تحرر الجنوب السوري بالكامل الغوطة فدرعا فالقنيطرة، وقبلها أُعلنت المدن الكبرى حفل سيادتها في كنف الدولة، هناك في الشمال حيث يقترب وقع أصوات بساطير الجبابرة، تمهيداً لإعادة مسوخ الحرية إلى العالم السفلي، تغيرات إقليمية وعالمية من بوابة السياسة، حيث تقنص الكاميرات تعابير وجوه السياسيين خلال المصافحات.
تقول الجماعات الإرهابية المتواجدة في إدلب بأنها تلقت تطمينات من تركيا بأنها ستساعدهم وتحميهم، لكن كيف يمكن للتركي أن يقايض تلك الجماعات بعلاقات مع حكومات ودول كروسيا وإيران؟! هذا في حال كانت وعود أنقرة للمسلحين حقيقية وصادقةً أساساً!
التوتر الجديد بين أنقرة وواشنطن على خلفية اعتقال القس أندرو برانسون ثم معاقبة الأمريكي لوزيرين تركيين أججا الخلاف، تزامن ذلك أيضاً مع قيام واشنطن بنقل جزء من قواتها المتمركزة في الريف الجنوبيّ لمحافظة الحسكة إلى القاعدة الأمريكيّة في رميلان شمال المحافظة تمهيداً لنقلهم إلى قاعدة عين الأسد في إقليم شمال العراق، ثم إعلان الانسحاب الكامل والنهائي من المنطقة تطبيقاً لقرار ترامب، لم تعد أنقرة تستطيع الرهان على واشنطن فيما يخص الملف الكردي، وحده محور تحالف موسكو ودمشق وطهران قادر على إعطاء تطمينات فعلية للتركي.
على هذا الأساس ووفق مصادر خاصة رفضت الكشف عن اسمها وصفتها ولو تلميحاً فقد تم كتابة الخطوط الأولى لاتفاقية سرية بين الروسي والتركي مع وجود فخري للإيراني كشاهد عليها، وبمباركة أمريكية لم تكن موجودة بحسب تلك المصادر لولا انعقاد قمة هلسنكي بين بوتين وترامب، وأضافت المصادر بأن الاتفاق السري الذي بدأ تطبيقه تدريجياً سيخرج للعلن قريباً، حيث أكد الروسي كوسيط عن السوري بأن موسكو ودمشق تضمنان موضوع الأكراد بصفتهم مواطنين سوريين في النهاية سيتم إعطاؤهم حقوقهم كاملةً دون حكم ذاتي، مع إمكانية إعادة العلاقات مع أنقرة تدريجياً بعد تحقيق عدة خطوات أولها التعاون مع روسيا فيما يخص إدلب، بحيث لن تتدخل أنقرة، وهنا أوضحت المصادر التي كانت خلال اللقاءات أن الأتراك اعترضوا على ذلك واعتبروه شرطاً كبير الثمن، فأجاب الجانب الروسي بأن سلاح الجو الروسي سيقوم بإسناد جوي للجيش السوري ولن يستطيع أحد فعل شيء حيال مسألة تحرير ادلب، لكن الروس اقترحوا على التركي أن يستمر بإطلاق تصريحاته الداعمة للجماعات المسلحة على وسائل الإعلام وأنه سيدعمهم حفاظاً لماء وجهه أولاً ولضمان عدم هرب أعداد كبيرة من المقاتلين إلى الداخل التركي وهو ما ستدفع ضريبته حكومة العدالة والتنمية داخلياً، وهنا ستكون تركيا قد كسبت أولاً ضمانات فيما يخص الأكراد وثانياً ستضمن عدم عودة أ ي مقاتل من أي جنسية إلى الداخل التركي بما قد يهدد أمن أنقرة، فضلاً عن أن تلك الخطوات ستؤثر إيجاباً على الأوضاع الإقليمية و ستسمح بدفع عجلة الحل السياسي في سوريا، وهذا في صالح التركي أمنياً واقتصادياً أيضاً.
المصادر قالت أيضاً بأن أنقرة يمكن أن تساوم الأوروبي على ملف المقاتلين الأجانب، الذين باتوا لا يملكون مهرباً إلا الحدود التركية، بالتالي يمكن لأردوغان مساومة الأوروبيين على الخطر الذي تخاف منه القارة العجوز، أي عودة المتطرفين الأجانب إلى بلدانهم عبر تركيا، و قد يساعده ذلك في مسألة الانضمام للاتحاد الأوروبي أيضاً، وأنهت المصادر قولها ” على مايبدو .. فإن الاتفاق بات أمراً واقعاً.. لن تغير أنقرة من تصريحاتها الداعمة لمسلحي ادلب، لكنها في الحقيقة لن تساعدهم بشيء إلا إعلامياً، ستمنع أنقرة هؤلاء من المقاتلين من الهرب في معركتهم، لقد تم تلقيم بنادق الدرك والجيش التركي على الحدود نحو ظهور مسلحي الشمال، بمعنى آخر فإن الاتفاق السري هو بمثابة التوافق على إبادة جميع مسلحي الشمال، وهو ما تؤكده التصرفات التركية من خلال حشد الجيش والدرك التركيين على الحدود، وحالات إطلاق النار على مسلحين من ميليشيات الشمال حاولوا الهرب قبل بدأ الجيش السوري معركته ضدهم.