بقلم: هدى رزق
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 26-05-2022 - 3247 تتصرف فنلندا والسويد بناءً على افتراض أن تركيا لا تريد إضعاف الناتو، وأن معارضة إردوغان هدفها انتزاع تنازلات من أميركا. وكانت الولايات المتحدة قد اتخذت قراراً بحظر توريد المعدات العسكرية إلى تركيا بعد عملية "غصن الزيتون " في عفرين في سوريا 2019، فاستجابت كل من السويد وفنلندا لهذا الطلب، وكانت تركيا قد طالبت الدولتين في إثر محاولة انقلاب 2016 بتسليم الأشخاص المحكوم عليهم في تركيا كونهم أعضاء في حزب العمال الكردستاني ومنظمة فتح الله غولن. إلا أن سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين السياسيين المتبعة في البلدين لا تلبي طلب إنقرة، ولا سيما أن الاتصالات التي تقيمها كل من فنلندا والسويد مع قوات سوريا الديمقراطية هي امتداد للعلاقة الأميركية القائمة مع هذه القوات في سوريا منذ عام 2014، بذريعة محاربة "داعش". مخاوف حقيقية من فيدرالية أو كونفيدرالية كردية في سوريا يذكر إردوغان الولايات المتحدة بالوعود التي قطعتها لتركيا بعد انقلاب عام 1980 مقابل إذن من أنقرة لليونان بالعودة إلى الجناح العسكري لحلف شمال الأطلسي، الذي غادرته اليونان خلال أزمة قبرص عام 1974، وكيف عادت بعد ذلك اليونان إلى الجناح العسكري لحلف شمال الأطلسي، وتم قبولها في الاتحاد الأوروبي فيما بقيت تركيا خارجه لغاية اليوم. وفيما تتدفق الأسلحة العسكرية الأميركية إلى الأراضي اليونانية، ويتم نشر أكثر من 23 موقعاً استراتيجياً منها تراقيا الغربية وخليج سودا بجزيرة كريت القريبة من الحدود التركية اليونانية، تتعرض تركيا للنقد من الولايات المتحدة كحليف غير موثوق، في حين باتت القواعد العسكرية في اليونان تضم الأسلحة الثقيلة ومئات من العسكريين وعلى مرمى حجر من حدود تركيا. إردوغان: مصداقية أم مناورة ومكاسب؟ هل يمكن أن يكون مطلب أنقرة هو السماح ببيع طائرات F-16 لتركيا، مع احتمال تأجيلها إلى ما بعد انتخابات 2023؟ هل هذا يعني أن إردوغان لن يدعم عضوية الناتو من دون تقديم تنازلات ملموسة من السويد وفنلندا بشأن شخصيات مطلوبة جرى تقديم لوائح بأسمائها، أم أن المطالب ستشمل الاقتصاد؟ وهل سيتحمل إردوغان مواجهة ضغوط الولايات المتحدة وألمانيا وإنكلترا وفرنسا؟ الرئيس الأميركي جو بايدن استقبل رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون والرئيس الفنلندي سولي نيسيتو يوم 19 أيار/ مايو في البيت الأبيض وقال لهما إنهما مدعومان من الولايات المتحدة في سعيهما للحصول على عضوية الناتو، وكأن جميع أعضاء الناتو قد وافقوا على توسيع الحلف، ولم يحسب حساباً لتصريحات إردوغان بل أوكل الأمر لوزير خارجيته بلينكن في محادثاته مع وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو. الرئيس الأميركي صديق قديم لإردوغان، ويعلم أن للرجل مطالب منها إعادة حرارة العلاقة معه إلى سابق عهدها، إلا أن هذا المطلب أصبح صعب المنال في ظل سياسات إردوغان الخارجية التي أضرت بتحالفه مع واشنطن. في ظل الرفض الإردوغاني، وجد الرئيس الكرواتي في مناورات تركيا مبرراً لبلاده لفرض مطالبه، إذ يمكن للدول الصغيرة ككرواتيا، على وجه الخصوص، أن تجد فرصة لطلب تنازلات من دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا من خلال الاستفادة من طرق السويد وفنلندا باب التصويت. كل المؤشرات في أنقرة تشير إلى أن تركيا ستوافق إذا تم التوصل إلى إجماع معين، خصوصاً إذا خففت السويد من موقفها من حزب العمال الكردستاني وأجنحته، إذ سيكون موقف الولايات في هذا الموضوع هو الفيصل. فيتو تركيا على انضمام السويد وفنلندا لا يعني نهاية انضمامهما إلى الناتو، أو نهاية عضوية تركيا في الناتو كما أعرب بعض المعلقين. الولايات المتحدة تريد الموافقة على العضوية في أقرب وقت ممكن، فلا يمكن لتركيا أن تتخلى عن الناتو، ولا يمكن للولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى أن تضحي بتركيا في وسط البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط وبحر قزوين. فإردوغان مرتهن للوضع التركي الداخلي في انتخابات رئاسية صعبة للغاية، على خلفية المشاكل الاقتصادية التي لم تحلّ في البلاد. وسيكون إظهار الضغط على الولايات المتحدة مفيداً أكثر من أي وقت مضى لتعزيز مكانته. لذلك، ستستمر المفاوضات الدبلوماسية إلى حين موعد قمة الناتو التي ستعقد في مدريد يومي 28 و 29 حزيران/ يونيو حيث سيكتمل عقد الشركاء، وربما سيرفع البلدان( فنلندا والسويد) حظر الأسلحة المفروض على تركيا، وربما سيتم دعم تركيا مالياً في حل مشاكلها الاقتصادية. كل ذلك يتوقف على رد فعل الولايات المتحدة، التي تعتبر تركيا شريكاً مناكفاً ومتطلباً ولا يستجيب إلى مطالبها السياسية.
لا يوجد صور مرفقة
|