وأنت تحدق في شاشة جهاز الموبايل وتتوثب لكتابة أفكارك ، تشعر بالفجوة الكبيرة بين الخيال و الواقع ، مابي
ن ما تتمنى و بين مايجري من حولك.
فالحلم حق ولكنه ليس حقيقة .
و مابين حب و حب تتبعثر كلماتك فتجري مفاضلة سريعة بينهما ، فالكلمة مسؤولة و الموقف يحسب عليك ولايحسب لك .
تبحث بين كلماتك المنتقاة عن تلك التي توصل أفكارك بيسر ومودة أو بقوة و استنكار .
وبعد !
أهو الوطن الذي يسكننا أم نحن من يسكنه ؟
فترى دعاة السكن في الوطن هم أكثر الناس استقرارا خارجه ، يمسكون بالقرار ويوقعون على تعبيد الطرقات التي يختارونها لمن يسكن فيهم الوطن.
ولايطمح المرء لأكثر من أن يعيش في أجواء من العدالة تكفل له أن يمضي يومه إن هو دافع عن وطنه أو أحبه أو عمل لأجله فسيسمح له بأن يقوم بذلك على أكمل وجه كي يرضى .
ولا أفضل من التشاركية الصحيحة الواقعية مع أصحاب الوجع الحقيقي طريقة للخروج من الأزمات فلا جدوى في إرسال من يصف حال المريض للطبيب بدلا من أن يأتي الطبيب ليرى مريضه.
فالسلوك الحكومي حتى اليوم في معالجة شؤون الناس يعتمد على :
1. مبدأ ( جرب لتعرف )
2. افعل و لا أسأل
3. هذا أفضل مالدينا
4. لاتخبرهم الحقيقة فإنهم سيتألمون
والمشكلة الكبرى ليست في السلوك الوطني لدى مختلف الإدارات فكل شيء يحميه القانون ممكن تغليفه بالوطنية .
المشكلة تكمن في الإنسانية وفي الدوافع الإنسانية لأي مشرع أو مسؤول تنفيذي في الدولة ، ومن الواضح تماما أن الإنسانية العاقلة و الواقعية قد غابت بالمطلق وحل مكانها الذكاء الحكومي المفرط لدرجة عدم الانصات لأي نقد إيجابي والعمل دائما بقوالب وشعارات جاهزة لا تتعب قلب المسؤول وتحافظ بالوقت ذاته على بقاءه في منصبه لأن ذلك أقل كلفة بكثير وأكثر ربحا من العمل بروح الإبداع والإنسانية الوطنية.
ولامخرج من هذه الضائقة وهذا الحصار الفكري الإداري إلا :
●بقبول تنوع الإدارة واختبار من لم يتم اختباره بعد وفسح المجال أمام المبدعين ، ومن العبث أن تبقى دائرة المسؤولية محصورة في بضع مئات من المواطنين تدور بينهم الكراسي وكأن الزمان لم ينجب غيرهم خاصة وأن أغلبهم لم يبل حسنا في مركزه وكان يعمل بروح القانون الوطني وليس بروح الإنسانية الوطنية.
●الإنصات جيدا للناس لمخرجات أي قانون أو قرار ووقع صداها على الناس وتلافي الخطأ فورا فليس معيبا أن نتراجع بسرعة عن أي قرار فهو ليس كتابا منزلا ، لنصل إلى قرار وطني إنساني.
●الحوار الوطني ضرورة كالخبز ولو اقتضى الأمر فليتوزع على البطاقة الذكية المهم أن لايهرب أحد من جولات الحوار الواقعي وليس الحوار الأنيق المنمق الملمع للمسؤول راعي الحوار ، لأن كل مجتمع لايتحاور هو مجتمع قانوني وليس إنساني ولأن كل من يخشى الحوار هو أخرق .
...
بلغة لطيفة حاولت الإضاءة على بعض الوجع ، وبلغة لا أتقن غيرها أشرت إلى أن ممارسة الوطنية القانونية والتي تغيب عنها الإنسانية هي بلا جدوى ومحض افتراء .