خلاصة من بحث عبده مختار موسى المقدمات النظرية في مفهومي الارهابوالإرهاب الديني الأخطر | من مشكلات تعريف الإرهاب(terrorism) ارتباطه بالوصف الذي تطلقه وسائل الإعلام على المنظمات الإرهابية، والذي يلعب فيه الموقف السياسي الذي يتبنونه دوراً كبيراً، ومن ذلك استخدام أوصاف لغوية مختلفة لإطلاقها على تلك المنظمات منها: إرهابيون، ومخربون وعصاة، ومنشقون، ومتمردون، وجنود تحرير، ومناضلون، وما شابه ذلك. وقد أدى هذا الاختلاف إلى الآتي:
1- تعريف الإرهاب أصبح مشكلة في حد ذاته.
2- وقد تسبب ذلك في صعوبة التوصل إلى اتفاقيات ومعاهدات دولية.
3- كما أدى ذلك إلى اختلاط صور العنف السياسي ، المشروع بالإرهاب غير المشروع .
ومما لا شك فيه أن هناك مشاكل عديدة بصدد عدم التوصل لمفهوم موحد في تعريف الإرهاب وتحديد أبعاده، حيث تختلف نظرة كل مجتمع لعملية الإرهاب، وما يراه البعض إرهاباً، قد يكون في نظر البعض الآخر نضالاً مشروعاً من أجل التحرر الوطني، ولذلك أصبح من العسير إيجاد مفهوم موحد لكلمة إرهاب، كما أنه أصبح من العسير التوافق في الرأي في الأدب النظري والعملي لتحديد ما هو الإرهاب ومن هم الإرهابيون.
تشتق كلمة "إرهاب" من الفعل المزيد (أرهب) ويقال أرهب فلانا: أي خوَّفه وفزَّعه، وهو المعنى نفسه الذي يدل عليه الفعل المضعف (رَهّبَ)، أما الفعل المجرد من المادة نفسها وهو (رَهِبَ) يَرْهبُ رَهْبَةً ورَهْبًا ورَهَبًا فيعني خاف، فيقال رَهِبَ الشيء رهبا ورهبة أي خافه. أما الفعل المزيد بالتاء وهو (تَرَهَّبَ) فيعني انقطع للعبادة في صومعته، ويشتق منه الراهب والراهبة والرهبانية، وكذلك يستعمل الفعل تَرهب بمعنى توعد إذا كان متعديا فيقال ترهب فلاناً: أي توعده. وكذلك تستعمل اللغة العربية صيغة استفعل من المادة نفسها فتقول (استَرهب) فلانا أي رَهَّبَه.كما يعرف الإرهاب بأنه "نوع خاص من العنف واستخدام القوة يهدف إلى خلق جو من الخوف والإرهاب والترويع ،والذعر بين أكبر مجموعة من الجمهور.
فالمقصود ليس –فقط- الضحايا أو المجني عليهم الفعليين لأنهم قد يكونوا من الأبرياء، وعادة يكون لأغراض سياسية،، إلا أنه قد يكون –أيضاً- لأغراض أخرى كالابتزاز.".كما يعرف بأنه "استخدام للعنف أو التهديد باستخدامه بشكل قسري وغير مشروع لخلق حالة من الخوف والرعب، بقصد تحقيق التأثير على فرد أو السيطرة عليه، أو على مجموعة أفراد، أو على المجتمع كله، وصولاً إلى هدف معين".
إن هذا المفهوم يتضمن عدة عناصر أبرزها : أن العمل الإرهابي يستخدم العنف غير المشروع، أو التهديد باستخدامه. ويقوم به فرد أو مجموعة أفراد أو دولة، ويوجه الإرهاب ضد فرد أو مجموعة أو ضد المجتمع كله. ويهدف إلى خلق حالة من الرعب والفزع لدى من استهدفهم العمل الإرهابي وبثِّ رسالة محددة وخلْقِ تأثير نفسي معين يساعد في تحقيق الهدف من الإرهاب.
النظريات المفسرة :
الملاحظ أن كل أو معظم التعريفات الخاصة بالإرهاب تشترك في مفردة "العنف" وبخاصة العنف السياسي. وهناك عدة نظريات مفسرة للعنف السياسي، يمكن تلخيص أهم مضامينها في الآتي :
1- النظرية الصراعية: هي نظرية ماركسية فحواها أن الصراع الطبقي يحدث في مرحلة معينة من تطور المجتمعات، وتظهر التناقضات بين القوى الاجتماعية بناء على ملكية وسائل الإنتاج. وهذا التناقض الطبقي -في نهاية المطاف- يؤدي إلى عنف سياسي يتمثل في ثورة البروليتاريا على الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج . .
2- النظرية الوظيفية: ترى أن الأوضاع الثورية تأتي عندما يكون النسق السياسي بمجمله غير متسق مع المجتمع، وهذا يحدث عندما يعاني المجتمع من حالات العجوزات الوظيفية المتعددة؛ وبالتالي لا يستطيع القيام بوظائفه مما يترتب عليه التعرض لضغوط متعددة من أجل التغيير.
3- نظرية الحرمان النسبي: يتركز منطق هذه النظرية حول الضغوط الاجتماعية أو الشدائد، التي تتمثل في التهجير وتحويل ملكية الأرض والجوع والفقـر والإحباط والسخط. وهذه الضغوط ينظر إليها على أنها المحـرِّض المباشر والنهائي لأعمال العنف ضد النظام الاستعماري، أو الحكومة المستبدة الطاغية في الدولة المستقلة.
4- نظرية منحنى جي: ترتبط بين العنف السياسي وبعض المتغيرات مثل التوقعات المتزايدة، حيث يحدث العنف بعد فترة طويلة من الازدهار الاقتصادي، تتزايد خلالها توقعات المواطنين. .
5- نظرية النمـو الاقتصادي السـريع: تقوم على افتراض وجود تأثير متبادل بين الأوضاع الاقتصادية والاستقرار السياسي في الدولة. .
6- النظرية السياسية الصراعية: ترى هذه النظرية أن السياسة هي مجال للتنافس بين المجموعات المختلفة، تسعى من خلالها لامتلاك السلطة ومن ثم الثروة والمكانة الاجتماعية. وتتحدد نتيجة هذا التنافس بناء على توازن الموارد المتاحة لكل مجموعة. ويخلط هنتنجتون بين العنف وأشكال الاضطرابات الأخرى في المجتمع..
7- نظرية التاريخ المقارن: ترى أن الثورات لا تحصر في دوافع المشاركين، بل توجد في الحالات البنائية أو الهيكلية، ونموذج العلاقات أو الصداقات بين الدول وبين الجماعات داخل المجتمع. وأن السبب المباشر للثورات هو عجز دولي ومحلي. .
تتنوع أشكال الإرهاب :
1- الاغتيالات السياسية: لازمت عمليات الاغتيالات السياسية الظاهرة الإرهابية منذ ميلادها. وتعددت وسائل تنفيذها وتطورت عبر العصور، ابتداءً من اغتيال يوليوس قيصر في ميدان كوري بروما، حتى اغتيال هنري الرابع وسادي كورنو والقيصر الإسكندر الثاني في روسيا، والملك الإسكندر (ملك يوغوسلافيا)، إلى أشهر عمليات الاغتيال السياسى في القرن العشرين، ومن أهمها: حادث اغتيال الأمير رودلف ولي عهد النمسا، والذي ارتكبه إرهابي صربي، وكان سببا لاشتعال الحرب العالمية الأولى.
2- المذابح والإبادة البشرية: ويطلق عليها –أحيانا- عمليات الإبادة البشرية، وهي لا توجه ضد فرد معين، وإنما تمارس ضد مجموعات بشرية كبيرة الحجم من قبل تنظيمات إرهابية وعسكرية متطرفة أو أجهزة تابعة للدولة، عند عمليات إرهاب الدولة، وتستخدم في تنفيذها جميع وسائل القتال التي عرفها العالم.
3 اختطاف واحتجاز الرهائن: وهي تعتبر إحدى أهم صور العمليات الإرهابية التي عرفها العالم، ويُعرف هؤلاء الخاطفون في القانون الدولى باسم القراصنة، فخاطفو الطائرات يطلق عليهم "قراصنة الجو"، بينما خاطفو السفن يطلق عليهم "قراصنة البحر"، وكان أول حادث اختطاف لطائرة مدنية في بيروت عام 1930.
4- التفجيرات: وقد تطورت من العبوات الناسفة إلى الطائرات، وهي أحد أهم صور العمليات الإرهابية في العالم، بتطور أساليب تنفيذها، من أسلوب زرع القنابل والوسائل الملغومة، إلى زرع المتفجرات واستخدام السيارات الملغومة، وصولاً إلى استخدام الطائرات في إحداث التفجيرات الهائلة، واستخدام المتفجرات أو العبوات الناسفة التي يتم تفجيرها بالريموت كنترول.
5- عمليات التخريب: تطورت هذه العمليات –أيضا- بتطور وسائل تنفيذها والتكنولوجيا المستخدمة فيها، من أعمال الحرق، وإشعال المواد الحارقة وتعدد عمليات التخريب، وهي أكثر عمليات الإرهاب انتشاراً في العالم، وشهدتها أوروبا في مرحلة الحرب الباردة على أيدى تنظيمات الألوية الحمراء في إيطاليا ،التي وقع فيها في الفترة (1981–1986) حوالي (1100) عملية تخريب، ومن أشهر تلك العمليات أحداث بيانسافونتا في مدينة ميلانو في 12 ديسمبر (كانون الأول) عام 1969 والعمليات التي قامت بها منظمة بادرماينهوف في ألمانيا. .ويرى بعض الباحثين أن الإرهاب قد يتخذ عدة اتجاهات أو أشكال: مثل الإرهاب الأيديولوجي الذي يمكن أن تتبناه دولة أو أفراد أو منظمات وخلايا إرهابية ويمكن أن يحمل في داخله مشروعاً دينياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً، وقد يكون ذات طابع إثني، أو عرقي أو مشروعاً فكرياً.
ضمن الكتاب 102 (يونيو 2015) مكافحة الإرهاب المفاهيم والاستراتيجيات والنماذج الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث - دبي.