28-05-2016 / 14:08:04 -
2284
دراسة عن القدس وتتألف من قسمين : القسم الأول ويتضمن : الخطر الديموغرافي اليهودي على مدينة القدس - والجغرافية السياسية لمدينة القدس القسم الثاني ويتضمن : القدس في اطار القضايا الجوهرية مقدمة تعتبر الدراسات المتخصصة في مدينة القدس من أهم الدراسات المعاصرة لما للقدس من مكانة خاصة في إطار القضية الفلسطينية ، و في مشاعر المسلمين ، حيث أنها أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشرفين ، و القدس من أقدم مدن العالم ، وقد تعرضت عبر تاريخها الطويل الذي يعود إلى ما يقرب عن خمسة آلاف عام إلى ثماني عشرة محاولة تدمير و إعادة بناء ، و بقيت رغم ذلك من أبرز الرموز الحضارية و الدينية في العالم ، وقد نشأت النواة الأولى لمدينة القدس في الألف الثالث قبل الميلاد على تلال الظهور ( الطور – تل أوفل ) ، الذي يقع إلى الجنوب الشرقي من المسجد الأقصى المبارك الآن أما عوامل اختيار هذا الموقع فتعود لأسباب أمنية متمثلة بحماية هذه المدينة الناشئة ، التي ساعدت مياه عين أم الدرج ، في الجانب الشرقي من الطور على توفير الاحتياجات المائية لسكانها . و لم يأت البناء على جبل الطور من قبيل المصادفة : فمن الجنوب ينحدر و يحيط بها وادي الرباية ( هنوم ) ، و من الشرق وادي جهنم ( قدرون ) ، و من الغرب وادي الزبل . و هكذا تكون المدينة محاطة بمناطق طبيعية صعبة من الجهات الثلاث يغدو أمر اقتحامها من قبل الغزاة مستعصياً ، إلا من الجهة الشمالية . و قد لاحظ المؤرخون أن جميع الجيوش التي احتلت القدس قديماً و حديثاً دخلتها من الشمال (1) . أما ما يعرف بالقدس القديمة اليوم ، فهي تلك الأحياء من القدس التي نشأت بعد هجر النواة الأولى للمدينة مع مرور الزمن ، و التي تقع داخل سور القدس الذي بناه السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1542 م بطول ( 4 ) كيلو متر و له سبعة أبواب ، و بنيت الأحياء بداخل السور على مرتفع : بيت الزيتون ( بزيتا ) في الشمال الشرقي من المدينة ، و مرتفع ساحة الحرم ( موريا ) في الشرق و مرتفع صهيون من الجنوب الغربي (2) . و في دراستنا هذه سنحاول إلقاء الضوء على الخطر الديموغرافي اليهودي على مدينة القدس وسنرصد التغيرات السكانية و غيرها في المدينة خلال الفترة ( 1897 – 2004 ) ، و استشراف ما ستكون عليه المدينة حتى عام 2010 ، خاصة و أن المدينة المقدسة كانت و لا تزال محور هجمة صهيونية مبرمجة لفرض الامر الواقع اليهودي في نهاية المطاف ، فباتت هدفاً رئيسياً للاستيطان لجهة خلق غالبية يهودية وقائع يصعب الإنفكاك عنها ، في حال بدأ التفاوض بشأنها في إطار ما يسمى مفاوضات الوضع النهائي التي أجلها المفاوضون الفلسطينيون و الإسرائيليون ، و هي تضم قضايا جوهرية ، تمس الهوية و الأرض و المقدسات : القدس ، اللاجئون ، المستوطنات ، السيادة ، الحدود ، الميــاه و قضايا أخرى هامة .كما سنلقي الضوء على موقف الادارات الامريكية من قضية القدس منذ عام1948. لكن في البداية لابد من اطلالة سريعة على تاريخ وجغرافية المدينة ؛ وسنتطرق الى الجغرافيا السياسية لمدينة القدس واثر الاحتلال الاسرائيلي وسياساته عليها . تاريخ القدس يعتبر " اليبوسيون " البناة الأوائل للقدس ، و كانت في عهدهم تدعى : ( يبوس ) و هم من بطون العرب الأوائل ، نشأوا في قلب الجزيرة العربية ، و ترعرعوا في أرجائها ، ثم نزحوا عنها ، مع نزوح القبائل الكنعانية ، وإلى هذه القبائل ينتمون ، إنهم أول من استوطن هذه الديار ، و هم أول من وضع لبنة في القدس ، و كان ذلك حوالي سنة 3000 قبل الميلاد (3) . كانت يبوس في ذلك العهد ذات أهمية كبيرة من الناحية التجارية و الجغرافية ، و كانت تعمها الخيرات الوفيرة . و عندما خرج بنو إسرائيل من مصر و أطلوا على أرض كنعان ، رأوا فيها ما رأوا من خيرات و بركات ، راحوا يغيرون عليها ، بقصد امتلاكها ، مدعين بأنها الأرض التي وعدهم الله بها ، عندئذ أيقن الكنعانيون أن مصلحتهم تقضي عليهم نسيان الماضي ، يوم كانوا في احتراب مع المصريين ، فطلبوا العون منهم ، لأن بني إسرائيل كان دأبهم ، كلما احتلوا مدينة أن يعملوا فيــها و بسكانها النار و السيف ، و أما المصريون ، فقد كانوا يكتفون بالجزية ، فلا يتعرضون لسكان البلاد ، و عاداتهم و معتقداتهم (4) . و بالفعل ، لم يتوان المصريون في مد يد العون للكنعـانيين ،و قاتل المصريون و الكنعانيون بني إسرائيل ، إلى حين انشغل المصريون بمشاغل أخرى ، فقاتل الكنعانيون بني إسرائيل لوحدهم لفترة من الزمن ، حتى تمكن الإسرائيليون من السيطرة على القدس عام 1049 قبل الميلاد ، و خلال الفترة ( 1600 – 1049 ) قبل الميلاد ، حدثت غزوتان كبيرتان على الييوسيين ، الأولى عام ( 1600 ) قبل الميلاد ، و الثانية عام ( 1200 ) قبل الميلاد ، وكانت الثانية أشد و أقوى و على الرغم من تمكن الإسرائيليين من دخول يبوس عام ( 1049 ) قبل الميلاد بيد أنهم لم يستطيعوا طرد الييوسيين من مدينتهم ، وظلوا فيها رغم صعوبة الظروف (5) . و تعترف التوراة صراحة ، بأن بني إسرائيل لم يستطيعوا ذلك . ورد بخصوص ذلـــك : " و بنو بنيامين لم يطردوا الييوسين ، سكان أورشليم ، فسكن الييوسيون مع بني بنيامين في أورشليم ، إلى هذا اليوم " (6) . و بذكر أن القدس مرّ عليها شعوب و أقوام في العهود الغابرة ، منهم الييوسيون ، الفراعنة ، الآشوريون و البابليون ، الفرس ، اليونان ، الرومان ، و بعد ذلك مرت مدينة القدس بمـراحل أساسية : عهد الإسلام ، و فترة الحروب الصليبية ، تلاها العهد المملوكي ، فالعهد العثماني ، و بعد الحرب العالمية الأولى اقتسم الحلفاء سراً الوطن العربي فيما بينهم ، و قاتل العرب إلى جانب الحلفاء ضد العثمانيين ، و دخل الجنرال اللنبي بحملته إلى القدس عام 1917 ، و كان الجناح الأيمن لهذه الحملة مشكلاً من قوات الثورة العربية ، معتقدين أن الحلفاء جاءوا لطرد العثمانيين من البــلاد ، و تسليمها لأصحابها ، بيد أنه حصل ما لم يتوقعه العرب ، فقد استعمرهم الإنكليز و الفرنســيون و الإيطاليون ، و كان نصيب فلسطين للإنكليز ، الذين مهدوا الطريق لدخول مزيد من اليهود إلى فلسطين و استيطانها ، لجهة إقامة دولة إسرائيل ، وكان لوعد وزير خارجية بريطانيا بلفور في عام 1917 بالغ الأثر في دعم هذا الاتجاه ، و بذلك ساعدت بريطانيا الحركة الصهيونية على الصعيد المادي و المعنوي في إنشاء إسرائيل ، فخلال فترة الانتداب البريطاني ( 1919 – 1948 ) ، حصلت عدة موجات من الهجرة اليهودية إلى فلسطين إلى أن بلغ مجموع اليهود في فلسطين عشية إقامة إسرائيل ( 650 ) ألفاً ، جزء منهم تركز في مدينة القدس ، وقد قسمت مدينة القدس إلى قسمين القدس الجديدة : الغربية التي احتلتها العصابات الصهيونية في عام 1948 ، و القدس القديمة الشرقية التي احتلها الجيش الإسرائيلي في حزيران 1967 .و إن كان عام 1948 و هو العام الذي أقيمت فيها إسرائيل على نحو ( 78 ) في المائة من مساحة فلسطين البالغة ( 27009 ) كيلو متر مربع ، منعطفاً هاماً في التركيز على عملية استيطان القدس لجعلها عاصمة أبدية للدولة الصهيونية إلا أن المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل السويسرية في عام 1897 وضع الأسس لإنشاء الدولة اليهودية المنشودة ، ومركزية مدينة القدس في التوجه الصهيوني ، خاصة لجهة تهويد كامل فلسطين . جغرافية القدس تقع مدينة القدس على خط عرض ( 31 ) درجة شمالاً و خط طول ( 35 ) شرقاً ، و على بعد ( 65 ) كيلو متر من ساحل البحر المتوسط ، ونحو ( 40 ) كيلو متراً من نهر الأردن ، و ترتفع عن سطح البحر المتوسط ( 750 ) متراً ، و عن سطح البحر الميت ( 1150 ) متراً ، وهي حلقة من سلسلة تمتد من الشمال إلى الجنوب فوق القمم الجبلية للمرتفعات الفلسطينية ، و ترتبط بطرق رئيسية تخترق المرتفعات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، وهناك طرق عرضية تقطع هذه الطرق الرئيسية لتربط وادي الأردن بالساحل الفلسطيني . و أهمية الموقع الجغرافي للقدس هو جمعها بين ميزة الانطلاق الذي يكفل حماية المدينة ، وميزة الانفتاح الذي يمنح المدينة إمكانية الاتصال بالمناطق و الأقطار المجاورة ، فضلاً عن مركزية موقع القدس عن سواها من المدن العربية الفلسطينية بالنسبة إلى فلسطين و العالم الخارجي . بلغت مساحة القدس قبل عام 1948 ( 39,3 ) كيلو متراً مربعاً منها ( 9,3 ) كيلو متراً مربعاً هي مساحة القدس القديمة ، ملك منها اليهود حتى العام المذكور بطرق شتى ( 4 ) في الـمائة و الباقي و قدره ( 30 ) كيلو متراً مربعاً و هي مساحة القدس الغربية ، ملك منها اليهود ( 17 ) في المائة فقط ، و بعد عدوان حزيران 1967 أصبحت السلطات الصهيونية تملك نحو ( 84 ) في المائة من عقارات القدس القديمة ، و حوالي ثلثي المساحة الكلية منها (7) . و أشارت مصادر أخرى بأن مساحة مدينة القدس كانت قد قدرت في عام 1945 على النحو التالي (8) : أولاً - ( 868 ) دونماً داخل السور . ثانياً - ( 18463 ) دونماً خارج السور . ثالثاً - و بذلك يصل المجموع إلى ( 19331 ) دونماً . رابعاً - يملك العرب منها في العام المذكور ( 11191 ) دونماً تمثل ( 58 ) في المائة في حين يملك المستوطنون اليهود ( 25 ) في المائة ، أي حوالي ( 2835 ) دونماً ، و شكلت الطرق و المياديـن و غيرها ( 17 ) في المائة أي حوالي ( 3035 ) دونماً . و نتيجة للحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948 و احتلال الجزء الغربي من مدينة القدس في العام المذكور ، جرى تبديل في التوزيع المذكور ، حيث أن اتفاقية رودوس بين الأردن و إسرائيل في 3 / 4 / 1949 ، وفي المادة الخامسة ، الفقرة ( ب ) منها إشارة إلى خطوط الهدنة منذ 30 / 11 / 1948 ، والتي قسمت على الشكل التالي (9) : أولاً - القدس الشرقية تحت السيادة الأردنية و مساحتها ( 2220 ) دونماً . ثانياً - القدس الغربية التي احتلتها إسرائيل في عام 1948 و مساحتها 16261 دونماً . ثالثاً - مناطق محرمة ( أمم متحدة ) و مساحتها ( 850 ) دونماً . وبعد أن أعلنت السلطات الإسرائيلية ضم القدس الشرقية في 30 / 7 / 1980 ، سعت إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضي الضفة و ضمها إلى القدس ، فقدرت مساحة المدينة قرابة ( 108 )آلاف من الدونمات ، ثم توسعت إلى القدس الكبرى ، حتى وصلت مساحة المدينــة إلى ( 123 ) ألف دونم ، و هناك مخططات استيطانية لرفع نسبة أراضي القدس الشرقية وحدها لتصل إلى ربع مساحة الضفة قبل البدء في مفاوضات الحل النهائي التي تشمل المفاوضات على القدس ، فضلاً عن ذلك تجري محاولات إسرائيلية حثيثة لتطبيق سياسة سكانية مبرمجة لتهويد القدس خلال السنوات القادمة ، وذلك في سياق سياسة ديموغرافية ، اعتمدت أساساً إلى طرد أكبر عدد من العرب الفلسطينيين من المدينة تحت حجج مختلفة ، و جذب أكبر عدد من المهاجرين اليهود ، خاصة من دول الاتحاد السوفياتي السابق إليها ، والهدف من ذلك كله محاولة فرض الامر الواقع الديموغرافي اليهودي وتدمير حضارتها التي ما زالت من اهم الدالات على تاريخ الانسان العربي فيها حضارة القدس شاهدة على تاريخها العربي تعتبر حضارة القدس من أقدم و أعرق الحضارات في العالم، و قد تعرضت المدينة عبر تاريخها الطويل، الذي يعود الى ما يقرب من خمسة آلاف عام من الآن، الى ثماني عشرة محاولة تدمير و إعادة بناء، و بقيت رغم ذلك من أبرز الرموز الحضارية و الدينية في العالم.و قد أسس الكنعانيون المدينة المقدسة و أطلقوا عليها اسم آروشاليم، أي مدينة الإله شالم إله السلام عند الكنعانيين. كما أطلق عليها اسم يبوس. و هو اسم لإحدى القبائل الكنعانية التي هاجرت الى فلسطين في عام 2500 قبل الميلاد. و استطاع العرب بناء حضارة خاصة في القدس ،حيث بقيت معالمها قائمة حتى اللحظة الراهنـــة. و التراث المعماري العربي الاسلامي خير دليل و كنزاً ثميناً دالاً على ذلك . و من خلال الحفاظ على هذا التراث العربي العريق في القدس. استطاع العرب تجسيد الاصرار على البقاء في ركب الحضارة الانسانية العالمية. و تمتاز القدس عن مدن العالم بأنها مهد الديانات السماوية . و أرض الأنبياء و المقدسات و فيها ثروة معمارية و حضارية لا تقدر بثمن. فكل حجر في القدس يحكي تاريخاً عربياً مجيداً. و في بيت المقدس صلى الأنبياء. فالقدس من أهم صروح الحضارة العربية و الاسلامية . باتت القدس نتيجة الحضارة و الأوابد الاسلامية و العربية فيها،تضم أهم المعالم السياحية في فلسطين . و تبعاً لذلك أصبح دخل السياحة و الصناعة السياحية في القدس من أهم المداخيل للأسرة الفلسطينية في مدينة القدس. هذا فضلاً عن كون السياحة ترفد الناتج المحلي الفلسطيني بقيمة مضافة جيدة لكن السياسات الاسرائيلية في المدينة أدت الى تراجع قيمة دخول السياحة الفلسطينية. و بالتالي تراجع أداء القطاع السياحي الفلسطيني . إن من ناحية العاملين فيه أو مساهمته في الناتج المحلي. و من أهم المعالم الحضارية التاريخية في القدس الأسوار، حيث يوجد ستة أسوار، و كان أول من بناها اليبوسيون سنة 2500 ق.م و الهدف من إنشائها تحصين المدينة المقدسة من اعتداءات الأقوام الأخرى. و لهذا توجد في الأسوار المذكورة أبراج لتكون دعائم لهذه الأسوار. منها كبريت . و برج اللقلق . كما توجد في القدس سبعة أبواب مستعملة و أربعة مغلقة و الأبواب المستعملة هي : 1- باب العمود : و يعرف باسم باب دمشق، بناه السلطان سليمان القانوني في منتصف الحائط الشمالي للسور . 2- باب الساهرة : و يقع شرقي الباب الأول . 3- باب الأسباط : و يقع في الحائط الشرقي . و له طابع عثماني . 4- باب المغاربة : في الحائط الجنوبي للسور و هو أصغر الأبواب . 5- باب النبي داود : و هو باب كبير في الجنوب أيضاً . 6- باب الخليل : أو باب يافا في الغرب . 7- الباب الجديد : فتح سنة 1898 و يقع في الجزء الشمالي . أما الأبواب المغلقة في القدس فهي : باب الرحمة و ثلاث أخرى . و من المعالم التاريخية الحرم الشريف الذي يقع جنوبي شرقي المدينة القديمة ، و يشرف على سهول اللطرون من جهة الشرق ،و يتكون من ساحة فسيحة تأخذ شكل شبه منحرف قطع ضلعه الشمالي في الصخر. و تعتبر قبة الصخرة من أعجب المناظر في المعمورة . و يقول عنها المؤرخون الأجانب أنها "لا أبعد سمواً و لا أغرب بنياناً من هذه القبة" و قد زينت بكسوة فسيفسائية تزين داخلها. و واجهة الجدران و أعلى الأعمدة المثخنة. و هذه الزينة ترجع الى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان سنة 72 هـ، و قد تجدد تزين القبة عدة مرات من القاشاني المزجج و الرخام المعرق أما النوافذ فزجاجها معشق ، و سقوفها ذات لون ذهبي أخاذ، أما عن دقة تلك الفسيفساء فلا نستطيع أن نجد في الغرب مثل جمالها، فاستخدام عروق اللؤلؤ مقابل الضوء يجعلها تحتفظ بقيمتها الكاملة . المسجد الأقصى تعود بدايات الانشاء الى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حيث أمر ببناء مسجد في الحرم القدسي. غير بعيد عن موضع الصخرة التي بنيت عليها القبة . و هناك قول بأن مسجد عمر أقيم في جزء من معبد روماني قديم ينسب الى هيرود. و هدمه الإمبراطور ثيتوس الروماني، و لكن المعروف أن الوليد بن عبد الملك هو من أنشأ المسجد الأقصى في مكانه الحالي و ذلك سنة 97 هـ.و لم يبق من مسجد الوليد سوى العقود القائمة على أعمدة الرخام يمين القبة الصغيرة ، و قد رمم المسجد الأقصى عدة مرات أيام حكم المماليك و العثمانيين ، و المسجد الأقصى، عمل معماري تراثي يجمع بين البساطة و الجلال . قلعة القدس تعتبر قلعة القدس من أهم المعالم التاريخية و السياحية في مدينة القدس. و كانت القلاع انتشرت في فلسطين في الألف الثالث قبل الميلاد. و القلعة في القدس تتوسط المدينة، و الأسوار تحيط بها، و في بلدان الشرق الاسلامي العربي نجد قلعة دمشق و القاهرة و عتليت في فلسطين . إضافة الى قلعة القدس ، و تقع قلعة القدس بين باب الخليل و باب النبي داود. و هي تقوم على صخر يشرف على القسم الغربي و الجنوبي من مروج القدس، و تعتبر أضخم بناء في القدس. و يحيط بالقلعة خندق طمرت أجزاء منه خاصة الأجزاء التي تمتد من البرج الشمالي الغربي و باب الخليل، و تحتوي القلعة برجاً للمراقبة و مسجداً للصلاة و أماكن للسكن، و ثكنات للجنود . مدارس القدس نتيجة التطور الحضاري في القدس و نشاط أهلها العرب، ارتفع مجموع المدارس للتعليم الثانوي و العالي ليصل الى سبعين مدرسة، و بقي من هذه المدارس حتى عام 2009 أربعون مدرسة ماثلة للعيان و شاهدة على الحضارة العربية في المدينة المقدسة، و تقوم المدارس عل أروقة المنطقة الغربية و الشمالية للحرم القدسي الشريف، و من أشهر المدارس في القدس، الكيلانية، و الأغوتية،و المزهرية، و الأشرفية . ومن الآثار الحضارية الأخرى في مدينة القدس، الزوايا التي كانت تعد بالمئات، لكن الباقي منها أربعون ، و هي بيوت للصوفية. منها زاوية (أبو مدين). و زاوية الأدهية، و هي كهف تحت جبل الساهرة. فضلاً عن ذلك يعتبر المتحف الاسلامي من أهم المعالم التاريخية في القدس. و يحتوي على المخطوطات النادرة و المصاحف التي لا تقدر بثمن، و يقدر عددها بنحو (650) مصحفاً كما توجد في المتحف (900) وثيقة تعود للفترة المملوكية و تضم معلومات في غاية الأهمية عن تاريخ القدس، و قد أسست مكتبة المسجد الأقصى في عام 1922 لتضم أرشيفاً ضخماً عن مدينة القدس. و من قبلها أسست في عام 1900 المكتبة الخالدية التي تقع في مبنى أثري قديم في باب السلسلة، و قد نقصت هذه المكتبة 50% من أرشيفها الهام للباحثين في الشؤون الفلسطينية و على وجه الخصوص القدس. التعليم في القدس: منذ استيلاء البريطانيون على فلسطين عام 1917 – 1918 كانت الادارة في ذلك الوقت ادارة عسكرية تعمل الى جانبها لجنة صهيونية لوضع السياسة التي تحقق و تنفذ وعد بلفور، وقد قصرت الحكومية البريطانية تقصيراً كبيراً في تعليم أبناء العرب ، بعكس اليهود الذين تولوا تعليم أبنائهم بأنفسهم ، فقد بلغت نسبة الذين حرموا من التعليم من أطفال اليهود وهم في السن من خمس سنوات الى سن الرابعة عشرة حوالي 3 % بينما بلغت ذلك حوالي 67% بين الأطفال العرب ، الذين بقوا مشردين و محرومين من التعليم والتعلم ، إضافة الى من لم يتقدموا بطلبات الدخول الى المدارس من العرب لاعتقادهم بان الفرصة لن تسمح لهم ، او لعدم وجود مدرسة في قريتهم . وقد بلغت النسبة المئوية لعدد الطلبة في عام 1944 إلى عدد من هم في سن التعليم ( 5 – 14 ) سنة عند العرب 32.5 % أما عند اليهود فقد بلغت 97 % . وفي ظل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية و قطاع غزة عام 1967 قامت السلطات الإسرائيلية باتخاذ عدة إجراءات متعلقة بشؤون التعليم ، و منها ما يخص مدينة القدس ، حيث عملت على إلغاء جميع البرامج التعليمية الأردنية و المطبقة في مدارسها واستبدالها بالبرامج المطبقة في المدارس العربية داخل فلسطين المحتلة 1948 . وقد اتخذت هذا القرار وزارة المعارف الإسرائيلية على أساس أن القدس أصبحت جزءاً من ما يسمى (( دولة إسرائيل )) وبناء على ذلك وضعت يدها على جميع المدارس الحكومية و مديريات التعليم الأردني و طلبت من الموظفين والعاملين في الجهاز التعليمي بأجهزة التعليم الإسرائيلية . وقد لاقت هذه الإجراءات الإسرائيلية معارضة كبيرة و رفض من قبل موظفي سلك التعليم ، الذين بعثوا بمذكرة إلى وزارة المعارف الإسرائيلية و أخرى إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي ، و لكن سلطات الاحتلال رفضت ذلك و قامت باعتقال عدد كبير من المدرسين و مدير التعليم في القدس و استطاعت بالقوة فتح ست مدارس خلال أيام الأول من الاحتلال ، ولكن لم ينتظم في المدارس من الطلبة أو المعلمين إلا القليل . وقد عمدت سلطات الاحتلال إلى إهمال المؤسسات التعليمية و كرست سياسات تمس المضمون العربي والقومي للتعليم . ورغم كل الصعوبات والمشكلات وحملات الاعتقالات العشوائية و التوقيف المستمر في أوساط الطلبة و المعلمين ، فما يزال الإصرار الوطني على توسيع برامج التعليم والحفاظ على مضمونه الوطني والقومي ، واستمر الوضع كذلك إبان فترة انتفاضة الأقصى ، إضافة لذلك قامت سلطات الاحتلال بتعيين مدرسين من ذوي المؤهلات المتدنية في التعليم كحملة في الثانوية العامة. كما فرضت المناهج الإسرائيلية التي تعمل على تثقيف الطلبة وفق التربية الإسرائيلية التي تتجاهل الشعب الفلسطيني ووجوده وتؤكد على وحدة الشعب اليهودي ، و الولاء التام للدولة الصهيونية،و تهويد المجتمع الفلسطيني و مؤسساته ،فمثلاً مادة التاريخ يدرس الطالب نصف المنهاج للتاريخ العربي و النصف الأخر للتاريخ العربي واليهودي ، وفي مادة الأدب العربي تم حذف دراسة الشعر العربي الفلسطيني ، وفي مادة الدين تدرس التوراة و الأساطير اليهودية ، ولم يسمح بتدريس المنهاج الأردني إلا في المدارس الخاصة والمدارس التابعة لوكالة الغوث ، في حين طبق المنهاج الإسرائيلي في المدارس الحكومية. ثم طبقت سلطات الاحتلال عام 1968 المناهج الإسرائيلية السائدة في المدارس العربية داخل فلسطين المحتلة 1948 في المرحلة الابتدائية و الإعدادية بهدف إعداد الطلبة للثانوية العامة الإسرائيلية ، وفي العام الدراسي 1969- 1970 أعادت السلطات الإسرائيلية تطبيق المناهج الأردنية بشكل غير رسمي . وقد أهمل الطلبة الفلسطينيين المناهج التعليمية الإسرائيلية لأنها تقوم على تشويه الحقائق الجغرافية للواقع الفلسطيني ، حيث مثلاً استبدال كلمة (فلسطين ) بكلمة ( إسرائيل ) و فيه ( القدس ) بكلمة ( أورشليم ) كما قامت بتزيف الحقائق التاريخية و طمس العقيدة الإسلامية و تشويهها ، فرأت أن الإسلام هو مجرد تربية روحية ، وتاريخ الإسلام هو تاريخ كوارث و فتن ، محاولة إقناع الطلبة بالأفكار الإسرائيلية ، و بقي هذا الحال حتى عام 1971 ، حيث اعتمدت سلطات الاحتلال سياسة أخرى منذ عام 1972 وهي استمرار تطبيق المناهج الإسرائيلية في المرحلة الابتدائية ، أما في بقية الصفوف فكانت المناهج خليط من المناهج الأردنية و المناهج الإسرائيلية. ومنذ عام 1973 و حتى الوقت الحالي عادت المدارس الإعدادية والثانوية إلى تدريس المناهج الأردنية ، أما المدارس الابتدائية فما زالت تدرس المناهج الإسرائيلية ؛ وثمة دلائل عن مساعي حثيثة من قبل حكومة نتنياهو لتهويد التعليم في مدينة القدس ؛حيث تحاول المؤسسات الاسرائيلية التضييق على الطلبة العرب في مدينة القدس لإجبارهم على ترك القدس للاستئثار بخيارات التعليم ، الأمر الذي يعرضهم للترانسفيرمن مدينة القدس تبعاً للقوانين الإسرائيلية الجائرة المشار إليها سابقاً .ولهذا تقتضي الضرورة إظهار حجم معاناة الطلبة العرب المقدسيين من جراء السياسات الإسرائيلية المبرمجة ضد قطاع التعليم العربية ؛ حيث ثمة اكتظاظ شديد في الصفوف المدرسية والدوام في غالبية المدارس على فترتين ؛ وهناك نقص حاد وكبير في المخابر في المدارس العربية في القدس ؛ ناهيك عن ضعف التجهيزات الرياضية وكذلك النقص الواضح للمعلمين والخدمات ؛ حيث لا يوجد سوى حمام لكل ستين طالب عربي في مدارس القدس ؛ وتمنع السلطات الإسرائيلية منذ عدة سنوات تطوير وتحديث وبناء غرف إضافية أو مدارس للطلبة العرب في القدس ؛ الأمر الذي يحول دون استيعاب الطلبة الجدد عبر النمو الطبيعي للسكان الذي يزيد عن ثلاثة في المائة سنوياً ؛ وتبعاً لذلك فان قطاع التعليم في مدينة القدس بحاجة إلى 1800 غرفة صف مدرسية لاستيعاب عشرة آلاف طالب هم المعروض من الطلاب الجدد سنوياً . والملاحظ أيضا أن المدارس غير مؤهلة للتدريس الجيد بسبب قدمها وعدم القيام بعملية تحديث ضرورية . ومن الأهمية الإشارة أيضاً أن وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية القدس الإسرائيلية منعتا منذ بداية العام الدراسي الحالي على 2009-2010 التعليم المجاني للطلبة العرب في مدينة القدس ؛ الأمر الذي سيحرم (30) ألف طالب وطالبة مقدسية من فرص التعليم والتحصيل العلمي ؛ وفي نفس الاتجاه تشير التقارير إلى أن (5500) مقدسي هم دون إطار تعليمي رسمي ؛ وفي ظل الحصار الاقتصادي الإسرائيلي على مدينة القدس فان الخيارات المالية باتت موصدة أمام الطالب والأسرة العربية هناك للتسجيل في مدارس خاصة ؛ وتبعاً للسياسات الإسرائيلية المطبقة بحق قطاع التعليم من فرض للمناهج الإسرائيلية ومنع للتعليم المجاني ؛ فإن حالة تسرب كبيرة ستحصل بين الطلبة العرب ؛ وفي هذا السياق تشير دراسات إلى أن نسبة تسرب الطلبة العرب في القدس قبل الوصول إلى المرحلة الثانوية وصل إلى نحو خمسين في المائة خلال العقد الأخير ؛ وسنشهد أيضاً هجرة قسرية من قبل اسر وطلاب فلسطينيين من القدس إلى مدن وقرى الضفة الغربية للبحث عن فرص تعليم مجانية؛ ما يؤدي في نهاية الأمر إلى منعهم من العودة إلى مناطق سكناهم في محافظة القدس بحجة قوانين إسرائيلية جائرة ؛ اقلها حجة الإقامة خارج القدس لأكثر من عام وبالتالي الانقضاض على عقاراتهم ومنازلهم تحت مسميات مختلفة ولتصبح بعد ذلك ملك لما يسمى هيئة ارض وأملاك إسرائيل . المكتبات في القدس : تعتبر خزائن المسجد الأقصى من أهم دور الكتب الإسلامية ، حيث كان المسجد الأقصى مركزاً فكرياً ومدرسة لتعليم العلوم الإسلامية . أما ما يخص المدارس فكان لها مكتباتها الخاصة بها، وكان لهذه المكتبات خزنة ومشرفون ، ومن أشهر هذه المكتبات المكتبة الفخرية ، حيث كانت غنية بمخطوطاتها الدينية والفلكية ، وقدر عدد مجلداتها بنحو عشرة آلاف مجلد ، كما كان هناك قاعة مخصصة لكتب الشيخ محمد صالح الإمام شيخ المدرسة الأمينية. وقد فقدت القدس نتيجة للنكبات والهجمات العديدة على مدى التاريخ بالإضافة إلى الزلازل التي أصابتها ، والمجاعات التي حلت بها ، ونزوح وهجرة وتدمير للممتلكات ، الكثير من الكتب والمخطوطات . وعندما شكل المجلس الأعلى في فلسطين عام 1921 تنبه لهذه المأساة ، فجمع الكثير من المخطوطات الباقية ، وتم إنشاء دار للكتب في المسجد الأقصى ، وقد بلغ عدد مجلدات مكتبة الأقصى حوالي أربعة عشر ألف مجلد . وبعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 للقدس سرقت سلطات الاحتلال الكثير من هذه المجلدات والكتب والمخطوطات إلى الجامعة العربية وغيرها من مراكز الأبحاث الإسرائيلية . وكان هناك العديد من مكتبات الأسر المقدسية الخاصة وقد ضاع الكثير منها بسبب الكوارث التي حلت بفلسطين والإجراءات الإسرائيلية ، ومن أشهرها المكتبة الخالدية ، و مكتبة الخليلي والبديري وغيرها . كماأن السلطات الإسرائيلية لم تبد أي اهتمام اتجاه مكتبات المدارس وتطويرها أو تزويدها بالكتب ، بل قامت بتفريغ المكتبات المدرسية من الكتب وذهبت إلى أبعد من ذلك حين احتل الجيش الإسرائيلي في شباط 2002 ، كافة المؤسسات الفلسطينية في القدس وعلى رأسها بيت الشرق الفلسطيني والمركز الجغرافي ، محاولة لتهويدها . محاولات تهويد المدينة : لم تتوقف محاولات التهويد في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وخاصة في القدس عبر التضييق على سكان القدس ومصادرة مساحات وعقارات لصالح الاستيطان الإسرائيلي في المدينة ، حيث طردت سلطات الاحتلال مئة ألف فلسطيني عام 1948 منها ونحو خمس وعشرين ألفاً عام 1967. هذه السياسة تستهدف اقتلاع الفلسطيني وطمس المعالم العربية والإسلامية في المدينة المقدسة حيث يلف القدس طوقين من المستوطنات يسكن فيها نحو (200) ألف مستوطن إسرائيلي لطمس معالم القدس التاريخية الاسلامية . وهناك مخططات جاهزة لفرض وقاع جغرافية إسرائيلية على الأرض يصعب الانفكاك عنها عند بدء المفاوضات الفعلية حول الوضع النهائي لمدينة القدس . حيث تتفق كافة الأحزاب بأن تبقى مدينة القدس الموحدة بشطريها الشرقي والغربي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل . ولتمتد مساحتها على ربع مساحة الضفة الغربية التي تصل مساحتها حولي (5800) كم2. و تبقى الاشارة الى أن السلطات الاسرائيلية حاولت منذ عام 1948 . أي منذ احتلالها الجزء الغربي و كذلك في عام 1967 بعد احتلالها الجزء الشرقي من المدينة ، حاولت وضع خطط لتهويد المدينة و تغيير معالمها العربية و الاسلامية ، فجذبت العديد من اليهود و بنت لهم أحياء يهودية تحيط بالمدينة ، و هناك محاولات لفرض وقائع على الأرض في وسط المدينة و قامت السلطات الاسرائيلية باعتداءات متكررة على المعالم التاريخية في القدس و على المقدسات . كان أهمها إحراق المسجد الأقصى في 21/8/1969 و لم تكن انطلاقة انتفاضة الأقصى في يوم الخميس 28/9/2000 ودخولها عامها الخامس سوى التعبير الحقيقي للشعب الفلسطيني للحفاظ على أرضه و قدسية القدس و حضارتها العربية ، و ما زالت القدس على الرغم من الاحتلالات المختلفة شامخة في آثارها و حضارتها و رموزها العربية المختلفة ، و لا ينقص اهلها سوى الدعم المادي و المعنوي للحفاظ على شموخها الابدي . السياسة السكانية الاسرائيلية في القدس: لم يكن لليهود تواجد سكاني يذكر في مدينة القدس ، منذ قام الإمبراطور الروماني تيتوس بتشتيت بقاياهم في العام ( 70 ) ميلادي و حتى العهد العثماني ، حيث لم يسجل خلال الفترة المذكورة سوى عائلتين يهوديتين في العام ( 1267 ) ميلادي ، و مع دخول فلسطين في العهد العثماني في عام ( 1516 ) ميلادية ، بدأ مجموع اليهود يتزايد في مدينة القدس بفعل التسامح الديني التي انتهجته الإدارة العثمانية في البداية ، و تحت وطأة تأثير الضغوط ، الاقتصادية و المادية التي تعرضت لها من الدول الأوروبية خلال عقودها الأخيرة ، فقد بلغ عدد اليهود في القـدس عــام ( 1525 ) ميلادي ، أي بعد أقل من عشر سنوات من الإدارة العثمانية ستة آلاف يهودي ، و أخذ التواجد اليهودي في المدينة بالتزايد خلال السنوات التالية ، إلى أن عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا عام 1897 . فاحتل موضوع استيطان و تهويد القدس لجهة زيادة مجموع اليهود ، مكانة الصدارة في البيان الختامي للمؤتمر المذكور ، و منذ ذلك التاريخ سعت المنظمات الصهيونية المنبثقة عن المؤتمر الصهيوني الأول كل ما بوسعها لإيجاد واقع جديد في القدس في سياق سياسة سكانية صهيونية مدروسة ، تخدم الأهداف الأساسية للحركة الصهيونية ، و بخاصة إقامة الدولة اليهودية المنشودة ،بمادتها البشرية الكافية للاستمرارية في تنفيذ حلقات المشروع الصهيوني التالية ، و قد وصل مجموع اليهود في مدينة القدس نتيجة النشاط الصهيوني إلى ( 28122 ) يهودي ، يمثلـون ( 61,9 ) في المائة من إجمالي سكان المدينة في عام 1898 ، و البالغ ( 45430 ) نسمة ( كما هو موضح في الجدول رقم 1 ) ، وكان لوعد بلفور في عام 1917 وفتح بريطانيا بكونها الدولة المنتدبة على فلسطين ، لأبواب الهجـرة اليهودية على مصرعيها ، كان لذلك بالغ الأثر في تسريع وتيرة زيادة مجموع اليهود في مدينة القدس ، إذ وصل مجموعهم إلى ( 51,2 ) ألف يهودي في عام 1931 يمثلون ( 56,6 ) في المائة من إجمالي مجموع سكان المدينة ، ما لبث أن ارتفع مجموع اليهود ليصـل ( 84 ) ألـف يهودي ، يمثـلون ( 97,2 ) من إجمالي سكان المدينة المقدسة بعد أيـار 1948 ، و قد كان لطرد العصابات اليهودية حوالي ( 100 ) ألف عربي من الجزء الغربي المحتل عام 1948 بالغ الأثر في رفع نسبة اليهود في هذا الجزء حتى عام 1967 .وهو العام الذي احتلت فيه إسرائيل الجزء الشرقي من المدينة وطردت إبانة نحو (15) ألف عربي , حيث بدأت الإحصاءات الإسرائيلية تشمل العرب في الجزء المذكور من إجمالي سكان مدينة القدس بشقيها الشرقي والغربي , ولذلك بدأت نسبة اليهود تتراجع ، بسبب الزيادة الطبيعية للعرب و التي تتعدى ( 3.5 ) في المائة ، فضلاً عن التوسعات لمدينة القدس و التي تستهدف السلطات الإسرائيلية من ورائها ضم أكبر عدد ممكن من أراضي القرى بحيث تشكل مساحة في نهاية المطاف أكثر من ربع مساحة الضفة الفلسطينية قبل البدء في مفاوضات الحل النهائي التي أجلت مراراً و تعتبر مدينة القدس مركز جذب لليهود ، و قد ساعد في ذلك الموازنات الإسرائيلية لتهويد القدس ، الـتي بات يقطن فيها في نهاية عام 2009 حـوالي ( 11) في المائة من إجمالي مجموع اليهود في فلسطين و البالغ عددهم حسب معطيات مكتب الإحصاء الإسرائيلي بنحو ( 5.5) ملايين يهودي؛ أي ان هناك نحو 605000 يهودي يقطنون المدينة بشقيها الغربي المحتل عام 1948 والشرقي المحتل عام 1967 منهم 180 الف في الجزء الشرقي ؛ في مقابل 230 الف مقدسي (10) . و بالنسبة لمستقبل القدس الديموغرافي ، فإن السياسات السكانية الاسرائيلية تستهدف خلق هيمنة ديموغرافية يهودية مطلقة في القدس ، حسب تصريحات أصحاب القرار في إسرائيل ، و قد أوضح رئيس الوزراء الاسبق الارهابي ارئيل شارون – الميت سريرياً – وكذلك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة " بأنه يجب أن يكون في القدس ، العاصمة الأبدية لإســرائيل ، أغلبية يهوديـة ، و نحن نسير و من رؤية بعيدة بحيث يكون في القدس الكبرى مليون يهودي " . و من الناحية العملية وضعت مخططات إسرائيلية تستهدف جعل اليهود أكثرية ساحقة في القدس الشرقية المحتلة عام 1967 ، بحيث ستعتمد الزيادة المقترحة لليهود في المدينة على استيعاب اليهود القادمين من الخارج عبر الهجرة اليهودية الكثيفة ، جنباً إلى جنب مع الزيادة الطبيعية لليـــهود ، و ستواكب هذه الزيادة لليهود في مدينة القدس سياسات اجلائية للعرب منها عبر إبطال شرعية إقامتهم في مدينتهم من خلال اتباع الحالات التالية (11) : 1. إذا عاش الفلسطيني خارج القدس سبع سنوات متتالية . 2. إذا حصل على جنسية أخرى . 3. إذا سجل إقامته في بلد آخر . و تبعاً لهذه الحالات فإن المصادر الإسرائيلية تقدر عدد العرب في القدس المعرضين لفقدان بطاقة الهوية العائدة لهم بنحو ( 50 – 60 ) ألف عربي ، و هذا يعني ترحيلهم من مدينة القدس أو إبقائهم خارجها ، و اللافت للنظر أن كافة الإجراءات الإسرائيلية لترحيل عرب القدس وضعت وفق أحكام القانون الإسرائيلي الدقيق و المخططة سلفاً فصاحب الأرض : وفقاً لنسق تطور الملكية و السكان ، معرض في أي لحظة لسلب حقه و إقامته ، بينما يكفي لليهودي الآتي من دول العالم المختلفة أن يعلن نية القدوم إلى فلسطين حتى يصبح مواطناً في القدس ، و لا يفقدها حتى لو غاب ( 7 ) سنوات أو سبعين سنة أو حمل جنسية أخرى ، على عكس العربي صاحب الأرض الذي يفرض عليه قوانين إسرائيلية جائرة ، لاستلاب أرضه و تهويدها بكافة الوسائل ، و خاصة عبر مصادرة مزيد من الأراضي في القدس و بناء المستوطنات عليها لتلف المدينة من كافة الاتجاهات و تعزلها على باقي المدن و القرى في الضفة الفلسطينية . الاهداف الديموغرافية للجدار العازل في القدس وحولها : أكد الجهاز المركزي للإحصاء في تقرير له صدرفي منتصف عام 2009 أن إسرائيل هجّرت 2173 أسرة من المدن والقرى والبلدات الفلسطينية من خلال إقامتها لجدار الفصل العنصري على حساب الأراضي الفلسطينية. ويلاحظ من خلال البيانات التي يعرضها التقرير، أن المجتمع الفلسطيني يعاني من مشاكل عديدة، منها كثافة سكانية مرتفعة، ومعدلات بطالة مرتفعة، وارتفاع معدلات الفقر، وصعوبة في الوصول إلى المدارس والجامعات والمرافق الصحية، وتدمير في المباني والمنشآت والبنية التحتية، خسائر في الاقتصاد الوطني. ووفق ما جاء في التقرير، فقد هجرت إسرائيل ما مجموعه 2,173 أسرة تشمل 11461 فرداً من المدن والقرى والبلدات الفلسطينية التي تأثرت بالجدار، منهم 6379 من الذكور و 5082 من الإناث. ويلاحظ من التقرير، أن محافظة القدس كان لها النصيب الأكبر من عمليات التهجير، إذ هجر منها 1150 أسرة تضم 5920 فرداً، مما يعني أن الحكومة الإسرائيلية تركز بشكل أساسي على هذه المدينة التي تدور حولها مفاوضات مضنية لاعتراف إسرائيل بالقسم الشرقي منها كعاصمة للدولة الفلسطينية. وأورد التقرير، أن عدد السكان المقدر في الربع الثاني من العام 2009 في الأراضي الفلسطينية بلغ 3.805 ملايين نسمة، منهم 1.928 مليون ذكر و1.877مليون أنثى، بنسبة جنس مقدارها 102.7 ذكور لكل مائة أنثى. ويتوزع السكان حسب ما جاء في التقرير بواقع 2408 مليون في الضفة الغربية، منهم 1221 مليون ذكر و1187 مليون أنثى، بنسبة جنس مقدارها 102.8 ذكر لكل مائة أنثى وحوالي 1397 مليون في قطاع غزة منهم 707 ألف ذكر و690 ألف أنثى، بنسبة جنس مقدارها 102.5 ذكر لكل مائة أنثى. وبينت نتائج المسوح التي نفذها الجهاز مؤخراً، حول أثر جدار الضم والتوسع على التجمعات الفلسطينية التي يمر من أراضيها، أنه تم عزل 21958 فرداً غرب جدار الضم والتوسع، إضافة إلى 41774 فرداً تم عزلهم في تجمعات محاطة بالجدار، و14949 فرداً يقيمون في تجمعات فصلها الجدار إلى أجزاء. وبلغ عدد التجمعات الواقعة غرب الجدار، والتي لا يتوفر فيها مدارس أساسية للذكور أو للإناث 14 تجمعاً من إجمالي 19 تجمعاً تقع غرب الجدار، بينما لا تتوفر المدارس الثانوية للذكور في 17 تجمعاً من هذه التجمعات، و16 تجمع لا تتوفر فيها مدارس ثانوية للإناث، بينما تتوفر مدارس مختلطة في 7 تجمعات من هذه التجمعات. وبالنسبة للمواقف الاسرائيلية من أهمية الاستيطان الاسرائيلي في القدس ،هناك شبه إجماع في الخارطة و الكتل السياسية الإسرائيلية ، بل و الإسرائيليين عموماً على ضم القدس و تهويدها ، باستخدام كل السبل المؤدية إلى ذلك ، و في طليعتها بالطبع : الاستيطان الرامي إلى " خلق الوقائع الجديدة " . و ليس أدل على شبه الإجماع ذلك من نتائج الاستفتاء الذي أجراه معهد البحوث الاجتماعية العلمية ، و بالاشتراك مع معهد العلاقات التابع للجامعة العبرية في شهري آذار و نيسان 1971 ، و نشرتها الصحافة الإسرائيلية ، فعلى السؤال : " من أجل التوصل إلى اتفاق سلام هل على إسرائيل أن تتنازل عن المناطق التالية (12) : أولاً - القدس القديمة التي وضعها المشرفون على الاستفتاء ، و كانت الإجابات كالتالي : 93 % عدم التنازل أبداً . ثانياً - 6 % التنازل الجزئي بحيث تكون القدس القديمة تابعة لإسرائيل و العرب . ثالثاً - 1 % التنازل عن كل القدس . لقد نجم عن شبه الإجماع هذا عن طبيعة النظرة الصهيونية ، و من ثم الإسرائيلية للقدس ، و هي نظرة من خلطة عجيبة ما بين المقدس والسياسي و دواعي الأمن ، لتوسيع و لتهويد القدس وإلغاء طابعها العربي و الإسلامي يقول " ثيودور و هرتزل " : " إذا حصلنا يوماً على القدس ، و كنت لا أزال حياً و قادراً على القيام بأي شيء ، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها ، و سوف أجرف الآثار التي مرت عليها قروناً " (13) ، أما بن غوريون فيلخص المسألة على نحو أكثر تكثيفاً بقوله : " لا معنى لإسرائيل بدون القدس ، و لا معنى للقدس بدون الهيكل " (14) . و في تصريح " لشمعون بيرس " محاولة لاجمال الأهداف الإسرائيلية من استيطان و تهويد القدس ، ففي مطلع عام 1970 ، قال "شمعون بيرس " ( و كان يتولى آنذاك وزارة الاستيعاب ) : " سيأتي إلى إسرائيل خلال الأعوام الأربعة القادمة ما يقارب ربع مليون يهودي ، و ينبغي إسكان هؤلاء المهاجرين في القدس لكي يتحقق هدف ديموغرافي و سياسي و اجتماعي من الدرجة الأولى " (15) . وعلى خلفيات الأهمية التي أيدها منظرو و قادة الحركة اليهودية و إسرائيل ، فقد وجد كل صهيوني ضرورة لاستيطان القدس و تهويدها ، و كانت الأحزاب الدينية في إسرائيل من أوائل الأحزاب الداعية لتهويد القدس من خلال مصادرة أراضيها و بناء المستوطنات فيها و تغيير معالمها الجغرافية و الدينية ، و كانت عمليات مصادرة الأراضي في القـدس لدواعي الأمن تتبوأ على الدوام خلال السـنوات الممتــدة ( 1948 – 2009 ) مركز الصدارة ، حيث تجري بعد ذلك أساليب الترغيب و الترهيــــب و الاحتيال شقة للشراء و السرقة ، و تحت حجج القوانين الإسرائيلية الجائرة إزاء العرب في القدس ، منذ عام 1948 توضحت السياسة الإسرائيلية في القدس لجهة فرض وقائع يهودية ، من خلال إزالة المعالم العربية و الإسلامية ، و ترحيل ما أمكن من العرب فضلاً عن محاولة جذب المزيد من المهاجرين اليهود إليها ، و بموجب قانون الغائبين لعام 1950 وضعت السلطات الإســــرائيلية يدها على ( 80 ) (16) في المائة من أراضي و عقارات الجزء الغربي من المدينة الذي احتل عام 1948 ، و تم نقل وزارة الخارجية الإسرائيلية لذلك القسم في عام 1952 ، في حين تم افتتاح مقر الكنيست هناك عام 1966 ، و بعد احتلال الضفة و القطاع في عام 1967 ، أصبح اليهود يملكون ( 84 ) (17) في المائة من عقارات القدس القديمة ، و حوالي ثلثي المساحة الكلية للقدس القديمة ، و يتجلى التركيز الشديد للسياسة الإسرائيلية على الاستيطان في القدس ، حيث يلاحظ أن غالبية المستوطنين اليهود في الأراضي الفلسطينية يستوطنون الأحياء اليهودية في القدس ، وفي سياق الإجراءات الإسرائيلية ، فإن مشروع " القدس الكبرى " الذي يحتوي إضافة لمدينة القدس ، ثلاث مدن و سبع و عشرون قرية فلسطينية ، و المدن هي : بيت لحم ، بيت جالا ، وبيت ساحور ، إن ذلك المشروع يعتبر من أهم المشاريع الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة . و كان قرار الكنيست الإسرائيلي بضم القدس الشرقية في 29 / 7 / 1980 ، منعطفاً حاسماً في توجيهات القادة و المخططون الإسرائيليون لجهة استيطان و تهويد المدينة ، و إحلال التوازن ثم التفوق الديموغرافي لليهود في المدينة المقدسة فيما بعد . وقد اتبعت السلطات الإسرائيلية سياسة استيطانية خاصة في القدس ارتكزت على ثلاثة محاور أساسية(18) : أولاً : محور يتعلق بالقدس القديمة ( داخل الأسوار ) : إذ شرعت سلطات الاحتلال بعد احتلال الجزء الشرقي من مدينة القدس بعملية تهويد واسعة داخل حدود البلدة القديمة ، فقامت بتدمير حي المغاربة المجاور للمسجد الأقصى و أجلت سكانه دون أن تتاح لهم فرصة لاخلاء أثاثهم ، و أجلت أيضاً سكان حي الشرف ، و اتبعت سياسات أخرى داخل الأسوار لمصادرة أكبر مساحة ممكنة و تهويدها . ثانياُ : محور يتعلق بالقدس الجديدة ( خارج الأسوار ) : بوشر في تنفيذ المخطط الاستيطاني خارج أسوار المدينة منذ عام 1968 ، و تنفيذ للمخطط صادرت سلطات الاحتلال 3360 دونماً ، ضمت إلى مباني الجامعة العبرية على جبل سكويس مع حزام عريض يربطها بغرب القدس ، وكانت هذه الخطة تهدف بشكل أساسي إلى إيجاد اتصال مستمر و مباشر ما بين القدس الغربية ، و الجيب الإسرائيلي على جبل سكويس ، الذي يضم الجامعة العبريـــة و مستشفى هداسا ، و الهدف الثاني يتمثل في إيجاد طوق من الفواصل السكنية ة البشرية ، ما بين مركز القدس و شمالها ، والسيطرة على الطريق الرئيسي القدس – رام الله ، من خلال سبع مناطق سكنية في مجمعين رئيسيين ، الأول في جبل سكويس و التـلة الفرنســية . و يضم ثلاث مناطق و هي ( الجامعة العبرية ) شمالاً ، و ( جفعات شابيرا ) جنوباً ، و المجمع الثاني ( رومات أشكول ) ، و ضم أربع مناطق . ثالثاً : محور القدس الكبرى : يعمل مخطط القدس الكبرى على الاستفادة من المساحة الجغرافية و الطبوغرافية التي تمت مصادرتها ، و يأتي هذا المخطط دون أن يترتب على ذلك أعباء ديموغرافية تتعلق بازدياد نسبة العرب داخـل المدينة ، و تبلغ مساحة المنطقة المقتـرحة ( 446.3 ) ألف دونم ، و هي تزيد عن مساحة القدس الموحدة بأكثر من أربع أضعاف و تضم بالإضافة إلى القدس كل من مدن و قرى رام الله و البيرة و بيتونيا شمـالاً ، و بيت لحم و بيت ساحور و بيت جالا جنوباً ، و أكثر من (44 ) قرية عربية و تمتد المنطقة على شكل دائرة نصف قطرها ( 15 ) كم و مركزها القدس ، و تتوزع المساحة المخصصة للمدينة الكبرى إلى : 1- المساحة المخصصة للسكان العرب : حوالي ( 58.9 ) آلاف دونم أي ما نسبته ( 13 ) في المائة من مساحة المشروع ، في حين تصل مساحة الإسكان اليهودي ( 76.6 ) ألف دونم تمثل ( 17 ) في المائة من مساحة المشروع . 2- المساحة المخصصة للحدائق : حوالي ( 6.5 ) في المائة من مساحة المشروع . 3- مساحة الطرق : و تمثل منطقة المطار ( 4 ) في المائة . 4- مساحة الأراضي الزراعية : ( 59.5 ) في المائة من مساحة المشروع . و بشكل عام فإن الهدف من مشروع القدس الكبرى هو الاستئثار بأكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية و أقل ما يمكن من السكان العرب ، و جذب المزيد من المهاجرين اليهود واستيعابهم في الأحياء الاستيطابية اليهودية في القدس من خلال توسيعها و تخصيص الموازنات لذلك ، أو عبر إنشاء أحياء يهودية جديدة ، حظيت القدس بشقيها الغربي المحتل عام 1948 أو الشرقي المحتل عام 1967 باهتمام فائق من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال الفترة ( 1948 – 2008 ) ، لجهة فرض وقائع استيطانية على شكل أطواق تلف القدس من كافة الاتجاهات لعزلها جغرافياً و سكانياً عن المناطق الفلسطينية الأخرى . و قد أدى النشاط الاستيطاني* الإسرائيلي الهادف لتهويد القدس ، إلى إيجاد عدداً من النقاط الاستيطانية ( داخل أسوار المدينة ) ، و ( 12 ) ضاحية استيطانية ، تحوطها مستوطنات مدنيّة ، ومن بينها معاليه أدوميم أكبر مستوطنات الضفة ، ويستوطن هذه المنطقة نحو ( 140 )ألف يهودي (19) ، ويلاحظ في توزيع هذه الضواحي و المستوطنات أنها تنتظم في طوقين متّحدي المركز ، ويتكون الطوق الداخلي من الأحياء التي أقيمت في القدس الشرقية ، بهدف إيجاد أكثرية يهودية فيها نفسها ، من خلال توفيرها السكن للمستوطنين اليهود ، و تقييد البناء العربي و منع زيادة السكان العرب في آن واحد ، و هي تشكل أيضأ حاجزاً مادياً متراصاً ، يفصل القدس عن الضفة الفلسـطينية ، أما الطوق الثاني الخارجي فيحيط بالقدس من جهات الجنوب و الشرق و الشـمال ، و يتكون من سلسلة مستوطنات تبعد أقصاها ( 11 ) ميلاً ( أي نحو 17 كيلو متر ) عن مركز القـدس ، وهذه المستوطنات هي (20 ) : بيتار ، معاليه أدوميم ، مخماس ، أدام ، أيير يعفوت ، غفعات زئيف و هارأدار ، إضافة إلى كتلة مستوطنات عشيون المكونة من ( 16 ) مســتوطنة . *قالت منظمة العفو الدولية أن السلطات الاسرائيلية دمرت ما لا يقل عن 2650 منزلاً من منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية بما في ذلك القدس ، و فقد 16700 فلسطيني منهم 7300 طفل بيوتهم جراء ذلك و يسكن هذه المستوطنات نحو ( 33 ) ألف يهودي ، وتقع هذه المستوطنات الأخيرة خارج حدود صلاحية بلدية القدس ، وهذا ما يطرح المشكلة التالية : إذا كان مفهوم منطقة الصلاحية محـــدداً و واضحاً ( كما هو الحال ) ، فالأمر ليس كذلك بالنسبة إلى مصطلح القدس الكـبرى ( أو أنه على الأقل ليس كذلك دائماً ) ذلك بأنه على الرغم من استخدام المصطلح – كما رأينا منذ بداية الاحتلال حتى الآن ، بأنه لم يكن يعني المنطقة نفسها دائماً ، كما أن ثمة إيحاء بأنه مرادف لمصطلح أخر هو : القدس المتروبوليتانية ( حاضرة القدس ) فبعض المصادر ، تتحدث عن منطقة القدس الكبرى بأنها تشمل دائرة حول المدينة يتراوح نصف قطرها بين( 15 – 20 ) كيلو متر ، ثم تتحدث في السياق نفـسه، عن منطقة متروبوليتانية للقدس تشمل مستوطنات ، بيتار عيليت ، ومعاليه أدوميم ، و كيــدار ، و غفعات زئيف ، و هي مستوطنات تقع خارج حدود منطقة الصلاحية بالتأكيد ، و خارج حدود القدس الكبرى بحسب تعريفات أخرى ، كما أن إشارات أخرى تتضمن حدوداً للقدس الكبرى ، باتجاه رام الله شمالاً ، و الخليل جنوباً ، و التلال المشرفة على أريحا شرقاً ، و الهدف من هذه التعريفات المختلفة للقدس الكبرى و خطط الاستيطان ، هي التضليل المعتمد للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة (21)، و إبقاء الاحتمالات مفتوحة في القدس على كافة التجاهات ، وخاصة لجهة توسيعها إلى أكبر من ربع مساحة الضفة الفلسطينية ، وفرض أمر الواقع الاستيطاني حتى عام 2020 بحيث يصبح العرب اقلية في شطري القدس لاتتعدى نسبتهم 12 في المائة ؛ في حين يمثلون في عام 2010 نحو 27 في المائة ؛ وكل ذلك بغية فرض الامر الواقه التهويدي وشطب امال الفلسطينيين بجعل القدس عاصمة لدولتهم المنشودة ........ يـــتـــبع
لا يوجد صور مرفقة
|