بقلم: خميس بن عبيد القطيطي
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 10-06-2023 - 372 .. على أسوار دمشق تحطمت جحافل الغزاة وفيها قامت الحضارات، وعلى أرض الشام يرقد الأنبياء والصحابة والأولياء، دمشق عاصمة الأمويين واستقبلت جيوش الفاتحين، هي أحد ثغور الإسلام والمسلمين، قال فيها الشاعر العربي الكبير نزار قباني:
والدهر يبدأ من دمشق وعندها*** تبقى اللغات وتحفظ الأنساب ودمشق تعطي للعروبة شكلها *** وبأرضها تتشكل الأحقاب”.
“يا شام أين هما عينا معاوية ** وأين من زحموا بالمنكب الشهبا فلا خيول بني حمدان راقصة زهوا،** ولا المتنبي مالئ حلبا وقبر خالد في حمص نلامسه ** فيرجف القبر من زواره غضبا يا ابن الوليد ألا سيفا تؤجره ** فكل أسيافنا قد أصبحت خشبا دمشق يا كنز أحلامي ومروحتي ** أشكو العروبة أم أشكي لك العربا؟” هكذا هي دمشق كانت وما زالت تنقش التاريخ على صفحات المجد وكل تاريخها ملاحم وهي على موعد أخير للفصل بين الحق والباطل. لذا لن نستغرب أن خرجت من تحت الركام والنار كطائر العنقاء لتحلق في فضاءات السلام والوئام ليعمها الاستقرار والازدهار، وتعود كما كانت دمشق هي القلعة الحصينة وقلب العروبة النابض، فصمدت سياسيا وعسكريا رغم كل أنواع الاستهداف، فلم تهادن ولم توقع معاهدات مع العدو؛ لأنها تعلم جيدا أن “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، ودمشق هي حاضنة المقاومة وهي الداعم الأول لها ، وسوريا وحدها واجهت الاجتياح الصهيوني في لبنان عام 1982م، ولذلك لن نستغرب أن تكون هي محط استهداف الأعداء على الدوام، هكذا هي دمشق، وهكذا تاريخها المشرف الذي يعيد نفسه اليوم، فقد أراد لها القدر أن تتوج بتاج المجد والشرف والصمود. اليوم وبعد سبع سنوات عجاف يحكم الجيش العربي السوري سيطرته على غالبية المحافظات السورية، وما تبقى منها في إدلب وشرق الفرات ستعود حتما سلما أو “حربا” كما أعلنها ويعلنها الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد دائما في كل مقابلاته مع وسائل الإعلام المختلفة، ولم تخطئ بوصلة الدولة السورية هذا الاتجاه منذ بدء الأحداث، في دلالة قاطعة على وجود قيادة حكيمة تدير الأزمة بقدر كبير من الاحتراف، فكانت مراكز الثقل هي الضامن الحقيقي لصمود سوريا أمام تلك الهجمات الشرسة من الإرهاب المدعوم دوليا بالمال والسلاح، تعززه وسائل إعلام بالأكاذيب، واستخدم فيها كل الطرائق الخبيثة والاتهامات الملفقة للتأثير على عواطف الناس بالصور والمشاهد المؤلمة، هكذا عندما تجتمع قوى الشر، فقد نجحت تلك القوى الشيطانية في إسقاط العراق ثم ليبيا، وهكذا يراد أن يتم التأثير والتغيير من الخارج وبأدوات من الداخل وفقا لمخطط خبيث، في ظاهره الخير وفي باطنه السم الزعاف، وهو ما سمي بالموت البطيء، وقد تحدث عنه بعض منظري الغرب مبشرين بهذه الحرب التي سميت حروب الجيل الرابع، وهي تقوم على ترك العدو يقتل نفسه بنفسه، لكي لا تقوى الدول على النهوض مجددا وتصبح دولا فاشلة بلا نظام أو مؤسسات فيغيب النظام ويعم الخراب، ولكن إرادة الله أن تبقى سوريا صلبة عصية على الأعداء، كما هو تاريخها الحافل. سورية اليوم وبعد تلك السنوات الكبيسة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحرير كامل أراضيها وهي تفتح ذراعيها لجميع السوريين والعرب عدا من ارتكب جرائم بحقها وحق شعبها ولسان حالها يقول: سوريا لكل السوريين والعرب. ونحن هنا من هذا المنبر نؤكد مقولة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر أن سوريا هي قلب العروبة النابض، وذكرنا منذ الوهلة الأولى أن ما يحدث في سوريا هو مخطط تآمري غربي باستخدام أدوات إقليمية وداخلية، وناشدنا العرب في أكثر من مقال لا تدفعوا سوريا نحو المجهول، والحمد لله بعد هذه السنوات وتلك الأحداث سوريا تقترب من إعلان النصر العظيم، بل إن سوريا ستكون أفضل مما سبق، وستعيد إعمار ما دمرته الحرب طالما أنها تمتلك تلك الإرادة الصلبة والعزائم الشديدة، بل إن أزمتها بلا شك ستتحول إلى مستقبل مشرق سياسيا واقتصاديا وعسكريا بامتلاك عناصر القوة التي تردع الأعداء، وسنحتفل في دمشق العروبة قريبا بعون الله.
لا يوجد صور مرفقة
|