و سورية محور هام في نقاشات الطرفين
يبدو أن زيارة نفتالي بينيت الصهيوني اليميني المتديّن إلى الولايات المتحدة و قيلولة رأس الأفعى الأمريكي جو بايدن التي أحرجت رئيس حكومة الكيان الجديد المفعم بالحقد و الكره و الذي يحمل أحلاماً ورديةً تلمودية في مخيلته، و نشاط الدفاعات السورية التي أظهرت فاعلية في صد الهجمات الصهيونية الليلية الجبانة جعلت الصهاينة يعيدون حساباتهم قليلاً ببرنامج عملهم ، وبالحكومة البائسة التي عاد رئيسها من عند سيد البيت الأبيض بخفَّي حُنين تعاني اهتزازاتٍ داخليةً و غضباً شعبياً و فشلاً تلو فشل.
أما بايدن الذي لم يستوعب بعد حجم مصابه إبّان انسحاب قواته الخائبة من أفغانستان ، و هو الذي يجري تحضيراته لتوقيع اتفاقٍ مع إيران، اضافة لما يدور في خفايا دهاليز السياسة الأمريكية حول الوجهة التالية للقوات الأمريكية ، حيث لم يستطع تقديم شيء لبينيت سوى دعم سياسيّ إعلامي و لو تخلل جلستهما قيلولة قصيرة أحرجت الرجل و أغضبته.
أعاد بينيت ترتيب أوراقه و قرر إرسال وزير خارجيته إلى روسيا حيث تجتمع خيوط اللعبة كلها هناك وسط ما يبدو أنه غيابٌ للأمريكيين و عدم رغبتهم بلعب أي دور هناك ، فسورية لم تعد من أولويات أمريكا حالياً ، أما بقاء الخطاب المعهود ضد إيران من قبل الأمريكيين والذي أصبح أقل تأثيراً و أكثر دبلوماسيةً من سابق عهدهم .
فتصريحات غريبة يطلقها وزير الخارجية الروسي يعلن فيها أن أمن إسرائيل من أهم أولويات بلاده في سورية و لن تقبل روسيا أن تكون أراضي سورية منطلقاً لعمليات عسكرية تستهدف الكيان و مستوطناته من قبل أي كان.
بالعودة إلى تاريخ الصراع السوري الإسرائيلي نستذكر كلمات قائدها الراحل حافظ الأسد الذي قال: "نحن لسنا هواة قتل و تدمير لكننا ندفع الموت عن أنفسنا" بهذه الكلمات القليلة حدد الرجل عنوان الصراع و أسبابه و مستقبله و أظهر بوضوح أن حرب السوريين مع الكيان هي للدفاع و رد الظلم و كيد المغتصب ، و أن حالة الحرب لاتنهتي إلا بنهاية الطبيعة العدوانية و الأطماع التوسعية لهذا الكيان المسخ و أن لسورية قيادةً و شعباً حق النضال و العمل في كل لحظة و بكل ما أوتيت من قوة لاستعادة أرضها المحتلة و جولانها السليب ، و ليس لكائنٍ من كان ثني سورية عن مواقفها المبدئية والثابتة في ضرب الكيان الغاصب في مقتله ، وفي عمقه الاستراتيجي حتي يذعن للحق و يعيد الأرض لأصحابها و يكف أذرعه الخبيثة عن المساس بأمن سورية و مستقبل شعبها العظيم الذي كان مبدؤه و عقيدته التي اتخذها منهجاً حياتياً أن ما أُخِذ بالقوة لا يُستَرَدُ إلا بها.
و إذا كانت روسيا الصديقة لإسرائيل حريصة على أمن إسرائيل، فلتحلّ بعلاقاتها المميزة الخلاف من جذوره و تعيد لجبهة فلسطين المحتلة الشمالية الهدوء ، وهذا الأمر يتطلب احترام حقوق سورية و شعبها باستعادة أراضيها المحتلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ، عندها فقط يمكن الحديث عن تهدئة بين سورية و الكيان، أما ما خلا ذلك فهو تصريحات إعلامية لا تسمن و لا تغني من جوع.
إن دخول روسيا و إيران إلى سورية كان بموافقة الدولة السورية و طلبها و بشكل دستوري و قانوني، ويخضع لاتفاقياتٍ متبادلة تحكمها احترام السيادة و الدستور و إرادة الشعب السوري ، وتشترط على الحليفين التنسيق في كل صغيرة و كبيرة مع الجهات المختصة في الدولة السورية وهذا ما اثبتته الوقائع خلال سنوات من الحرب على سورية ، وأما عن قلق المحتل الإسرائيلي فما هو إلا غضبٌ من تعزيز الجبهة الجنوبية لسورية ، و شلّ للأطماع التوسعية لهذا الكيان الذي يطمح تحقيق المزيد من الأطماع مستغلاً انشغال الجيش السوري بمحاربة الإرهاب الذي يتعرض له الشعب السوري منذ عقدٍ من الزمن، وأما ادعاءات لابيد وحكومته الأخيرة ماهي إلا افتراءات وحديث السيد لافروف عن أمن الكيان لا يتعدى الكلام الدبلوماسي ،و تطمينات للكيان المذعور في محاولة لجذبه نحو موسكو بعيداً عن واشنطن، لكن ما لفت هو عدم إدانته للخروقات الصهيونية الغادرة والمتكررة على اراضي الجمهورية العربية السورية ، رغم أن هذه الغارات لا تخدم إلا الإرهاب الذي عاث فساداً في سورية، وعليه احترام سيادة الدولة ،والكفّ عن الاستفزازات فإن للصبر حدود ، فلن تقف سورية و حلفاؤها إلى الأبد مكتوفي الأيدي إزاء هذه الاستعراضات .
إن سورية و منذ عقود تنتهج نهجاً قانونياً تحترم خلاله قوانين الشرعية الدولية و تسلك في كل شؤونها و مشاكلها المسالك الشرعية، وتلجأ في حل خصوماتها مع الدول إلى السبل الرسمية و القانونية، ولا يليق بها و بشعبها العظيم والعريق المتجذر بالتاريخ التصرفات الرعناء و سياسة العصابات التي تنتهجها مجموعة اللقطاء من الصهاينة الذين اجتمعوا في أرضٍ لم يعرفوها و لم يعرفها أجدادهم أهداها لهم انكليزيّ منافق في غفلة من العرب و وهنٍ من الأمة.
إن سورية بجيشها و قيادتها و معها حليفها الإيراني تلتزم بالتنسيق على أعلى المستويات و احترام المواثيق الدولية، ويحتفظ السوريون في أي وقت و بأي ظرف بحقهم بالرد على انتهاكات هذا الكيان ، و ضربه في كل شبر و نقطة و ساعة حتى خضوعه للقوانين ، و إعادته للحقوق المسلوبة و على رأسها الجولان السوري المحتل، وأن سورية لم ولن تكون ساحةً و ملعباً لقوى إقليمية أو مكاناً لتصفية الحسابات من أي طرف صديقاً كان أم عدواً ، و أن هذا التصريح ينتقص من السيادة السورية و يسيء للدولة و الشعب السوري، ولسورية كامل سلطتها على أراضيها التي ستكون، ولا يمكن التغاضي عن قلة احترام سيادتها فعلى الكيان الصهيوني ،ومن يناصره أن يعوا جيداً أن سورية ستظل مصدر قلق و تهديد و عداوة للكيان ، طالما بقي شبر من سورية سليباً بيد الصهاينة وينادي وطنه الأم ، و كل سلاح مقاوم يخدم أهداف سورية في هذا الاتجاه مرحبٌ به و يلقى من شعب سورية و قيادتها كل المحبة و التأييد و الاحترام، و أما ادعاءات لابيد و حكومته فما هي إلا ألاعيب سياسية سخيفة اعتادها هذا الكيان الغاصب لإظهاره ضحيةً مستهدفةً تدافع عن نفسها.