بحساب المكان والزمان المتاحان لي ولأبناء جيلي لن يسعفنا الوقت لنلتحق بالعيش في نعيم الذكاء الإصطناعي الذي يتم الترويج له مع ذهول المتلقي.
نعم سأموت قبل هذا النعيم الإفتراضي ، ولن أتنعم بما سيوفره لي عالم الثورة الرقمية الرابعة أو الخامسة ، تماما كما مات جدي ولم يتنعم بالهاتف النقال وخدماته وكما مات والدي ولم يتنعم بالبطاقة الذكية وخدماتها.
نعم سأموت ولكني تعرفت على بداية هذا العالم الجديد ولا أحسد من سيأتي بعدي على هذا النعيم وأعرف أننا تحولنا لبيانات وأرقام وصفات بلا أي إحساس وتتعامل معنا كل السلطات العالمية والمحلية على أننا مجرد أعداد تتبع منهجا عالميا في الأتمته يفرض على الدول بلا استئذان وتصبح الفجلة المنتجة تقنيا خالية من غازاتها بعد أكلها إرضاءا للزبائن .
نعم سيتغير شكل العالم وستتبدل المفاهيم حسب مايريد السيد صاحب التكنلوجيا الأقوى مهما حاولنا التمسك بما لدينا لأننا نتبع المنهج ولا نرى أبعد من ذلك شيئا ، تماما كما يعتقد بأنه إذا أكل بشوكة وسكينة سيصبح فورا راقيا ونظيف الكف متناسيا أنه مازال في داخله توثب لغمس الخبز بالمرق بكلتا اليدين .
المنهج لايكفي إذا لم نكن أصحابه ومبتكروه أصلا وإذا فرضناه على أنفسنا سيوصلنا للنتائج النفسية السيئة و المخالفة لاستعدادنا الاجتماعي .
وهذا يشبه إلى حد ما الحالة التي فرضت المجتمعات العربية على نفسها نظريات الماركسية
والشيوعية والاشتراكية والوهابية وخرجت بنتيجة مدمرة لانها استوردت المنهج ونسيت الروح .
فمابالنا ونحن اليوم لانستورد نظريات فكرية فهذا ولى زمانه بل نستورد مناهج تقنية أصلا لا إحساس فيها ونلزم أنفسنا بها ونعرج صعودا وهبوطا مع مجتمعاتنا ومع قلة تأهلها لفهم نظرية فيثاغورث على الأكثر.
إن التقليد والاستيراد يخلق مجتمعات تابعة ولو لم تحتلها الجيوش ومن لاينطلق من رؤيا واقعه وتطويره ولو ببطء يكون كمن يستورد لاعبين دوليين لمنتخبه بمجرد أن ينزلوا للشارع ويقعوا في أول حفرة نسيت البلديه ردمها ستنكسر قدمهم وهي أغلى مايملكون وسيلعبون بعرج ونخسر مجددا وندفع تكاليف العلاج .
وبعد
نعم سأموت وأنا أحمد الله أني لن أعيش تلك اللحظة التاريخية و أنا أرى الذكاء الاصطناعي وهو يتفشى كالفيروس بلا علاج ولافهم لطبيعته في وطني الذي يحتاج الواقعية الإدارية لينهض .