حصل موخرا تطبيع بين الحكومة المغربية ودولة الكيان الصهيوني، وكثر الكلام بهذا الخصوص، علما أن عدة دول خليجية قد سبقتهم إلى ذلك، بالإضافة إلى التطبيع القديم الحديث بين كل من مصر والاردن، والكيان، والتنسيق الأمني بين هذا الأخير والسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى التطبيع السري من قبل أنظمة عربيك أخرى.
برر النظام المغربي تطبيعه الرسمي العلني بالاعتراف بسيادتنه علي الصحراء من قبل الولايات المتحدة وما تشكله من قوة ونفوذ علي الصعيد الدولي، مقابل علاقات نع الكيان الصهيوني مانت قائمة أصلا.
أثيرت بهذه المناسبة مسألة الصحراد المغربية من جديد خيث أن البعض يعتبر أن لسكان الصحراد الحق بتقرير المصير سواء بالاستقلال او الحكم الذاتي أو البقاء كأقليم ن
مغربي.
إن مسألة الصحراء مغيرها من المسائل الدولية تثير الانقسامات والإصطفافات غالبا وفق معيار سياسي. وهذا ما حصل بالفعل، فبعض الدول دعمت المغرب واعتبرت الصحراء قسما من أراضيه واعترفت بسيادته عليها، وبعضها الآخر دعم خق الصحراويين بتقرير المصير.
ما يهمنا التنبيه إليه هنا، وبمناسبة التطبيع الرسمي للحكومة المغربية، هو التمييز بين قضية الصحراء الغربية وقضية التطبيع. فالموقف المبدئي هو ضد التطبيع من أي جهة أتى، شرط مراعاة شعور الشعب المغربي الشقيق، كمراعاة شعور أي شعب عربي أو أي شعب آخر، لجأت حكومته إلى التطبيع لما في الإساءة إلى الشعب من افتراء وانعكاسات سلبية على التضامن فيما بين الشعوب، والتضامن مع حق الشعب الفلسطيني بالتحرر. ذلك أن الشعوب ليست هي من طبع، رغم وحود أفراد فيها يدعمون ذلك. أما فيما يتعلق بالمغرب وقضية الصحراء، فلا س
شك أن الشعب المغربي سينزاح
إلى قصية بلاده. وهنا المفارقة الغريبة فعلا، إذ كيف نطالب من جهة بالتضامن العربي، والوقوف ضد تقسيم البلاد العربية، وندعم في الوقت ذاته حركة انفصالية في المغرب؟ أسارع لأقول هنا أنه لا يجوز لأي كان الإنهماك بالكلام عن
مسألة الصحراء المغربية الغربية التي هي مسألة قانونية، كتبت حولها مجلدات في الأمم المتحدة، وسنحاول هنا اختصار المسألة بالتالي:
يرتكز حق تقرير المصير الذي يطالب به الصحراويون على عوامل عدة منها:
- العامل التاريخي، والذي يدرس مدى ارتباط الصحراء بالمغرب، من الناحية البشرية والجغرافية والتاريخية
-العامل الجغرافي، ويدرس إن كانت الصحراء تشكل جزءا من الأرض المغربية، أي إذا كانت تشكل امتدادا طبيعيا لها
- العامل السيادي، وهو يدرس إن كانت الصحراد تتبع للسيادة المغربية خلال حقبات من التاريخ،
-العامل السكاني، أي عدد السكان المقيمين فيها، هل عددهم يمكنهم من إقامة دولة
- المساحة الجغرافية، هل الاقليم ذو مساحة كافية لإقامة دولة
- العامل الاقتصادي وهو يدرس إن كانت الصحراء تحتوي من الموارد ما يكفي لاقامة دولة
- العنصر القيادي، هل هناك حركة تحرر وطني تمثل الشعب الصحراوي، ومعترف بها دوليا، كونها كذلك
-العنصر الأخير وهو عنصر قانوني بحت، ولعله أقوى العناصر، هل أنه يحق للصحراويين أن يمارسوا حق تقرير المصير؟
- الاعتراف الدولي، وهو يتمثل بقبول المجتمع الدولي بممارسة الشعب الصحراوي لتقرير المصير في ظل إعلان دولة قائمة وهي الدولة المغربية أن الصحراء تشكل جزءا منها، وأن الصحراويين ليسوا سوى مواطنين مغاربة، وأن في الصحراء موارد طبيعية ضرورية لنموها وتطورها.
وهذا العامل الأخير هو عامل دبلوماسي يخضع لإرادة كل دولة على حدا، بالاضافة إلى موقف الأمم المتحدة والقانون الدولي.
موضوع الصحراء يحتاج إلى العديد من الصفحات، وليس بالإمكان إيراد كل ذلك هنا، ولكن أفضل للشعوب العربية والمسؤولين العرب أن لا يجادلوا في أمور تحتاج تعمق واختصاصيين لحلها، لألا يسيئوا لما تبقى من فكرة التضامن العربي.