جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

لماذا تعيد تركيا تموضعها عربياً؟ | بقلم: هدى رزق
لماذا تعيد تركيا تموضعها عربياً؟



بقلم: هدى رزق  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
16-03-2021 - 988

من الصّعب اعتبار ما حصل من إعادة مدّ لخيوط العلاقات بين تركيا وبعض دول الخليج أو "إسرائيل"، أنه يأتي ضمن تحالف المتضررين من سياسة الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، فالرجل يرى أنَّ حلفاء الولايات المتحدة في زمن سلفه ترامب تبعثروا، الأمر الذي مكَّن روسيا والصين من نسج علاقات فاعلة حتى مع المملكة العربية السعودية المخلصة لعلاقتها بواشنطن وتركيا؛ الحليف الأطلسي الاستراتيجيّ.

يمكن وضع محاولة تركيا استعادة العلاقة مع الدول العربية في خانة محاولة رأب الصدع معها، بسبب الخسائر الاقتصادية التي عانتها واليد العاملة التركية في السعودية ودول الخليج بشكل عام، بعد الموقف السعودي من استيراد البضائع التركية وأزمة الاستثمارات في تركيا، كذلك إدراكها لمشروع بايدن بإعادة جمع حلفاء أميركا. في المقابل، فإن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال "شتاينتز" أعرب عن أمله بانضمام تركيا يوماً ما إلى منطقة شرقي المتوسط، وأن تكون جزءاً من المنتدى، وأن تختار التنسيق بدلاً من الصراع، وتغير مواقفها لكي ترجع شريكاً إقليمياً، مؤكداً أهمية مشروع مد خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد" لنقل الغاز الطبيعي من "إسرائيل" إلى أوروبا.

حاولت تركيا منذ العام 2010، خلال "الربيع العربي"، اجتراح مكانة لها في قيادة المنطقة، عبر استقطاب الإخوان المسلمين المتواجدين في كل الدول العربية، على خلفية مبادرة الأميركيين وشعارهم "فليحكم الإخوان"، وعلى أساس مقولة داوود أوغلو "انتهى الإحياء الشيعي، وأتى زمن الإحياء السني"، حاملة شعار استعادة العثمنة، ولكنها اصطدمت بنظامي مصر والسعودية، وهما الدولتان اللتان لطالما تنافستا على زعامة العالم العربي.

كانت المرحلة الأولى من "الربيع العربي" تنذر بإمكانية سيطرة تركيا، مع تولي الإخوان الرئاسة في مصر، وإثبات وجودهم في ليبيا، وتمكين سلطتهم في تونس، ودعم قطر المالي والسياسي من دون سقف، لكن عوامل عدة ساهمت في فشل الإخوان في مصر، وانقلاب حلف الأمس ضد سوريا، بين تركيا والسعودية، إلى عداء بعد دعم السعودية الانقلاب في مصر ووصول السيسي إلى الرئاسة.

حاولت قيادة أوباما تنبيه إردوغان إلى ضرورة التراجع بعد خسارة رهان استمرّ 3 سنوات، من العام 2010 إلى العام 2013. كان المشروع واضحاً بالنسبة إلى إدارته: ضرب الإسلام السياسي ببعضه البعض (سنياً وشيعياً)، مع تدخّل تركيا التي يحكمها حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، وإن بثوب ديمقراطي، بحيث يتم إضعاف إيران التي يمتدّ نفوذها إلى العراق وسوريا ولبنان. وبذلك، تدخل تركيا على خط استقطاب الإخوان (حماس) في فلسطين بعد خلق الفوضى.

كانت الإدارة الأميركية قد دعت في العام 2014 إلى حلف خليجيّ مصريّ تركيّ إسرائيلي من خلال مؤتمر جدة، تحت حجّة قتال "داعش"، إلا أن تركيا لم تكن تريد أن تكون تحت المظلَّة نفسها مع السيسي، ولم تكن حاسمة في قتال داعش، فهي كانت، وما زالت، ترى أن أزمتها أكبر مع الكرد الذين يتمثلون اليوم بـ"قسد" و"مسد" ومشاريع الحكم الذاتيّ، وكانت تريد معرفة ما يمكنها الحصول عليها في المقابل. في العام نفسه، زار جو بايدن - كان نائباً للرئيس حينها - تركيا، وركَّز بعد خلافه مع إردوغان حول سوريا على أهمية التعاون بين القوى الإقليمية، تركيا ومصر و"إسرائيل"، على ملف الطاقة والفوائد المشتركة في القضية القبرصية.

شهدت تركيا خلال هذه الفترة بداية صراع مع إدارة أوباما، بدأت بتظاهرات داخليّة ضد الفساد، طالبت محاسبة حكومة إردوغان واتهمته شخصياً بالفساد، وانتهت بمحاولة الانقلاب عليه في العام 2016.

كانت فترة حكم الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب برداً وسلاماً على إردوغان، الذي استطاع استغلال الفرصة في ظلّ انشغال الإدارة الأميركيّة بالضّغط على إيران وحلفائها من أجل مصلحة "إسرائيل"، والتخلّي عن الاتفاق النووي، والتوسع في ليبيا، مستفيداً من الخلاف الفرنسي الأميركي على حساب مصر، والإمارات الداعمة لها، وفرنسا، وتهديد الاتفاق اليوناني المصري القبرصي الإسرائيلي في شرق المتوسط بعد عمليات التنقيب، وتهديد مصالح أوروبا، والتلويح بحل الدولتين في قبرص.

كذلك، عمل مستفيداً من التناقضات الأميركية الروسية على التوسع في سوريا على حساب المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية، وماطل في تنفيذ اتفاقيات أستانة الموقعة مع روسيا، وقام بدعم الصراع الآذري الأرمني في ناغورنو كاراباخ على حساب روسيا وإيران ودول مينسك، محاولاً كسب تعاطف تركي داخلي تحت شعار الأمن القومي التركي، مستعيناً بقوة الحركة القومية.

يريد إردوغان اليوم إعادة مد الجسور مع الدول التي ساهم في معاداتها، فهل انتهت المرحلة الماضية؟ لا شكّ في أن المنطقة مقبلة على متغيّرات متعددة، وكان بايدن قد صرَّح بأن تركيا لم تعد تهمّه كحليف، لكنه لم يتطرّق إلى الموضوع الاستراتيجي، بل ركَّز اهتمامه المتزايد على اليونان وأجرى مناورات مع أثينا، ما أثار قلق تركيا التي تقوم بخطوات إشادة تجاه مصر التي لم تنتهك الحدود الجنوبية للجرف القاري التركي في الاتفاق الذي وقعته مع اليونان في العام 2020، وهي تواصل أنشطة الاستكشاف الزلزالي داخل جرفها القاري من دون الدخول في الجرف القاري التركي. وقد أثارت الخطوات التي اتّخذتها القاهرة في الملفّ الليبي، وتضمّنت قرار فتح سفارة في طرابلس، واستقبال مسؤولي حكومة الوفاق الوطني، ترحيباً لدى أنقرة بإعطاء البرلمان الليبي الثقة للحكومة.

تعتبر تركيا أنّ مصالح الدولة المصرية في الترسيم البحري كانت، وما تزال، ترتبط بمصالح تركيا، لأنّ هذا الخيار يعطي القاهرة أكبر مساحة ممكنة هناك. وبشهادة التقنيين في الخارجية والاستخبارات، تشير الرسائل غير المباشرة إلى محاولة مصر الموازنة مجدداً بين تركيا واليونان.

احتمالات توقيع اتفاقية بين مصر وتركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية من شأنه أن يغيّر التوازنات شرق البحر الأبيض المتوسط، وهو ما تسعى إليه تركيا، كما أنَّ استعداد مصر المفترض لاتفاق ترسيم جديد مع تركيا يعطي سبباً للحديث عن إعادة تشكيل التحالفات السياسية والاقتصادية في المنطقة. ويشير الخبراء إلى إمكانية تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" ومصر وتركيا، وهي قرارات لها دلالات اقتصادية وسياسية بالنسبة إلى أنقرة. ولا شكّ في أنَّ اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة المحتملة بين مصر وتركيا ستؤثر في مجمع جزيرة كاستلوريزو والمفاوضات التركية اليونانية.

هذا التموضع على خطّ الدول العربية يعيد تركيا إلى العلاقات الطبيعية التي كانت سائدة قبل أحداث "الربيع العربي"، ويعطيها وزناً فقدته في المنطقة، ولا سيما في ظل تطبيع بعض الدول العربية مع "إسرائيل"، وتركيز الولايات المتحدة اهتمامها على الملف النووي الإيراني، في ظلّ ثباتها على محاسبة تركيا في ملفات داخلية، وأخرى لها علاقة بتوجّهاتها كعضو في الأطلسي.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


ما هي حكاية البيت الإبراهيمي في ذي قار ؟
بقلم: مؤيد الغروي

الديانة التهويدية .. الإبراهيمية غطاء والموسوية مشروع
بقلم: محمد شريف نصور



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب هدى رزق |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//