بقلم: الدكتور نبيل طعمة ✅
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 16-02-2022 - 2575 الهوى والغرام والوله والعشق والحنين والأنين والهيام مرادفات تشير إلى الحب، أما خصائصه فإنها تقترن بالخير والشر، بالفضيلة والرذيلة، بالغيرة والأنانية، بالرحمة والحنان والتضحية، بالجور والاستبداد والقسوة واللين، ومن المدهش أن الجانب الوحشي في الحبّ قد يسيطر على نفس الإنسان العظيم، أضعاف ما يسيطر على ذات الإنسان المتوسط أو العادي، وعندئذ يتجلى إسراف العظيم في إلحاق الشر بمن يهوى، أو يرفعه إلى أعلى مستوى، وقد يتخذ الإسراف فيه شكلاً فظيعاً مروعاً، يقضي على فضائل الحب في الحالتين، فمتى أحبَّ المرء واستبدَّ به الحبّ جنح إلى الإسراف، إما في إنكار الذات والتضحية، وإما في إرادة التملك ممثلة في الغيرة المصحوبة بشتى أنواع الجور والعسف والاضطهاد. سأل طفل أمه ذات مرة: أين كنتُ يا أماه، وفي أي مكان كنتِ تحتفظين بي؟ ارتعشت عواطف الأم حنواً، وضمت طفلها إلى صدرها وأجابت: كنتَ يا حبيبي مستقراً في أعماق فؤادي، بل كنت ماثلاً بين ألاعيب طفولتي، فعندما كنت أنهض في الصباح لأجل مثال الله العجيب من الطين، لم أكن أجبل سواك، هكذا رسم طاغور علاقة الحبّ بين الأم ووليدها. إنه الحب يبدأ بين مترددين، تأخذه الصداقة تدريجياً، تقوى وتشتد، ثم تتطور إلى ذاك الحب الذي لا يسعى إليه، بل يخترق قلبين في جسدين، يحملان فكرين مختلفين، يؤلف بينهما إلى أن تخامره الشكوك والمخاوف، وتحوم حوله، فيذهب إلى الصراع العنيف بين الحب والواجب، بعد هذا القليل الذي خططه حول خصائص الحب. أجدني أصوغ رسالة بتصرف لعاشقين، بدأت بها أغار منكِ عليكِ .. أغار من شعركِ المتهدّل على كتفيك، أغار من هذا الرداء المسترجل الزي، الذي يكوّز نهديك العارمين، ويلف ردفيك الشاخصين، أغار من هؤلاء الذين يحملقون فيك، وينظرون إليك نظر الجائع الهالك وتجيب: "اصنع ما شئت.. اذهب.. وعدْ.. أو لا تعدْ أبداً.. إن قلبي الذي يتضاءل رويداً رويداً يقدم لك هذا الاختيار، لكني أعلم، وأنت تعلم أنك لا تملك غير طاعتي، وليس لك خيار، آه عليّ في هذه الليالي الحالكات أن أفكر في الرغبات واللذات، تلك التي منعتها عن جسدي لأعطيها لك يا حبيبي، رغم أن في قلبي الحالم بك محاربين أقوياء، شاهري السيوف، لا تغمض لهم عين، وهم بلا رحمة، ولا شكاة من التعب، والآن يأمرونني بكل قوة أن أحبك.
لا يوجد صور مرفقة
|