كان الحلم الصهيوني التاريخي الذي دغدغ –وما يزال- مؤسسي الدولة الصهيونية، أن يستيقظوا ذات صباح ليجدوا أن"البيئة الاستراتيجية-العربية-المعادية لهم" وقد اختفت، وحلت محلها "بيئة استراتيجية صديقة آمنة لهم"، فكانت القيادات الصهيونية التاريخية -مثل بن غوريون وبيغن وديان ومئير وشامير ورابين وغيرهم-، تتمنى دائما ان تستيقظ لترى فجرا جديدا وبيئة استراتيجية عربية جديدة غير معادية تستريح فيها "اسرائيل" لمدة اربعين عاما او اكثر، ولذلك حرصت تلك الدولة على مواصلة حروبها العدوانية ضد العرب من اجل تكريس روح الهزيمة في وعيهم، وتدجينهم واجبارهم على التأقلم مع الهزيمة لأطول فترة من الزمن، فالمؤسسة الصهيونية حرصت على مدى العقود الماضية على الادعاء بأن حروب "اسرائيل" مع العرب هي حروب وجود وبقاء، لذلك كانت "اسرائيل" في كل حروبها هي المبادرة والمعتدية، ولكنها كانت تزعم على الدوام انها انما تشن حروب "دفاع عن النفس" او حروب "حياة او موت في مواجهة الارهاب" او "حروب استمرار لحرب الاستقلال"...وغير ذلك الكثير من الادعاءات! ...
لم يخطر ببال تلك القيادات على سبيل المثال ان يحقق العرب الاعراب بأيديهم ذلك الحلم الصهيوني، فكان الانقلاب الذي قام به السادات على العهد الناصري العروبي المعادي للصهيونية والاستعمار، محطة وركيزة خطيرة جدا ساهمت في تحول البيئة الاستراتيجية المحيطة الى بيئة هادئة مدجنة بل وحامية للوجود الصهيوني، ما اسعد واراح الدولة الصهيونية من الحروب لأربعين عاما.
وفي هذه المضامين الاستراتيجية، قال جنرالهم الاسبق موشيه ديان :"اننا/اي اسرائيل/ كالقلب المزروع في هذه المنطقة غير ان الاعضاء الاخرى /ويقصد العرب/ هناك ترفض قبول هذا القلب المزروع، ولذلك لا خيار امامنا سوى حقن هذا القلب بالمزيد والمزيد من الحقن المنشطة من اجل التغلب على هذا الرفض"، أي العمل على تهيئة المناخات الفلسطينية والعربية لتتأقلم مع القلب المزروع، وثبت ديان حقيقة كبيرة مؤكدا :" لقد زرعنا انفسنا هنا عن وعي، وفعلنا ذلك مع علمنا بان محيطنا لا يرغب بنا، ولكن الامر بالنسبة لنا حتمية حياتية، لان هذا القلب لا يمكنه ان يعيش في اي مكان آخر..." !
فهل يا ترى اخذ حلم ديان يتحقق بفضل الاعراب المطبعين الذي يساهمون اليوم في تحطيم الجدران العربية المناهضة للعدو ...!؟، الاعراب الذين تحولوا الى ابواق لتسويق الرواية الصهيونية التوراتية على حساب الرواية والحقوق العربية التاريخية في فلسطين....؟!.
نأمل ان يأتي يوم الحساب التاريخي لكل هؤلاء المتواطئين مع العدو...إن غدا لناظره قريب.....؟!