس سنوات القادمة " و يعتقد أنه في حال توقيع الدول العربية معاهدة سلام فإنه من الصواب أن تعيد لهم إسرائيل جميع الأراضي ، عدا القدس و الجولان و المناطق التي نشأت فيها مستوطنات بما في ذلك المستوطنات في الضفة الفلسطينية (33) " . سابعاً : مشروع دايان ( 1972 ) : في 6 / 10 / 1972 ذكرت إسرائيل بأن موشي دايان وزير الدفاع الإسرائيلي ، يفضل ألا يحل السلام بين مصر و إسرائيل ، على أن تنسحب القوات الإسرائيلية إلى الحدود السابقة ، وقد أدلى دايان بهذه الأقوال في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة " فيغارو " الباريسية ، و ختم حديثه مؤكداً أن الحدود مع هضبة الجولان ستبقى كما هي عليه اليوم تقريباً ، على بعد 45 كيلو متر من الحدود القديمة ، و ذكر دايان أن في الإمكان الوصول إلى تسوية حول مدينة القدس ، تمنح معها الأماكن المقدسة ما أسماه بالوضع الـخاص ، و لكن المدينة يجب أن تظل موحدة من الناحيتين السياسية و القانونية ، على حد زعمـــه ، و أردف أن لا مجال لاقامة دولة جديدة في الضفة الفلسطينية . و يلاحظ المتتبع للشأن الإسرائيلي الداخلي و الخطاب السياسي للأحزاب الإسرائيلية أنه منذ عام 1967 و حتى عام 1991 و هو العام الذي شهد في نهايته انعقاد مؤتمر السلام في العاصمة الإسبانية مدريد ، يلاحظ بأن كافة المشاريع التي طرحت إزاء القدس من قبل سياسيين كبار أو أحزاب ، أو أكاديميين إسرائيليين ، تمحورت حول إبقاء القدس الموحدة بشقيها الغربي المحتل عام 1948 و الشرقي المحتل عام 1967 ، عاصمة أبدية لاسرائيل ، من خلال الإبقاء على السيطرة الإسرائيلية عبر حجج قانونية و سياسية مبرمجة مسبقاً من قبل الدوائر الصهيونية من أجل السيطرة على مدينة القدس . 4—1 القدس بين خطابين ( 1991 – 2008 ) اندلعت حرب 1967 ، فاحتلت إسرائيل شرقي القدس ، و بدأت خطوات تهويد المدينة وأنفقت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ، سواء حكومات المعراخ أو حكومات الليكود ، أموال كثيرة على هذه السياسة ، و وضعت البرامج الاستراتيجية لبلوغ هذا الهدف ، فبعد أن أعلن توسيع حدود بلدية القدس و توحيدها في 28 حزيران 1967 ، و طبقاً للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان العرب ، رسم رحبعام زئبقي القائد العسكري لمنطقة القدس أثناء حرب حزيران 1967 ، رسم حدود البلدية لتضم أراضي 28 من القرى و المدن العربية ، و تخرج جميع التجمعات السكانية العربية ، و نتيجة ذلك ، أخذت هذه الحدود وضعاً غريباً ، مع خطوط التسوية ( الطبوغرافية ) ، و هكذا بدأت حقبة أخرى من رسم حدود البلدية ، و ازدادت مساحة بلدية القدس من ( 6.5 ) كيلو متراً مربعاً إلى ( 70.6 ) كيلو متراً مربعاً ، و تصبح مساحتها مجتمعة ( الشرقية و الغربية ) ( 108.5 ) كيلو متراً مربعاً ، ثم وسعت مرة أخرى سنة 1990 في اتجاه الغرب لتصبح مساحتها حالياً 123 كيلو متراً مربعاً (34 ). و منذ الساعات الأولى للاحتلال ، بدأت السياسة الإسرائيلية و الجرافات الإسرائيلية رسم المعـالم ، لتهويد القدس من أجل فرض الأمر الواقع ، و إيجاد أوضاع جيو سياسية يصعب على السياسي أو الجغرافي إعادة تقسيمها مرة أخرى ، و شرع في وضع أساسات الأحياء اليهودية في القدس الشرقية لتقام عليها سلسلة من المستوطنات تحيط بالقدس من جميع الجهات ، واسكان مستوطنين فيها لاقامة واقع جغرافي و ديموغرافي و إحداث خلخلة سكانية في القدس الشرقية .و تبعاً لعملية الاحتلال و التهويد المخططة من قبل السلطات الإسرائيلية في مدينة القدس منذ عام 1967 ، فإن الخطاب السياسي الإسرائيلي إزاء قضية القدس ، انطلق باعتبار أن القدس الموحـدة بشقيها الغربي المحتل عام 1948 و الشرقي المحتل عام 1967 ، هي العاصمة الأبدية لاسرائيل ، و لم يكن هناك خلاف حول تلك القضية بين الطيف السياسي الذي يتشكل من أحزاب اليسار ممثلة بالعمل و حلفاؤه ، و اليمين ممثلاً بالليكود و حلفاؤه ، و كذلك بين الأحزاب الدينية مثل شاس و المغدال ، و غيرها ، و ترى كافة الأحزاب الإسرائيلية في الخارطة السياسية الإسرائيلية ، بأن السيادة يجب أن تكون إسرائيلية كاملة من الناحية القانونية و السـياسية ، و في سياق الإجماع الإسرائيلي بين الأحزاب الإسرائيلية حول مستقبل القدس ، توصل الحزبان الكبيران في إسرائيل العمل و الليكود ، إلى وثيقة مبادىء عام 1996 ، و حددا خلالها نظرتهما للحل الدائم مع السلطة الوطنية الفلسطينية ، بالنسبة لقضية القدس ، تركزت البنود الأساسية حيالها حول نقاط هامة : في مقدمتها اعتبار القدس الموحدة العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل ، تحت السيادة الإسرائيلية ، في حين توضع سلطة خاصة للأماكن المقدسة الإســلامية و المسيحية في القدس (35)، و يجري العمل على اعتراف فلسطين بالقدس كعاصمة للدولة العبرية ، في مقابل اعتراف إسرائيل بالمركز السلطوي للكيان الفلسطيني الذي يقام في حدود السلطة الفلسطينية و خارج الحدود البلدية الحالية لمدينة القدس (36) . و في سياق الخطاب السياسي الإسرائيلي حول مستقبل القدس ، طرحت عدة مشاريع سياسية إسرائيلية من أجل حل موضوع القدس ، خلال الفترة التي تلت انعقاد مؤتمر السلام في مدريـد ، و الأهم من بين هذه المشاريع ، مشروع " دوري غولد " المستشار الرئيسي لبنيامين نتنياهــو ، و أقرب المساعدين له ، و هو الباحث الوحيد من حزب الليكود في مركز جافي للدراسات الاستراتيجية في تل أبيب ، و يتبنى المشروع خيار الحل الديني ، و هو الحل المفضل لجميع الحكومات الإسرائيلية منذ سنة 1967 ، فيما يتعلق بالأماكن الدينية المسيحية ، بإمكان إسرائيل أن توقع مع مختلف الكنائس التي لها مصلحة مع القدس أما في الجانب الإسلامي ، فإنه يتوجب على إسرائيل أن تتفاوض مع هيئات تابعة لدول مختلفة ، تدعي أنها تمثل المصالح الإسلامية (37) . في حي يرى " دوري غولد " بأنه أية خطوات محتملة على المستوى البلدي لحل قضية القدس يمكن أن تتطور ، بسهولة إلى نتائج غير مرغوب بها ، تدفع الأمور باتجاه الحل الجغرافي (38) . في مقابل الخطاب السياسي و التصورات الإسرائيلية إزاء حل قضية القدس ، و التي تؤكد ضرورة إبقاء السيادة الإسرائيلية على القدس الموحدة باعتبارها حسب تلك التصورات العاصمة الأبدية لإسرائيل ، فإن الخطاب السياسي الفلسطيني ينصب حول فكرة أن القدس الشرقية هي العاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة ، إذ ترى السلطة الوطنية الفلسطينية و العديد من الأكاديميين الفلسطينيين بأن هناك ثمة عناصر قوة تساعد الفلسطينيين في تحقيق شعاراتهم حول القدس بكونها عاصمة الدولة الفلسطينية ، ومن أهم تلك العناصر ، القرارات الدولية التي تعتبر القدس جزء من الأراضي المحتلة ، و بالتالي كافة المتغيرات التي فرضت بقوة الاحتلال باطلة و لاغية ، فضلاً عن وجود سكاني فلسطيني يصل إلى ( 210) ألاف فلسطيني ، و مؤسسات وطنية فلسطينية يصل عددها إلى خمسين مؤسسة أهمها بيت الشرق الذي زاره أكثر من مسؤول أوروبي و غير أوروبي خلال الفترة التي تلت إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية ، وفي الاتجاه نفسه ترى كافة فصائل العمل الوطني والاسلامي ان القدس هي اراضي محتلة ، ويجب طرد المحتل منها وتفكيك المستوطنات الجاثمة على اراضي المقدسيين . الجامعة العربية و الولايات المتحدة و قضية القدس: عقدت خلال الفترة ( 1964 – 1967 ) ثلاث قمم عربية ، الأولى في القاهرة في كانون الثاني 1964 ، و الثانية في الإسكندرية في أيلول من العام نفسه ، و الثالثة في الدار البيضاء في أيلول 1966 ، عقد مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية ، و جاء ذلك الاجتماع في أعقاب الاحتفالات الكبرى التي أقامتها إسرائيل بمناسبة افتتاح الكنيست في القدس ، و حضر الاحتفال آلاف المدعوين من وزراء و برلمانيين ، يمثلون واحداً و أربعين دولة من مختلف أنحاء العالم ، جاؤوا ليسمعوا وزراء إسرائيل و هم يجدون العهد بأن مدينة القدس هي عاصمة إسرائيل الخالدة ، و بذكر أحمد الشقيري رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ، بأن موضوع القدس حاز على اهتمام المجتمعين العرب في عام 1966 إذ أعطوه عنواناً منيراً : " محاولة إسرائيل تهويد مدينة القدس " و اشترك جميع وزراء الخارجية العرب المجتمعين آنذاك ، في صياغة قرار عن " القدس " ، فأعلنوا في قرارهم : " إن الأمة العربية إذ ترفض التسليم بالأمر الواقع المتمثل في قيام إسرائيل بفلسطين المحتلة ، نؤكد أن مدينة القدس الجديدة المحتلة عام 1948 ، جزء لا يتجزأ من بيت المقدس، و أن الوجود الإسرائيلي في القدس المحتلة يمثل تحدياً جدياً للحق العربي في فلســطين ، " ، و قد عارض الشقيري القرار المذكور لأنه مجرد قرار انشائي جميل ، مثل باقي القرارات الصادرة عن الجامعة العربية ، وبعد احتلال الضفة والقطاع في حزيران 1967 و خضوع الجزء الشرقي من المدينة المقدسة و الذي يحتوي الأماكن المقدسة ، تحت سيطرة السلطات الإسرائيلية ، بعد ذلك بدأ الخطاب السياسي للجامعة العربية ، يؤكد في مستوياته المختلفة ، على ضرورة إزالة آثار التوسع و العدوان بما في ذلك القدس الشرقية ، و بدأ بذلك عهد جديد من الصراع على المدينة المقدسة بين العـــرب و سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، ورغم تضمين القرارات الصادرة عن الجامعة العربية ( 1967 – 1973 ) بنود هامة حول القدس ، إلا أن هناك تراجع واضح عن شعار التحرير إلى شعار إزالة آثار العدوان (39) . ويذكر الشقيري معلقاً ، ومقيماً اجتماعات القمة في الفترة المذكورة : لا أعلم أننا استطعنا مرة واحدة ، أن نعقد جلسة واحدة في موعدها و تمضي الساعة و الساعتان ، و نحن بانتظار هذا السفير أنه كان مشغولاً بمكالمة هاتفية مع عاصمة بلاده ، و ذاك السفير لأن إعداد الحقيبة الدبلوماسية استنفـذ وقته ، و ذلك السفير لأن عجـلة السيارة " فرقعت " ، و تفـرقعت معها الإجتماعات التي تضم أصحاب الجلالة ، و السمو و الفخامة ، الملوك و الرؤساء ، وكم مرة تمنيت أن يكون تقرير الأمين العام للجامعة العربية متضمناً اقتراحات معينة ، أو دراسات معدة ، كما يفعل الأمين العام للأمم المتحدة ، و لكن شيئا من ذلك لم يقع ، والدول العربية لا تعطي لأمينها العام في القاهرة ما تعطيه لأمينها العام في نيويورك (40) . و تميزت الفترة التي تلت حرب تشرين في عام 1973 ببرود سياسي عربي سواء في الجامعة العربية أو كل دولة عربية على حدا ، لحرية إمكانية تحقيق السلام ، في مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967 ، بما فيها الجزء الشرقي من المدينة ، و بطلان كافة الإجراءات الإسرائيلية في الجزء المذكور ، و تكررت البنود الخاصة في القدس خلال مؤتمرات القمم العربية منذ عــــام ( 1973 -2010 ) في إطار البيانات الختامية ، و أصبحت بمثابة جزء من خطاب روتيني دون جدوى ، و دون دعم مادي و معنوي يرقى إلى حجم التحديات التي يواجهها العرب في القدس ، خاصة لجهة مصادرة المزيد من أراضيها على طريق تهويدها و عزلها عن المدن و القرى الفلسطينية الأخرى ، و كان الأجدى أن يصدر عن قمم الجامعة العربية منذ عام 1948 مروراً بعام 1967 و حتى عام 2010توصيات و قرارات بشأن إنشاء مشروع الدرهم أو الدينار العربي، من خلال صندوق عربي جامع شعبي و حكومي للحفاظ على الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس ، الأمر الذي يمّكن الشعب الفلسطيني من الصمود في مواجهة تحديات المصادرة و التهويد الإسرائيليين . و في الاتجاه الآخر فإن الموقف الأمريكي إزاء قضية القدس ، تمحور حول تأييد الولايات المتحدة الأمريكية في 29 / 11 / 1947 لقرار الأمم المتحدة رقم ( 181 ) ، الذي يجعل المدينة كياناً منفصلاً ، خاضعاً لنظام دولي خاص ، و تتولى الأمم المتحدة إدارتها ، ويعيّن مجلس وصاية يقوم بأعمال السلطة الإدارية ، نيابة عن الأمم المتحدة ، و في 9 / 12 / 1949 ، صوتت الولايات المتحدة ضد قرار الجمعية العامة رقم ( 303 ) الذي أكد على وجود وضع القدس في ظل نظام دولي دائم ، و إعادة التأكيد على ما ورد في قرار التقسيم ( 181 ) بشأن إقامة كيان منفصل ، تحت حكم دولي خاص ، و يمكن تلخيص تحول الموقف الأمريكي ( 1967 – 2010 ) ، إزاء قضية القدس ، على أنه بدأ بتأييد فكرة الكيان الدولي المنفصل للقدس ، الوارد في القرار 181 لـــعام 1947 ، و فكرة إنشاء مجلس تشريعي واحد ، في إطار الحكم الإداري ، ثم ما لبث أن تغير الموقف الأمريكي، فتخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن فكرة التدويل الشامل للمدينة ، و ظهر هذا جلياً حين صوتت الولايات المتحدة ضد القرار ( 303 ) ، و شرعت تبنى فكرة إنشاء مجلس عربي إسرائيلي مشترك ، و تطالب بتدويل الأمكنة المقدسة ، وذلك لحصر دور الأمم المتحدة بتعيين مفوض يشرف على الأمكنة المقدسة ، فقط ، مع ملاحظة التسليم بإجراءات الأمر الواقع للاحتلال الإسرائيلي في القدس الغربية ، و بعد عام 1967 و احتلال إسرائيل للجزء الشرقي من مدينة القدس ، تمحور الخطـاب السياسي الأمريكي ، و الموقف الأمريكي إزاء القدس ، حول ضرورة وحدة المدينة بجزئيـها الشرقي المحتل عام 1967 و الغربي المحتل عام 1948 ، تلبية لسياسة الأمر الواقع ، الذي فرضته إسرائيل بتوسعها عام 1967 (41) . و في محاولة منها لطمأنة الرأي العام الفلسطيني و العربي ، لدخول العملية السلمية في مدريد عام 1991 ، فقد تضمنت رسالة التنظيمات للفلسطينيين ، على أن الولايات المتحدة لا تعترف بضم القدس الشرقية ، وحدود بلدية القدس الجديدة ، و أن موقفها هذا أنه من حق سكان القدس المشاركة في مفاوضات المرحلة النهائية ، وبأن للمقدسيين الحق في التصويت ، في انتخابات سلطة الحكم الذاتي الانتقالية ، وقد أكدت تصريحات كلينتون على التوجه الأمريكي بعد تسلمه سدة الحكم في الولايات المتحدة ، و ذلك على الرغم من أن الحملة الانتخابية للرئيس كلينتون ، حملت في طياتها، إشارات باعتبار القدس الموحدة عاصمة موحـدة لإسرائيل ، و انتقد سياسة بوش إزائها ، و تابعت إدارة كلينتون ( 1993 – 2000 ) ، إجهـاض صدور أي قرار في المنظمة الدولية يدين إسـرائيل و توجهاتها في القدس سواء في حي رأس العمود أو في البدء في إنشاء مستوطنة يهودية في جبل أبو غنيم .و تجدر الإشارة إلى هناك إشارة من الخارجية الأمريكية لنقل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس بشرط التوصل إلى حل نهائي بين إسرائيل و الفلسطينيين ، و الاتفاق على مستقبل الضفة و قطاع غزة و القدس الشرقية (42) . ولم تخرج ادارة بوش الابن عن الاطار العام للتوجهات الامريكية إزاء قضية القدس ؛ بل تم طرح فكرة يهودية الدولة من قبل حكومة اولمرت وترويجها من قبل ادارة بوش الابن ؛ وقد اكد بوش في خطابه في منتصف نيسان من عام 2004 على ذلك . إضافة إلى الذي تقدم ، يلحظ المتتبع للعلاقات الأمريكية – الإسرائيلية ، بأن إسرائيل مازالت ذات مكانة استراتيجية في إطار المصالح الأمريكية الشرق أوسطية ، على الرغم من وصول القوات الأمريكية إلى المنطقة و تمركزها في منطقة الخليج منذ عام 1990 ، و بالتالي تغيير المهمة المناطة بإسرائيل في إطار تلك المصالح ، وتبعاً لذلك تتوائم المواقف الأمريكية ، مع التصورات الإسرائيلية المختلفة ، سواء حول القدس الموحدة ، أو الاستيطان ، أو الأمن أو قضايا أخرى ، هذا في وقت لم تتوقف فيه المساعدات الأمريكية بأشكالها العسكرية التي تصـل إلى ( 1.8 ) مليار دولار سـنوياً ، و ( 1.2 ) مليار دولار على شكل مساعدات اقتصادية ، و مساعدات أخرى غير مباشرة ، و قد بلغت قيمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل خلال الفترة ( 1951 – 2009 ) ، نحو 104 مليار دولار (43) . و يلاحظ أن العلاقات الأمريكية إزاء قضية الصراع العربي الإسرائيلي ،و من ضمنها قضية القدس التي أجلت إلى قضايا الحل النهائي ، تعتبر فريدة مقارنة بباقي الأطراف في العالم ، و هي بطبيعة الحال منحازة إلى جانب التصورات الإسرائيلية في قضايا الصراع المختلفة مع العرب وقد تأكد ذلك في الإجهاض الأمريكي لأي مشروع قرار في المنظمة الدولية ، يدين إسرائيل و إجراءاتها الاستيطانية في القدس و باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة . 5 -1 مستقبل القدس أجل المفاوضون من منظمة التحرير الفلسطينية و إسرائيل ، التفاوض بشأن قضية القدس ، الى مايسمى قضايا الحل الدائم ، و التي أجلت سنوات ، و من تلك القضايا ، المستوطنات ، اللاجئين ، الحدود و السيادة ، والمياه ، والعلاقات و غيرها من القضايا الجوهرية مثل قضية القدس ، و منذ عقد اتفاقات أسلو في أيلول من عام 1993 ، تحاول السلطات الإسرائيلية جاهدة و بخطوات مبرمجة ، للزحف في كافة اتجاهات مدينة القدس ، لفرض وقائع على الأرض يصب الانفكاك عنها في حال تم التفاوض بشأنها مستقبلاً ، و لا تفرق السلطات الإسرائيلية بين فلسطيني مسلم و فلسطيني مسيحي ، أثناء تنفيذ السياسات السكانية أو الاقتصادية لخدمة التوجهات الإسرائيلية في المدينة ، فقد أدت السياسات السكانية الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب في القدس إلى تهجير نحو خمسين ألف مقدسي فلسطيني منذ عام 1967 ، إلى خارج حدود البلدية أو إلى خارج الأراضي الفلسـطينية المحتـلة ، و هنـاك محاولات لطرد نحو خمسين ألف فلسطيني آخر خلال السنوات ( 1996 – 2004 ) خارج القدس ، في إطار السياسات* السكانية الإسرائيلية التي تحرم الفلسطينيين الحصول على إقامة في أرض أجدادهم القدس ، وكنا أشرنا لتلك السياسة في مكان آخر من الدراسة (44) . إضافة إلى ذلك تشير معطيات إسرائيلية أن نسبة الفلسطينيين الذين طلبوا الحصول على المواطنة الإسرائيلية بلغ 50 في المائة ، و هو معدل أعلى من السابق ، و إن ما معدله ( 60 ) طلباً يتم تقديمها شهرياً منذ أيار 1994 ، و من شأن زيادة عدد الطلبات الفلسطينية للحصول على المواطنة الإسرائيلية ، أن توفر للسلطات الإسرائيلية الذريعة خلال مفاوضات الوضع النهائي للادعاء بأن المقدسيين الفلسطينيين مميزون عن غيرهم من الفلسطينيين ، و أنهم يتجهون نحو الاندماج ، شبيه باندماج الفلسطينيين في الجليل ، ويواجه المقدسيون الفلسطينيون الذين لا يحملون بطاقات شخصية صالحة مشاكل عديدة ، من بينها الإبعاد و دفع الغرامة و الاعتقال ، و عدم استطاعتهم الحصول على أذون مغادرة و عودة للسفر إلى الخارج ، فضلاً عن حرمانهم من السفر إلى الضفة الفلسطينية ، و منعهم من العودة إلى القدس الشـرقية ، و عدم استطاعتهم تسجيل أطفالهم كمواطنيين مقدسيين ، وحرمانهم من مزايا التقاعد و الضمان الاجتماعي و مواجهة مشاكل في تسجيل أبنائهم في المدارس و الجامعات في القدس ، أو استئجار شقق مفروشة في المدينة ، وقد أرغمت تلك السياسات الإسرائيلية إزاء حقوق الإقامة العديد من الفلسطينيين المسلمين و المسيحييين على حد سواء ، إما على مغادرة القدس أو الحصول على المواطنة الإسرائيلية ، أو الاختباء السري ، إن من شأن تلك السياسات أن تحد من تزايد العرب في مدينة القدس (45) . وبشكل عام أدت السياسات الإسرائيلية المختلفة لتهويد القدس ، إلى رفع المستوطنين اليهود في عشرة أحياء استيطانية حول القدس ، ليصل إلى أكثر من ( 180 ) ألف مستوطن ، و هناك محاولات كثيفة لبناء حي يهودي داخل القدس ، في حي رأس العمود ، وثمة مخططات استيطانية إسرائيلية لفرض وقائع استيطانية ، تستهدف زيادة عدد اليهود المدينة و داخلها لفرض التفوق الديموغرافي ، و عزل المدينة جغرافياً و ديموغرافياً عن المدن و القرى الفلسطينية في الضفة الفلسطينية و في المقابل ، في مقابل ذلك تدعو منظمة التحرير الى تجميد الاستيطان عوضاً عن تفكيكه ؛ وهنا تكمن الخطورة في الخطاب السياسي الفلسطيني الرسمي ؛ حيث باتت الضرورة رفع سقف الخطاب ليشمل الدعوة الى تفكيك معالم الاستيطان في كافة الاراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس وهذا أضعف الايمان . ويستطيع الطرف الفلسطيني الاستناد في خطابه حول القدس الشرقية غن اراد تعزيزه على قرارات الشرعية الدولية ( و خاصة القرار رقم 478 ) التي اعتبرتها جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، فضلاً عن المؤسسات* الوطنية الفلسطينية المختلفة الموجودة في المدينة ،و في مقدمتها بيت الشرق الذي زاره أكثر من مسؤول غربي ، كما يعتبر التركز السكاني الفلسطيني الكثيف في المدينة المقدسة عاملاً هاماً من العوامل التي تدعم الحق الفلسطيني. 6-1 مصير القدس : أي مصير ينتظر القدس في حال تفاوض قيادة لا يمكن وصفها بالجماعية ، و لا بالعليا ، فضلاً عن تخلي القيادة سلفاً عن كل الأسلحة الأخرى ، و أبرزها سلاح الانتفاضة الذي كان السلاح الأقوى في تاريخ فلسطين و تستطرد قائلة : الدروب شائكة ، لكنها ليست مســتعصية ، و تنتهي حيث ابتدأنا ، القدس * هي القضية ، و الكل كما الفرد ، مسؤول عن القضية ، بهذه الجمل تنهي الدكتورة بيان نويهض الحوت بحثها المنشور في العدد الثالث من مجلة المستقبل العربي في آذار عام 2000 ، و كأن الباحثة تستشرف الطريق الأنجع لاسترجاع الحق العربي في القدس لأصحابه الشرعيين بعد أن طالت فترة الاحتلال ، و بالفعل انطلقت شرارة الانتفاضة هذه المرة من ساحة المسجد الأقصى حين قام رئيس حزب الليكود الإرهابي أرئيل شارون بتدنيسه يوم الخميس 28/9/2000 ، و تحت حراسة نحو ثلاثة آلاف جندي اسرائيلي و بموافقة مسبقة من رئيس الوزراء الاسرائيلي أيهود باراك ، و قد كان لجملة الممارسات الاسرائيلية في القدس و الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967 لجهة مصادرة مزيداً من الأراضي ، و تهويدها و فرض وقائع يهودية جديدة يصعب الانفكاك عنها ، كان لذلك بالغ الأثر في انطلاقة انتفاضة الأقصى . و يذكر أن نار الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993) ، قد انتقلت الى القدس ، حين قام أرئيل شارون في الخامس عشر من شهر كانون الأول 1987 أي بعد أيام قليلة من انطلاقة الانتفاضة في القطاع – دشن شقته الجديدة آنذاك في الحي الاسلامي بالبلدة القديمة بطريقة تظاهرية استفزازية ، حيث حضر الاحتفال مئات المدعوين من المسؤولين الاسرائيليين ، و على رأسهم رئيس الوزراء الأسبق اسحاق شامير للمشاركة في المناسبة ، و لإنارة الشمعة الأولى من ما يسمى عيد الأنوار اليهودي (حانوكا)(46) . يومها قال شارون ، و الشرطة و قوات حرس الحدود تأخذ مكانها الدائم الجديد في الحي الاسلامي ، إن " هذه الشقة ستزيد من أمن اليهود في المكان "(47) ، و أعلن شارون أن " يهود آخرون سيأتون بعده " (48) . و الملاحظ أن اعلان شارون يثبت أن الخطاب السياسي ذو طابع استراتيجي إزاء القدس و تهويدها ، و هذا ما أكده بنفسه عند تدنيسه المسجد الأقصى في نهاية أيلول 2000 ، و ما أكدته كافة الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ، حيث تم في عهد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق الاعلان عن فتح النفق أسفل المســجد الأقصى في عام 1996 ، و البدء في بناء المستوطنة اليهودية على جبل أبو غنيم ، و جاء رئيس الوزراء الاسرائيلي أيهود باراك لتعطي دفعة جديدة لعمليات تهويد وسط مدينة القدس في حي رأس العمود في الأراضي الفلسـطينية و بلغ النشاط الاستيطاني ذروته في القدس بعد توقيع اتفاقات أوسلو في أيلول من عام 1993 . و هكذا اختلفت انتفاضة الأقصى عن الانتفاضة الفلسطينية السابقة ، حيث انتقلت شرارة الانتفاضة هذه المرة من باحة المسجد الأقصى الى كافة الأراضي الفلسطينية في الضفة و القطــاع ، و كذلك الى مناطق الخط الأخضر ، على عكس الانتفاضة الأولى التي انطلقت شرارتها الأولى في غزة باتجاه باقي المناطق الفلسطينية بما فيها القدس الشريف؛ وقد تكون النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية في القدس و الاخذة بالتصاعد من قبل حكومة نتنياهو سبباً رئيسياً لانطلاقة انتفاضة فلسطينية ثالثة (49) .,وفي نفس السياق تسعى إسرائيل إلى تنفيذ مايسمى بالقدس الكبرى " ، وهو مشروع يهدف، إلى جانب مخططات أخرى، إلى تكريس شعار "القدس عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل" وإلى تهويد مدينة القدس عن طريق ضم مستوطنات إلى مناطق نفوذها وتقليل أعداد الفلسطينيين في المدينة. ويؤكد رئيس مركز الخرائط بمركز الدراسات العربية في القدس الكتور خليل التفكجي مراراً بأن إسرائيل بهذا المخطط ستضم الكتل الاستيطانية المحيطة بالقدس إلى المدينة في حدود عام 2020، لتقلل من عدد العرب بها وتزيد من عدد اليهود، بالإضافة إلى غايات أخرى.وسيتكفل الجدار بإخراج مزيد من الفلسطينيين من محيط المدينة، حتى تهبط نسبة العرب فيها إلى 12% مقابل 88% من اليهود.وبالنسبة لمخاطر المخطط المذكور يرى التفكجي في هذا المخطط عدة مخاطر لانه يتضمن بناء ما لا يقل عن 50 ألف وحدة سكنية، موضحا أنه سيقطع الصلة بين شمال الضفة وجنوبها، كما أنه سيلتهم 10% من مساحة الضفة الغربية.وبالتجاه التهويدي الاستيطاني ؛ تخطط إسرائيل لإقامة المشروع الاستيطاني المعروف بإيوان في المنطقة الواقعة بين شمال الضفة الغربية وجنوبها لربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس، وقد سلمت لعشيرة الجهالين البدوية أوامر بإخلاء مضاربهم هناك من أجل البدء في تنفيذ المشروع. ويخشى أن يسهم هذا المخطط في مزيد من هدم المنازل في القدس، في سبيل طرد مزيد من الفلسطينيين خارج المدينة دون أي مراعاة للقانون الدولي الذي يمنع على المحتل طرد المواطنين. ورغبة منها لتحقيق عدة اهداف اسرائيلية ؛ فرضت حكومة نتنياهو عدة قوانين اسرائيلية على مدينة القدس ومن بينها قانون الغائبين(50) . نتائج و توصيات من خلال ما تقدم في فصول الدراسة المختلفة ، يمكن تسجيل النتائج و التوصيات التالية : 1- تعتبر مدينة القدس من أقدم مدن العالم ، و قد تعرضت عبر تاريخها الذي يعود إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام إلى ثمانية عشرة محاولة تدمير و إعادة بناء ، وبقيت رغم ذلك من أبرز الرموز الحضارية و الدينية في العالم ، و يعتبر اليبوسيون البناة الأوائل لمدينة القدس . 2- تعتبر عملية الاستيطان حول القدس و داخلها ، مركزية مقارنة بإقامة المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة الأخرى،و قد نجحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ( 1967 – 2010 ) بزرع طوقين من المستوطنات حول القدس يقطنها ( 180 ) ألف مستوطن يهودي ، و هناك محاولات إسرائيلية لتوسيع المدينة لتشمل ربع مساحة الضفة الفلسطينية البالغة نحو 5800 كيلومتر مربع . 4- كافة القرارات الدولية حول القدس ، اعتبرت الجزء الشرقي منها من ضمن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 ، و لم تعتبر في ذات الوقت أن الجزء الغربي عاصمة لإسرائيل . 5- يرتكز الخطاب السياسي الإسرائيلي منذ عام 1967 على نقطة مفادها : أن " القدس الموحدة " هي العاصمة الأبدية لإسرائيل ، و تبغاً لذلك برزت المشاريع الإسرائيلية المختلفة خـلال الفترة ( 1967 – 2010 ) ، لتخدم الخطاب السياسي الإسرائيلي حول القدس . 6-يعتبر الفلسطينيون ، وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية أن القدس الشرقية ، هي عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة والتي يجب أن تتمخض عنها أية مفاوضات . 7- لم يرق خطاب الجامعة العربية إلى مستوى التحديات التي تفرضها خطط الاستيطان في القدس ؛ في مقابل ذلك تراجعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في موقفها إزاء القدس ؛ ففي حين كانت ترى عملية التدويل ضروري ؛ ومن ثم اعتبار القدس الشرقية أراضي محتلة ؛ أصبحت تؤكد مرارا بأنه يجب أن يحسم مستقبل القدس في إطار المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل ؛هذا في وقت جرى الحديث فيه منذ عدة سنوات عن احتمالات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس . 8-هناك محاولات إسرائيلية ؛ لتوسيع القدس ؛ بحيث تصبح التوسعات الجديدة عاصمة الدولة الفلسطينية . 9-يعتبر المفاوض الإسرائيلي القوة والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية ؛ المرجعية الأساسية في التفاوض مع الطرف الفلسطيني وخاصة في قضايا الحل الدائم ومن بينها القدس ؛ ولا يكترث للقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقدس ؛ومن خلال ما تقدم من تحديات تواجه الطرف الفلسطيني ؛ وخاصة التعنت الإسرائيلي إزاء قضية القدس ؛ فإننا نوصي بما يلي : أولا : أن يخرج الحديث عن القدس ومستقبلها ؛من الإطار الضيق ؛ إلى الإطار الأوسع ؛ بحيث يجب اعتبارها قضية عربية واسلامية من المقام الأول؛ وفي هذا الاتجاه يجب أن ينحصر الخطاب السياسي حول القدس . ثانيا : التمسك بقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر القدس الشرقية جزء من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 و خاصة القراران 478 و 465 ، وإيجاد خطاب قانوني موجه إلى كافة دول العالم ؛ والى المنظمة الدولية ؛ بحيث يكون القائمين عليه ؛ أي على صياغة الخطاب محامون عرب ومن بينهم فلسطينيون ؛ كما تناط مهمة أساسية بهؤلاء ؛ هي فضح السياسات والإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس الرامية لطرد مزيد من العرب ؛ ومن بين تلك الإجراءات التي يجب تعريتها ؛ إجراءات الإقامة للفلسطينيين ؛ورخص البناء ؛ واستثناء الفلسطينيين في عملية التخطيط ؛ وهدم المنازل الفلسطينية في القدس ؛ فضلاً عن ضرورة فضح سياسات تهويد التعليم في القدس . ثالثاً : يجب أن يرفض الفلسطينيون أية مشاريع إسرائيلية ؛ لجهة جعل أجزاء من القدس الشرقية أو التوسعات عاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة ، فضلاً عن الرفض المطلق لاقامة المستوطنات اليهودية سواء داخل القدس أو حولها . رابعاً : العمل الوطني الفلسطيني لإنشاء صندوق وطني للشعب الفلسطيني ، داخل و خارج فلسطين ، لجمع التبرعات من أجل حماية المقدسات و الأراضي الفلسطينية خاصة في القـدس ، من مخططات التهويد و المصادرة ، كما يجب تعميم الصندوق المذكور ، ويمكن تسمية المشروع " الدرهم العربي لحماية القدس " . و يمكن بذلك الحد من السياسات الإسرائيلية ، وبالتالي تمكين المقدسيين من الصمود في مواجهة تحديات التهويد ، وكذلك رفع سوية و أداء المؤسسات الوطنية في القدس ، و التي يصل عددها إلى خمسين مؤسسة فلسطينية . خامساً : و الأهم من ذلك ، يجب على المفاوضين الفلسطينيين ، استنفار كافة طاقات الشعب الفلسطيني داخل و خارج القدس ، قبل البدء في مفاوضات الحل الدائم ، و خاصة قضايا القدس ، اللاجئين ، و المستوطنات و السيادة ، و جميعها قضايا جوهرية ، تمس الهوية و العقيدة ، و بالتالي تؤجج الأحاسيس و المشاعر لدى الفلسطينيين داخل فلســــطين و خارجها ، وفي كافة المستويات و الشرائح الاجتماعية ، إذ أن الشعب الفلسطيني تضرر بكافة فئاته ، من الاحتلال ، و الطرد ، و النكبة ، وبالتالي البؤس و الحرمان خلال أكثر من اثنتين وستين سنة خلت . جدول رقم 1التغيرات الديموغرافية في مدينة القدس ( 1898 – 2010 ) وفق سنوات مختارة المجموع بالآلاف النسبة المؤية اليهود بالآلاف النسبة المؤية العرب بالآلاف السنوات 40 25 10 75 30 1918 61 49.2 30 50.8 31 1920 90.4 56.6 51.2 43.4 39.2 1931 186.9 97.2 84 2.8 2.9 1948 * 191.9 97.8 187.7 2.2 4.2 1961 374.4 75.2 261.1 24.8 86.3 1972 ** 472.8 73.3 347.7 26.7 126.1 1983 630.4 73.6 464 26.4 166.4 1993 646 73.3 473.2 26.7 173.8 1994 700 72.9 510 27.1 190 1998 777.8 73 567.8 27 210 الاف 2004 827 72.9 595.6 *** 27.1 221.4 2010 * يمثل مجموع العرب و اليهود بعد أيار 1948 ، وقد تم طرد أكثر من ( 100 ) عربي من المدينة أثناء فترة المجازر في القدس و في القرى العربية المجاورة . ** يشمل سكان القدس الشرقية بعد ضمها من قبل الجيش الإسرائيلي حيث طردت السلطات الإسرائيلية أكثر من ( 15 ) ألف من العرب خلال الفترة ( 1968 – 1972 ) . *** يتضمن هذا العدد نحو ( 180 ) ألف مستوطن يهودي ، يستوطنون عشرة أحياء استيطانية حول القدس الشرقية .
لا يوجد صور مرفقة
|