جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

في حال العرب وفلسطين | بقلم: معين الطاهر
في حال العرب وفلسطين



بقلم: معين الطاهر  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
19-03-2020 - 1333

لا يمكن أن يثأر الجيل المقبل ما لم نؤدِّ نحن واجبنا، ما لم نترك له مراتب من الشرف والكرامة والبطولات. إنني أؤكد لكم، أنه إذا تم الأمر ولم نقاومه، ولم نخرج من المعركة جرحى أو مقتولين قتلًا ونضالًا، وقد سلِم شرفنا، فإنّ المقاومة سوف تضمحل تدريجًا، وسنرى دعوة للاعتراف بدولة إسرائيل تروَّج بين الناس، وسوف نرى بعض الدول العربية تقرّر أنّ مصلحتها في التبادل الاقتصادي مع إسرائيل، وفي الاعتراف بها. وسوف تصرّ إسرائيل على عدم التعويض للاجئين عن أراضيهم وأملاكهم".
لم يقل أحد هذا الكلام حديثًا، قبل صفقة الرئيس الأميركي، ترامب، أو بعدها، أو بعد مفاوضات أوسلو أو خلالها، أو ردًا على هرولة بعض الأنظمة العربية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به، وإقامة حلف أمني وعسكري معه، لكنّ المناضل والمؤرخ الفلسطيني، والسياسي القومي العربي، والوزير الأردني، أكرم زعيتر، قاله حين ذهب، مع رفاقٍ له من مؤسسي حزب الاستقلال، منهم عوني عبدالهادي، وصبحي الخضرا، وواصف كمال، قبل أكثر من سبعين عامًا، في 23 يناير/ كانون الثاني 1949، للقاء جميل المدفعي الذي ترأس الوزارة في العراق مرات عدة، وإسماعيل صفوت، القائد العسكري العراقي، خلال زيارتهم دمشق، قبل أن يبرد رماد نيران الحرب في فلسطين.
يبرّر المدفعي وصفوت العجز العربي بضعف "الممكنات" العربية (وهذا تعبير زعيتر)، أمام
"يوميات أكرم زعيتر (1949-1965) ستصدر قريبًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بعنوان "آمال الوحدة وآلام الانقسام""
الممكنات الصهيونية، وعدم قدرة الجيش العراقي على البقاء، نظرًا إلى طول خطوط إمداده (1600 كلم)، فيردّ عوني عبدالهادي: "ننسحب، ولكن يظل العراق في حالة حرب. المهم أن يشعر العرب أنّ القضية الفلسطينية قضيتهم القُطرية، فيشعر العراقي ويعمل باعتبارها عراقية". ليؤكّد المدفعي وصفوت: "هذا الواقع"، فيقول أكرم زعيتر: "أريد أن أسأل هذا السؤال: لنفرض أنّ تركيا قررت غزو العراق، والاستيلاء على بغداد، فماذا يكون موقفكم، وأنتم تعلمون أنّ الجيش التركي أقوى من الجيش العراقي بمراحل؟". فأجابوا: "نحارب حتى النَفَس الأخير، رغم ضعفنا". قال أكرم: "ولكن لم تفعلوا هذا بالنسبة إلى فلسطين. المؤسف المؤلم الخطر أننا لم نقم بواجبنا في المعركة. المؤلم، يا سيدي، أننا لم نُجْرَحْ في المعركة، إنما الذي جُرِح هو شرفنا وكرامتنا. أفهم أن نحارب حتى نُغلب، ولكن لا أفهم، أن ننهزم وأن نتخاذل".
هذا غيض من فيض يوميات أكرم زعيتر 1949-1965 التي ستصدر قريبًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بعنوان "آمال الوحدة وآلام الانقسام". تلك الآمال بالوحدة بين أي قطرين عربيين، والتي سعى جيل كامل إلى تحقيقها، مصحوبة بمرارة الانقسامات العربية التي حالت دونها خلال تلك الأعوام.
تثير النصوص السابقة أسئلة عدة لم يجد معظمها إجاباته، على الرغم من طول المدة. وتحيلنا إلى واقع اللهاث الرسمي لبعض الأنظمة (أو أغلبيتها) للتطبيع مع إسرائيل. وتمدّنا بإجابة تفسيرية واضحة، فإنه "إذا ما تم الأمر، ولم نقاومه ... فإنّ المقاومة سوف تضمحل تدريجًا، وسنرى دعوة للاعتراف بدولة إسرائيل تروَّج بين الناس...". ولعل ذلك يفسّر أيضًا سبب عدم ظهور مثل هذه الدعوات في زمن المقاومة، ويوضّح الطريق للقضاء على موجات التطبيع بالعودة إلى اعتبار الصراع مع العدو حلقة مركزية للنضال الفلسطيني والعربي في آن واحد، وفي قلب مشروع حركة التحرر الوطني العربية.
سؤال آخر يثيره النص بشأن مدى مسؤولية الدول العربية في القضية الفلسطينية، يحمل في داخله سؤالًا ثالثًا يتعلق بالمسؤولية الفلسطينية أيضًا، ويدور حول التصريحات التي تصدر بين حين وآخر، وتجد مبرّرها في التطبيع بسيرها على الدرب الذي اختارته قيادات فلسطينية حين
"تثير نصوص الكتاب أسئلة عدة لم يجد معظمها إجاباته، على الرغم من طول المدة"
اعترفت بالعدو، وأسست لعلاقات اقتصادية وأمنية معه، مدّعية أنّ أهل مكّة أدرى بشعابها، وإذا كان رب البيت بالدفّ ضاربًا فلا غبار على أهل البيت في ما يفعلونه.
بداية الإجابة هنا في سؤال أكرم زعيتر الاستنكاري عما كان سيفعله العراق (في ذلك الزمان) لو تعرّض لهجوم تركي، على الرغم من الفرق في ميزان القوى. وإجابة المدفعي وصفوت بالنيابة عن النظام العربي كله تُظهر بوضوح كامل أنّ هذه الأنظمة العربية القُطرية لم تعتبر يومًا أنّ فلسطين جزء محتل منها، وأنّ عليها واجب تحريرها، كما لو كان جزء من هذا القطر أو ذاك محتلًا، على الرغم من استغلال تلك الأنظمة للقضية الفلسطينية في صراعاتها ضمن المحاور العربية، حين تتبنّاها لتتهم خصومها بالتخلي عنها، أو لتقمع أي إصلاح أو تغيير في أقطارها، بدعوى أولوية القضية الفلسطينية.
نعم هنالك تراجع في الموقف الفلسطيني يمتد منذ عام 1974 (البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير)، وحتى ما بعد اتفاق أوسلو وإقامة سلطة الحكم الذاتي المحدود، ولكنّ الموقف العربي لم يكن بريئًا تمامًا من تلك النتيجة. صحيحٌ أنّ ما يردّده القادة العرب هو "نقبل بما يقبله الفلسطينيون"، ولكنّ السؤال هو عن حجم الضغوط التي مارستها الأنظمة العربية على الفلسطينيين للقبول بهذه التنازلات، ومن ثم تحميلها للطرف الفلسطيني. إضافة إلى ما يحمله هذا الموقف من تخلٍ عن مسؤولياتهم القومية، واعتبار الموضوع الفلسطيني أمرًا يخصّ الفلسطينيين وحدهم، وأنّ المشروع الصهيوني في بلادنا لا يهدّد الوطن العربي كله. ولأنّ الأمور متشابكة ومترابطة، فإنّ شعار القرار الفلسطيني المستقل الذي كان صحيحًا في بدايته، وهدف إلى إبعاد القضية الفلسطينية عن دائرة الصراعات العربية، استُخدم لاحقًا لتبرير انخراط القيادة الفلسطينية في عملية التسوية.
إذا كان "نقبل بما يقبل به الفلسطينيون" كلام حق يُراد به باطل، لتسويغ الالتحاق بمشروع
"على الفلسطينيين نزع الفتيل من أيدي المنساقين مع المشروع الصهيوني، بموقف حازم في رفضهم المشروع الصهيوني"
ترامب - نتنياهو، وتبرير الاعتراف بالعدو والتطبيع معه، فإنّ ثمّة واجبًا على الفلسطينيين المبادرة إليه لنزع الفتيل من أيدي المنساقين مع المشروع الصهيوني، ويتلخص في موقف واضح وحازم وراسخ في رفضهم المشروع الصهيوني، والرواية التاريخية الصهيونية، وما تعرف بصفقة القرن، وأخيرًا تمسكهم بثوابتهم الوطنية.
عودة الموقف الفلسطيني إلى جذوره، وتمسّكه بتحرير أرضه كاملة، وإلغاء جميع التنازلات التي قُدّمت عبر مسار التسوية، كفيلة بسحب المبرّرات التي تُستخدم للتطبيع مع العدو، وهو ما من شأنه أن يعزل بعض العرب والفلسطينيين الذين يسيرون بهذا الاتجاه، ويعيد إلى القضية الفلسطينية وهجها كقضية مركزية للأمة العربية، يكون الفلسطينيون فيها رأس الرمح العربي الشعبي في مواجهة المشروع الصهيوني.

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


معاملة الأسرى في النزاعات الدولية والداخلية
بقلم: عبد الكريم الداحول

مخاطر عدم الارتكاز على الحقوق القانونية على مصالح مصر المائية على المدى البعيد
بقلم: الدكتور عبدالله الاشعل



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب معين الطاهر |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//