جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

هل تنجح محاولات إسقاط تسوية درعا والجنوب السوريّ؟ | بقلم: العميد د أمين محمد حطيط
هل تنجح محاولات إسقاط تسوية درعا والجنوب السوريّ؟



بقلم: العميد د أمين محمد حطيط  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
07-07-2020 - 1094

كانت الشرارة الأولى للحرب الكونية التي استهدفت سورية تنطلق من درعا، وألبست الحراكات تلك يومها لباس الثورة التي تنفجر ضد الواقع السياسي والمعيشي حتى والأمني والاستراتيجي للدولة السورية. واستمرّت درعا ومنطقتها في موقع مميّز على خريطة الحراكات الميدانية خاصة بعد أن تحوّل ما أسمي ثورة إلى حرب تخوضها الجماعات المسلحة والإرهابية التي تقاطرت إلى سورية من أربع رياح الأرض في سياق خطة محكمة وضعت ونفذت بقيادة أميركية وانتظام من دول عربية وإقليمية وأوروبية تسعى جميعها إلى إسقاط سورية ونظامها، وإعادة تركيبها على أساس طائفي عرقي ومذهبي واهن يكون التقسيم فيه جوهر الحل وتكون التبعية لأميركا والانصياع لمقتضيات المشروع الصهيوأميركي سمته الرئيسية.

بيد انّ الحرب الكونية التي استهدفت سورية ونفذت فيها بخطط متتابعة واستراتيجيّات متتالية، لم تفلح في تحقيق أهدافها ـ رغم أنها توصلت في العام 2015 إلى السيطرة على أكثر من 65 إلى 70 % من مساحة سورية، لكن الحكومة السورية وبدعم من حلفائها في محور المقاومة وروسيا، أطلقت في العام 2015 خطة استعادة السيطرة على ما خرج من يدها وعاث فيه الإرهابيون فساداً وأنزلوا به الدمار برعاية أميركية أوروبية تركية عربية مستفيدة مما أسمي تحالف دولي تحت اسم ملفق هو «أصدقاء سورية» وهو تحالف مارس أبشع أنواع السياسات العدوانية ضدّ سورية شعباً وأرضاً ونظاماً وثروات.

وضعت الخطة السورية لاستعادة المناطق إلى كنف الدولة وقامت على ركنيين رئيسين، العفو والمصالحة أولاً، فإنْ فشلت المحاولة يكون الثاني متمثلاً بالعمل العسكري الذي يخرج الإرهابيين من الأرض التي يسيطرون عليها ويحرّر المواطنين السوريين من قبضتهم الإجرامية. ووضعت القيادة السورية خططاً تنفيذية مناسبة لكلّ من هذين المسارين، وسجل المسار الأول أيّ المسار التصالحي نجاحاً منقطع النظير وحقق تحرير مناطق شاسعة في سورية من غير قتال. ونجح مع المسار القتالي في تحرير بسط سلطة الدولة على أكثر من 80% من الأرض السورية الآن.

بيد أنّ المصالحات التي نفّذت، كانت محكومة بقواعد وضعتها الدولة تراعي بحزم المصلحة الوطنية أمننا وانتظام الحياة العامة في المناطق التي تجري فيها المصالحة، وعليه كانت تؤدي المصالحة إلى العفو عن كلّ مسلّح أراد أن يعود إلى حياته المدنية العادية في كنف الدولة مواطناً عادياً، ويتخلّى عن سلاحه وارتباطه ويخضع لأحكام القانون كافة منذ لحظة دخول المصالحة حيز التنفيذ، أما مَن لا يرتضي ذلك فيخرج مع سلاحه من المنطقة حتى تتمكن الدولة عبر القوى العسكرية والأمنية ومن دون شريك بسط الأمن وحماية السكان وحقوقهم ونشر سيادة الدولة كلياً على المنطقة المساعدة.

لكن المصالحة في درعا لم تراع مبادئ المصالحة التي اعتمدت في بقية المناطق، حيث إنه وبتدخل مباشر من الحليف الروسي ومن أجل تسهيل المهمة التي هي على وجه من التعقيد والخطر، صيغت لتلك المنطقة منظومة قواعد وأحكام أعطت المسلحين مكاسب لم ينلها أحد سواهم في المناطق الأخرى في إطار المسار التصالحي، وكان هذا التساهل بسبب خصوصية درعا ورغبة من الدولة السورية في الإسراع في طي صفحة الخطر الإسرائيلي الأميركي الجاثم في الجنوب والرامي إلى إقامة كيان انفصالي برعاية إسرائيلية مباشرة تذكر بما صنعت «إسرائيل» في لبنان وأقامت «المنطقة الأمنية» وجنّدت ما أسمته «جيش لبنان الجنوبي» ليكون قناعها لاستمرار احتلالها للمنطقة.

وهكذا فإنّ خطر الاحتلال والانفصال الذي ترعاه «إسرائيل» فرض المرونة في تطبيق قواعد المصالحة في درعا ومنطقتها، ولذا اعتمدت للمنطقة قواعد خاصة قضت بقبول مَن يرغب من المسلحين في البقاء في درعا مع سلاحهم وانتظام من يرغب أيضاً منهم في الفيلق الخامس الذي أسّسته الدولة في السنوات الأخيرة ليكون جزءاً من الجيش العربي السوري، وله خصوصية معينة، وهكذا شكل لواء خاص بمسلّحي درعا الحق بهذا الفيلق تحت تسمية اللواء الثامن الذي انتظم إفرادياً فيه ما بين 1500 إلى 1700 مسلّح.

وكانت الدولة ومعها روسيا التي تولي عناية خاصة للفيلق الخامس تنظيماً وتسليحاً حتى وإدارة عمليات، تعوّل على ترويض هؤلاء المسلحين سواء في الفيلق او في إدارات الدولة الأخرى التي أدخلوا اليها وحملهم على التخلي عن ماضيهم الإجرامي بحق الشعب والوطن، والعمل بنفس وطني خالص لا شائبة فيه.

بيد أن كثيراً من المسلحين الذين احتفظوا بسلاحهم في دوائر الدولة أو خارجها خيّبوا الظنّ السوريّ والروسيّ بهم وعاد بعضهم إلى ارتكاب الأعمال الإرهابيّة ضدّ الجيش العربي السوري ومراكزه المنتشرة في المنطقة كما وضدّ المدنيين، وراحوا يبدون من التصرفات ما بات ينذر بسقوط التسوية خاصة بعد أن أعلن من تولى قيادة اللواء الثامن في الفيلق الخامس (لواء مسلحي درعا) سعيه إلى إقامة «جيش الجنوب السوري» (ما يذكر بجيش لبنان الجنوبي) ورغبته في إقامة كيان خاص بدرعا ومنطقتها مستقلاً ذاتياً عن الحكومة المركزية في دمشق. وهنا يُطرَح سؤالان: الأول لماذا هذا التحرك المناهض للدولة ووحدتها الآن بعد عامين تقريباً من إتمام المصالحة؟ والثاني هل تنجح المحاولة؟

في الإجابة على السؤال الأول نرى أن المصالحة في درعا تعثرت وباتت مهدّدة بالسقوط للأسباب التالية:

واقع المسلحين الذين توزّعوا بعد المصالحة بين فئات أربع: فئة الوطنيين الجديين بالمصالحة وترك السلاح، وفئة المكابرين المتمسكين بحمل السلاح في صيغة ترعاها روسيا، وفئة معتزلي العمل المسلح كلياً والانكفاء، وفئة الخلايا النائمة التي لا زالت على ارتباط بالخارج وتتحرّك بأوامره وهي مع الفئة الثانية الأخطر على الأمن والاستقرار خاصة بعد أن تحوّلت الآن من نائمة إلى عاملة فاعلة وشجعت عناصر الفئة الثانية على التفكير بالانقلاب على المصالحة.

تأثير اليد الأجنبية الأميركية الإسرائيلية التي تعمل باستراتيجية «إطالة أمد الصراع» والسير نحو إنشاء الكيانات الانفصالية، كما هو حال الكرد في الشمال او السعي التركي في إدلب.

الواقع المعيشي الصعب الذي بدأ بالحرب وتفاقم بسبب الكورونا وتعاظم مع قانون قيصر وما فرضه من حصار متشدد على سورية.

تأخر الحل النهائي للأزمة السورية وخشية المسلحين وتعثر تحرير إدلب وشرقي الفرات ما دغدغ مشاعر المسلحين للعودة إلى الميدان ضد الدولة مع الخشية من تطبيق أحكام التجنيد الإجباري بحقهم واضطرارهم إلى قتال رفاقهم بالأمس.

كل هذه العوامل تضافرت معاً ودفعت بعض مسلحي الفئة الثانية والرابعة إلى ان تتوق للعودة عن المصالحة واستعادة الوضع الذي كانوا فيه قبلها وحتى السير قدماً نحو الاستجابة للسعي الإسرائيلي ضد وحدة سورية واستقرارها ومنع استعادة السيطرة التامة وبسط السيادة على كامل أراضيها؟

أما الإجابة على السؤال الثاني، فنرى فيها أن محاولة الانقلاب على المصالحة وإخراج درعا من سيطرة الدولة والعودة إلى العمل بأوامر أميركية إسرائيلية، أنها محاولة لن تنجح خاصة أن سورية اليوم لديها القدرة على مواجهة الخطر بما يقتضيه الموقف من عمل أو تدابير يبدو أنها وضعت موضع التنفيذ وفقاً لخطة علاج مركب أولاً من تدابير تنظيمية وأمنية واستخبارية لاحتواء الخطر ثم منع تفاقم الخطر واجتثاثه في مرحلة ثانية عبر العمل بما يلزم أمنياً وعسكرياً على السواء وهنا نرى أنّ قرار حلّ اللواء الثامن وإخراجه من الفيلق الخامس وتحويل من يرغب من عناصره إلى قوات الدفاع الوطني هو خطوة أولى ستعقبها خطوات أشدّ أثراً وأكثر فعالية ما يمكننا من القول إن محاولات نشر الفوضى والإرهاب في درعا لن تنجح وأن الدولة واعية لما يجري كما أنّ الرأي العام الشعبي في المنطقة هو في معظمه متمسك بالدولة ولن يوفر البيئة الحاضنة للإرهابيين الراغبين بالعودة إلى الوراء..

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


محور المقاومة ينتقل من الدفاع الى الهجوم
بقلم: د. حكم أمهز

لماذا يشارك الكيان الصهيوني في العدوان على اليمن
بقلم: خالد العراسي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب العميد د أمين محمد حطيط |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//