بات من نافل القول ان تنمية البلدان لا تتوفر إلاّ إذا توفّرت لها السوق الواسعة، وتكاملت لديها كل عناصر الإنتاج من طاقة بشرية، كفاءات ويدّ عاملة، مواد خام، وتراكم رأسمالي منتج.
وبات من نافل القول أيضاً ان نتحدث عن ان السبب الرئيسي لقيام التكتلات الكبرى والمنظومات الإقليمية في العالم يكمن في حاجة البلدان الصغيرة أو المتوسطة إلى آفاق أوسع لتطوير اقتصاداتها .
هذه الحقائق التي باتت عالمية تبدو راهنة اليوم في حياتنا العربية حيث تشتّد الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في أقطارنا العربية، الغني منها او الفقير على حد سواء ، حيث تعاني بالإضافة الى الأثار السلبية للحروب على تلك الأقطار و فيها ، من الجوع والفقر والبطالة وانهيار العملة الوطنية والهجرة الواسعة بكل ما يشوب الهجرة من مخاطر... نجد ان هذه الأقطار تشكو من أزمة تنموية كبيرة، فالبلدان التي تمتلك الموارد الطبيعية، من نفط وغاز وغيرهما، لا تمتلك الموارد البشرية من خبرات ويد عاملة، ومن يمتلك هذه الموارد لا يمتلك السوق الواسعة الضرورية لتصريف الإنتاج الصناعي والزراعي الذي كلّما ازداد حجمه قلّت تكاليفه وزادت فرص تسويقه الداخلي والخارجي.
فهل يمكن ان تجتمع لأي قطر عربي عناصر الإنتاج هذه كلها، إذا لم يكن هناك تكامل بينها، او على الأقل تشبيك بين اقتصاداتها، وبالتالي يحتاج كل قطر الى شكل من اشكال الوحدة الاقتصادية التي تشكّل احدى الطرق الأسرع والاسلم للوحدة العربية.
في ادراج جامعة الدول العربية العديد من مشاريع التكامل الاقتصادي العربي كالسوق العربية المشتركة، والاتحاد الجمركي، وسكّة حديد تشمل الوطن العربي من المحيط الى الخليج، والعديد من المشاريع الكبرى المشتركة، ولكنها كلها مجمّدة او معطّلة لغياب الارادة السياسية لدى حكام ما زال قرار اغلبهم بيد القوى الاستعمارية التي تأبى ان ترى تقارباً بين الدول العربية؟
من هنا فاستعادة النضال من اجل الوحدة العربية ليست ضرورة قومية ونضالية وأمنية وسياسية فحسب، بل هو ضرورة اقتصادية يتحقّق فيها لكل قطر عربي، بل لكل مواطن عربي، ظروف الأمان الاقتصادي والاجتماعي والحياة الحرّة الكريمة.