جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

الناتو في المفهوم الاستراتيجي ٢٠٢٢: هل هي العودة الى الحرب الباردة؟!٠ | بقلم: الدكتور أمين حطيط
الناتو في المفهوم الاستراتيجي ٢٠٢٢: هل هي العودة الى الحرب الباردة؟!٠



بقلم: الدكتور أمين حطيط  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
31-07-2022 - 3532

عد ان وصل الغرب بقيادة أميركية الى الطريق المسدود في تطبيقات استراتيجية القوة الصلبة، وتمّ نعي هذه الاستراتيجية في العام 2006 على هضاب جبل عامل وفي أوديته التي تحوّلت الى مقابر للدبابات «الإسرائيلية» التي سدّ حطامها الطريق الى شرق أوسط أميركي جديد، كما أعلنت كونداليزا رايس. بعد كلّ ذلك انقلب الغرب الى القوة الناعمة ثم الى القوة الناعمة الذكية وأعلن الحرب الشاملة على الإرهاب وهو يعني بشكل أساسي المقاومة او المقاومات التي عرقلت المسير الى النظام الأحادي القطبية، التي أقامت في جنوب لبنان في العام 2000 ثم 2006 وبينهما في غزة في العام 2005 العوائق التي عرقلت السير لبلوغ ذاك النظام الذي تتوخى أميركا فرضه لتحكم العالم به.


في ظلّ تلك المواجهات ونتائجها انعقدت قمة الناتو في العام 2010 للتباحث في المسار والمفهوم الذي على الحلف ان يعتمده في العقد المقبل، وخلص المجتمعون الى تشكيل لجنة استراتيجية خاصة أنيط بها تحديد المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف للعقد المقبل. وبعد سنة من البحث والتمحيص خلصت اللجنة الى وضع مشروع مفهوم استراتيجي مختصر (١٢ صفحة) حدّدت بموجبه استراتيجية الحلف التي ضمّنتها الخطوط الرئيسية للتهديدات التي يواجهها الحلف وأسلوب مواجهتها وركزت الوثيقة تلك على ٤ محاور أساسية: أوّلها تحديد الخطر الأساس وحدّدته بـ «الإرهاب»، وثانيها السلوك المتبع وحدّد بأسلوب «إدارة الأزمات» وغلق جبهات الجيوش التقليدية، والثالث فيها التأكيد على أهمية الشرق الأوسط وما فيه من طاقة ومعابر، والأخير كان التذكير بسلاح الردع النوويّ الذي يمسك الحلف به.


بعد اعتماده من قبل قادة الحلف في العام 2011 ترجم هذا المفهوم في الميدان الشرق أوسطي حروباً طالت أكثر من دولة عربية كانت أخطرها الحرب الكونية على سورية والعدوان على اليمن، وتدمير ليبيا، لكن الحلف الأطلسي وبقيادة أميركا لم يستطع أن يحقق أهداف حروبه كما خطط ولم يستطع ان يستفيد من الإرهاب الذي احتضنه وادعى الحرب عليه، ولم يستطع ان يستثمر في هذا الإرهاب في السقف الذي توخاه ووصل الى قناعة بأن ذاك العقد من الزمن صبّ في مصلحة خصومه روسيا والصين ومحور المقاومة وبخاصة إيران.
بيد أنّ أخطر ما واجهته قمة الأطلسي في مدريد 2022 هو مشهد ما يجري في أوكرانيا حيث شرعت روسيا منذ ٤ أشهر بتنفيذ عملية عسكرية خاصة غير آبهة بكل التهديدات والضغوط والمواقف التي يتخذها الأطلسي حيالها، يعطف ذلك على الاندفاع الصيني الاقتصادي الذي تخطى بأهميته وفعاليته وقدراته ما بلغه الاقتصاد الأميركي الذي يشهد تراجعاً وصعوبات غير سهلة المعالجة، وتُضاف إليه معضلة البرنامج النووي الإيراني الذي انسحبت أميركا من الاتفاق الدولي حوله، وتتعثر حتى الآن مفاوضات إعادة إحيائه.


في مواجهة هذه التحديات، يبدو أنّ قمة الناتو في مدريد اعتمدت مفهوماً استراتيجياً جديداً للعمل به خلال ما تبقى من العقد الحالي، أيّ حتى العام 2030 (يعتمد الحلف أسلوب المراجعة الدورية لمفهومه الاستراتيجي في مطلع كلّ عقد، بحيث يقف فيه على حصاد العقد الماضي وتحديات العقد الآتي ووضع استراتيجية المواجهة). وقد تضمّن المفهوم الجديد تغييراً هاماً لبعض الأساسيّات التي كانت تميّز المفهوم السابق كما يلي:
ـ في التهديد الأساسي والعدو الأهمّ: حدّدت قمة الناتو 2022 الاتحاد الروسي بأنه التهديد الأخطر والأهمّ استراتيجياً وعسكرياً لكونه «أكبر وأهمّ تهديد مباشر لأمن الحلف وللسلام والاستقرار في المنطقة الأوروبية الأطلسية»، وأكدت «أنّ الحشد العسكري لموسكو، بما في ذلك في مناطق البلطيق والبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، إلى جانب تكاملها العسكري مع بيلاروسيا، يتحدّى أمننا ومصالحنا». هنا نلاحظ مدى التركيز على الوضع العسكري لروسيا من جهة، ومن جهة أخرى نجد انّ الإرهاب الذي كان يشكل بنظر الحلف التهديد الأساس في مفهوم 2011 تراجع او حجب عن موقع التحدي الأساسي للناتو واكتفي بالإشارة الى المنظمات الإرهابية بشكل عام ودور الحلفاء في المكافحة، واحتلت روسيا موقع الصدارة في التهديد والعداء تليها الصين، لكن ليس بعنوان عسكري بل اقتصادي.
ـ أسلوب المواجهة: هنا نجد تغييراً هاماً في الأمر، حيث تحوّل الناتو من أسلوب «إدارة الأزمات» و»إقفال الجبهات» أمام الجيوش التقليدية، الى الأخذ بمفهوم «الحسم العسكري» لأيّ صراع ينفجر في العالم دون أن يتورّط الناتو بذاته او بجيوش أعضائه في الصراع الميدانيّ بشكل مباشر، أيّ اعتماد حرب الوكلاء المدعومين، ولكن هل بمقدوره أن يضبط المواجهة هكذا ويفرض سيطرة على الميدان؟ أشك…!
ـ الردع ومنطقة الاهتمام: بعد أن حدّد في المفهوم السابق وبشكل واضح دور السلاح النوويّ بأنه سلاح ردع استراتيجي أغفل في المفهوم الحالي النص الصريح على هذا وأكد أنه «سيعزّز الردع والدفاع لدى الحلفاء، وسيردّ على التهديدات بطريقة موحّدة ومسؤولة، وسيبقي على قنوات اتصال مفتوحة مع الروس لمنع التصعيد»، مركزاً في ذلك على أولوية مناطق روسيا والصين التي تتقدّم الاهتمام السابق بالشرق الأوسط. وفي هذا الاتجاه الجديد إشارة واضحة الى تحضير الناتو نفسه لسباق تسلح جديد يُذكّر بما كان قائماً إبان الحرب الباردة قبل تفكك الاتحاد السوفياتي، وهذا ما توقفت عنده وحذرت منه وزارة الخارجية الروسية، حيث رأت انّ «نتائج قمة الناتو في مدريد تظهر أنّ الحلف قد عاد الى تكتيكات الحرب الباردة وانّ الكتلة تبدأ سباقاً جديداً للتسلح مما يجرّ العالم الى دوامة خطيرة».
ـ الخطر الصيني، وهنا تكمن فضيحة الحلف وخداعه وخروجه عن ميثاقه، اذ رغم أنه لم يذكر بشكل موضوعي أيّ تهديد عسكري تشكله الصين لأيّ من دول الحلف، الذي هو في الأساس حلف للدفاع عن أراضي الدول الأعضاء وشعوبها والصين بعيدة عنهم جميعاً، يركز على خطر الصين المتمثل بقدراتها الصناعية والتكنولوجية والاقتصاد بوجه عام ويصف أساليب الصين بأنها «خبيثة» ويدعو الى مواجهتها. وهنا يكمن السؤال: كيف؟ هل بمزيد من الحرب الاقتصادية؟ ام سيكون الحسم العسكري معها أيضاً مطلوباً؟ وهل ستشكل تايوان مدخلاً لاحتكاك عسكري يدخله الناتو بقيادة أميركية ويشكل طرفاً رئيسياً فيه؟
عندما وقفنا على المفهوم الاستراتيجي للأطلسي في العام 2011 قلنا (وذكرنا هذا في مقالات سابقة) انّ الشرق الأوسط سيكون على موعد مع أزمات متلاحقة عمودها الفقري الإرهاب أزمات ينتجها الغرب ـ الأطلسي ثم يدّعي أنه بصدد حلها والهدف هو السيطرة والهيمنة على المنطقة وعبرها على العالم من غير ان تتورّط جيوشه بغزو واحتلال، وهذا ما حصل بالفعل لكنه فشل. واليوم نقول إنّ العالم في ظلّ خيارات الأطلسي الاستراتيجية المحدّدة في مفهومه الاستراتيجي 2022 سيكون على موعد مع سباق تسلح خطر وحروب اقتصادية قاسية مترافقة مع حروب نارية متناثرة تدّعي أميركا أنها تواجه بها روسيا والصين، حروب تنفجر دون ان تتحد جبهاتها المتعددة لتشكل حرباً عالمية ثالثة قد تنقلب الى نوويّة مدمرة بأسرع ما يظن الغرب، ولكن ستكون تلك الصراعات قاسية على الشعوب إنْ لم تتوحد جهودها لمواجهة نزعات الهيمنة الأميركية والأطلسية، فأميركا لا يهمّها سوى نفسها ومصالحها حتى ولو أحرقت العالم.


ومع هذا نذكر بأنّ أيّة حرب تقوم على ركنين: الأول لوجستي والثاني عملاني ويتقدّم اللوجستي على العملاني، واليوم يجب ان لا ننسى التراجع في اقتصاد العالم عامة ودول الناتو خاصة، وانّ الحرب الاقتصادية التي يشنها الغرب يميناً وشمالاً وصلت الى مستوى بات الغرب أول المكتوين بنارها، ولكلّ ذلك نقول انّ الحروب المتناثرة او المنفردة وسباق التسلح الذي يهدّد به او يطمح الناتو بقيادة أميركية اليه، انّ كلّ ذلك لن يصل بهم الى صورة تختلف عن حصاد المفهوم الاستراتيجي للعام 2011 إنْ لم يكن أسوأ، وانها لن تمكنهم من الهيمنة على العالم في ظلّ تشكل كيانات ومجموعات استراتيجية تتأهّب لاحتلال مواقعها بجدارة في نظام عالمي تعدّدي قيد التشكل وفي طليعتها الصين وروسيا وإيران ومحور المقاومة الذي هي في صلبه.


لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


من جدة إلى طهران…الشرق الأوسط بين قمّتين والخسائر الأميركيّة تتراكم
بقلم: الدكتور أمين حطيط

مفهوم الأمن القومي: التطور والأبعاد
بقلم: الدكتورة فرناز عطية أحمد



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور أمين حطيط |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//