في الذكرى الثامنة للازمة السورية او ما يريد الغرب تسميته “بالثورة السورية” ظهر الرئيس بشار الاسد، بسيارته يقودها بنفسه دون مرافقة معلنة يقطع العاصمة دمشق من وسطها حتى شرقها وصولا الى الغوطة الشرقية التي كانت طوال الفترة الماضية التهديد الحقيقي للعاصمة ومصدر ثقل كبير للجماعات المسلحة والدول الداعمة لها سواء عربيا او غربيا، وسحبت ورقة مهمة منهم في المفاوضات المقبلة وعززت من موقع دمشق فيها.
زيارة الرئيس الاسد للغوطة ووقوفه على الخطوط الاولى للمعارك بالزي الميداني وبدون درع واق، هو رسالة صريحة وواضحة للولايات المتحدة، مفادها بانه باق في عاصمته ولن يغادرها مهما كبرت التهديدات، وذلك لان الرئيس الاسد زار الغوطة بعد اقل من 12 ساعة من التهديدات الاميركية بقصف دمشق، وظهور اشاعات صدقتها بعض القنوات بان الدولة السورية بدأت تخلي مواقعها خوفا من الضربة، وهروب بعض القيادات البارزة بالدولة الى اللاذقية، وهذه الاشاعات نسفت عن بكرة ابيها بهذه الزيارة التي ليس لها وصف غير انها جريئة بكل المقاييس واعطت مصداقية كبيرة لدمشق وقيادتها لدى الشارع السوري. وهذه الزيارة هي تحد واضح لواشنطن حيث اكد الرئيس الاسد خلالها بانه مستمر في العملية العسكرية في كل الاراضي السورية، وذلك بالرغم من الفيتو الاميركي على عدة مناطق.
تصريحات الرئيس الاسد في الغوطة اكدت انها تابع بالتفاصيل الدقيقة عملية تحرير المنطقة، وخصوصا تصريحاته وهو في طريقه اليها، حيث انه في كل منطقة كان يمر عليها كان يذكر عملية تحريرها، وهو ما يؤكد مرة اخرى انه على رأس غرفة العمليات العسكرية التي تجري على اتساع الاراضي السورية. اضافة الى انه اظهر اهتمام دقيق بافرازات الحرب وضررها على المجتمع، وذلك في حديثه عن اعادة بناء المجتمع على اسس صحيحة وسليمة وخصوصا الاطفال الذين عاشوا مأساة حقيقية لدى وجودهم في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة، وانقطاعهم عن التعليم وزرع الافكار المتطرفة فيهم. وكان الرئيس الاسد بزيارته الى الغوطة الشرقية يخطط لمعركة اخرى وهي فك الحصار عن بلدتي كفريا والفوعة، وذلك بحسب ما اكدته مصادر عسكرية كانت متواجدة في الغوطة.
ظهور الرئيس الاسد بالزي المدني على الخط الاول للمواجهة ليس بجديد واعتاد عليه الشعب السوري طوال فترة الحرب، ولطالما تساءل السوريون عن سبب عدم ارتداء الرئيس للزي العسكري بالرغم من ان البلاد تخوض مرحلة حرب، بينما في المقابل يرتدي زعماء اخرون الزي العسكري في عمليات عسكرية اقل من التي تجري في سوريا. وكان الجواب هنا من مصادر مطلعة، بان الرئيس الاسد لن يرتدي الزي العسكري الا في حالة الحرب مع “اسرائيل”.
قيادة الرئيس الاسد لسيارته وسط العاصمة، كان له صدى كبير لدى الشعب السوري واعطا الطمأنينة لشريحة كبيرة منهم، بان الحرب بدأت بالانتهاء، اضافة الى انها رسالة لجميع المسؤولين بعدم المبالغة بالمظاهرة المسلحة والمرافقة واغلاق الشوارع بدون اي سبب. ولن يتقبل الشعب السوري بعد الان اي مظهر مسلح من قبل المسؤولين بطريقة مبالغة فيها، خصوصا وان قائد بلدهم ظهر بطريقة متواضعة جدا مثله مثل اي مواطن سوري دون تمييز.
السوريون اعتادوا على خطوات جريئة من الرئيس الاسد منذ اليوم الاول لحكمه، وربما تكون حلب هي وجهته المقبلة وذلك لما تحمله المدينة من رمزية مهمة وثقل سياسي واستراتيجي واقتصادي للدولة السورية، وزيارته ستحمل رسائل عدة، اهمها المواجهة مع تركيا التي تحتل عدة مناطق سورية.