ما ان بدأت معركة الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق بالانتهاء حتى اصبحت تلك المنطقة محجا للاعلاميين والصحفيين والمنظمات الانسانية والحقوقية واثرياء الحرب والمتملقين والسياسين، واخر ثلاث فئات كانوا هم الاخطر على الشعب السوري منذ بداية الحرب في البلاد.
وخلال وجود بعض اثرياء الحرب والتجار في الغوطة لشراء منازل السكان او للبحث عن موضع قدم لاستثمار ما او مشروع، انتشر فيديو لرجل اعمال وهو واقف على برجه العاجي مرتديا بدلته الرسمية يدخن سيجارة ويقوم بتوزيع القليل من الطعام على المحتاجين الخارجين من الغوطة، وهذه الصورة اعادتنا الى زمن العبودية في الولايات المتحدة، او في اوروبا، وكانت الصورة قمة بالوحشية الانسانية.
اما المشهد الاخر الذي انتشر، فهو لرجل اعمال اخر وبنفس الوقت عضو في البرلمان، وهو يقوم بتوزيع المياه على المحتاجين ولكن يجبرهم على ترديد الشعارات المؤيدة للدولة السورية، فهل بهذه الطريقة يتم جذب المؤيدين يا سعادة النائب؟
النائب والتاجر وغيرهم الكثير مما أتوا الى الغوطة الشرقية بعد تحريرها، قالوا انهم مؤيدين للدولة السورية، وبدأوا بالهتاف الى الدولة والجيش والرئيس بشار الاسد، ولكن اين هم من أخلاقه؟ لماذا لم يتصرفوا مثله عندما زار النازحين من الغوطة ولم يتعامل معهم بفوقية وقال لهم نحن في خدمتكم؟ عندما تحب او تؤيد شخصا يجب عليك ان تتقيد باخلاقه والا فلا تكون معه، لانك تسيء له ولك ولدولة ككل.
دائما ما تكون مرحلة ما بعد الحرب اصعب من مرحلة الحرب نفسها، لانها تفرز ازمات ومصائب اخرى يصعب حلها عسكريا او حتى سياسيا، فهي يجب ان تحل اخلاقيا، ومن اهمها اثرياء الحرب، الذين كونوا ثروة طائلة من قوت الشعب السوري، اضافة الى السياسيين الفاسدين والذين ازدادوا فسادا خلال الحرب، واخيرا ازمة المصالحة والمعايشة الوطنية. فلا يجب علينا ان نعامل بعضنا البعض بفوقية وبنظرية التخوين بعد انتهاء الحرب، لان هذا الامر سيؤدي الى حروب اخرى تخرج بعد عقود وستؤدي الى حرب اكثر دمارا، فمن لا يتعلم من هذه الحرب المدمرة، فانه اما غبي ومحله مستشفى الامراض العقلية، واما خائن ومكانه الطبيعي هو السجن.
جميع الخارجين من الغوطة الشرقية هم اهلنا وعلينا التعايش معهم ومع غيرهم لكي نعيد جميعنا بناء هذا الوطن.