تبقى مسألة اللجنة الدستورية السورية المحور الأكثر تجاذباً على الصعيد السياسي وتختلف حولها آراء وتلتقي أخرى سواء على الصعيد الداخلي صاحب الشأن، أو على المستويين الإقليمي والدولي من المتدخلين بالشأن السوري، فبعد جهد جهيد اتفقت الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) على تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بإعداد مسودة دستور جديد في سوريا.
وكان قد قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للصحفيين بعد مشاركته في جلسة مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الاقتصادي في البحر الأسود في باكو، يوم الجمعة الماضي: ندرك أن القائمة التي كانت تعمل عليها الحكومة والمعارضة بدعم كل من روسيا وتركيا وإيران جاهزة بشكل عام. وسنكون جاهزين لتقديم هذه القائمة باسم الأطراف السورية للمبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، في أوائل الأسبوع القادم.
لم تعد مسألة اللجنة الدستورية السورية قضية داخلية بل تم تدويلها وباتت تتصدر كل اللقاءات والاجتماعات الدولية فهل هذه اللجنة هي الحل للأزمة السورية أم أنها مناورة وخدعة إقليمية دولية جديدة للالتفاف على سوريا وحلفائها وحشرهم في الزاوية.
هل باتت اللجنة الدستورية جاهزة فعلياً لإنطلاق عملها في بداية العام القادم بناء على التوافقات الدولية التي نشهدها؟
هل تكفي اللجنة الدستورية لإطلاق العملية السياسية في البلاد وخاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية ضد الإرهاب في البلاد؟
كيف ترى الدولة السورية هذه التطورات وكيف يمكنها التغلب على محاولات استغلال اللجنة الدستورية لإدخال ممثلين الدول ذات المصالح والأجندات الخاصة في سوريا ؟
هل حلت معضلة اختيار أعضاء اللجنة وصلاحياتها وآليات عملها بشكل يقدر على تحويل المخرجات إلى دستور مقبول وطنيا وغير مفروض دولياً ؟
فيما يخص التساؤل عن جهوزية اللجنة الدستورية لإنطلاق عملها في بداية العام القادم بناء على التوافقات الدولية التي نشهدها، يقول الباحث في الشأن السياسي الدكتور طالب زيفا:
لاشك بأن هذا الموضوع أثير كثيراً في المحادثات، سواء في سوتشي أو أستانا، الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأطراف الدولية تريد أن تثيره في جنيف يعني أنها تريد أن تتجاوز أستانا، واضح تماماً كان الإتفاق في أن يكون للحكومة السورية 50 وللمعارضة 50 وما سمي بالمجتمع المدني الذي إفترضه ديمستورا أيضاً 50 ومنذ يومين كان هناك تصرح للحكومة السورية بعد التشاور مع الأطراف الدائمة وخاصة مع روسيا وإيران وأن ماسمي بالمجتمع المدني ربما لايمكن أن يكون لهم ذلك الدور الذي حاولت بعض الأطراف الدولية التحدث عنه يعني 50+1، الموقف سيكون أكثر وضوحاً عندما ستتخذ اللجنة نوع الإجراءات والتي تعتبر بأن تنفيذ القرارات الدولية هو جزء أساسي من هذه اللجنة، وأن الشعب السوري هو من سيقرر هذا الدستور حتى لو تم الإتفاق على دستور معدل، قبل أن يجري تغيير بعض النقاط فيه لابد أن يجري استفتاء شعبي عام.
هل تكفي اللجنة الدستورية لإطلاق العملية السياسية في البلاد وخاصة في ظل إستمرار العمليات العسكرية ضد الإرهاب في البلاد؟
بهذا الصدد يقول الدكتور زيفا:
ديمستورا لم يكن يوماً وسيطاً نزيهاً ولا ميسراً أبداً، كان دائماً يعبر عن وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها ولم يقر يوماً أن هناك إرهاب لابد من مواجهته واستئصاله، كان وكأنه يحاول أن يوازن ما بين الحكومة السورية وما بين الأطراف الإرهابية المصنفة دولياً على أنها إرهابية ، هم لايريدون تغيير ولاتعديل الدستور بمواده الكاملة وإنما من الآخر هم يريدون تحديد صلاحيات الرئيس كما يريدون ويتحكمون بعدد وعديد الجيش والأمن والشرطة والصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية، هم يريدون أن يطبقوا ما فعله برايمر في العراق عام 2003 وشبيه بما فعله المندوب الفرنسي في لبنان عام 1943، ونحن نلاحظ حتى هذه اللحظة لاحكومة في العراق بمعنى مكتملة، ولا حكومة في لبنان ، يعني كأنها تسير على أساس طائفي وهذا الكلام أبد لن يطبق في سوريا، هم يريدون أن يضعوا العصي في العجلات ويظهرون سوريا على أنها هي التي لاتقبل، لا، سوريا تقبل، ولكن بما يحترم سيادة الدولة السورية وحق الشعب في تقرير مصيره.
كيف ترى الدولة السورية هذه التطورات وكيف يمكنها التغلب على محاولات استغلال اللجنة الدستورية لإدخال ممثلين الدول ذات المصالح والأجندات الخاصة في سوريا ؟
على هذا السؤال يجيب الدكتور زيفا قائلاً:
أطراف المعادلة السورية يقومون الآن بمناورة دولية ،كأنهم يريدون من خلال هذا القرار وهذه السلوكيات لايوجد شيء اسمه تعديل الدستور والقرار للشعب السوري من خلال احترام وحدة وسيادة الدولة السورية، ومن خلال هذه النقطة يريدون أن يعدلوا ويغيروا ويريدون أن يتجاهلوا هذا الإرهاب الذي يعبث في الأرض السورية، هم لم ولن ينجحوا مهما أطالوا في الوقت وماطلوا، وهذا التعديل غير موجود لافي القرارات الدولية ولافي كل الإجتماعات، يريدون إدخال جهات معينة لفرض شروطهم على الحكومة السورية، وهم من وضعوا أيديهم بأيدي أعداء سوريا، لايمكن أن يقبل الشعب السوري بأن يضع السعودي والقطري أو التركي ولاغيرهم من الدول دستور للدولة السورية، سوريا لايمكن أن تكون مقسمة على أي أساس كان ولا يمكن أو تبنى أو تقوم على مبدأ إثني أو عرقي أو طائفي، وكل ما يقال حالياً كلام حق يراد به باطل، هو من أجل المماطلة والتأجيل ومنع الحل السياسي، نحن مع أي تطوير أو تعديل يحترم وحدة وسيادة الدولة السورية.