نستعرض مجريات مرحلة مرت احداثها بسرعة عجيبة فأدى بنا هذا العرض الى استنباط نتيجة ، وهي أن معركة سيف القدس لا تتساوى مع سابقاتها من انتفاضات فلسطينية ،أو حروب وعدوان على الفلسطينيين والأراضي الفلسطينية ، وذلك لعدة أسباب:
• منها أسباب عامة تتعلق بمحور المقاومة.
• و أسباب خاصة تتعلق بأداء المقاومة الفلسطينية ذاتها ،
وللجانبين لها مدلولاتها وتبعاتها المميزة لها؛بل لها خصوصية رسمت من خلال الأداء المباشر في المواجهة، أو من خلال بصمات ظاهرة للمحور في الصراع ، وذلك سواء على الجغرافيا الفلسطينية، أو على جغرافية المحور ومالها من تبعات أو نتائج على الكيان الصهيوني ، من حيث المواجهة ومنهجية العمل المقاوم ذي الأسلوب المتطور والواضح فيه لمسات المحور ككل من الأداء العسكري، والإعلامي والنفسي والاستراتيجية.. عالية المستوى، فمن خلال الوضع الاقليمي، وهذا يأتي بعد قراءة وضع المحور المقاوم من خلال حقبة من الزمن :
- اولها الحرب الكونية على سورية أهدافها ونتائجها
- وثانيها تطور الأحداث والأفعال المباشرة وغير المباشرة على المحور.
حيث ان خروج سورية من المرحلة الأصعب خلال 11 عاماً من حرب شعواء عالمية على هذه الارض ، استخدمت فيها أنواع الحرب الهجينة بكل تفاصيلها وبشراسة الى مرحلة إعلان فشل هذه الحرب الكونية وما يهدد سورية، وسيادتها ونهجها كقلب نابض للسيادة وللمقاومة . اذ انها لو انتهت لا سمح الله الحرب بنتائج ليست كما حدث ، لتقطعت شرايين المقاومة ، والمحور لطويت صفحة المطالبة بالحق ، وبفلسطين ، والجولان ، ومزارع شبعا؛ بل لا نتمكن حتى المطالبة بسورية كما هي عليه عبر تاريخها ونهجها ، لذلك كانت الحرب عليها شرسة ، ولعاشت أمريكا والغرب، والكيان الصهيوني أيام عسل يبنى عليها تغير الى عالم جديد ، وليس لشرق أوسط جديد . ولقطع طريق الصين ، وروسيا ، والشرق عموما . واستشرت القوى ذات المحور العدواني والاستعماري للشعوب على كل البسيطة، ولتلاشي ما رسمته الصين وروسيا في مواجهة أمريكا ضمانا عالميا للتوازن الاستراتيجي ، ومنعا للقطب الواحد المتحكم بمصائر الشعوب .
أما موضوع الجمهورية الاسلامية: فاإن الإعلان عن أنواع السلاح المتطور الذي كشفت عنه ، والذي بالحقيقة لا يشكل 10% من الأسلحة المتطورة لما وصل اليه التصنيع العسكري الإيراني . وهذا بحد ذاته يعتبر ردعاً كبيراً يواجه به محور الشر ، كما وإن إظهار قوتها العلمية والتقنية والاستراتيجية أدى إلى تأثر الساحة العراقية من ناحية تطور عمل المقاومة العراقية ، وفي استهداف الأمريكي ومواجهته .
و قامت المقاومة الاسلامية في لبنان بالإعلان عن منظومة صواريخها ، التي يمكن أن تصل إلى أبعد مدى.
حيث شكل الاعلان ردع للعدو الصهيوني ، اذ لن تحتمل صواريخ المقاومة اللبنانية ، اذا قرر الحزب إطلاقها ، لما ذلك في إنهاء لوجوده .
وأنّ اللافت للنظر ، أ ن مشاركة الجميع في حرب الدفاع المقدس إلى جانب الجيش العربي السوري فانه ساعد لعبور الجميع إلى المرحلة الأقوى، وبمشاركة قيادات عسكرية من الصف الاول .
وفي الخطوط الأولى حيث برز اسم الشهيد الحاج قاسم سليماني ورفاقه ، فقد عمد العدو الى شراء الكثير من الذمم من العملاء، والجواسيس ، كي يصلوا إلى عملية اغتياله ، وعلى الأرض العراقية ، منتهكة القوانين الدولية ، دونما اعتبار إ أنه ضيفاً رسمياً على الجيش العراقي، وجناحه الحشد الشعبي. وبهذا انتهاك كبير لسيادة العراق وايران .
ونضيف على ما سبق إلى أن العدو لجأ إلى الاتفاقات الخيانية مع بعض الدول في الجزيرة العربية ، حيث الأمارات والبحرين ، والتعاون مع السعودية وقطر وذلك لعدة أسباب :
- القرب المباشر ، وتعزيز القواعد العسكرية الأمريكية في مواجهة إيران ، وعبر انطلاق المرحلة الخيانية في مواجهة الهوية العربية ، وقد نجح الكيان الصهيوني ، وأمريكا و ذلك بعد إدخال الدول العربية في مجال توصيف الدول الفاشلة ، كي يتسنى لها السيطرة المباشرة.
- لقد جاء الاستحقاق في سورية، الذي كان ردا حاسماً على مَنْ راهن على عدم إمكانية إجراء اأي استحقاق رئاسي ، بسبب الأوضاع العامة في البلاد، وعلى الشعب السوري المهاجر في الدول ، التي استقبلت المهاجرين بعد أن كان لها اليد الطولى في تدمير البلاد، سواءً تركيا ، أو ألمانيا ، أو الدول الأوربية بشكل عام . وكون الاستحقاق قد أُنجز ، بصرف النظر عن مَن نجح ، فإنّ في ذلك انتصار لإرادة و قرار الشعب السيادي . فكيف وأن المنتصر في هذا الاستحقاق أسد الأمة ! و هنا الصفعة الكبرى ، التي أذهلت الأمريكي و الصهيوني؛ فقد ذهل هذا الشعب العالم بتصميمه ، و إرادته و تمسكه بسيادته، و قراره و رئيسه.
- و تطورت الأمور في المنطقة بشكل سريع، و متتالي حيث بدأت حرب ضروس على الشعب الفلسطيني، لكن قوبل ذلك بمقاومة فلسطينية شاملة، إثباتاً لوحدة الوطن الفلسطيني. ووصِفت المواجهة بالنوعية من المقاومة ، اذ انها نفذت الكثير من التهديدات، و على مستوى عسكري مميّز، مما أفقد العدو صوابه ، ووصلت الرسالة بمدى جدية المقاومة الردعية عملاً بقوة الردع .
- أما باتجاه العدو فقد بقي في حالة ذهول من القوّة الصاروخية الدقيقة وتوزعها على كل المساحة الفلسطينية من غزّة إلى عسقلان ، و رام الله و حيفا و اللد ... الخ
وباستخدامها تكتيك جديد ، كالهجوم العنيف الذي يختلف عن سابقاتها من الانتفاضات، التي كانت تتسم بالدفاع الضعيف. فأثبتت معركة سيف القدس ، ما يسمى بالعلم العسكري القضم التدريجي للوجود الصهيوني ، وإفشال هدفه ، مما أربكه فعمد إلى تكبيد المقاومة و الشعب الفلسطيني، خسائر بشرية في محاولة لتقليص قدرتها ، لكنه فهم أن لا يمكنه القضاء على المقاومة، ولا حتى على فكرة المقاومة ،. أو احتمالية أن يتقبله الشعب الفلسطيني ، وهنا استشعر الصهيوني بالخطر الوجودي.
- اما على الساحة الفلسطينية ، فإنّ معركة سيف القدس انتجت التالي :
1. وحدة الصف الفلسطيني.
2. التعبئة على كل جغرافية فلسطين دون تقسيم.
3. تعبئة شعبية عربية، واسلامية بل و عالمية ، مما أدى إلى تشتت العدو و انكسار هيبته ،فزعزعه عسكرياً و نفسياً ، و أمنياً و استراتيجياً . سيما عند شعوره أنه اختُرق بأدق مفاصله من المقاومة ، أو المحور، و بأبسط التفاصيل ، في الحدود الذي رسمها لنفسه ، والذي يضرب فيها سوراً منيعاً على أنه صعب الاختراق ، فاخترَقت المقاومة منظومة الأمن القومي لديه.
4. أما مجتمعياً فإنّ المجتمع الصهيوني، بدأ بالهجرة المعاكسة ، نتيجة الرعب النفسي ، مما أثّر بشكل سلبي على قدرته العسكرية الدفاعية .
و استطاعت المقاومة انتزاع أوراق القوة من العدو نتيجة تكتيك استراتيجي أثبت نجاحه بامتياز، عملاً بطريق ما يسمى ردعاً كلاسيكياً لقوة المقاومة غير النظامية سواءً من حيث الفعل، أو التهديد به اعتمادها على عنصر المفاجأة ، مما أظهر ضعفاً في القوة العسكرية الاسرائيلية، التي كان ردّها بأسلوب غير منضبط، شكّل نوعاً من المراهقة العسكرية غير واضحة الخطط ، حيث انتزعت المقاومة بضعاً من أوراق القوة من العدو الصهيوني ، و التي بدأت بشكل عملي مع انطلاق الصاروخ السوري من الجولان إلى الداخل الفلسطيني، الذي أصاب هدفاً قرب مفاعل ديمونة ، و هذا له مدلولات كبيرة ، و ربما يكون إشارة لانطلاق المواجهة بين المقاومة ، و العدو وهي الرسالة بان المحور يستطيع الوصول الى الاهداف التي يريدها.
، وهذه رسائل لا يستطيع تحملها العدو بأي حال من الأحوال، كل ذلك أنتج بشكل واضح أن المقاومة رسمت قوتها في سيف القدس بناءً على تراكمية المقاومة في الجغرافية المحتلة و في تراكمية رسم استراتيجية الانتصارات في عموم المحور ، و هذا يثبت قوة و تماسك المحور، و التكتيك العملي الموحد ، مما أرعب العدو و هذا ما رسم قواعد جديدة أظهرت القوة العالمية الجديدة ، و بيّنت هشاشة البنية عند الكيان، نتيجة الاختراق الكبير ، و الارباك الملفت و الرعب المطبق في كل مفاصله ، عسكرياً و مجتمعياً حتى عند داعميه .
و من هنا نقول أن المرحلة الحالية ليست كسابقاتها ، فنحن في نقطة تحوّل نحو قوة عالمية رسمتها قوة محور المقاومة في الاقليم ، و إلى تحرير كامل الأراضي المحتلة يإذن الله .