بقلم: اللواء الدكتور بهجت سليمان ✅
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 21-04-2020 - 1350 { الحلقة الثانية والأخيرة } تنويه : { هل قدم العرب فعلاً شيئاً للعالم عبر تاريخهم و حاضرهم ؟ } { ماذا قدموا ؟ أو أنهم لم يقدموا شيئاً ، و أنّ كل ما قيل هو مجرد أوهام ؟ وما الدليل؟ }
● وسيجيب عن هذا التساؤل ، الدكتور : بهجت سليمان ،بمقال من حلقتين
9▪︎ تركَ العرب فضلهم على أوربا من خلال تحضّرهم الثّقافيّ الذي أمدّهم به الإسلام المحمّديّ ، فبعد أن هذَّبَ الإسلامُ نفوسَ العرب ، نقلوا هذه الأخلاق المهذّبة إلى الشّعوب الأخرى لكي يتمتّعوا بإحساس المشاركة الحضاريّة بينهم و بين الشّعوب المُضيفةِ فأحسنوا فتح تلك البلاد ، و قدموا إليها أفضل ما تصفه الأخلاق باللين و الكرم و التّسامح مع الأديان الأخرى ، و الأمن و السّلام . يقول ( لوبون ) : 10▪︎ كان لا بدّ من هذا العرض الذي يُضيئ بمِكشافٍ أجنبيّ على حضارة العرب ، و كثيرة غيرُهُ هي الشّواهد في هذا الصّدد ، و لكن يحدّنا ، هنا ، الإشارة و التّكثيف و الاختصار. 11▪︎ من المعروف أنّ ( هوميروس ) أشادَ في " الأوديسا " بأنّ الإغريق تلقَوا شيئًا من الطب الكلداني كما كان في عصوره القديمة مزيجًا من السحر والتعويذ والعلاج ، و أنّ علوماً كالهندسة الأولى المعروفة في التاريخ على تالس و فيثاغورث و غيرهم ، كان مصدرها ما كان يُعرف في العالم القديم بآسيا الصّغرى ؛ و كان هوميروس قد قضى حياته في التّرحال العلميّ التّوثيقي لأحداث و جغرافيا و حكايا و حقائق ذلك المكان الشّاسع و ذاك الزّمان ، و انبهاره أيضاً ، بحضارة شعوب تلك المنطقة ( آرابيا ) و التي تنتهي بحدودها في الجنوب باليمن و نجد و الحجاز ، و في الغرب البحر الأبيض المتوسط و جزيرة سيناء إلى شواطئ مصر على البحر الأحمر ، و في الشّرق و الشّمال الشّرقيّ جبال زاغاروس و طوروس و بلاد المغول و التّتار و بعض الشّعوب الآريّة الأخرى . و " آسيا الصّغرى " ، هذه ، كانت في تلك الحقبة ، في الألف الأول قبل الميلاد ، واقعةً في أقاصي شمالي الدّولة العربيّة ( التي عرفها الإغريق باسم آرابيا ، و التي يتألف شمالها من جبال طوروس و الأناضول ، و التي هي ما يُطلق عليها إسم " آسيا الصّغرى " ) ، و طبعاً كما لا يُقرّ بذلك أنصار القائلين بعرقين ، أصلَينِ، عربيّ و سوريّ !! 12▪︎ و استعان الفرس بأطباء السريان و الروم ، فأنشؤوا المدرسة الطّبيّة و المستشفى 13▪︎ يُصوّر أحد أهم المؤرّخين لتاريخ العالم (هـز ج. ويلز) في كتابه الشّهير "موجز تاريخ العالم " ، كيف تفاعلت علوم العرب و ثقافتهم مبكّراً مع روافد الفكر العالميّ و اندمجت فيها و أبدعت خصائص لها فريدة، فيقول: 14▪︎ و نحن إذا كنا توسّعنا قليلاً بما تقدّم من بعض الشّواهد التي لا يخلو منها كتاب تأريخي ( ببليوغرافيّ ) أو تاريخيّ ، فإنّ ذلك ليس على أنّه ليس من باب الإثبات أو البرهان ، في تأثير العرب في حضارات العالم و تأثّرهم بتلك الحضارات و الثّقافات ، و إنما قمنا بذلك من باب " البيان " ، ذلك لأنّنا لسنا أمام محكمة بشريّة ، قضاتها أصحاب مزاج بشريّ .. بل أمام مكمة تاريخيّة ، و علمية ، قضاتها الزمان و المكان. 15▪︎ إنّ السّؤال نفسه ، " هل قدم العرب فعلاً شيئاً للعالم عبر تاريخهم و حاضرهم ؟ ماذا قدموا ؟ أو أنهم لم يقدموا شيئاً و أنّ كل ما قيل وهم ؟ ما الدليل ؟ " ، هو سؤال مُركّبٌ يحمل في طيّاته الكثير من المغالطات التي تؤسّس لشكّ " منطقيّ " يعمل على تكريس ذاته في حُمّى التّفكّك و الضّعف العربيين المعاصرين ، في حذفه الذّاكرة الحضاريّة العربيّة الثّابتة في روح العالَم ، و المستعصية على الزّوال. 16▪︎ لم تكن يوماً حقائق الماضي رهينة بأدلّة مباشرة على الحاضر ، و هو ما ينطبق على الشّعوب و الأمم و المجتمعات و الدول و الحضارات و الثقافات ، و ذلك بالدّرجة نفسها التي ينطبق فيها على الأفراد و الأشخاص ، اللهمّ إلّا في مكابرة النّاكرين الجاحدين للماضي و التاريخ ، و هؤلاء هم من لا يشكّلون في البحث و الدّراسة و التّقرير بالحقائق أيّة مرجعيّة تُذكر في حميّة البحث الجادّ على الحقيقة التي يتناولها الزّمان ، غالباً ، بالوهن و الفتور.
لا يوجد صور مرفقة
|