ظهر الرئيس الامريكي ترامب في مهرجان انتخابي في ولاية فرجينيا، متعالياً ومتغطرساً ومبتزاً ومتنمراً على مملكة بني سعود، لقد تجاوز كل الأعراف والتقاليد في مخاطبة حلفائه كما يسميهم (السعودية والخليج عموماً)، بل ظهر مهدداً حيث قال بالحرف الواحد (أنا أحب السعودية وقد أجريت مع الملك سلمان هذا الصباح اتصالاً مطولاً، وقلت له إنك تمتلك تريليونات من الدولارات، والله وحدة يعلم ما سيحدث للمملكة في حال تعرضت لهجوم، وأضاف: قلت له: أيها الملك ربما لن تكون قادراً على الاحتفاظ بطائراتك عندما تتعرض السعودية لهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لم نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه) وهذه ليست المرّة الأولى التي يظهر ترامب مبتزاً ومهدداً للسعودية، فمنذ أن ظهر ترامب مرشحاً نفسه لرئاسه أمريكا، وخلال حملته الانتخابية، كان يتكلم بلسان التاجر الذي يبحث عن الربح، لم يكن يتكلم بلغه السياسة، فكان يطالب بالقول: من أراد أن نحمية فعليه أن يدفع مقابل الحماية،و كل كلامه كان موجها ًبدرجه رئيسية لدول الخليج، وهم اللذين عملوا على دعم منافسه ترامب في الانتخابات هيلاري كلنتون حتى تفوز بالأنتخابات ،وبعد أن أصبح رئيساً لأمريكا ،لم يغير من ابتزازه وسخريته للسعودية وهي التي تعتبر امريكا حليفاً أساسياً ورئيسياً لها، ولكن كما نعلم جميعا ًان امريكا لاتعرف شيئ اسمه حلفاء خاصه مع العرب وبالأخص دول الخليج ،بل تابعين وخاضعين ومنفذين لسياستها، وهذا هو ما ظهر من خطابات ترامب تجاه حلفائه الخليجيين وخاصةً السعودية التي اسماها البقرة الحلوب، وخاطبهم (إنكم لاتملكون غير المال، وأن عليكم أن تدفعوا مقابل حمايتنا لكم، ومقابل أن تبقوا على كراسي الحكم، فبدوننا لن تقدروا أن تحكموا اسبوعا ًواحداً)، هذا هو ترامب مخاطباً حلفائه أو بالأصح بقرته الحلوب.
والغريب من هذا كله ليس طريقه كلام ترامب تجاه السعودية، وسخريته منها، بل سكوت السعودية وعدم الرد على كلام كهذا وهي من تعتبر نفسها أكبر من أن يتكلم أحد عليها أو يتدخل في شؤونها كما حصل مع كندا وقطع العلاقات الدبلوماسية معها لمجرد تغريده، ولكن الأمر متغير مع امريكا، من يقدر أن يرد عليها أو يتكلم عنها ولو من باب الدفاع عن النفس؟!
السعودية اليوم في وضع لاتحسد عليه، فالمشاكل والحروب محيطه بها من كل جانب، وهي من اشعلتهاتنفيذاً لأوامر أسيادها الامريكان، لتحقيق أهدافهم في المنطقه، فهي من ورطتها أمريكا بشن عدوان وحرب على اليمن منذ ما يقرب أربعة أعوام، وتقاتل في سورية وتدعم الحركات الإرهابية فيها ضد الرئيس الأسد، ودخلت في خلاف مع قطر وفرضت عليها حصاراً مع الامارات ومصر والبحرين، وشكلت مع هذه الدول حلفاً سنياً اسرائيلياً (كما تدعي) ضد إيران وكل هذا يدفع من خزينتها، لدرجة أنها اصبحت تعاني من أزمه اقتصاديه ظهرت من خلال رفع أسعار المشتقات النفطية ورفع الضرائب، وسعودة الوظائف، وتوقيف أكثر المشاريع داخل المملكة، ومقابل هذا فإن حليفها امريكا ورئيسها ترامب يبتزها يوماً بعد يوم، وهو الذي عاد بأكبر صفقةٍ في التاريخ خلال زيارته للسعودية في أيار مايو 2016م، والتي قدرت بأكثر من460 مليار دولار.
فالسعودية تبحث عمن سينقذها من أمريكا، وهي التي هددتها وعبر رئيسها ترامب عدة مرات، ان عليها أن تدفع، وأنها عبارة عن بقرة حلوب متى ماجف ضرعها سيتم ذبحها، وهي كذلك (أي السعودية) مطالبةٌ -بل مهددةٌ- بدفع مئات المليارات من الدولارات كتعويضات لضحايا 11سبتمبر الإرهابي، وهي ورقه الضغط التي بها يتم ابتزاز السعودية وكذا دويلة الامارات.
فالسعودية اليوم تدفع ثمن سياستها الخاطئه تجاه جيرانها وأشقائها العرب، ونهايتها اقتربت، فهي قد اشعلت النار حول نفسها، ولن تستطيع أن تطفئها، ولن تجد من يساعدها على حل مشاكلها ومساعدتها على اطفاء النيران، سواءً من الداخل أوالخارج، وأول من سيتركها هي أمريكا حليفها الاستراتيجي ، عندما تنتهي المصالح، وعلى الباغي تدور الدوائر.