بقلم: الدكتور حسن زيد بن عقيل
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 29-10-2023 - 310 حركة حماس هي إحدى القوتين السياسيتين الرئيسيتين في الأراضي الفلسطينية. والأخرى هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” ، وهي منظمة علمانية، تبنت الكفاح المسلح على غرار الحركات اليسارية الأخرى. في عام 1974، اعترفت القمة العربية بحركة فتح باعتبارها ” الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”. خلال هذه الفترة ، كانت جماعة الإخوان المسلمين تنشط في الأراضي المحتلة و تجنبت الصراع المسلح وكرست نشاطها للعمل من أجل مجتمع أكثر تدينًا (إسلاميًا). اعترفت إسرائيل بالجماعة الإسلامية كمنظمة خيرية وسمحت لها بالعمل بحرية. واعتبرت إسرائيل الجماعات الإسلامية وسيلة لإضعاف نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية (العلمانية) . كما اعتبرت السكان الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها مسالمين إلى حد كبير ومصدرًا رخيصًا للعمل اليدوي داخل إسرائيل . وهكذا واصلت إسرائيل توسيع المستوطنات اليهودية في غزة والضفة الغربية ومصادرة الأراضي العربية. ولم تكن في حسابات إسرائيل أن الجماعات الإسلامية لديها حسابات أخرى ، تشكيل وبناء بيئتها الخاصة. بعد ذلك أسسوا الجامعة الإسلامية في غزة، التي أصبحت أرضاً خصبة لتوسيع حاضنتهم الاجتماعية. و اخيراً أدركت إسرائيل هذا الخطأ مع انتفاضة الشباب الفلسطيني(الانتفاضة الأولى عام 1987) والتي تكللت بالنجاح ، وكان من نتائجها : أولاً، ساعدت الفلسطينيين على تأسيس هويتهم بشكل مستقل عن الدول العربية المجاورة وأجبرت إسرائيل على الدخول في مفاوضات معهم. ثانياً، عزز دور عرفات في التوصل إلى اتفاقيات مع إسرائيل. بداية من عملية أوسلو للسلام عام 1993، التي كان هدفها تحقيق “حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”. رغم أن إسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، لم يقبل مبدأ الدولة الفلسطينية. أنشأت اتفاقيات أوسلو السلطة الوطنية الفلسطينية وضمنت حكمًا ذاتيًا محدودًا على أجزاء من الضفة الغربية و قطاع غزة . شريطة أن تؤدي المفاوضات اللاحقة إلى حل القضايا الأخرى ، مثل وضع القدس ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية وحق العودة لملايين الفلسطينيين . ووفقا لاتفاقيات أوسلو في يوليو 1994، عاد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ، ياسر عرفات، إلى غزة. ومن مخيم – جباليا قال : ” دعونا نتحدث بصراحة. هذا الاتفاق قد لا يلبي تطلعات البعض منكم ، لكنه كان الحل الأفضل الذي يمكن أن نحصل عليه في ظل الظروف الدولية والعربية الحالية “. صحيح أن الموقف التفاوضي لمنظمة التحرير الفلسطينية مع تل أبيب كان في ذلك الوقت ضعيفاً. ثالثا، بعد الانتفاضة مباشرة، استغل الشيخ أحمد ياسين (شخصية كاريزمية عاش في غزة) حيوية الجماعة الإسلامية خلال الانتفاضة وأسس حركة حماس. لقد كشف طوفان الأقصى عن هشاشة وضعف الكيان الإسرائيلي ، وقدم القضية الفلسطينية بشكل مختلف عما كانت عليه عام 1993 خلال مفاوضات أوسلو للسلام . حينها كان الموقف التفاوضي لمنظمة التحرير الفلسطينية مع تل أبيب ضعيفا وانتهت المفاوضات باتفاقيات أوسلو الضعيفة . وهو ما اعتبره بعض الفلسطينيين البارزين شكلاً من أشكال الاستسلام . و الآن طوفان الأقصى سوف يخلق موقف تفاوضي مستقبلي قوي و سيجعل تل أبيب في موقف أضعف هذه المرة . كما أعادت عملية ” طوفان الأقصى” زخم القضية الفلسطينية في الأجندة الإقليمية، وأنهت احلام تل أبيب في قرب إعلان ” الموت الإكلينيكي ” للقضية الفلسطينية. نتيجة فيضان الأقصى، فرضت معطيات جديدة جعلت من القضية الفلسطينية موضوعا [رقم 1 مهم ] . لا يمكن تجاهله في حسابات المشاريع الإقليمية المرتبطة بالاتجاهات الجيوسياسية الجديدة في العالم المتغير. إن المرارة والكراهية، وكذلك اليأس الفلسطيني من استخفاف الدول العربية بالقضية الفلسطينية ، فرض على كل محور مقاومة ” قطاع غزة ” البدء بعملية ” طوفان الأقصى ” ، وهي تدرك جيداً أن رد إسرائيل وحلفائها سيكون كارثياً على قطاع غزة. علاوة على ذلك، فإن الدعم الأميركي لإسرائيل سيعطي الصين الفرصة لتوسيع مبيعات الأسلحة الصينية إلى الدول العربية غير الراضية عن السياسة الأميركية، لكن الصين تريد أيضاً حل الأزمة لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة. وبمرور الوقت يزداد إنغماس الصين في الشرق الأوسط بسبب هذا الصراع. وستلعب بكين دوراً أكبر في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب وتأمين مصالحها الاقتصادية ، فضلاً عن رغبتها في الاستفادة من إحباط الدول العربية من الولايات المتحدة لترسيخ نفسها كقوة عظمى في المنطقة.
لا يوجد صور مرفقة
|