في مثل هذا اليوم من عام 1948 شنت قوة "ارغون" مذبحة دير ياسين، لتقتل نحو 254 شخصا جلهم من النساء والاطفال والشيوخ، وتهجر حوالي 700 شخص من سكان القرية.
ففي لقاء جمع يهوشوع جولدشميد ضابط عمليات المنظمة العسكرية القومية "اتسل" (ارغون) مع مردخاي بن عوزيهو ضابط عمليات "ليحي"(عصابة شتيرن)، ويهوشوع زتلر قائد "ليحي" في القدس الذي اقترح على "اتسل"، احتلال قرية شعفاط، شمالي القدس بهدف "تأمين" الطريق الواصل بين مستوطنتي "النبي يعقوب" و"عطارة" وعزل حي الشيخ جراح في، القدس عن مدينة رام الله.
وبعد نقاش بين المنظمتين اتضح أن مقترح زتلر لم يكن قابلا للتنفيذ لأن الجيش البريطاني القريب من شعفاط قد يتدخل لصالح "العرب" اذا ما نشبت معركة، وبناءً على ذلك اقترح زتلر احتلال قرية دير ياسين.
في ذلك الوقت امتلكت "اتسل" في القدس ثلاثين بندقية ورشاشتين من طراز برن معظمها من صنع محلي وصلت من تل أبيب، ولم تكن بحالة جيدة، وحوالي مئة وعشرين مسدسا وعدد كبير من القنابل اليدوية وكمية كبيرة من المتفجرات. وتقع قرية دير ياسين على تل غربي في القدس وتبعد حوالي سبعمئة متر عن مستوطنة "جبعات شاؤول".
وتزعم أدبيات "اتسل" أن دير ياسين استخدمت ممراً للقوات العربية التي تحركت بين، القرى الفلسطينية عين كارم والمالحة وقرية القسطل و قولونيا المطلتين على طريق القدس يافا.
دير ياسين، كانت ضمن القرى التي كان من المفترض احتلالها خلال "عملية نحشون" التي شتنها "الهاجاناة" في السادس من نيسان عام 1948، يأتي ذلك في الوقت الذي دارت فيه المعارك الدامية حول القسطل.
واضافت مزاعم "أتسل" أن التعزيزات العربية التي وصلت إلى ميدان المعركة عبر دير ياسين، أدى في نهاية الأمر إلى رد القوات الصهيونية المهاجمة على اعقابها.
وبعد ان بدات خطة احتلال دير ياسين تتبلو، طلبت "الهاجاناة" من "اتسل" تنسيق موعد هجومها على دير ياسين معها ليتزامن مع موعد تكرار الهجوم على قرية القسطل.
وعلى اعقاب ذلك، بعثت "الهاجاناة" رسالة إلى "اتسل" و"ليحي" أخبرتهما فيها عدم معارضتها لخطة احتلال، دير ياسين.
في يوم الخميس الثامن من شهر نيسان عام 1948م، تجمع في معسكر"عتيس حايم" سبعين مقاتلا من "اتسل"، واخبرت "اتسل" أعضائها المتـأهبين للهجوم أن هدف احتلال دير ياسين، يتمثل بكلمتين "التطيهر والسيطرة".
في الساعة الثانية بعد منتصف الليل انتقل أعضاء "اتسل" من معسكر "عتس حايم" الى مستوطنة "بيت كيرم". القوة المهاجمة تقدمت نحو الوادي المؤدي الى دير ياسين، وهناك انقسمت القوة الى قسمين.
فوحدات "ليحي" تأهبت للهجوم من ناحية مستوطنة "جبعات شاؤول" ومن هناك تقدمت نحو الهدف. وجزء من رجال "ليحي" تقدموا خلف المدرعة التي حملت مكبر الصوت.
خلال تقدمهم نحو قلب القرية عبر الشارع المؤدي اليها في الساعة الرابعة وخمس وعشرين دقيقة لاحظ حراس قرية دير ياسين، تحركات مشبوهة، احد الحراس نادى بأعلى صوته "محمد"، حينها اعتقد احد أعضاء "اتسل" أن زملاءه ينادونه برمز "العملية" "احدوت" فرد على النداء بكلمة "لوحيمت".
في أعقاب ذلك بادر الفلسطينيون بإطلاق النار وبدأت المعركة. المدرعة التي كانت تحمل مكبر الصوت تقدمت نحو القرية وعندما وصلت إلى مدخل القرية تعرقل تقدمها بفعل قناة تم حفرها في الشارع الأمر الذي اجبرها على التوقف.
تزعم "اتسل" أنه النيران فُتحت عليهم من بين بيوت القرية على المدرعة المهاجمة وأصيب بعض من كان يستقلها، طرأت الحاجة إلى إنقاذ "الجنود" المتواجدين دخل المدرعة. وتضيف" غادر بعض رجال "اتسل" و"ليحي" دير ياسين، الى معسكر "شنلر" وطلبوا من وحدات "البلماخ" مساعدة المهاجمين، بعد حصولهم على موافقة قاد كتيبتهم خرج رجال "البلماخ" بواسطة مدرعة مزودة برشاش وقاذفة كانت بحوزتهم لإسناد المهاجمين وتم مهاجمة بيت المختار و"تطهيره" وإسكات النار المنطلقة منه".
بعد احتلال بيت المختار توقف إطلاق النار، لكن أعمال القنص استمرت بحسب مزاعم "اتسل". خلال الهجوم على، دير ياسين، قتل اربعة من رجال "اتسل" واحد أعضاء "ليحي" وغادر المئات من أهالي القرية إلى قرية عين كارم.
ومن تبقى في القرية تم أسرهم وكان غالبيتهم من الأطفال والنساء و لاحقا تم تهجيرهم إلى شرقي القدس. خلال الهجوم على، دير ياسين، أعلنت "اتسل" عبر إذاعتها أن أربعة من أعضاءها قتلوا في الهجوم وأن عدد القتلى "العرب" وصل مئتين وخمسين ضحية.
ولاحقاً إدعت "اتسل" أنها بالغت في عدد الضحايا الفلسطينيين من أجل ممارسة حرب نفسية على الشعب الفلسطيني. قادة "الهجاناة" و"اليشوف" هاجموا "اتسل" بسبب احتلال دير ياسين، لكن "اتسل" تؤكد أن دوافع هذا الهجوم كانت دوافع سياسية وليست أخلاقية من بينها أن شعبية "اتسل" تزايدت في "اليشوف" في أعقاب احتلال، دير ياسين، وخصوصا في، القدس.
بن غوريون، كان يرى في "اتسل" خصما سياسيا له وكان يخشى من صعود شعبيتها في القدس؛ قد يؤدي إلى الإضرار بمخططاته المستقبلية.
برغم مساعي "اتسل" للتقليل من فظاعة احتلال، دير ياسين، إلا أن بعض المصادر الصهيونية أكدت أن القوة التي هاجمت، دير ياسين، مارست القتل دون تمييز بين الرجال والنساء وأنها اجبرت جزءً منهم على الصعود إلى سياراتها وبعد ذلك تجولوا بهم في شوارع القدس، في "موكب النصر" فيما كان الصهاينة يطلقون صيحات الفرح، وبعد ذلك أعيد هؤلاء إلى القرية وقامت "اتسل" بقتلهم. ووصل عدد الضحايا من سكان القرية 254، شهيداً.