جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

أميركا تبدأ سنة تقرير مصيرها! | بقلم: صبحي غندور
أميركا تبدأ سنة تقرير مصيرها!



بقلم: صبحي غندور  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
08-02-2020 - 1257

دخل المرشّحون للرئاسة الأميركية من "الحزب الديمقراطي" أول اختبار شعبي لهم في ولاية آيوا، التي تبدأ فيها عادةً كل أربع سنوات الانتخابات التمهيدية للمرشّحين من الحزب غير الحاكم في "البيت الأبيض" إذا كان الرئيس نفسه مرشّحاً، أو من الحزبين "الديمقراطي" و"الجمهوري" إذا انتهت الفترة الثانية من حكم الرئيس حيث لا يسمح الدستور الأميركي بأكثر من فترتين متتاليتين للرئاسة الأميركية.

فبعد حملات بعدّة ولايات ومناظرات متلفزة بين المرشّحين "الديمقراطيين" واستطلاعات مختلفة لأجهزة الإعلام، تبدأ هذا الشهر الامتحانات العملية لمقدار شعبية كل مرشّح (أو مرشّحة) من خلال التصويت الحزبي الذي يحدث في عموم الولايات الأميركية على مدار أشهر، وإلى حين المؤتمر الحزبي العام في الصيف القادم، والذي يتمّ فيه حسم اختيار المرشّح ونائبه بناءً على ما حدث من تصويت وانتخابات حزبية طيلة النصف الأول من العام.
ولا يبدو حتّى الآن أنّ القاعدة الشعبية للحزب الديمقراطي قد حسمت أمرها في اختيار المرشّح المناسب لمنافسة ترامب حيث الخيارات هي بين مرشّحين "وسطيين" ومرشّحين "يساريين"، وبين رجل أو إمرأة، وبين شاب وعجوز، وبين أصول أفريقية أو أوروبية أو آسيوية، وبين مسيحي أو يهودي الديانة. فالفوارق هي عديدة ومهمّة للناخبين الأميركيين الديمقراطيين، لكن السؤال الأهمّ ربّما بالنسبة لمعظمهم هو من يقدر على هزيمة ترامب!.

الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة هي ربّما الأهمّ في تاريخها. فما حدث في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة في العام 2016، وفوز دونالد ترامب بالرئاسة، كان يمكن اعتباره بمثابة "انقلاب مضاد" قام به الأميركيون المحافظون المعتقدون بضرورة الحفاظ على أميركا البيضاء الأوروبية الأصل، ضدّ "الانقلاب الثقافي" الذي حدث في أميركا في العام 2008 من خلال انتخاب الرئيس باراك أوباما، وما رمز اليه انتخاب أوباما من معانٍ هامّة في مجتمع أميركي نشأ واستمرّ لقرونٍ ماضية بسِماتٍ "أوروبية – بيضاء- بروتستانتية"، وبتاريخٍ من العنصرية المُستعبِدة ضدّ ذوي البشرة السوداء. فانتخاب أوباما الأميركي الأسود، الابن لمهاجر حديثاً، ومن أصول دينية إسلامية، كان صدمةً كبيرة لهولاء "الأصوليين" الأميركيين. وحصلت تلك الانتخابات في وقتٍ كانت تشتدّ فيه الحملات ضدّ الإسلام والمسلمين، خاصّةً بعد أحداث 11 سبتمبر2001 وما تبعها من حروبٍ أميركية في بعض بلدان العالم الإسلامي، وأيضاً في ظلّ تصاعد المشاعر السلبية ضدّ المهاجرين الجدد لأميركا من دول أميركا اللاتينية والشرق الأوسط.

الآن، وبعد ثلاث سنوات من حكم ترامب، نجد المجتمع الأميركي يعيش حالة انقسامٍ شديد بين مؤيّدي ترامب وما يرمز إليه من "أصولية أميركية"، وبين معارضيه الذين ينتمون إلى فئاتٍ متنوّعة اجتماعياً وثقافياً وعرقياً، لكن يجمعهم الهدف بضرورة عدم التجديد لترامب في الانتخابات الرئاسية بشهر نوفمبر القادم. فعلى سطح الحياة السياسية الأميركية هو صراع بين "الحزب الجمهوري" والحزب الديمقراطي" بينما الصراع الحقيقي هو الآن بين "أميركا القديمة" وأميركا "الحديثة"، بين الماضي وبين المستقبل، حيث شهدت وتشهد الولايات المتحدة متغيّراتٍ كثيرة في تركيبتها السكّانية والاجتماعية والثقافية، ولم يعد ممكناً العودة بها إلى الوراء.

طبعاً، إضافةً للعامل الاقتصادي الذي يهمّ عموم الأميركيين، فإنّ العنصرية الثقافية (ضدّ المهاجريين اللاتينيين)، والعرقية (ضدّ الأميركيين الأفارقة)، والدينية (ضدّ المسلمين واليهود)، هي ستكون كلّها عوامل مهمّة جداً لدى الناخب الأميركي في قراره بتأييد هذا المرشّح أو ذاك في الانتخابات القادمة. لكن هناك أيضاً عناصر أخرى تؤثّر على مسار الحملات الانتخابية في بلدٍ هو أشبه بقارّة ويتألّف من خمسين ولاية لكلٍّ منها خصوصياتٌ اجتماعية وسياسية، وأبرز هذه العناصر هو دور المال الداعم للمرشّحين حيث من دونه لا قدرة على الوصول للناخب الأميركي إعلامياً أو في الجولات الميدانية عبر الولايات. لذلك، تلعب الشركات والمصانع الكبرى والمصارف وقوى الضغط (اللوبي) دوراً مالياً كبيراً بالعملية الانتخابية، وساعد على ذلك قرار المحكمة الدستورية العليا في العام 2010 بعدم تحديد سقف مالي للتبرّعات للمرشّحين، وبحقّ عدم نشر أسماء المتبرّعين!.

عاملٌ آخر يؤثّر حتماً في أي انتخابات هو مقدار حجم تنظيم "الماكينة الانتخابية" للمرشّح أو للحزب عموماً، ومدى النجاح في صنع تيّارٍ شعبي خلف المرشّح، والقدرة على حثّ الذين لا ينتخبون عادةً والجيل الجديد على المشاركة بالتصويت، وهو الأمر الذي ساعد أوباما على الفوز في فترتين رئاستين.

الاستحقاق الانتخابي في نوفمبر القادم هو تاريخ زمني حاسم ومهمّ لمستقبل أميركا ولسياساتها الخارجية، حيث سينتخب الأميركيون رئيساً ونائباً له ( وهو ما يحدث كل أربع سنوات)، كما سينتخبون كلّ أعضاء مجلس النواب (كل سنتين)، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (كل ستّ سنوات)، وعدداً من حكّام الولايات الخمسين، إضافةً لانتخاباتٍ عديدة محلّية في داخل كلّ ولاية. وبانتهاء مؤتمريْ الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الصيف القادم، تدخل حملات معركة الرئاسة الأميركية أسابيعها الحاسمة حيث يصبح واضحاً للأميركيين الخيارات المتاحة أمامهم.

إنّ المعركة الانتخابية الرئاسية الأميركية القادمة هي بوضوح معركة بين نهجين مختلفين في قضايا كثيرة داخلياً وخارجياً. وستبرز في هذا العام عناوين القضايا المختلَف عليها فعلاً داخل المجتمع الأميركي، والتي هي تعكس الصراعات الدائرة في الحياة السياسية، بين قوى التأثير والضغط التي تقف عادةً مع هذا الحزب أو ذاك تبعاً لمدى تمثيل مصالحها في برنامج كل مرشّح. لكن أيضاً ستظهر في انتخابات نوفمبر القادمة جدّية الانقسامات الأيديولوجية والاجتماعية لدى الأميركيين، وأولويّة مفاهيم ثقافية ودينية واجتماعية في معايير الكثير منهم لدعم أي مرشّح.

أمّا بالنسبة لثقل الناخبين من أصولٍ عربية أو من دولٍ إسلامية، فإنّ عددهم ربما لا يتجاوز الواحد في المائة نسبةً إلى عدد السكّان الأميركيين، فنسبة واحد بالمائة من السكان لا تغيّر كثيراً من واقع الحال. وهناك تجمّعات سكّانية عربية منظّمة أحياناً، لكن تأثيرها موضعي ومرتبط بزمان ومكان محدّدين، أو كحالة دعم عددٍ من المرشّحين المحلّيين في الانتخابات الأميركية، عِلماً أيضاً أنّ ترشيح أسماء من أصول عربية في الانتخابات الأميركية لا يعني بالضرورة أنّها ستكون من مؤيّدي القضايا العربية.

أيضاً، من المهمّ التمييز بين حالاتٍ ثلاث مختلفة‏:‏ فهناك "أمريكيون عرب"، وهم أبناء الجيل المهاجر الأول،‏ ومعظم هؤلاء لم يعد لهم أي تواصل أو ارتباط ثقافي مع البلاد العربية وقضاياها، ثمّ هناك "عرب أمريكيون" وهم الأجيال المهاجرة حديثاً إلى المجتمع الأميركي، لكنها مندمجة فيه بقوّة وتشارك في العمليات الانتخابية، وتقود هي عملياً الأنشطة السياسية والثقافية للجالية العربية،‏ وهناك "عرب في الولايات المتحدة" وهم هؤلاء الذين لم يصبحوا مواطنين أميركيين بعد، وأولوياتهم تختلف تماماً عن الحالتين السابقتين.‏ وبينما نجد أغلب "الأمريكيين العرب" غير متواصلين مع البلاد العربية الأم، نرى أنّ‏ الفئة الثالثة، أي العرب المهاجرين حديثاً، غير متواصلة بعمق مع المجتمع الأمريكي نفسه،‏ ولكلٍّ من هذه الفئات نظرة مختلفة للحياة الأمريكية وللدور السياسي المنشود في المجتمع‏.

أضف على ذلك أيضاً، تعدّد الانتماءات الطائفية والمذهبية والإثنية في الجالية العربية‏.‏ فالبعض مثلاً يتفاعل فقط مع منظّمات دينية إسلامية وهو ما يستبعد نصف الجالية العربية. فأكثرية الجالية العربية هي من جذور دينية مسيحية، بينما نجد أنّ أكثرية الجالية الإسلامية هي من أصول غير عربية. لذلك، كلّما كان هناك نشرٌ لفكر عربي سليم فيما يتعلّق بمسألة الهويّة، كلّما أصبح بمقدور الجالية العربية أن تتوحّد وأن تنجح عملياً في التأثير بالحياة السياسية الأميركية‏.‏

لكن بغضِّ النّظر عن واقع وظروف الجالية العربية، نجد الآن غالبية ساحقة من الناخبين العرب والمسلمين تقف ضدّ دونالد ترامب، وتدعم أعدادٌ كبيرة من هؤلاء الناخبين ترشيح بيرني ساندرز للرئاسة. وهواجس معظم الناخبين العرب في أميركا ليست مرتبطة فقط بالبرامج الداخلية للمرشّحين، بل بما يمكن أن يفعله المرشّح (أو المرشّحة) على صعيد السياسة الخارجية، خاصّةً بعدما قام به ترامب من تبنٍّ كامل لأجندة نتنياهو واليمين المتطرّف في إسرائيل.

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


تجمع براق وجامعة الأمة المقاومة: ماقاله ترامب عن سرقة القرن مرفوض جملة وتفصيلا
بقلم:

*"سرقة القرن" المخرج الوحيد لمأزقي ترامب ونتنياهو"*
بقلم: عدنان علامه



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب صبحي غندور |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//