جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

أسابيع حاسمة لمراهنات واشنطن على استنزاف روسيا في أوكرانيا | بقلم: الدكتور منذر سليمان ، والاستاذ وجعفر الجعفري
أسابيع حاسمة لمراهنات واشنطن على استنزاف روسيا في أوكرانيا



بقلم: الدكتور منذر سليمان ، والاستاذ وجعفر الجعفري  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
05-05-2022 - 2002

يعكف الإعلام الأميركي، في مجمله، على تسويق السردية الأميركية الر سمية، التصعيدية والبالغة العداء لروسيا، ويفشل في وضع الصراع في أوكرانيا في إطاره التاريخي الصحيح، وهل كان من الممكن تلافي الصدام المسلح “لو أخذت واشنطن وحلف الناتو مخاوف روسيا الأمنية على مجمل الجد”، بل يجهد المراقب في التوصل إلى إقرار النخب السياسية والفكرية، وحتى العسكرية، بحقائق تاريخية جوهرها سلسلة غزوات شنّها الغرب في اتجاه حدود روسيا الغربية، نابليون فرنسا وهتلر ألمانيا وحلف الناتو، منذ نهاية الحرب الباردة.

بل تجاهلت تلك النخب وصنّاع القرار السياسي نصائح أحد أبرز العقول الاستراتيجية الأميركية في ذروة الحرب الباردة، زبغنيو بريجينسكي، الذي حذّر الإمبراطورية الأميركية، قبل نحو عام من وفاته، من أنها “لم تعد القوة الإمبريالية المهيمنة على العالم، وعصر (الهيمنة) بدأت نهايته”. وتنبأ قبل ذلك بنحو 3 عقود، في عام 1994، بنشوب حرب مدمّرة في أوكرانيا (مقال بعنوان “نحو إعادة تصويب التحالفات العالمية”، في مجلة “ذي أميركان ناشيونال إنترست”، 17 نيسان/إبريل 2016).

وأوضح بريجينسكي، بشأن أوكرانيا، أن “واشنطن وحلفاءها ليسوا ملزَمين بالدفاع عنها، باستثناء فرض عقوبات (على روسيا) وإمداد كييف ببعض المعدات العسكرية”، محذراً مجدداً من ميل واشنطن وحلف الناتو إلى “إذلال روسيا” بعد نهاية الحرب الباردة. أوكرانيا، بحسب بريجينسكي، اضحت “فضاءً جديداً ومهماً في رقعة الشطرنج الأوراسية” (كتاب بريجينسكي “رقعة الشطرنج الكبرى”، 1997).

استاذ العلاقات الدولية المرموق في جامعة هارفارد، ستيفن وولت، أشار مؤخّراً إلى إمكان تفادي الأزمة الراهنة في أوكرانيا “شريطة عدم استسلام الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لغطرستهم، وعقد آمال غير واقعية، والتشبث بمثالية النهج الليبرالي، والتزام الرؤى الواقعية عوضاً عن ذلك”. “الغطرسة” الغربية أدخلت العالم برمته في أزمات اقتصادية وغذائية ومصادر الطاقة، لا تزال تداعياتها تنخر رفاهية شعوب العالم دون أفق لأي حل مرئي في الوقت المنظور، “حفاظاً” على سردية “هزيمة روسيا في أوكرانيا”، وخسارتها عدداً كبيراً من الجنرالات العسكريين نتيجة “اخطاء لوجستية وسوء تقدير لطبيعة مقاومة الأوكرانيين”، كما يتردد باستمرار على مسمع ومرأى من المشاهد الغربي، والأميركي تحديداً. روسيا، في المقابل، اعترفت بمقتل ضابط بجهاز الاستخبارات العسكرية، اليكسي غلوشاك، في معركة ماريوبول الأولى، 14 آذار/مارس 2022.

تداعت السردية الأميركية والغربية سريعاً في أعقاب تصريح صادم لرئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في ختام زيارته الرسمية للهند، قائلا: “المحزن هو أن احتمال فوز (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين في هذه الحرب بات أمراً واقعاً بالطبع”. وأضاف ” أخشى أن الوضع لا يمكن التنبؤ به في هذه المرحلة. علينا فقط أن نكون واقعيين بشأن ذلك”. (شبكة “سي أن أن” باللغة العربية، 22 نيسان/إبريل 2022).

الثابت المتغيّر في مسير الحرب في أوكرانيا هو معركة السيطرة على ماريوبول الحيوية، ومجمّع أزوف ستال لصناعة الحديد والصلب، والذي يمتد على مساحة نحو 12 كلم مربعاً، ويطل على بحر آزوف، تحاصره القوات الروسية بشدة من كل الاتجاهات من دون اقتحامه “بحيث لا يُترك منفذاً لذبابة للنفاذ منه”، بحسب قرار الرئيس بوتين لقياداته العسكرية. وسائل الإعلام الغربية تصف المجمع بأنه “آخر جيب للمقاتلين الأوكرانيين”، الذي يضم شبكة هائلة من الأنفاق تحت الأرض شُيدّت منذ زمن الاتحاد السوفياتي.

يشار إلى أن نحو 80% من سكان ماريوبول أيّدوا الانضمام إلى روسيا في استفتاء جرى في عام 2014، وأضحت المدينة جزءاً من جمهورية دونيتسك المعلنة من طرف واحد، قبل ان تُعيدها كييف إلى سيطرتها في شهر حزيران/يونيو 2014، نتيجة عمليات مشتركة بين القوات الأوكرانية وعناصر كتيبة آزوف، وباتت على خط تماس النزاع المسلح في دونباس منذئذ.

ماذا بعد ماريوبول؟ ثمة إجماع غربي على أن حسم المعركة النهائية سيتم قبل حلول يوم 9 أيار/مايو المقبل، ذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي على النازية في الحرب العالمية الثانية، وإعلان الانتصار على “كتيبة آزوف” من المتطرفين اليمينيين والنازيين الجدد.

بيد أن آفاق المعركة المقبلة، من مجمل وجهات النظر الروسية والغربية، ستشهد “المرحلة الثانية” عبر تحرير كل مناطق إقليم الدونباس، وفتح طريق برّي يصل روسيا بشبه جزيرة القرم، والانتقال إلى “المرحلة الثالثة”، المتمثّلة بإنجاز الأهداف السياسية من “العملية الخاصة” الروسية، وعنوانها “اجتثاث النازيين الجدد من الجيش والسلطة الأوكرانيين، وضمان حياد أوكرانيا، وعدم انضمامها إلى حلف الناتو”. البعض يشير إلى توجه مقبل للقوات الروسية إلى بسط سيطرتها على مدينة أوديسا، آخر ميناء بحري أوكراني على بحر آزوف.
القيادات العسكرية الأميركية، ممثّلة بتصريحات الناطق الرسمي للبنتاغون جون كيربي، تحدثت عن “معارك جس نبض” لروسيا في دونباس، لكنها لا تزال تراوح من دون تحقيق أي إنجاز ملموس، إذ تعاني نقصاً شديداً في قوات المشاة المتمرسّة وامتلاك تكتيكات ميدانية لدعم الوحدات المدرّعة. في المقابل، يدرك حلف الناتو أن بوادر الانتصار تكمن في ضمان توريدها الثابت لذخائر ومعدات مضادة للدروع وصواريخ مضادة للطيران، وتدفق تمويل ثابت بمئات ملايين الدولارات من معدات الترسانات الأميركية والغربية.

ويمضي القادة الأميركيون في الإشارة إلى معارك في الجبهة الشمالية، المحاذية للحدود الروسية، في محيط مدينة خاركوف، والمتمثّلة بعقدة كماشة خطوط الإمداد الخلفية في مدينة إيزيوم، نظراً إلى طول الطريق المؤدية من مدينة بيلغوغراد الروسية إلى إيزيوم، والتي تنتشر فيها قوات أوكرانية تنشط في تدمير الجسور والسكك الحديدية وشن هجمات على القرى الروسية المؤدية إليها.

وجزم تقرير عسكري أميركي بشحّ قوات المشاة وعربات الإمداد المتوافرة لدى القوات الروسية في أوكرانيا “كضمانة للفوز في حرب في 3 جبهات في جنوبي أوكرانيا وشرقيها وشماليها، لكنها حصرت قتالها الآن في جبهتي الجنوب والشرق، الأمر الذي يدل على نقص حاد في تلك الموارد أكثر من ذي قبل” (أسبوعية “فوربز”، 23 نيسان/إبريل 2022).

يستند أولئك إلى انطلاقهم من تقييم اعتماد تشكيلة “مجموعة الكتائب التكتيكية” الروسية على الجانب اللوجستي، على نحو كبير، وخصوصاً بسبب حاجتها إلى كميات كبيرة من الوقود والذخيرة وقطع الغيار والأطعمة، والتي نشأت عام 2008 لتخلف هيكلية الفرق التقليدية، على الرغم من أن أداء المجموعة “يتفوق على نظيره فريق الكتائب الهجومية الأميركي”، الذي أضحى الحجر الأساس في العقيدة الأميركية لتنفيذ المناورات العسكرية، وقوامها قوات المشاة والاقتحام والتدريع، بعد التعديلات التي طرأت على تركيبة قواتها العسكرية عقب حروبها الخاسرة في العراق وأفغانستان.

مآلات الحرب الدائرة، وفق تقديرات النخب السياسية والفكرية الأميركية، تتخبط بين النزعات الرغبوية إلى إطالة أمد الحرب، وبين الحقائق الواقعية بشأن رؤية اتفاق سياسي في نهاية المطاف، وهنا تتداخل، مرة أخرى، الفرضيات الجيوسياسية بشأن أفول الهيمنة الأميركية، كما حددها بريجينسكي وآخرون، وتعدد القطبية العالمية.

نسترشد بجملة مقالات تحليلية لفصلية “فورين أفيرز”، ومقالاتها الاسبوعية بهذا الشأن، للإطلالة على إرهاصات النخب الفكرية ومخاوفها من مستقبل “سيواجه الغرب فيه أعواماً من عدم الاستقرار في أوروبا، والتسبب بموجات من المجاعات والاضطراب الاقتصادي”. كما أن هجوماً طويل الأجل على أوكرانيا سيعرّضها لـ”خطر تآكل الدعم الغربي لكييف وتقلّب تأييد الرأي العام لديها، بينما يستطيع (الرئيس) بوتين حشد شعبه فترةً أطول من الزعماء الغربيين” (سلسلة مقالات آخرها بعنوان “ماذا لو لم نشهد نهاية للحرب في أوكرانيا”، مجلة “فورين أفيرز”، 20 نيسان/إبريل 2022).

من بين المزاعم الدائمة الترداد في سردية النخب الأميركية: “اوكرانيا كانت رسمياً دولة غير منحازة، والهجوم الروسي يدفعها أكثر إلى الغرب، ومن المحتمل انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو” صيف العام الحالي. لدى أوكرانيا “عدد من الأسباب في عدم إنهاء الحرب قبل الأوان، وفقاً للشروط الروسية. لقد كان أداء جيشها جيداً”.

في جانب المراهنات الأميركية: التعويل على أن تؤدي “العقوبات ضد روسيا، لا سيما في قطاع الطاقة، إلى تغيير في الحسابات الروسية مع مرور الوقت”. وقد يلجأ الرئيس بوتين إلى “حرب استنزاف وتأجيل هزيمته، وربما تسليم الصراع المحكوم عليه بالفشل إلى من يخلفه، وهو ما ستتيح لموسكو تجنيد مئات الآلاف من الجنود الجدد وتدريبهم، وإعادة بناء قواتها المستنزَفة”.

ايضاً، المراهنة على انتظار الرئيس بوتين “فوز ترامب في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يُعينه على ممارسة الضغط على حلف الناتو، ومحاولة إبرام صفقة مع روسيا على حساب الحلف، وكذلك مراهنته على تحولات سياسية في أوروبا،” خصوصاً في فرنسا عقب إعلان فوز مانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية.

روسيا وأوكرانيا “قد لا تحققان أهدافهما من الحرب”، فقد لا تتمكن أوكرانيا من طرد القوات الروسية بالكامل من الأراضي التي احتلتها، وقد تفشل روسيا في تحقيق هدفها السياسي الرئيس، وهو السيطرة على أوكرانيا. “تسعى كييف لوقف إطلاق للنار بشروط أفضل، من خلال إحراز مزيد من التقدم في ساحة المعركة، وصدّ الهجوم الروسي في شرقي أوكرانيا”. إن “أي اتفاق سلام مستقبلي، لا يضمن تنازلات كبيرة من أوكرانيا، سيكون غير متلائم مع الخسائر في الأرواح والعتاد والعزلة الدولية لروسيا”.

أما رؤية النخب السياسية، على الشاطئ المقابل من المحيط الأطلسي، فتباينت بصورة ملموسة مع “المراهنات والتوقعات” لنظيراتها الأميركية، كما أوجزها رئيس الوزراء البريطاني، العدو اللدود لروسيا، بقوله إن فوز الرئيس بوتين بات أمراً واقعاً. واستطردت النخب المعنية بأنه ينبغي للغرب الإعداد للمرحلة المقبلة، كما تنبّأ بها الرئيس الروسي، بنهاية الأحادية القطبية وتراجع هيمنة الولايات المتحدة على مقدرات العالم، بل نهاية تحكّم الدولار في الاقتصادات الوطنية.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


البديل..بين ..العراق ..و اسرائيل
بقلم: الدكتور .ضياء واجد المهندس

التّاريخ كعلم أم التاريخ كعلاج؟
بقلم: ادريس هاني



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور منذر سليمان ، والاستاذ وجعفر الجعفري |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//