بقلم: د. موسى ابراهيم
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 17-04-2020 - 1674 في أوائل سنة 2013 كنت في البر المصري مهجراً تحت طائلة الاتهام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في بلدي ليبيا، حيث صدرت ضدي بطاقة الانتربول الحمراء قبلها بعام واحد، وأصدرت محكمة الجنايات الدولية قائمة المتهمين التي شملت اسمي مع اسم القائد معمر القذافي واللواء عبدالله السنوسي والدكتور سيف الإسلام القذافي (وأي شرف أن أحشر في الدنيا والآخرة مع الإمام الشهيد). بعدها قررت محكمة الجنايات تنزيل رتبتي الشرفية من رفيق الأبطال في الاتهام إلى مستوى "شاهد" ملزم بالحضور، بينما حافظ الانتربول على سعيه الحثيث للقبض على عشرات القيادات الوطنية المهجرة، وأنا منهم، لسنوات تالية. في هذا الخضم من الملاحقات القانونية والاستخباراتية، وبينما أنا في المفوضية العليا للاجئين في القاهرة، متخفياً، أحاول مع بعض الرفاق أن نقنع الأمم المتحدة بضرورة إعطاء صفة "اللاجئين" لليبيين المهجرين في مصر مثلما فعلت مع السوريين مثلاً، تقدم مني مسؤول ليبي سابق في النظام الجماهيري وسلم علي ثم طلب أن يحادثني على انفراد. كانت القبيلة هنا تلعب دوراً مسكوتا عنه بالكلام، دوراً غير مصرح به، ، ولكنه دور حاضر بقوة ويفرض نفسه في آليات الحوار والإقناع والمصالح المشتركة. كان القيادي الذي يتكلم باسم محمود جبريل، والمحسوب على الخضر، ابن عم له، بينما كان القيادي الأخضر الذي هرب من المعركة مبكراً جداً وانضم الآن لمشروع محمود جبريل ابن عم لي أنا. إن تحويل القضية الوطنية إلى قضية جهوية أو قبلية، واللعب على أوتار القرابة والمصالح المشتركة كان بالنسبة لي يمثل كفراً صراحاً بالوطن، وبالمبادئ العليا التي قاتلنا من أجلها، واستشهد في سبيلها خيرة رجالنا ونسائنا. بعدها كلمني ابن عمومتي الذي انضم لهذه المبادرة الجبريلية المكشوفة ليلومني على تسرعي وفظاظتي مع "شخصية وطنية محترمة" مثل الدكتور محمد جبريل. وبين زيف ابن عم محمود جبريل، وبهتان ابن عمي أنا، تذكرت كيف كنت في جبهة الرصيفة الشريفة أقاتل كتفاً بكتف، بل قلباً مجاوراّ لقلب، مع أنبل رجال ليبيا من مختلف قبائلها وجهاتها، وأنني تحولت في يوم وليلة من ناطق سياسي دولي إلى مجرد تلميذ في مدرسة الجهاد مع أساتذة الفداء والتضحية في مدرسة الرصيفة التاريخية. وفي يوم 16.10.2011 حين اشتد علينا الحصار، ونقصت الذخيرة، وصار قصف الناتو مكثفاً، وعملاؤه يحيطون بالمدينة العظيمة من كل جهة، سأل أحد الشباب المقاتلين: كيف انديروا يا جماعة؟ رد عليه الشارف رمضان بوقنيدة، وهو رجل بسيط ليس أكاديمياً ولا مثقفاُ ولا رئيس مجلس التخطيط الأعلى، ولا أميناً لمركز دراسات وأبحاث الكتاب الأخضر! قال: "شد بندقتك واضّبّط التراب، راهي الجنة حذفة رصاصة" نعم، لقد حار الدكتور الفخم والأكاديمي المبجل محمود جبريل في الإجابة على سؤال المؤامرة. عاش الدكتور محمود طويلاً ليصير شخصية سياسية دولية لامعة بتوجيه عربي وفرمان أجنبي. أما الشارف فاستشهد بعد جوابه بأربعة أيام فقط وهو يقاتل في وادي "مسوجي" مع رفاقه الذي كانوا يفتحون أمامنا الطريق للخروج من بني وليد في يوم 20.10.2011، وكأنه أبى إلا أن يترافق في الموت مع الإمام معمر القذافي الذي استشهد في نفس اليوم هناك في معركة سرت الخالدة. المجد للشارف بوقنيدة ورفاقه الأبطال،
لا يوجد صور مرفقة
|