بقلم: الدكتور زكريا حمودان
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 29-10-2023 - 314 انطلقت معركة «طوفان الأقصى» من غزة حيث حققت نجاحًا قد يكون من أهم الانتصارات التي تسبق انتهاء المعركة مع العدو الاسرائيلي. لكن ما بعد «الطوفان» بات أكثر تعقيدًا مما قبله بكثير، فالعملية التي حدثت خرجت عن إطارها المتوقع بسبب تهاوي خطوط العدو العسكرية بنحو غير مسبوق الامر الذي ضاعف نتائج ما كان مخططًا بحسب مصادر قيادية فلسطينية. لا شك في انّ الإرباك الذي سبّبته العملية التي قد تُعتبر الأكبر في التاريخ المعاصر ضمن النزاع مع العدو الاسرائيلي أدّى الى هستيريا غير مسبوقة لدى القيادة العسكرية والسياسية لديه، من دون ان ننسى تصاعد ظاهرة التطرّف في الحكم هناك. هذه الهستيريا ادّت الى اطلاق العدو لكافة انواع الحقد والكراهية لديه تجاه المواطنين العزّل في قطاع غزة، خصوصاً انّه لم يستطع حتى الآن تحقيق اي انتصار عسكري ميداني، بحيث تؤكّد مصادر قيادية فلسطينية انّ البنية العسكرية لفصائل المقاومة داخل قطاع غزة ما زالت صلبة وتنتظر اي دخول بري للعدو لتلقّنه هزيمة أخرى تُضاف الى الهزيمة التي افتتحت معركة «طوفان الأقصى». بعد 24 ساعة على انطلاق النزاع بدأت الساحات تتحرّك تدريجيًا لتتحول الى 4 مستويات: المستوى الأول: ساحات المواجهة المباشرة، أي الجبهات. في هذا المستوى كل الساحات المفترضة قد تحرّكت بنسب متفاوته على الشكل الآتي: 1- ساحة غزة حيث المواجهة الرئيسية والتي لم يستطع العدو الاسرائيلي ان يحقق فيها اي انتصار عسكري يُذكر، فيما أثبت للعالم بأنّه أكثر كيان دموي ومجرم على وجه الارض. 2- ساحة جنوب لبنان حيث كُسرت قواعد الاشتباك التقليدية وانفتحت الجبهة على طول 100 كلم وفي مختلف المواقع المواجهة للحدود اللبنانية، سواء كانت ضمن الاراضي اللبنانية التي يحتلها العدو الاسرائيلي او خارجها، حيث مواقعه التي يحتلها ضمن الاراضي الفلسطينية المحتلة، وقد لقنّت المقاومة العدو الاسرائيلي خسائر بشرية فادحة وأعتدة عسكرية متطورة، مع الإشارة الى انّ نسبة النجاح الذي تحقّقه ضربات المقاومة في الميدان مرتفعة جدًا. 3- ساحة الداخل الفلسطيني وتحديدًا الضفة الغربية، التي من المؤكّد انّها لم تُقدّم كل شيء حتى اللحظة، وهي ما زالت تمتلك ما ستقدّمه تدريجيًا خلال المعركة. 4- ساحة جنوب سوريا، حيث حصلت بعض العمليات التي ما زالت محدودة مما يشير إلى انّ الحاجة لكشف اوراق هناك لم يحن وقتها.
المستوى الثاني: ساحات المواجهة للفصائل البعيدة في هذا المستوى نتحدث عن الساحات التي شهدت جهوزية وتطوراً عسكرياً كبيراً في السنوات الاخيرة. وهنا توجد ساحتان رئيسيتان على الشكل الآتي: 1- ساحة العراق التي تشكّل خطًا رئيسيًا ساهم ويساهم في تعزيز قدرات ساحات المواجهة المباشرة، من دون ان ننسى جهوزية فصائل المقاومة العراقية التي نفّذت بعض العمليات ضمن سقف المواجهة حتى الآن. 2- ساحة اليمن التي وجّهت رسالة أولية ربما ستلحقها رسائل أُخرى مرتبطة مباشرة بحجم المعركة وتطورها في الايام المقبلة.
المستوى الثالث: إيران وسوريا عند دخولنا في المستوى الثالث نكون قد دخلنا في التحوّل من النزاع مع فصائل المقاومة في المنطقة الى النزاع الدولي على المستوى الاقليمي، بحيث يكون الدور الايراني والسوري هو الأساس في هذه المعركة. يشير مصدر قيادي فلسطيني الى انّ وجود الاميركي في المنطقة يجعل كل الاحتمالات مفتوحة نحو التصعيد الدولي، ربما قد يذهب بنا نحو نزاع شامل في حال تدحرجت الاوضاع دراماتيكيًا، وهنا يكون التدخّل الايراني متوقعاً، وقد يكون في إطار إمدادات النفط عبر مضيق هرمز او أبعد من ذلك، فيما يبقى الدور السوري محصوراً في مهمّات محدّدة، نظرًا لخصوصية المرحلة التي تمرّ فيها سوريا الخارجة من معارك مُنهكة ضدّ الإرهاب لا تلغي دورها ابدًا لكن قد تجعله محدوداً في الاطار اللوجستي.
المستوى الرابع: روسيا، الصين والمجتمع الدولي عند هذا المستوى يبدأ الحديث عن الشق الجيوسياسي، حيث نكون قد تحوّلنا من معركة طوفان الاقصى الى معركة جيوسياسية كبيرة بدأت معالمها تظهر في الامم المتحدة، حيث الدور المهمّ لهذه الدول في استخدام حق النقض «الفيتو». كما لا بدّ من التطرّق للأبعاد الاقتصادية التي تجعل من تحرك روسيا والصين في مواجهة المصالح الاميركية في المنطقة امرًا واقعًا. من المؤكّد اليوم انّ تطور النزاع يساهم في تبدّل مسار الحرب من ضمن ساحات النزاع ضمن المستوى الاول، الى ساحات أخرى في مختلف المستويات بحسب مقتضيات المعركة.
لا يوجد صور مرفقة
|