أريد أن أقدم بين يدي القاريء الكريم بعض البشارات التي ستحقق قريباً على أرض فلسطين بناء على المعطيات الموضوعية ، لأنهم عملوا وصبروا ورابطوا وقاوموا المحتل الصهيوني مقاومة عنيدة.
لقد أعدّوا للحرب ما استطاعوا من عدة وقوة ، فرهبهم العدو وفشل فشلاً عسكرياً وأمنياً مدوياً في النيل منهم، ولجأ إلى قتل المدنيين وضرب الأبنية والعمارات السكنية. إنها أساليب الخاسر الضعيف قد ركبها الصهاينة عندما اعيتهم الحلية من اصطياد المقاومة.
لقد فشلت الاستخبارات الاسرائيلية في مهمتها عند جمع المعلومات عن المقاومة ومعرفة أماكنها ، وفشلت طائرات التجسس الإسرائيلية والأمريكية والأقمار الاصطناعية المخصصة لأغراض التجسس عن معرفة مواقع إطلاق الصواريخ ومنصاتها ، ومخازن الأسلحة المختلفة ، ونجحت المقاومة في تكتيكاتها العملياتية واستطاعت تضليل العدو . نستطيع ان نشاهد النقص في المعلومات الاستخباراتية من خلال الاستنتاجات البعيدة كل البعد عن إدراك قدرات المقاومة ، وأستطيع أن أقول أن أنهم تفاجئوا ونجح اهل غزة في تقديم عنصر المفاجئة للصهاينة.
ان الخطأ في تقدير الموقف كان واضحاً عندما تم إلغاء المناورات العسكرية المقرر إجرائها، فلم يأخذوا بالحسبان ماتخبئه لهم الأيام ، وأخذوا علي حين غفلة.
نعم أخطأت القيادات العسكرية والأمنية في تقديرها للموقف مع المقاومين الغزاويين تماماً مثلما أخطأت سابقاً في تقديراتها لقدرات حزب الله، وقد أشارت إلى ذلك الخطأ دراسة أعدها معهد راند لمصلحة وزارة الدفاع الأمريكية .
ان عدم امتلاكهم للمعلومات فيه بشارة الى ان كثير من رؤوس الاستخبارات الكبيرة ستطوي صفحاتهم المقاومة وتضعهم في ارشيف الهزائم .
ان الاسرائليين لجأوا إلى استهداف المدنيين من أجل خلق حالة من التذمر ولكي تخسر المقاومة قاعدتها الجماهيرية، لكن ذلك أتى بنتائج عكسية واتى اُكله في التأييد الشعبي من داخل فلسطين وخارجها ، وبهذا جاءت هذه البشارة في ان يصطف الداخل الفلسطيني والخارج العربي والإسلامي، بل والعالمي خلف المقاومة في غزة وباقي المدن الفلسطينية التي تشهد حالة من الغليان غير مسبوقة.
يمكننا أن نشاهد بشارة أخرى مرتقبة حيث أن تداعيات المنازلة بين صواريخ غزة وطائرات إسرائيل ستسري إلى المستوى السياسي وتطيح بنتن ياهو إلى الأبد على غرار ما حصل لإيهود أولمرت في تموز ٢٠٠٦م عندما قاد الحرب على الجنوب اللبناني وحصد الهزيمة السياسية .
يمكننا أن نشاهد ارهاصات الهزيمة السياسية لنتن ياهو في طريقة الانتقاد القارص الذي يستخدمه ليبرمان ضده ، وفي ادارته للأزمة ،وأن هناك ماهو أكثر من ذلك سيطل برأسه بعد أن تنتهي حرب الطائرة والصاروخ ، وايضاً يمكن ملاحظة تعابير القلق والارهاق والامتعاض بوضوح على السلوك السياسي لنتن ياهو أثناء تصريحاته .
هناك بشارة أخرى للمقاومة في غزة وهي أنها فرضت معادلة جديدة في توازن الرعب فالقصف الإسرائيلي للمدنيين يقابله قصف صاروخي من قبل الغزاويين للمواقع الاقتصادية والمرافق الحيوية الحساسة وقد شاهدنا ظاهرة إغلاق المطارات وتوقف الرحلات الجوية فيها ، وشاهدنا حالات الهروب للملاجيء بشكل يومي داخل فلسطين المحتلة (فإنهم يألمون كما تألمون) .
بشارة أخرى وهي أن هذه الحرب القائمة كشفت عن زيف الادعاءات الإسرائيلية حول القبة الحديدية وقدرتها على التصدي للصواريخ المختلفة ، فقد كشفت الرشقات الصاروخية للمقاومة أن صواريخ القبة الحديدية تقوم بمطاردة أو مقابلة فاشلة ، وان كثير مماقيل عن تلك المنظومات الدفاعية عبارة عن أوهام تم تسويقها للداخل الإسرائيلي .
لقد أنفقت اسرائيل أموالاً طائلة، وبعد كل ذلك حصدت خسائر مادية كبيرة في مقابل الأموال الصغيرة التي صرفت على صواريخ غزة .
لقد أسدل الستار عن مسرحية تلك القبة الحديدية بعد أن أحطاتها إسرائيل بهالة من الأبهة الإعلامية في قدرتها على التصدي لأكثر الصواريخ تطوراً .!!!.
لقد اهتزت صورة القبة الحديدية عند الاسرائليين بشدة ، وأظن انهم فقدوا الثقة بها وبالمؤسسة العسكرية التي كانت تطبل لها.
هناك بشارة أخرى وهي أن إسرائيل تكبدت خلال أسبوع واحد بخسائر مالية واقتصادية كبيرة تقدر بملايين الدولارات فما بالك لو استمرت طويلا؟ ، فضلاً عن فقدانها لهيبتها العسكرية والأمنية التي كانت تتبجح بها .
ان اسرائيل سوف لن تحصد نتائج على الأرض ولن تحسم المعركة مع غزة ،لان طبيعة شروط المعركة ليست في صالحها ، كما أنها في فترة مابعد هذه الحرب ستكون مشغولة بنتائجها السلبية والتي ستستمر لفترة طويلة ، أما غزة فإنها بلاشك ربحت المعركة منذ أن وصلت صواريخها إلى الجنوب الفلسطيني المحتل، وصنعت ملحمة أسطورية جديدة وواقع جديد وفرضت احترامها على الجميع .