لم يكن الشهيد قاسم سليماني مجرد قائد عسكري في قوى نظامية رسمية تابعة لدولة من مكونات محور المقاومة فقط ، و لم يكن شخصية عسكرية تلعب أدوارا سياسية استراتيجية في هذا المجال او ذاك فحسب ، و لم تقتصر وظائفه على نمط محدد من المهام المدرجة في جدول اعمال المقاومة حصرا ، بل كان كل هذا و فوقه أهمية ، كان المخطط و المنسق و ضابط إيقاع عمل محور المقاومة بكل مكوناته من اليمن جنوبا الى العراق شمالا و من ايران شرقا الى سورية و لبنان غربا ، و كان نفسه و طيفه حاضرا بشكل مباشر او غير مباشر في الميادين التي صنعت فيها انتصارات محور المقاومة ضد المشروع الانكلوسكسوني- صهيوني الذي تنفذه اميركا و إسرائيل و معهما دول اروبية وعربية و إقليمية شتى .
ولان قاسم سليماني كان كذلك حتى وفوق ذلك فقد صنفته إسرائيل واحدا من ثلاثة اعتبرتهم الأشد خطورة عليها وجودا ودورا في المنطقة واعتبرته هدفا يستحق بذل كل الجهود لتصفيته والتخلص منه، اما اميركا التي صنفت الحرس الثوري الإيراني الذي ينضوي قاسم سليماني في صفوفه بوصفه قائدا لفيلق القدس أحد تشكيلات الحرس، فقد صنفته شخصيا ووضعته على لائحة الإرهاب الممسوكة من قبلها واعتبرته خطرا على الامن الأميركي العام وامن الأميركيين في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، وعائق يحول دون نجاحها في مشاريعها الاستعمارية في المنطقة والتي ظهر اخرها بتسمية " صفقة القرن" الرامي لتصفية القضية الفلسطينية التي شكل فيلق القدس بقيادة سليماني ليكون راس حربة في تحريرها و ليقدم المساندة و الدعم لكل حركات المقاومة العاملة في هذا الاتجاه بصرف النظر عن جنسيتها وانتمائها الطائفي والمذهبي والقومي.
و لان سليماني كذلك فقد اتخذ القرار الأميركي – الإسرائيلي بقتله ـ قرار نفذته اميركا لتبقى إسرائيل بمنأى عن تداعياته ، لانها ليست في الوضع الذي يمكنها من احتواء او تحمل تلك التداعيات في الوقت الحاضر ، و مع ارتكاب اميركا لهذه الجريمة بات السؤال الملح والابرز ، حول كيفية تعامل ايران أولا و محور المقاومة تاليا مع هذا العمل الفظيع الذي نراه زلزالا يضرب المنطقة و يضعها على مفترق طرق تكثر فيه الاحتمالات و التوقعات حول مسار الاحداث و مصير المنطقة على ضوء ما يمكن ان يحصل من رد إيراني عل الجريمة وسلوك أميركي بعد الرد .
و قبل مناقشة هذه الفرضيات و الاحتمالات ، لابد من الإشارة الى الظروف التي اتخذت أسبابا مباشرة لتنفيذ عملية الاغتيال تلك ،حيث ان شريط الاحداث في العراق خلال الأسبوعين الأخيرين شهد مقتل أميركي زعمت اميركا ان مقتله كان بصاروخ اطلقه الحشد الشعبي العراقي ، ما حملها على تنفيذ عدوان جوي ضد 5 اهداف للحشد الشعبي العراقي على جانبي الحدود السورية العراقية قرب معبر القائم - البوكمال ، عدوان أدى الى إصابة 100 من عناصر الحشد بين شهيد و جريح ، ما استبع ردة فعل عراقية احتجاجية حملت الجماهير الغاضبة على محاصرة السفارة الأميركية في بغداد مطالبة بوضع حد للاتفاقية الأمنية العراقية الأميركي (الاطار