بغض النظر عن راينا الرافض والمندد بالادوار المشينة التي لعبتها دويلة الإمارات العربية المتحدة وخاصة في سورية واليمن، قد يبدو هذا التساؤل مستغربا الآن، لكن نظرة معمقة إلى ما يجري يجعله مشروعا..
في خلفية الصورة تبدو كل المؤشرات في داخل الكيا ن الصه..يو..ني وخارجه، أن هذا الكيان أصبح أمام أزمة وجودية حقيقية، وأنه أصبح في نهاية دوره الوظيفي في المنطقة، وهذا ما قد يحدث مع أول معركة قادمة لا شك مع محور المقا و مة، ولا بد من البحث عن البدائل.
بشكل مفاجئ رأينا الإمارات تتصدر المشهد في خطوات سياسية ودبلوماسية وميدانية متسارعة.
* فجأة رأينا الإمارات تتصدر مشروع التطبيع مع العد و الصه..يو..ني..
* الإمارات تتصدر مشروع الترويج للديانة الابرا هيمية، البديل عن فشل مشروعي الشرق الأوسط الجديد وصفة القرن.
* الإمارات تسمح بحرية زيارة الإسرائيليين لها وتمنح خمسة آلاف إسرائيلي الجنسية، والباب لايزال مفتوحا، وقد يكونا الواقع أكثر من ذلك بكثير.
* رافق ذلك مشاريع إماراتية إسرائيلية لتعزيز تواجدها في مناطق يمنية وخاصة في جزيرة سقطرى، للتحكم في المناطق الاستراتيجية في باب المندب وبحر العرب ومضيق هرمز.
* الإمارات في خطوة انفتاحية باتجاه سورية، وبالتاكيد ليس لكرم أخلاق أو للتكفير عن خطاياها، وانما لايصال رسائل تتعلق بتطورات المنطقة.
* خطوة أخرى كانت باتجاه تركيا، رغم حفلات الشتم والتهديد والوعيد التي كانت بينهما.
ما قامت به الإمارات تم في معظم دول الخليج وخاصة السعودية لكن بشكل أقل اندفاعا وأكثر حذرا، ورافق ذلك توتراً مفاجئاً وملحوظاً في العلاقات السعودية الإماراتية، ورافقه انزعاج سعودي من النشاط السياسي والدبلوماسي الإماراتي.
لكن الأغرب وما يثير الشكوك والتساؤلات أن الإسرائيليين لم يقابلوا الخطوات الإماراتية بما هو متوقع من الود والشكر، وانما تعاملوا معهم وكأنهم يؤدون دورا وهم مرغمون على كل ذلك.
وفجأة رأينا الإمارات تعيد انخراطها غير المفهوم في الصراع اليمني بعد انسحابها من العمليات العسكرية قبل أكثر من سنتين.
المنطق يقول ان الإمارات دولة شهدت نهضة كبيرة، قائمة على السياحة واقتصاد العقارات والخدمات، وهذه المجالات هي الأكثر هشاشة وتأثر بالصراعات، ومن الطبيعي أن مثل هذه الدول تنأى بنفسها عن الصراعات وهذا بعكس ما قامت به الإمارات، حيث انخرطت بداية مع السعودية في حرب اليمن، على أن هذه الحرب لن تطول سوى أيام واسابيع قليلة، وعندما تبين انها غير ذلك أعلنت انسحابها من هذه الحرب.
هذه التطورات المتناقضة وغير المفهومة في الكثير من محطاتها تجعل التساؤلات مشروعا عن أسبابها وخلفياتها.
هل هذا يعني أن حكام الإمارات واقعين تحت عمليات تهديد وابتزاز من القوى الغربية والصه..يو..نية العالمية المهيمنة وأنهم مجبرون على كل ما قاموا به؟.
ايا كان الجواب فإن ما يجري يؤشر إلى أحد احتمالين.
** الاول أن الإمارات ستكون امام مخطط جهنمي لتدميرها، وتدمير فورتها الاقتصادية على طريقة تدمير مرفأ بيروت، والمحاولات الفاشلة التي جرت لتدمير مرفأ اللاذقية لصالح مرفأ حيفا، ولمنع إمكانية استخدامها لصالح مشروع الحزام والطريق الصيني.
** الثاني هو دفع الامارات ودول الخليج لأن ترى في الكيان الصهيوني ملاذها الوحيد لحمايتها من الأخطار الوجودية التي باتت تهدد انظمتها وأسرها الحاكمة، بما يجعلها واقعة بشكل عملي أمنيا واقتصاديا تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ولتكون الامارات مستقبلا البديل أمام الوجود الإسرائيلي في فلس..طين المح..تلة الذي اقتربت مهمته الجيوسياسية على الانتهاء، ويجري التمهيد له بما تم من منح الجنسيات لآلاف الإسرائيليين ليكونوا طليعة ومرتكزاً لعشرات وريما مئات الألوف من الإسرائيليين الذين سيفقدون الأمل بوجودهم في فلس..طين المح..تلة قريبا ولتكون الامارات الوطن البديل.
من السهل القول ان الانسحاب الامريكي المتسرع من أفغانستان بداية، ومن منطقة الشرق الأوسط والخليج لاحقا بحجة التفرغ للصين، هدفه ترك المنطقة للسيطرة الإسرائيلية وهذا يرجح الاحتمال الثاني بدون استبعاد الاحتمال الأول.
وبحسب مخططات وأساليب الحرب الناعمة التي بدأت تعتمدها المنظومة الاستعمارية الغربية ورأيناها بشكل جلي وواضح في محطات "الربيع العربي" حيث تتم حروب الأعداء بأيديهم وبدون الانخراط المباشر في الحرب من قبل الأمريكيين والإسرائيليين ومنظومتهم، فتم دفع الإمارات للتورط من جديد في الصراع اليمني، مع علم الجميع أن هذا الانخراط سيتبعه دفاع يمني مشروع عن النفس، وتوجيه ضربات إلى مناطق حيوية إماراتية، على طريقة الضربات المؤلمة التي تم توجيهها إلى السعودية، مع فارق جوهري وهو أن السعودية ورغم تأثرها الكبير بالضربات اليمنية إلا أنها أكثر قدرة على تحمل مثل هذه الضربات، بعكس الإمارات الهشة في كل شيء، ولا تتحمل أكثر من عدة ضربات مثل التي تم توجيهها قبل ايام إلى منشآت حيوية في أبو ظبي ودبي، لتبدأ بعدها الشركات والاستثمارات بالفرار السريع من الامارات مما يؤدي إلى انهيارها الحقيقي، وانتهاء ظاهرة الفورة الإماراتية، أو الارتماء الكامل الحضن الإسرائيلي.
كان من الطبيعي بعد ما جرى أن تستخلص الإمارات الدرس وتعود إلى الناي بنفسها عن الحرب العبثية في اليمن، لكن ما جرى عكس ذلك، حيث تم توجيه ضربات جنونية إلى العديد من المدن والمنشآت اليمنية، وهو ما سيعني أن هناك ضربات يمنية قادمة على منشآت قد تكون أكثر حساسية في الإمارات، وفي مقدمتها برج خليفة ومطاري أبو ظبي ودبي ومنشآت أخرى باعتبارها أهم رموز الامارات ونهضتها الاقتصادية والعمرانية والسياحية، وهو ما لمح له بكل وضوح العميد يحيى سريع المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، الذي قال في تغريدة له على تويتر "بعد المجا..زر التي ارتكبها طيران العد..و..ان السعودي الأمريكي الإماراتي اليوم بحق شعبنا العزيز، ننصح الشركات الأجنبية في دويلة الإمارات بالمغادرة كونهم يستثمرون في دويلة غير آمنة طالما وحكام هذه الدويلة مستمرون في العدوان على بلدنا".
وباعتبار أن معظم المستثمرين والشركات العاملة في الإمارات ينتمون إلى المنظومة الرأسمالية الغربية التي تخطط وتتحكم بمسارات خطط ومشاريع تحالف العد..و..ان للسيطرة على كامل المنطقة، فإن حركتهم وردود فعلهم على الضربات اليمنية للإمارات يمكن أن يكون المؤشر إلى أي من الاحتمالين ينتظر الإمارات، ففي حال رؤية فرار كبير للمستثمرين والشركات الأجنبية من الإمارات سيكون هدف تدميرها هو المرجح، ولن يكون برج خليفة أكثر أهمية من برجي التجارة العالمية التي انهارت في نيويورك، أما في حال بقائهم رغم احتمالات تلقي الإمارات ضربات يمنية موجعة، فإن هذا يرجح الاحتمال الثاني، وهو الأكثر توقعاً بحسب ما يبدو من مؤشرات، لكن لا يمكن استبعاد الاحتمال الأول، ولن يطول الوقت حتى تظهر الصورة بشكل أوضح، ونعرف أي مصير ينتظر الإمارات ومعها كامل المنطقة.