إننا نجيب على التساؤلين المذكورين، وبتركيز واختصار كبيرين لا يمكن معهما التغطية
والتطرق لكل الجوانب المتعلقة بالموضوعين...
أ - لماذا يجب تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي ؟
ونقصد بالتطبيع جميع أنواع المعاملات والعلاقات مع الكيان الصهيوني ومسؤوليه وممثليه
والمنتمين إليه بالجنسية أو الإقامة أو التأييد والمساندة، وذلك سواء كانت المعاملات والعلاقات
المذكورة ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية اجتماعية أو ثقافية أو فنية أو رياضية أو سياحية أو أي نوع
آخر من أنواع المعاملات والعلاقات المباشرة أو غير المباشرة...
ويرتكز تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي على أساس أن هذا الكيان غير شرعي في وجوده،
وغير شرعي في أفعاله وممارساته ومواقفه وتصرفاته وحسب التوضيحات المختصرة الآتية:
الكيان الإسرائيلي غير مشروع في وجوده لأنه خطط لقيامه على أرض فلسطين وهو التخطيط
التآمري الذي ساهم في إعداده وتنفيذه، الصهيونية العالمية، ذات النفوذ الكبير الاقتصادي والسياسي
والإعلامي، وبتنسيق وتواطؤ ومساندة سياسية وعسكرية وتكنولوجية واقتصادية وإعلامية من قبل
الامبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا...
إن التخطيط التآمري المذكور أدى تنفيذه إلى احتلال الصهاينة، سنة 1948 لأراضي تخص
الشعب الفلسطيني الراجعة جذوره على أرضه لآلاف السنين، وهو الاحتلال الذي تم بالحديد والنار
وارتكبت خلاله ، و مازالت ترتكب ، مجازر ضد الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته وهدمت فيه بيوت
ومبان ومؤسسات وانتزعت فيه ممتلكاتهم، وطرد منهم بالقوة الآلاف من بيوتهم وأراضيهم
وممتلكاتهم، وهو الاحتلال الذي شمل مساحة من الأرض تتجاوز حتى التقسيم الغير المشروع للأرض
الفلسطينية، بين اليهود القادمة أغلبيتهم من مختلف بقاع العالم وبين الفلسطينيين المقيمين أصلا
بفلسطين عبر أجدادهم وأجداد أجدادهم ذوي الجذور العميقة في التاريخ...
ولم يقتصر احتلال إسرائيل لأراضي الغير على عدوان 1948 بل امتد إلى باقي أرض
فلسطين (الضفة الغربية وغزة) , وإلى أراضي عربية مجاورة بلبنان وسوريا والأردن ومصر (مثلا
عدوان يونيو 1967 ،(ولم تنسحب من بعضها، شكلا وعبر اتفاقيات وشروط مجحفة، إلا مقابل
تنازلات كبيرة وخطيرة سياسية واقتصادية لا تزال آثارها السلبية تنعكس ، حتى الآن ،على مسار
النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الصراع العربي الإسرائيلي : - اتفاقية كامب ديفيد
– الاتفاق المصري الإسرائيلي حول الانسحاب من صحراء سين المصرية مقابل الاعتراف بالكيان
الصهيوني والتطبيع معه وإخراج مصر، بإمكانياتها البشرية والمادية والعسكرية من دائرة الصراع
العربي الإسرائيلي – الاتفاق الأردني الإسرائيلي، بما نتج عنه من إخراج الأردن كذلك من دائرة
الصراع العربي الإسرائيلي وتطبيعها مع هذا الأخير – اتفاقية أوسلو بما أسفر عنها من انسحاب شكلي
من غزة، غزة الجريحة التي لا زالت محاصرة من طرف إسرائيل برا وجوا وبحرا لغاية تاريخه،
ومن أريحا بالضفة الغربية مقابل إقامة حكم ذاتي داخلي فلسطيني محدود الصلاحيات فاقدا للسيادة
الداخلية فبالأحرى الخارجية ومقابل شروط في مقدمتها ضمان أمن إسرائيل والتعاون مع قواتها
العمومية والعسكرية ضد كل من يهدد هذا الأمن بما في ذلك، وبالأساس المقاومة الفلسطيني...
ولم يقتصر عدوان إسرائيل على أراضي الغير واحتلالها على عدوان سنتي 1948 و1967 بل
إن عدوانها على أرض فلسطين وعلى بلدان عربية مجاورة كان و مازال مستمرا مخلفا آثارا مدمرة
على آلاف الأرواح والمساكن والمؤسسات الصحية والتعليمية والاقتصادية والخيرية والاجتماعية وهو
عدوان بالسلاح الجوي أحيانا، و باستعمال السلاح الجوي والسلاح البري أحيانا أخرى (على وجه
المثال : العدوان على لبنان بما في ذلك حصار بيروت سنة 1980 وما نتج عن ذلك من طرد المقاومة
الفلسطينية وقيادتها من لبنان – العدوان على جنوب لبنان سنة 2006 – العدوان على غزة سنة 2014
... الخ).
ومن المعلوم أن العدوان على أراضي الغير مدان ومعاقب عليه دوليا، وذلك طبقا للمواد 39 و41
و42 و43 من ميثاق الأمم المتحدة وللمادتين 5 و77 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ولأن الكيان الإسرائيلي، ارتكب ومازال يرتكب، عبر سلاحه الجوي والبري والبحري، في حق
الشعب الفلسطيني وفي حق الشعوب العربية المجاورة لفلسطين جرائم خطيرة معاقب عليها دوليا
ووطنيا، مثل القتل والإصابات الجماعية وتدمير المرافق العمومية المدنية، وهي جرائم تدخل في نطاق
جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وهي الجرائم المنصوص عليها
وعلى عقوبتها في المواد 5 و6 و7 و8 و77 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، وفي اتفاقية
منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهي الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة
في 9 دجنبر 1948 ،في اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 غشت 1949 والمتعلقة بحماية
الأشخاص المدنيين وقت الحرب...
ويتحمل المسؤولية الجنائية عن ارتكاب الجرائم المذكورة :
- مرتكبوها المباشرون (الجنود – ربابنة الطائرات والدبابات والسفن الحربية – المليشيات الإسرائيلية
المسلحة ). ومن المعلوم أن جميع الحاملين للجنسية الإسرائيلية يعتبرون مجندين في القوات المسلحة
الإسرائيلية ما داموا قادرين على حمل السلاح واستعماله عند الاقتضاء ضد من تعتبرهم إسرائيل أعداء
لها.
- كما يتحمل المسؤولية الجنائية شركاء مرتكبي تلك الجرائم المذكورة، ويدخل في نطاق هؤلاء
الشركاء: القادة العسكريون والسياسيون الذين أصدروا الأوامر لمرتكبي الجرائم ومدوهم بالأسلحة،
وذلك كيفما كان مركزهم القيادي..، هذا مع العلم بأن الجرائم المذكورة لا تسقط بالتقادم، (تفاصيل ما
ذكر منصوص عليها في المواد 25 و27 و28 و29 و32 و33 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية
الدولية وفي المادتين الثالثة والرابعة من اتفاقية 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها...)
2 – العقوبات الدولية المطبقة على جرائم العدوان وجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد
الإنسانية وجرائم الحرب.
- هناك عقوبات ذات طبيعة جنائية وأخرى ذات طبيعة تأديبية ومدنية يمكن إنزالها على مرتكبي
الجرائم المذكورة الحاملين للجنسية الإسرائيلية وشركائهم.
- وهناك عقوبات ذات طبيعة تأديبية ومدنية، يمكن الحكم بها على الكيان الإسرائيلي:
1 -العقوبات الجنائية الأصلية والإضافية والمدنية التي يجب إنزالها بمرتكبي الأفعال الإجرامية
وشركائهم والمنتمين إلى الكيان الإسرائيلي:
• إن هذه العقوبات الجنائية الأصلية التي يجب إنزالها على مرتكبي الجرائم وشركائهم
والمنصوص عليها في المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هي السجن لمدة
أقصاها 30 سنة أو السجن المؤبد.
• أما العقوبات الإضافية فتتجلى في كون المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تحكم بالإضافة إلى
العقوبة الجنائية الأصلية، بعقوبات إضافية التي هي:
أ – فرض غرامات مالية.
ب- مصادرة العائدات والممتلكات والأصول المتأتية بصورة مباشرة أو غير مباشرة من
الجريمة... (المادة 77 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
- وبالإضافة إلى العقوبات الجنائية الأصلية وإلى تلك التي يمكن إنزالها بالمجرمين وشركائهم
فإنه يحكم عليهم بتعويضات مالية عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت الضحايا (المادة
75 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
2 -العقوبات المدنية والتأديبية التي يجب تطبيقها على الكيان الإسرائيلي:
تماشيا مع مقتضيات البند 6 من المادة 75 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإنه
يجب على المحكمة الجنائية الدولية، عندما تقضي بتعويضات مالية على مجرمي الكيان الإسرائيلي،
لفائدة ضحاياهم، أن يتحمل الكيان العبري مسؤولية تسديدها...
3- يمكن لمحكمة العدل الدولية، بل يجب عليها تحميل الكيان الإسرائيلي، المسؤولية الجنائية
والمسؤولية المدنية عن جرائمه المرتكبة في حق الشعوب العربية وأن تحكم لفائدة ضحاياه، بتعويضات
مالية عن جبر الأضرار المادية والمعنوية والكل تطبيقا للمواد 93 من ميثاق الأمم المتحدة (الكيان
الإسرائيلي طرف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية نتيجة عضويته في الأمم المتحدة) وبحكم
هذه العضوية ولكونه مصادقا على اتفاقية 1948 المتعلقة بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها،
وطبقا للمواد 5 و6 و8 و9 من نفس الاتفاقية، فإنه يمكن للمحكمة، بناء على طلب من أحد أطراف
الاتفاقية أن تحاسب وتؤاخذ وتعاقب الكيان الإسرائيلي عن جرائمه المنصوص عليها في المادة الثالثة
من الاتفاقية.
وبالإضافة إلى ما ذكر فإنه يجب تجريم التطبيع مع إسرائيل:
4 -لأن الكيان الإسرائيلي عنصري في تعامله مع الشعب الفلسطيني ومن مظاهر هذه العنصرية
إحداثه ما يسمى بجدار الفصل العنصري، وهو الجدار الذي أنشأه الكيان الصهيوني على الضفة
الغربية الفلسطينية المحتلة بالقوة سنة 1967 والذي قضت محكمة العدل الدولية، بتاريخ 9 يوليوز
2004 ،بناء على استشارة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعدم شرعيته ودعت المنتظم الدولي،
وعلى رأسه الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بالعمل على إزالته وإزالة جميع الآثار
المترتبة على إقامته والتعويض عن الأضرار الناتجة عنه ولغاية تاريخه لم يمتثل الكيان الصهيوني
للقرار المذكور ولم يعمل المنتظم الدولي على إلزامها بالامتثال إليه.
5 -ولأن إسرائيل لم يسبق لها أن امتثلت لأي قرار من قرارات أجهزة الأمم المتحدة (الجمعية العامة –
مجلس الأمن – منظمة اليونسكو – منظمة الصحة العالمية...الخ)، وهي الأجهزة التي سبق لها، مرارا
وتكرارا، معاينتها خرق إسرائيل للعديد من حقوق الإنسان الفلسطيني ودعتها إلى وضع حد لها وعدم
تكرارها ولم تلق هذه الدعوة أية استجابة...
6 -ولأن إسرائيل كانت ومازالت تخرق مبادئ الشرعية الدولية المتعلقة بالأمان الشخصي وبالحق في
الحياة، وعلى وجه المثال:
• فالاعتقالات تتم بكيفية تعسفية..
• استعمال التعذيب بدون حدود أثناء التحقيق.
• وهناك آلاف المعتقلين اعتقالا إداريا، وهو الاعتقال الذي يتم من قبل السلطة الإدارية الأمنية
بدون توجيه أية تهمة للمعتقل، ويستمر الاعتقال ويتجدد وبدون محاكمة..
• هذا بالإضافة إلى العديد من الاغتيالات التي ارتكبتها إسرائيل ضد قادة فلسطينيين مقيمين
خارج الأراضي المحتلة بدول عربية وأجنبية...
ومن المعلوم أنه، طبقا للمواد 2 و6 و7 و9 و10 و11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
فإنه " لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه "، وأنه : " لا يجوز إخضاع أحد
للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة " وأن " الناس جميعا
سواء أما القانون .." وأنه لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا " وأنه " لكل إنسان،
على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا
منصفا وعلنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه"، وأن "كل شخص
متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون توفرت له فيها
جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه".
ومن المعلوم أنه: حسب المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، فإن من بين مقاصد الأمم
المتحدة: "حفظ السلم والأمن الدولي"، وإسرائيل، منذ وجودها اللاشرعي وهي تهدد الأمن والسلم
العالمي، وأنها - أي الأمم المتحدة – " تقمع حسب ميثاقها العدوان وغيره من وجوه الإخلال
بالسلم" وأن إسرائيل، اعتدت على أرض فلسطين باحتلالها واعتدت ولا زالت تعتدي وتحتل
أراضي عربية مجاورة لأرض فلسطين.
ومن المعلوم كذلك بأن من بين مقاصد الأمم المتحدة، حسب مادته الأولى، هو "تعزيز
احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب
الجنس أو اللغة أو الدين...". هذا في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل ولازالت مستمرة في خرق
حقوق الإنسان الفلسطيني بمختلف أنواعها...
ومن المعلوم كذلك، أنه، وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (المادة 39 (فإنه في
حالة تهديد السلم أو الإخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان، فإن مجلس الأمن يقرر ما
يجب اتخاذه من التدابير طبقا لأحكام المادتين 41 أو 42 من الميثاق.
وحسب المادة 41 من الميثاق فإن من بين التدابير التي يمكن لمجلس الأمن مطالبة أعضاء
الأمم المتحدة اتخاذها في مواجهة الدولة المعتدية أو المهددة للسلم أو المخلة به وقف الصلات
الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللا سلكية وغيرها من
وسائل المواصلات...
وطبقا للمادة 42 من الميثاق فإنه: "إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في
المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية
والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه...
وبالإضافة إلى وجوب تطبيق عقوبات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بسبب عدوانها
المتكرر وبالتالي تهديدها للسلم أو الإخلال به، هناك عقوبات إضافية يمكن للأمم المتحدة بموجبها
إيقاف عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة وفي حالة الإمعان في الخرق يمكن لها سحب عضوية
إسرائيل منها، وهكذا:
فتطبيقا للمادة الخامسة من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فإنه: "يجوز للجمعية
العامة للأم المتحدة أن توقف أي عضو اتخذ مجلس الأمن قبله عملا من أعمال المنع أو القمع، عن
مباشرة حقوق العضوية ومزاياها ويكون ذلك بتوصية من مجلس الأمن .."
وطبقا للمادة السادسة من الميثاق فإنه: إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة في انتهاك
مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيأة بناء على توصية من مجلس الأمن".
7 -أسباب عدم تفعيل العقوبات الدولية ضد الكيان الإسرائيلي:
ورغم كون جرائم الكيان الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني والعربي وأراضيهما ثابتة
ومعاقب عليها دوليا، حسب ما استعرضناه أعلاه، باختصار كبير، فإن تلك العقوبات لم تفعل على
مستوى الجهات المختصة، وذلك بسبب تواطؤ أغلبية الفاعلين في المنتظم الدولي وعلى رأسهم
الولايات المتحدة الأمريكية متبوعة بإنجلترا وفرنسا، وبسبب تقاعس الدول العربية والدول الصديقة
والمتعاطفة مع قضية الشعب الفلسطيني، وهكذا وعلى وجه المثال:
- فبالنسبة للجرائم التي تختص بها محكمة الجنائية الدولية، فإذا كانت إسرائيل لم تصادق على
نظامها الأساسي وبالتالي ليست طرفا فيه، فإن ذلك لا يمنع من إحالتها، قصد التحقيق والمتابعة
عن جرائمها من طرف نفس المحكمة وذلك تطبيقا للبند (ب) من المادة 13 من النظام الأساسي
للمحكمة، فهذا البند يسمح لمجلس الأمن ، في نطاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،
بإحالة إسرائيل على المحكمة الجنائية الدولية قصد التحقيق معها ومتابعتها عن جرائمها
المنصوص عليها في المادة 5 من نظامها الأساسي. ولم يسبق لمجلس الأمن أن استعمال هذه
الصلاحية وحتى لو استعملها لتعرض لتعطيلها عن طريق الاعتراض (الفيتو) الأمريكي..
- وبالنسبة لاختصاص محكمة العدل الدولية للبت في جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة من
إسرائيل (مجزرة صبرا وشاتيلا مثالا ونموذجا ) فإنه لم يسبق لأية دولة طرف في اتفاقية منع
جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بما في ذلك الدول العربية، لم يسبق أن طلبت من
المحكمة التحقيق مع الكيان الإسرائيلي فيها واتخاذ ما يجب بشأنها..
- وبالنسبة للعقوبات التي تدخل في نطاق اختصاص مجلس الأمن، طبقا للفصل السابع من الميثاق
(المواد 39 و41 و42 ،(فإنه لم يسبق تقديم أي مشروع عقابي ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن
،وحتى لو قدم له لكان مصيره الاعتراض من قبل الحلفاء الطبيعيين لإسرائيل، ونفس الأمر
بالنسبة لإيقاف عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أو سحبها طبقا للمادتين الخامسة والسادسة
من الميثاق..
- وإذا كانت إمكانية معاقبة إسرائيل دوليا، تجد عراقيل عملية بسبب تواطؤ دولي، فإنه من
الممكن حاليا وعلى المستوى المدى القريب والمتوسط ، عزل إسرائيل سياسيا واقتصاديا
ورياضيا وسياحيا وثقافيا عن طريق عدم التطبيع معها وتجريم التطبيع معها.. لأن جميع القمم
العربية التي حضرها المغرب، على أعلى المستويات ، كانت تقرر وتوصي بمساندة الشعب
الفلسطيني ماديا وسياسيا ومقاطعة الكيان الإسرائيلي على كافة المستويات..
9 -ويجب تجريم التطبيع مع إسرائيل لأن المغرب عضو في الجامعة العربية التي تنص المادة
6 من ميثاقها على أنه :" إذا وقع اعتداء على دولة من أعضاء الجامعة أو خشي وقوعه فللدولة
المعتدى عليها أو المهددة بالاعتداء أن تطلب دعوة مجلس الجامعة العربية للانعقاد فورا. ويقرر
المجلس التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء...
ومن المعلوم أن إسرائيل كانت ومازالت تعتدي على العديد من الدول العربية وتحتل أجزاء من
أراضيها، ولذلك فإن تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني يعتبر من متطلبات ونتائج مناهضة
العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وأرضه ومن متطلبات ونتائج مناهضة عدوانها
على الدول العربية وشعوبها...
ولأن مجلس الجامعة العربية، أصدر قرارا في دورته الرابعة عشر بتاريخ 19/05/1951
يقضي بإنشاء جهاز يتولى تنسيق الخطط والتدابير اللازمة لمقاطعة إسرائيل والعمل على
تحقيقها...، وإن تجريم التطبيع مع إسرائيل هو من متطلبات هذه المقاطعة ونتائجها...
10 -ولأن تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يمكن اعتباره إلا امتدادا لحملة عالمية
لمقاطعة إسرائيل على العديد من المستويات ضمنها على وجه المثال:
• الدعوة لمقاطعة إسرائيل رياضيا، وهي الدعوة التي سبق صدروها من طرف مجموعة من
الشخصيات البريطانية المناصرة للقضية الفلسطينية...
• أصدرت المفوضية الأوروبية إخطارا رسميا لجميع المستوردين من المستوطنات الإسرائيلية
في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان، ويشير الإخطار أن الاتحاد
الأوروبي لا يعترف بأن هذه البضائع المستوردة تصلح للاستفادة من الرسوم الجمركية
المنخفضة...
• كما أن السويد والنرويج سبق لهما أن قررتا وقف استثماراتهما في شركة إسرائيلية لها دور في
بناء جدار الفصل العنصري...
• كما أن شركة أغذية نرويجية سبق لها أن قررت، منذ سنة 2002 ،مقاطعة المنتجات
الإسرائيلية...، إنه :
بسبب الجرائم المذكورة وغيرها من الجرائم التي تأسس على ارتكابها قيام الكيان الصهيوني
واحتلاله لأرض فلسطين...
وبسبب استمرار الكيان العنصري، بعد قيامه ولغاية تاريخه، في ارتكاب نفس الجرائم على
الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية، المجاورة وغير المجاورة لأرض فلسطين قامت "
مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" من بين ما قامت به، بإعداد مقترح قانون يقضي
بتجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وهو المقترح الذي تبنته أربع فرق برلمانية وسجلته
بمجلس النواب بتاريخ 29/ 07/2013 تحت رقم 92 .
ورغم مرور أكثر من أربع سنوات وسبعة أشهر على التسجيل المذكور فإن المقترح لم يطرح
للمناقشة والمصادقة من قبيل البرلمان؟
ب – لماذا يجب إسقاط الجنسية المغربية عمن يحملون بجانبها الجنسية الإسرائيلية ؟
من المعلوم أن الوجود اليهودي بالمغرب، مولدا وإقامة، يرجع إلى مئات السنين كانوا خلالها متمتعين
بنفس الحقوق التي تمتع ويتمتع بها باقي المغاربة المنتمين إلى الديانة الإسلامية...
وعندما طرد اليهود مع المسلمين من الأندلس في مراحل اندحار واضطهاد وانتهاء الوجود الإسلامي
بها، وجد اليهود المطرودون في المغرب كل الترحاب والمساواة في الحقوق والواجبات مع من
سبقوهم، مولدا، أبا عن جد، بالمغرب...
وإذا كان هناك اضطهاد عنصري تعرض له اليهود المغاربة فلم يكن في عهد الاستقلال، وإنما في عهد
الحماية وعلى الخصوص في عهد حكومة فيشي الفرنسية التابعة، وقتها، لدولة ألمانيا النازية:
ففي مرحلة هذه التبعية صدرت الظهائر والقرارات الآتية:
1 -ظهير شريف يتعلق بضابط اليهود المغاربة.
2 -ظهير شريف في الإذن بإجراء العمل في المنطقة الفرنسية من الأيالة الشريفة بالقانون الفرنسي
المؤرخ في ثاني يونيو 1941 المتعلق بضبط اليهود.
3 -ظهير شريف في الأمر بإحصاء اليهود غير اليهود المغاربة.
4 -ظهير شريف يأمر بإحصاء اليهود غير المغاربة.
- إن الظهائر الأربعة المذكورة منشورة في الجريدة الرسمية عدد 1506 بتاريخ 5 شتنبر 1941.
- وهناك ظهير شريف في شأن منع اليهود من السكنى بالحارات الأوروبية وهو الظهير المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 1507 بتاريخ 12 شتنبر 1941
- وهناك القرار الوزيري المتعلق بضبط مباشرة اليهود لمهنة المحاماة وهو القرار الوزيري
المؤرخ في 18 / 08 / 1941 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 1510 بتاريخ 03/ 10/1941.
- كما أن هناك أمر فرنسي مؤرخ في 16/ 07/1941 في ضبط مهنة محام فيما يخص اليهود...
- ونكتفي، بإيجاز كبير، في نقل أمثلة لبعض الممنوعات الواردة في الظهائر والقرارات المشار
إليها.
10- فحسب الفصل الأول من ظهير 5/8/1941 المتعلق بضابط اليهود المغاربة فإنه ممنوع على
اليهود المغاربة اشتغال ومباشرة الوظائف العمومية والنيابات المبينة في هذا الفصل والتي من
بينها، على وجه المثال:
• أعضاء بجميع اللجان الاستشارية وبجميع محاكم الأمور الصناعية وبجميع الجماعات والنيابات
المتكونة من الانتخابات ومحكمون...
• أعضاء في منظمات التعليم، ما عدا الذين يعملون في المعاهد الخاصة باليهود ولا غير..
وهناك ممنوعات كثيرة واردة في الفصول من 2 إلى 5 تتعلق بالوظائف العمومية والمشاريع
ذات الامتيازات وبالمهن التجارية والصناعية الحرة وبالشؤون البنكية والسمسرة، وبالصحافة
والمكتوبات الدورية...، الخ
- وحسب الفصلين الأول والسادس من ظهير 19 غشت 1941 المتعلق بمنع اليهود من السكنى
بالحارات الأوروبية فإن "اليهود المغاربة الشاغلين بأي وجه كان محلات للسكنى بالحارات
الأوروبية في المدن يتعين عليهم، إذا لم يأتوا بحجة على أن اعتمارهم بالمحلات المذكورة كان
قبل فاتح شتنبر 1939 أن يفرغوها في أجل شهر من تاريخ صدور الظهير الشريف بالجريدة
"إن المخالفة لمقتضيات هذا الظهير وكذلك لأجل المناورة ، مخالفتها تعاقبان
الرسمية " و
بذعيرة تتراوح من 500 فرنك إلى 10000 فرنك وبحجز مبلغ الكراء، هذا وإن المكتري
المخالف لمقتضيات هذا الظهير، زيادة على كونه يعرض نفسه للمتابعة الجنائية فإنه، يمكن نفيه
بطريقة إدارية بأمر من ولاة النواحي ينفذ في الحين".
- وحسب القرار الوزيري المؤرخ في 18/8/1941 والمتعلق بضبط مباشرة اليهود لمهنة
المحاماة، فإنه ، على وجه المثال، في اضطهاد المحامين اليهود المغاربة في عهد حكومة فيشي
الفرنسية، فإنه طبقا للفصل الأول من القرار الوزاري المشار إليه أعلاه فإن عدد المحامين
اليهود المغاربة المقبولين لمباشرة مهنة المحاماة لا يمكن أن يتجاوز عددهم بالمغرب اثنين في
المائة (2 (% من العدد الحقيقي الإجمالي للمحامين الغير الإسرائيليين..
- وعندما جاء الاستقلال تمتع اليهود المغاربة بنفس الحقوق التي تمتع بها المغاربة، بما في ذلك
تحمل مسؤوليات سياسية، رغم أنهم ، مع استثناء قلة قليلة، لم تكن لهم مواقف واضحة معادية
للاستعمار الفرنسي.
11- وقد تبين بالملموس منذ قيام إسرائيل وفي عهد الحماية أن قلوب اليهود المغاربة مع إسرائيل
وتطلعاتهم نحو الذهاب والاستقرار بها والاندماج في اختياراتها وتوجهاتها وخططها وبرامجها
السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والعدوانية...
- وقد بدأت هجرة اليهود المغاربة لإسرائيل في عهد الحماية الفرنسية وتدرجت في الصعود عند
الإعلان عن قيامها ووصلت إلى قمة الارتفاع عند الإعلان عن استقلال المغرب لدرجة أن
عددهم الحالي بالمغرب يكاد لا يذكر ...
- ورغم أن الحركة الصهيونية بالمغرب لعبت دورا في إقناع اليهود المغاربة بالذهاب إلى
إسرائيل إلا أنهم كانوا، مؤهلين ومستعدين ، دينيا وعقليا ونفسانيا، لهذا الاقتناع ، اقتناعا راسخا
لا رجعة فيه بدليل أنهم عندما وصلوا إلى أرض فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني لم
يكتفوا بالإقامة فيها وإنما اندمجوا، كما قلنا، في اختيارات الكيان وتوجهاته وخططه وبرامجه
السياسية والاقتصادية والثقافية، وساهموا بحماس في تشريد الشعب الفلسطيني وقمعه واحتلال
أرضه وانتزاع ممتلكاته وانخرطوا كجنود في مختلف الحروب العدوانية التي شنتها إسرائيل
على الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية...
- بل أكثر من ذلك هناك من اليهود المغاربة من وصل إلى أعلى الدرجات من المسؤوليات
السياسية والعسكرية بإسرائيل نذكر منهم على وجه المثال:
• أمير بيرتز (Peretz. AMIR (مغربي الجنسية، مزداد بمدينة أبي الجعد وصل إلى منصب
وزير الدفاع في الحكومة الإسرائيلية.. وبهذه الصفة (وزير الدفاع) ساهم، بالأوامر
والتوجيهات، في ارتكاب جرائم خطيرة ضد الشعب الفلسطيني وضد دولة لبنان وشعب لبنان
خلال شهر يوليوز من سنة 2006...
ونظرا لأن القضاء المغربي يختص بالبت في الجرائم التي ترتكب خارج المغرب، من طرف
من يحمل الجنسية المغربية وذلك طبقا للمواد 707 و708 و7011 من قانون المسطرة الجنائية،
فقد قام دفاع مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين بتقديم شكاية ضد أمير بيرتز وهي
الشكاية التي وجهت إلى السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط والمسجلة لدى
النيابة العامة لهذه المحكمة بتاريخ 01/08/2006 تحت عدد 502 ش 6 0 والتي تضمنت وقائع
الاتهام ونوع الجرائم المنسوبة إلى المشتكى به والنصوص القانونية المطبقة عليها ووسائل
إثباتها، طالبا (الدفاع) فتح تحقيق في الموضوع وترتيب ما يجب عليه قانونا...
12- وإلى حد الآن لم يفتح أي تحقيق فبالأحرى أن يرتب، عند إتمامه، ما يجب..
• كما أن الجرائم ، التي أشرف على ارتكابها ضد الشعب الفلسطيني بغزة سنة 2014 سامي
الترجمان ( قائد عسكري ، حامل للجنسية المغربية ، من مواليد مدينة مراكش ) ، بالأوامر
والتنفيذ والتوجيه كانت، بدورها، موضوع شكاية مفصلة بالوقائع والنصوص القانونية
والإثبات، وهي الشكاية التي تقدم بها دفاع مجموعة العمل المغربية من أجل فلسطين إلى النيابة
العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط في شخص السيد الوكيل العام بها طالبا فتح تحقيق بشأنها
في مواجهة المشتكى به وترتيب ما يجب قانونا على نتائج التحقيق. (شكاية مسجلة بتاريخ 31 /
.(3101 / 468 رقم تحت 2014/07
وإلى غاية تاريخه لم يشرع في التحقيق فبالأحرى أن يتخذ ما يجب بشأن نتائجه ما يجب.
الــــــــــــســـــــــــــؤال ؟ :
- بناء على ما ذكر وعلى ما يكمله، فإن السؤال الجوهري المطروح هو: ماذا يقول القانون
المغربي المتعلق بالجنسية في من يحمل الجنسية المغربية وهاجر من المغرب للإقامة بصورة
دائمة في بلاد أجنبية عدوة للمغرب وللبلدان العربية التي ترتبط، قانونيا وتاريخيا وثقافيا ودينيا
بروابط التعاون في المجال السياسي والاقتصادي والثقافي والدفاعي، وحصل في هذه البلد
الأجنبي العدو على جنسيته، وتحمل فيه مهام ومسؤوليات وظيفية وعسكرية تخدم مصالح بلد
الإقامة وتمس بمصالح بلد جنسيته الأصيلة ؟
- إن الجواب عن هذا السؤال أو التساؤل، نجده في البند خامسا من الفصل 19 من الظهير رقم
250 . 58. 1 الصادر في 21 صفر 1378) 6 شتنبر 1958 (بسن قانون الجنسية المغربية كما
تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 06 . 62 الصادر بتنفيذه الظهير رقم 80. 07 . 1
بتاريخ 3 ربيع الأول 1428) 23 مارس 2007 ،(وهكذا فحسب البند: خامسا من الفصل 19
الذي يحمل عنوان " حالات فقدان الجنسية " فإنه : يفقد الجنسية المغربية:
" أولا.....
" خامسا: المغربي الذي يؤدي مهمة أو يشغل وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية أو في
جيش أجنبي إذا كان شغل هذه المهمة أو الوظيفة يتعارض مع المصلحة الوطنية، ويحتفظ بها
أكثر من ستة أشهر بعدما تنذره الحكومة المغربية للتنازل عنها."