طرحت الزّيارة الأولى لوزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن منذ تولي بنيامين نتنياهو لرئاسة حكومة العدوّ العديد من النّقاط التي أعطتها إدارة بايدن الأوليّة على جدول أعمالها خلال زيارة الموفد الأمريكي للكيان الصّهيونيّ المؤقت
بما يخدم سياسات البلدينِ الحليفينِ دون أن تقدّم أيّ جديدٍ للقضية الفلسطينيّة. الزّيارة جاءت بعد أيّامٍ من عمليتي القدس في بيت يعقوب ومنطقة سلوان في مؤشّرٍ إلى مدى القلق الأمريكي من تطوّر وتنامي قدرات المقاومة الفلسطينيّة ( وحرصها المزعوم) على نزع فتيل التوتر قبل شهر رمضان القادم وفقاً لما أشارت له وسائل إعلامٍ عبريّة وأمريكيّة. زيارة بلينكن استهلها بلقاءٍ مع وزير خارجيّة العدوّ ايلي كوهين حيث ناقش ما يحمله بلينكن في جعبته من نقاطٍ للبحث وهي الآتي:
1 – التّعاون المشترك على كافّة الصّعد للتّصدّي لبرنامج إيران النّووي والعمل على إدراج الحرس الثّوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابيّة وتوحيد الجهود من أجل توسيع نطاق اتفاقيات ابراهام والحرب في أوكرانيا
2 – الاهتمام الأمريكيّ الكبير بما يجري داخل كيان العدوّ من إصلاحاتٍ في القضاء وما رافقه من عمليّات احتجاج على بعض سياسات حكومة نتنياهو
3 – بحث الوضع الأمني في فلسطين المحتلّة والقلق الأمريكي من انفجار الوضع في شهر رمضان القادم والضّغط على محمود عباس لقمع أنشطة المقاومة في الضّفة
إذاً هي زيارة دعم للكيان لا تحمل أي حلٍّ بل أكّدت تبني إدارة بايدن لسياسات الكيان الصّهيوني المؤقت وهو تبنٍّ ليس بجديدٍ على الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة. واليوم تعود الإدارة الأمريكيّة لتؤكّد المؤكّد في سياساتها العدوانيّة ضدّ الشّعوب والأمم ومن ضمنها طرح الملف النوويّ الإيراني على رأس قائمة المباحثات بين بلينكن ونتنياهو ووزير خارجيّته وحتى مع زعيم المعارضة يائير لابيد وهذا يشير إلى مدى الرّعب والهواجس التي تدركها تل أبيب قبل واشنطن وبالتالي فإنّ الدّعوة الأمريكيّة إلى بذل الجهود لإدراج الحرس الثّوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابيّة وتوسيع اتفاقيات إبراهام ليست سوى محاولة لإعطاء الكيان الصّهيوني المؤقّت جرعات أمريكيّة (لصمود) الكيان في المرحلة القادمة نتيجة الخشية الأمريكيّة على مستقبل الكيان وهو ما أكّده بلينكن و مستشار الأمن القومي الأميركيّ جيك سوليفان خلال لقاءاتهما مع المسؤولين الصّهاينة حيث أعربوا عن خشية إدارة بايدن من أن تؤدّي مواسم الأعياد إلى تصعيد الأوضاع والمواجهات لا سيّما في القدس، وفي نفس الإطار وسعياً لتعزيز ودعم الكيان الصّهيوني ناقش بلينكن مع نتنياهو موضوع الحراك داخل الكيان ومستقبل الدّيمقراطية في ظلّ الحكومة اليمينيّة وما ستقدّمه من اقتراحاتٍ على مستوى الإصلاح والقضاء مع التأكيد على ضرورة نبذ الخلافات وإعطاء الأولويّة لمواجهة ( العمليّات الإرهابيّة) في ظلّ ارتفاع منسوب التوتر الأمني في القدس والدّاخل الفلسطينيّ المحتلّ.
أمّا على المستوى الفلسطيني فقد أبدى بلينكن تحفظاً كبيراً على شروط الرّئيس الفلسطينيّ محمود عباس لإعادة التّنسيق الأمني خلال لقائه به طالباً من عباس خطوات بناء ثقة فعّالة وذات أهميّةٍ سياسيّةٍ استراتيجيّةٍ مقابل تقديم مساعدةٍ اقتصادية أمريكيّةٍ وهذا لا يعني سوى اتخاذ المزيد من الاجراءات بحقّ المقاومين الفلسطينيين للحدّ من عمليّاتهم.
بالرّغم من كلّ الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكيّة لحماية الكيان الصّهيوني المؤقّت ومحاصرة الشّعب الفلسطيني وعزله والحؤول دون تحرير أرضه فإنّ زيارة بلينكن لن تزيد في عمر الكيان الغاصب المؤقت ولم ولن تحميه من عمليّات المقاومين الفلسطينيين، بالرّغم من محاولة واشنطن تحصين الكيان وشدّ عضده إلّا أنّها ستفشل في حمايته ليعود موفدها خائباً عاجزاً. فشل وعجز أكّدته عمليات المقاومة الفلسطينيّة التي وصلت هذا الأسبوع وأثناء زيارة بلينكن لكيان العدوّ إلى مائة عمليّةٍ تقريباً وهو رقم قياسي في موازين ومعادلات القيادة السياسيّة والعسكريّة للعدوّ لذلك فإنّ زيارة بلينكن للكيان الصّهيوني لم تمنع عنه الرّصاص ولن تلبسه درعاً واقياً وهي أعجز من أن تحميه من قبضات المقاومين بل إنّها عجزت عن إعطاء ضماناتٍ لاستمرار هذا الكيان بأمانٍ وفشلت في منح قطعان المستوطنين (سلامهم) المزعوم فرعب الفلسطينيين لا زال يلاحقهم أينما وجدوا وما جرى بالأمس خير ما يثبت ذلك. فقد ذكرت القناة 14 العبريّة ووسائل إعلام العدوّ بأكملها خبراً وبياناً لقيادة جيش العدوّ الاسرائيليّ عن سماع دويّ انفجاراتٍ قويّة في مستعمرتي سديروت ونتيفوت في غلاف غزة لتشير لاحقاً إلى أنّ أصوات الانفجارات كانت ناجمةً عن إطلاق القبّة الحديديّة صاروخين واعترضتهما طائرةٌ مُسيّرةٌ تسلّلت إلى أجواء مستوطنة سديروت وتمّ إسقاطها ليتبين لاحقاً وفقا لبيان جيش العدوّ أيضاً وقناة كان والإعلام العبريّ أنّه بعد عمليّة الاعتراض في غلاف غزة تبيّن أنّها ليست طائرةً معادية أُطلقت من قطاع غزّة فيما أشارت القناة 14 إلى أنّ الجيش يحقّق فيما إذا كان سربٌ من الطّيور أو طائرة مسيّرة تابعة للجيش هي التي أدّت إلى تنشيط منظومة القبّة الحديديّة لتوضح قناة كان العبريّة بأنّ الجيش لم يسقط أيّة طائرة معاديّة وقد يكون تمّ تفعيل القبّة الحديدية بفعل خطأ بشريٍّ.
ذلك هو واقع الكيان الصّهيوني المؤقت رعبٌ وتخبّطٌ وتراجعٌ وفشلٌ لن يغيّره دعم أمريكا له ولا زيارات بلينكين وغيره ولو اجتمع العالم بأسره لن يغيّر حقيقة ويقين زواله من الوجود.