بقلم: محمّد صادق الهاشميّ
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 13-06-2021 - 1353 في عصرنا اليوم نجد الكثير من المفاهيم والموازين معطلّة، بل مختلفة تماما، فالانحطاط هو الحرية، والفوضى هي الديمقراطية، والدين أفيون وتحجّر، والفجور والمجون والانحلال، بل حتى اللواط والمثلية التي تدعمها أمريكا والاتحاد الأوربي في العراق مظهرٌ إنسانيٌ، كما يصوّره الغرب، وليس هذا الأمر أعني ( انقلاب الموازين) بجديد، فالتاريخ القرآني يحدّثنا بما يماثل واقعنا. وإليك من قصّة لوط مثالاً. إنّ نبي الله لوطاً هو ابن أخي نبيّنا إبراهيم (ع) ، وكان كما وَصَفه الله تعالى بقوله: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}، وقوله: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} . وكان هذا الفعل فاشيا فيهم ، بحيث لم يبق أحدٌ نزيهٌ منهم لم يفعل هذا الفعل، قال تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وهو بيت نبي الله لوط، وما في البلد خيّرا غيرهم . وهذا الفعل الذي سمّاه الله جريمةً، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} ، وعبّر عن مرتكبيه بـقوله فاسقين : {كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} قد عبّرت عنه الجاهلية المعاصرة أنّه ضمن الحريات الشخصية، ومن هنا يبدأ انقلاب الموازين؛ فتوصف الجريمة بصفة الحرية ، وتلبس لباس الحقّ الشخصيّ. وكان القرار الصادر في حقّ لوط (ع) هو القتل، أو الاحراق، {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ}، بدلاً من أن يستجيبوا له ولنصيحته، ثمّ يُهدد بالطرد من المجتمع، والتهجير بيته وأهله، فكانت جريمة لوط بنظرهم : { قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}، فعابوه بما ينبغي أن يمدح عليه، وهكذا تصبح النزاهة جريمةً يستحقّ فاعلها العقوبة!!، ويصير النزيهُ غريباً ناشراً في قومه. وحينها تستحقّ الأمّة العذاب الأليم ، فقال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ، مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ} ، ففي الرواية أن جبريل رفع هذه القرى إلى السماء ورمى بها الى الأرض.
لا يوجد صور مرفقة
|