-ختم الرئيس الأسد معادلته الذهبية الكاملة، وأغلقها تماماً، على أنّ مقايضة لن تكون مع "أردوغان" على "إدلب"، ليس لكون "أردوغان" كان يمتلك "إدلب" وتنازل عنها نتيجة ضغط أو اتفاق أو أيّ شيء آخر، مع "الروسي" أو مع "الإيرانيّ"، كما يدّعي البعض في هذه اللحظات، وإنّما نتيجة ما كان ينسجه الأسد على مهلٍ طيلة السنوات الماضية من عمر المواجهة!!!..
-نعم يتحدث الكثيرون عن برودة أعصاب الإيراني في حياكة السجاد الفارسيّ، وربّما يتغنى كثيرون ببرودة العقل الروسيّ وصلابته نتيجة طبيعية لبيئة أنتجته أو أسهمت في تشكيله، وتاريخ لا يمكن أن يُقفز فوقه البتّتة، لكنّ أحداً لم ينتبه إلى أن العقل السوريّ أنتجته مراحل سحيقة من التاريخ، وأنّ استخباراتٍ لم تكن طارئة على الجغرافيا أبداً، أو على ملفات جديدة عليها، باعتبار أنّ هذه المؤسسة العريقة السوريّة كانت مساهمة في ملفات هامة على مستوى المنطقة، ومنذ عشرات السنوات، وكانت صانعة لكثير منها، مثلما حسمت أغلبها لصالح أولويات سوريّة وطنية، في أكثر من مواجهة أمنية على مستوى المنطقة!!!..
-ما فعله الأسد بالضبط أنّه خطف "إدلب" من بين يديّ "أردوغان"، دون أن يشعر الأخير بذلك، لقد انهارت تماماً خطوط دفاعه، والتي كانت الاستخبارات التركية تعوّل عليها، في أن تكون جدار صدّ أمام أيّ احتمال لتقدم الجيش السوريّ!!!..
-لكن السؤال كيف خطف الأسد "إدلب"، نعم لقد خطفها حين فكّكها تماماً من الداخل، وحين اخترقت استخباراته كامل جسد الفوضى، وحين قامت بخلط أوراق الأطراف المتناقضة والمتخاصمة، حين جمّعتها في جغرافيا ضيقة قياساً لحجوم حضورها ووجودها، كما أنّها سيطرت على بوابات رئيسيّة في معابر وطرقات التواصل بين هذه المجموعات، ومراكز استخبارات عديدة كانت تعمل على تحريكها وتوجيهها والاستثمار فيها!!!..
-استفاق "أردوغان" على زحف سوريّ خاطف، لكنّ أدواته في الميدان لم تعد قادرة على الاستجابة، لقد وقعت الواقعة الكبرى، عملاء الاستخبارات التركية لا يستجيبون، والأوامر لا تأخذ طريقها إلى التنفيذ، ما الذي يحصل بالضبط؟، الذي يحصل أنّ السيطرة الأمنية للاستخبارات السورية ودخولها إلى مفاتيح هامة في بنى المجموعات المسلحة منحها إمكانية السيطرة الكاملة على تحركات هذه المجموعات، وقطع الطريق كاملاً أمام إمكانية الاستجابة لأيّ تعليمات أو أوامر استخباراتية أخرى تحاول تعطيل تقدم الجيش العربيّ السوريّ!!!..
-ما الذي يحصل بالضبط، الذي يحصل أنّ كتلة النار التي صوّبها الجيش العربي السوريّ إلى مفاصل هامة في جسد الفوضى كانت مؤلمة ومذهلة تماماً، أدخلت مراكز هامة في جسد الفوضى في حالة دوار كامل، فكفاءة الأداء للجندي السوريّ وانقضاضه باتجاه أهداف بعينها، والسيطرة عليها بوقت قياسيّ، كانت فاتحة دخول بعض هذه المجموعات المسلحة في حالة انهيار كامل!!!..
-الرئيس الأسد على مشارف "إدلب" وأطراف الريف "الحمويّ" يعيد إنتاج سيناريو الجنوب تماماً، لا مساومة البتّة على حقّنا الطبيعيّ في أرضنا، وليس مسموحاً لأحد على الإطلاق، على الإطلاق، أن يساومنا على هذا الحقّ في ترابنا الوطنيّ، كلّ من يريد أن يسرح أو يمرح في هذه الجغرافيا، وصولاً إلى موقع جديد له في السياسة، غير مقبول، مرفوض أن يأخذ أحدٌ من الخصوم والأعداء إنجازا واحداً في السياسة، على حساب حقنا في هذا التراب!!!..
-الرئيس الأسد على مشارف "إدلب" يوصل رسالته الأخيرة، هكذا يدخل على الأصدقاء والحلفاء، ويدخل على مراكز الأعداء وأدواتهم، كي يقول لهم ما قاله تماماً في الشرق "الحلبيّ" يوماً، وما قاله في "الغوطة" في مرحلة لاحقة، وما فرضه فرضاً على الجنوب السوريّ!!!..
-الرئيس الأسد على مشارف "إدلب" يحرق لهم جميع أوراقهم، ويشطب لهم كلّ أوهامهم وأحلامهم، ويخلّصهم من كلّ ما كانوا يعوّلون عليه، من كان يستقوي بالميدان كي يفرض شروطه في "اللجنة الدستوريّة" وصولاً إلى "دستور" لا يليق بدماء وتضحيات السوريين، لن يكون، أو كي يفرض "الحلّ السياسيّ" الذي يفخّخ فيه منظومة الدولة الوطنية السورية، أيضاً لن يكون!!!..
-الرئيس الأسد على مشارف "إدلب" يفرض ما يريده بالضبط، ويضع العنوان الرئيسيّ الحقيقيّ لما يراه طبيعيّا وموضوعيّاً في هذه الجغرافيا، إنّه يدخل على حلقات ليلهم، ويضرب على طاولة مفاوضاتهم بحذاء شهيد سوريّ لم يزل دمه ساخناً، كي يقول لهم وبصوت آلاف الشهداء: انتهت اللعبة أيها الأوغاد، انتهت اللعبة أيها الأوغاد!!!..