في آذار ونيسان من كل عام، من كروم الغوطتين، تفيض عطور بين الأرض والسماء، فتغمر دمشق بعبقها، وتملأ أزهارها النفوس بهجة ونشوة وفرحا، ومن بعد بثمارها تفعم الأفواه بلذيذ طيبها: مشمش، كرز، توت- يا توت الشام يا شامي- خوخ، دراقين، آجاص( يا عيني على آجاص بلودان وبقين وأخواتهما في الغوطة الغربية).
غوطتان تحتضنان دمشق، وتحيلانها في الربيع إلى حديقة هائلة ممتدة، فهي عندئذ واحة في صحراء عجزت عن تصحيرها بفضل نبعي بردى والفيجة، ونشاط فلاّحي الغوطتين.
أنا عشت هناك، في جوبر، لسنوات، ومن خيرات الغوطة أكلت وانتعشت نفسي وروحي، وعرفت فلاّحي الغوطة – الشرقية تحديدا- في جوبر وزملكا وحرستا وعربين والقابون ودوما. (آه على عنب دوما! أما زالت كروم العنب على حالها بعد اجتياح آكلي الأكباد، هاتكي أعراض النساء وباعتهن بالمزاد؟!.دوما التي حمت دمشق من التصحّر، دوما التي حاربت الانفصال وظلّت ترفع صور جمال عبد الناصر وتهتف للوحدة حتى سقط الانفصال).
الغوطة الغربية حُرّرت وها هي ذي تهنأ بربيعها المعتاد آمنة مطمئنة بفضل بطولات الجيش العربي السوري، والغوطة الشرقية ها هي تتحرر بزحوف جيش الانتصارات الذي يحرر سورية مدينة مدينة، بلدة بلدة، حقلاً حقلاً، شارعا شارعا، مواصلاً إلحاق الهزائم بأعداء سورية والعروبة والإنسانية.
أليس من يتصدّى للمؤامرة الأمريكية السافرة والقوى التابعة لها على امتداد ثمانية أعوام، وللعدوتين بريطانيا وفرنسا المجرمتين، العدوتين لأمتنا منذ سايكس بيكو، والكيان الصهيوني، وتركيا العثمانية، ورجعيي العرب التابعين الممولين ..أليس يقاوم نيابة عن الأمة العربية ، وعن مستقبل الإنسانية جمعاء؟!
تحت أشجار الغوطة التي هي حقل من الأزهار والعطر تتقدم هذه الأيام طوابير الجيش العربي السوري على وقع هدير الدبابات الروسية بقيادة أبطال الجيش العربي السوري ( من يمكن أن يسلّح أي بلد عربي يريد أن يقاوم سوى روسيا الصديقة، ومن قبل الاتحاد السوفييتي؟!).
ربيعان للغوطة: الربيع الطبيعي النعمة المتجددة كل عام، وربيع التحرير الذي ينجزه هذه الأيام الجيش العربي السوري.
قريبا يعود الدمشقيون للتنعّم بالغوطة بعد اقتلاع ورمي الأعشاب الضّارة المرتزقة بعيدا، وتنتزع من أيديهم المجرمة الأسلحة التي زوّدوا بها لقتل الدمشقيين، وتدمير كروم وحقول الغوطتين، وترويع السوريين، وتمزيق وحدة ونسيج سورية الحبيبة.سورية العروبة، وقلبها دمشق قلب العروبة النابض.